فقرة الحظ.. كيف جبرت فرقة غناء شعبية خاطر مشرد مصري؟
تاريخ النشر: 18th, July 2023 GMT
أثار مقطع فيديو نشرته فرقة شعبية مصرية لأدائها وصلة موسيقية قدمتها لمتشرد، ورقصه على أنغامها، تفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قوبل هذا التصرف بردود فعل إيجابية من المغردين.
وقَدمت هذه الوصلة فرقة موسيقية شعبية تحمل اسم "أبو تريكة" شعارها "إحنا علاج المزاج"، وكانت الفرقة تحيي حفلا ليليا بمركز أبو قرقاص، إحدى مدن محافظة المنيا الواقعة جنوب العاصمة.
وكان الشاب محمود، الذي يتخذ من شوارع المدينة مأوى له، يقف بجانب أحد أسوار المنطقة التي أقامت فيها الفرقة الحفل، ويظهر عليه الاندماج الكبير مع ألحان أغاني الفرقة الراقصة.
وعقب انتهاء فقرات الحفل، لفت تفاعل محمود نظر قائد الفرقة، الذي سأله إذا ما كان يريد أن "يتحظ"، ويقصد بذلك إذا ما كان يريد أن "يرقص" على أنغام خاصة به، لتقوم بعدها الفرقة بأداء وصلات موسيقية تفاعل معها محمود برقصات متقنة.
ونشرت الفرقة مقطع الفيديو على صفحتها، وحقق انتشارا واسعًا وتفاعلًا كبيرًا من المتابعين، وذلك بسبب عفوية الرجل البسيط وصدق طربه وانسجام حركاته، وما اعتبره مغردون "جبرا للخاطر" قامت به الفرقة الشعبية تجاه الشاب المشرد.
جبر خاطرورصد برنامج "شبكات" (2023/7/18) جانبا من تفاعل مغردين مع الفيديو، ومن ذلك ما كتبته ياسمين محمود، "فرحانة لضحكته ورقصه، أكيد اللحظة دي (ذي) فرقت معاه جدا، طلّع فيها كل الهم والكبت اللي جواه، يا رب يفرح الناس كلها".
في حين كتب هشام الكارموسي: "أنا بشوف الحاجات دي هلس؛ ومفيش كلمات ومفيش لحن ولا نيلة! بس أنا فرحان، علشان محمود رقص وفرح ومشى مبسوط، ربنا يجبر بخاطركم.. مبهج أوووي".
أما أحمد، فعلق على تأثير الموسيقى في الشاب المتشرد وكتب: "انظروا كيف فعلت الموسيقى بالرجل.. الموسيقى لغة تفاهم مشتركة بين الجميع؛ العقلاء والمجانين الأغنياء والمساكين الأمراء والمشردين.. ذهب عقله لكن روحه حاضرة".
في حين كان لعبد الغني الشافعي وجهة نظر مختلفة، إذ غرد قائلا: "قسما بالله، لو فيه (يوجد) عدل يتم محاكمة هذه الفرقة، لاستهتارها بمواطن مسكين".
وكان تفاعل عمرو أبو الغيط متجاوزا الابتهاج بما حواه مقطع الفيديو إلى حالة الشاب، إذ كتب: "طيب جميل، وجبر الخواطر وكل حاجة، بس الراجل ده ميتسبش كده (لا يُترك هكذا) بقى. شاب أهو لازم يتعالج، حرام".
تجدر الإشارة إلى أن هذا الشكل الموسيقي الذي أدته الفرقة هدفه الوحيد إسعاد الناس بالرقص، ويعتمد على اللحن من دون اهتمام بالكلمات أو التوزيع، وغالبًا يؤدى بآلة الأورغ، وكان اسمه في بداية الألفية "المولد"، ثم تطور بعد سنوات ليبرز باسم "المهرجانات" بشكلها الموسيقي، والذي يؤديه مطربوها.
وتُؤدى هذه الفقرة في الأفراح الشعبية تحت اسم "الحظ"، في دلالة على أنها تُسعد من تُؤدى له، كمن يحالفه الحظ في أمر يحبه.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عصر الموسيقى بلا مطرب: هل أصبح التوزيع نجم الساحة؟ وهل تحوّلت أغاني الديو إلى موضة زائدة أم وسيلة ذكية لتوسيع الجمهور؟
في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها الساحة الغنائية، يبدو أن الجمهور – وتحديدًا الفئة الشبابية وعلى رأسها الفتيات لم تعد تبحث عن صوت قوي أو كلمات ذات عمق، بل صارت تنجذب أولًا إلى الإيقاع والتوزيع الموسيقي، حتى قبل أن تُدرك من هو المطرب أو ما هي الرسالة التي تحملها الأغنية.
