دخلت جنوب أفريقيا بنجاح ورشاقة بين فجوات النفاق الغربي إزاء ما يحدث في غزة، وخلقت حالة دولية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، عندما أقامت دعوى تتهم فيها الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب الإبادة الجماعية في القطاع الفلسطيني بشكل جعلها في وضع صانع السلام وبطلة الإنسانية، أمام العالم، لا سيما دول الجنوب العالمي.

منارة أخلاقية للعالم

وترى ساشا بولاكو سورانسكي، نائبة رئيس التحرير في مجلة "فورين بوليسي"، أن أبرز مكاسب جنوب أفريقيا الجيوسياسية تمثلت في استعاة بريتوريا سمعتها كمنارة أخلاقية للعالم، بعد أن كانت أوراق اعتمادها كلاعب عالمي جاد موضع تساؤل، بسبب رفضها اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بموجب طلب من المحكمة الجنائية الدولية واستقبال قادة مثار جدل في العالم، مثل محمد حمدان دقلو، المتهم بارتكاب إبادة جماعية في دارفور وبقية السودان.

اقرأ أيضاً

شكرا جنوب افريقيا… لكنه الغرب المفلس أخلاقيا

وقد حازت قضية محكمة العدل الدولية على الأوسمة في جميع أنحاء الجنوب العالمي؛ حيث تدخلت حكومات من بنجلاديش إلى ناميبيا رسميًا لدعمها، ولم تعد حكومة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي خائفة من معارضة واشنطن وتحديها علنًا.

وبعد استضافة قمة "بريكس" في أغسطس/آب الماضي، أوضحت بريتوريا أنها ليست راضية عن مجرد اتباع الخط المناهض للغرب الذي حددته موسكو وبكين، وباتت كأنها تسعى إلى قيادة الكتلة في حد ذاتها.

المعايير المزدوجة

وتقول الكاتبة إن المعايير المزدوجة الفاضحة للقوى الغربية الكبرى إزاء أحداث غزة، جعلت دول العالم، لا سيما الجنوب العالمي، سعيدة بتحرك جنوب أفريقيا نحو محكمة العدل الدولية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وكما قال الكاتب البرازيلي أوليفر ستونكل مؤخراً في مجلة "فورين بوليسي"، فإن "العديد من البلدان النامية ترى في موقف الغرب بشأن إسرائيل وفلسطين دليلاً على أنه يطبق القواعد والمعايير الدولية بشكل انتقائي ــ وفقاً لمصالح جيوسياسية وليس بطريقة عالمية".

اقرأ أيضاً

محلل إسرائيلي عن قرار محكمة العدل الدولية: نتنياهو جعلنا "دولة مجرمة"

وكانت هذه الشكوك موجودة قبل فترة طويلة من الحرب الحالية في غزة.

وكان التصور بأن واشنطن وحلفائها يهتمون بالمعاناة الأوكرانية على أيدي الخصم، وليس معاناة الفلسطينيين على أيدي حليف، هو الدافع وراء موقف عدم الانحياز الذي تبنته العديد من الدول - بما في ذلك البرازيل وجنوب أفريقيا.

لكن القصف الإسرائيلي لغزة، والذي أدى إلى نزوح 1.9 مليون إنسان وقتل ما لا يقل عن 26 ألف شخص، كان سبباً في تغذية هذه المشاعر وجعل زعماء العديد من البلدان أكثر تشككاً في أي مناشدات من واشنطن أو العواصم الأوروبية لأسباب إنسانية.

إن معظم القادة الأجانب - والسكان - خارج أوروبا وأمريكا الشمالية لا يأخذون الآن النداءات الأمريكية أو الأوروبية لدعم أوكرانيا لأسباب إنسانية على محمل الجد نظراً للمعايير المزدوجة التي يرونها واستياءهم من التسلسل الهرمي للتضامن في الغرب، والذي يمنح الامتيازات بشكل واضح. ضحايا خصومها على ضحايا حلفائها، تقول الكاتبة.

اتهام إسرائيل بأريحية

تظل القضية الإسرائيلية الفلسطينية بمثابة المسار الثالث في السياسة البريطانية والأمريكية. (وفي هذا الأسبوع فقط، تم تعليق عضوية أحد الساسة العماليين في بريطانيا بسبب تلميحه إلى أن قصف غزة يرقى إلى مرتبة الإبادة الجماعية).

ولكن بالنسبة لأغلب دول العالم، فإن هذه لعبة عادلة.