وفي هذا السياق، بات السؤال مشروعًاهل دخلنا حقبة "الموسيقى بلا مطرب"؟،وهل تحوّلت أغاني الديو إلى موضة زائدة، أم أنها سلاح فني وتسويقي لتوسيع شريحة المستمعين؟
التوزيع الموسيقي... البطل الجديد للأغنية
خلال السنوات الأخيرة، تصدّرت مشاهد الاستوديوهات مقاطع من خلف الكواليس يظهر فيها الموزّعون الموسيقيون يتلاعبون بالإيقاعات ويشكلون التراك وكأنه لوحة فنية، وسط تفاعل هائل من الجمهور.
فلم يعد الموزّع مجرد عنصر تقني خلف الستار، بل أصبح نجمًا له بصمته، وربما يُذكر اسمه في الأغنية قبل اسم المغني نفسه.
وبينما كان المستمع سابقًا يتابع صوت المطرب والكلمات، أصبح اليوم ينجذب إلى Drop موسيقي قوي، أو لحن إلكترو شرقي يثير الحماس، بصرف النظر عن الأداء الصوتي أو جودة الكلمات.
أغاني الديو... بين النجاح والابتذال
في موازاة ذلك، اجتاحت ظاهرة "الديو" معظم الإنتاجات الغنائية الحديثة.
فأصبح من المعتاد أن يتشارك مطربان – من خلفيات أو أنماط غنائية مختلفة – في أداء أغنية واحدة، في محاولة لخلق تناغم صوتي، أو جذب جمهور الطرفين.
لكن هنا تطرح الساحة الفنية تساؤلًا مهمًا:
هل لا تزال أغاني الديو تحقق هدفها الفني؟ أم أنها باتت تُستخدم كوسيلة استهلاكية، أحيانًا دون أي انسجام حقيقي بين الأصوات؟
ثمة من يرى أن بعض "الديتوهات" الأخيرة تفتقر للكيمياء الصوتية والفنية، وتبدو مركّبة بشكل سطحي بغرض التسويق فقط.
في المقابل، هناك من يدافع عن الفكرة، معتبرًا أن التعاون بين الفنانين يمنح الأغنية أبعادًا جديدة ويتيح لها اختراق شرائح أوسع من الجمهور، خصوصًا في ظل المنافسة الشرسة على السوشيال ميديا.
السوشيال ميديا تغيّر قواعد اللعبة
منصات مثل "تيك توك" و"إنستجرام" أصبحت اللاعب الأول في نجاح أو سقوط الأغنية.
فقد تتصدر أغنية لا لشيء سوى لأن 15 ثانية من توزيعها تصلح لتركيب رقصة، أو لصناعة مقطع ترفيهي جذّاب.
ومن هنا، لم يعد صوت المطرب هو المعيار، بل مدى "قابلية" التراك للاستخدام الرقمي.
الجمهور النسائي في قلب المعادلة
اللافت أن جمهور الفتيات سواء في الجامعات، أو على مواقع التواصل – هو الذي يقود التوجهات الفنية الجديدة، ويُعيد رسم حدود الذوق العام.
وبات من المعتاد أن تُستخدم الموسيقى الشعبية المُوزعة بعناية في خلفية فيديوهات الفاشينيستا، أو أن تختار الفتيات مقطعًا موسيقيًا دون أي كلمات للتعبير عن مزاجهن، في دلالة واضحة على أن "الإيقاع" قد يكون أبلغ من الكلام.
في المحصلة... من يكتب قواعد المرحلة القادمة؟
ما بين صعود نجم الموزّع، وتراجع أهمية الكلمات، وطفرة الديوهات، يبدو أن المشهد الغنائي يعاد تشكيله من جديد، وبقواعد تفرضها التكنولوجيا، وتباركها اختيارات الجمهور.
فهل ما نعيشه اليوم مجرد موجة عابرة؟
أم أننا فعلًا دخلنا زمن "الموسيقى التي تغني وحدها"... دون الحاجة لصوت؟