اقرأ أيضاً

ترحيب دولي وعربي بتدابير العدل الدولية بشأن منع الإبادة في غزة

ومن خلال رفع هذه القضية، جعلت جنوب أفريقيا من المقبول اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم خطيرة في إطار دولي رسمي كبير، تقول الكاتبة.

علاوة على ذلك، اضطرت إسرائيل إلى الرد قانونيا وليس خطابيا.

وتضيف: لأن محكمة العدل الدولية تفتقر إلى سلطة التنفيذ، فمن المرجح أن يكون الضغط الأمريكي على إسرائيل للتصرف بشأن التدابير المؤقتة للحكم هو الطريقة الوحيدة التي ستدخل حيز التنفيذ.

المصدر | ساشا بولاكو سورانسكي / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: جنوب افريقيا محكمة العدل الدولية الابادة الجماعية غزة محکمة العدل الدولیة جنوب أفریقیا فورین بولیسی

إقرأ أيضاً:

محكمة شعبية تتهم إسرائيل بالإبادة ومقرر أممي يشيد بها

قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن اللائق، بالاكريشنان راجاغوبال، إن مبادرة "محكمة غزة" تشكل "نقطة تحول" في النضال من أجل العدالة للفلسطينيين.

جاء ذلك في منشور لراجاغوبال على منصة إكس، أمس الأحد، في معرض تعليقه على مبادرة "محكمة غزة" التي جمعت أكاديميين ومثقفين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومندوبي وسائل إعلام وممثلين عن منظمات مدنية في العاصمة البوسنية سراييفو، في الفترة من 26 إلى 29 مايو/أيار الماضي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مؤتمر الدوحة يناقش الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان.. رؤى لمستقبل إعلامي أكثر إنسانيةlist 2 of 2آلاف الأفغان يصارعون للبقاء في أميركا بعد إلغاء "الحماية"end of list

وأشار راجاغوبال إلى أن محكمة غزة أسّست للتحقيق في الجوانب القانونية والسياسية والأخلاقية للأحداث في غزة التي تتعرض لحرب إبادة إسرائيلية مستمرة.

ومضى قائلا إن "المحكمة تشكل نقطة تحول في النضال من أجل العدالة للفلسطينيين والإنسانية جمعاء".

ويوم الخميس، أدانت "محكمة غزة" في البيان الختامي لجلساتها بسراييفو جرائم الإبادة الجماعية والاستعمار الاستيطاني والتعذيب والتدمير التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد البيان حق الشعب الفلسطيني في جميع أشكال النضال بما فيها المقاومة المسلحة، وفق ما أكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتحظى المحكمة بدعم منتدى شباب منظمة التعاون الإسلامي، الذي يتألف من 66 منظمة شبابية، منها 50 منظمة شبابية من الدول الأعضاء و16 منظمة شبابية دولية تمثل الأقليات المسلمة.

إعلان

ومن المقرر أن تعقد الجلسة الختامية التي سيُصدر فيها القرار النهائي بمدينة إسطنبول خلال أكتوبر/تشرين الثاني، حيث سيستمع فريق المحكمة إلى شهادات الضحايا والشهود، ويضم الفريق شخصيات متخصصة في مجالات القانون والثقافة والسياسة والمجتمع المدني.

ومن المرتقب أن تحاكم إسرائيل غيابيا من قبل أعضاء المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة.

وتهدف المحكمة إلى أن تُجري محاكماتها بشفافية كاملة، بعيدًا عن التأثيرات السياسية، وبلا قيود، وضمن جدول زمني واقعي.

مقالات مشابهة

  • جنوب أفريقيا تفتح تحقيقًا في واحدة من أبرز جرائم الفصل العنصري بعد عقود من الصمت
  • أبرز مكاسب كينيا من زيارة رئيسها إلى الصين
  • كاريمان تروي 219 يوما من الذل على يد زوجها أمام محكمة الأسرة
  • مكارثي.. رائد جنوب أفريقيا دوّن اسمه في سجلات المجد الكروي
  • محكمة بريطانية تُغرّم رجلًا بعد حرقه نسخة من القرآن أمام القنصلية التركية في لندن
  • محكمة بريطانية تدين شخصا أحرق المصحف في لندن
  • محكمة شعبية تتهم إسرائيل بالإبادة ومقرر أممي يشيد بها
  • مثول سعد المجرد أمام محكمة فرنسية
  • وزير العدل يشارك في توقيع اتفاقية الوساطة الدولية لحل المنازعات بالصين
  • دوري أبطال أفريقيا يزين ملعب الدفاع الجوي قبل مواجهة بيراميدز وصن داونز