سودانايل:
2025-05-16@15:16:17 GMT

مصر والحرب السودانية

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

مصر 360

بقلم: أمانى الطويل
يتواصل معي الكثيرون من القيادات والرموز السياسية السودانية بشكل شبه يومي؛ بشأن التساؤل عن طبيعة الموقف المصري في السودان في هذه المرحلة، ويتذكرون مقولة الرئيس السيسي الشهيرة بشأن ليبيا التي قال فيها، إن ليبيا خط أحمر، ويطرح هؤلاء جميعا سؤالا مركزيا هو، هل السودان أقل أهمية لمصر؟
بطبيعة الحال، يتحسب معظمهم، لما أسموه غياب مصري عن التفاعلات السودانية الذي يمكن أن يؤدي إلى معادلات عسكرية وسياسية مرتبكة، في توقيت دقيق، وذلك سواء في مجهودات وقف الحرب، أو في معادلات ما بعد الحرب، والتي هي من المأمول أن تحقق توازنا للسودان، لن يستقيم دون دور مصري، أصبح يعترف به جميع الفاعلين، خصوصا الدوليين.


ويبدو أن هذه التساؤلات قائمة على غياب شبه كامل للتصريحات السياسية المصرية؛ بشأن التطورات السودانية، وكذلك توقف الحديث المصري، والتفاعلات المرتبطة بمبادرة دول جوار السودان بالقاهرة، التي نجحت مصر في حشد كافة دول جوار السودان فيها في منتصف العام الماضي، وعقدت هذه المبادرة اجتماعا وحيدا في أنجمينا عاصمة تشاد، ثم توقفت، بعد أن قال سامح شكري وزير الخارجية المصري فيه إن الموقف في السودان ضبابي وغير واضح.
الأسئلة التي تصلني مرتبطة أيضا بموقف مصر من مبادرة إيجاد التي نشطت في الملف السوداني، بعد خفوت صوت مبادرة دول جوار السودان، لدرجة أعتقد البعض فيها، أن مصر اعتمدت هذه الآلية وحدها؛ لحل المشكل السوداني، طبقا لما رشح من كينيا بعد وجود الرئيس السيسي في الخريف الماضي هناك، أو هكذا ذاع.
الأسئلة السودانية مرتبطة أيضا بالموقف المصري من طرفي الصراع السوداني، وإلى أي مدى يمكن أن تتفاعل مصر مع قوات الدعم السريع، وقائدها حميدتي، وذلك بعد أن حقق انتشارا ميدانيا على الأرض في مواقع مهمة، خصوصا في منطقة وسط السودان المتفاعلة تاريخيا مع مصر.
ومع عدم وضوح الرؤية المصرية الراهنة، بالتأكيد هناك تأويلات كثيرة منتشرة على منصات التواصل الاجتماعي السودانية منها، أن هناك انتشارا عسكريا مصريا على الحدود الجنوبية، أو أن هناك مسرحا يعد لقتال الدعم السريع في الولاية الشمالية، وهكذا مما لا نستطيع معه تبين الواقع أو الحقيقة، من الخيال أو السعي وراء الفبركات الإعلامية التي تضمن انتشارا لمنصة هنا أو هناك.
على الصعيد المصري، فإن الرأي العام يلاحظ بالتأكيد، أن مصر غائبة سياسيا عن السودان، وهو أمر مقلق للشارع المصري الذي يرتبط وجدانه تاريخيا بالسودان والسودانيين، خصوصا مع تزايد التواجد السوداني في مصر، وتداخله في النسيج الاجتماعي، وحضوره في المشهد العام للشوارع والأحياء والميادين المصرية، بل وقطاع الأعمال الخاص في مصر، وأيضا في المجالات الخدمية، وذلك مع حصول الأطباء والمهندسين، وغيرهم من المهنيين على تصاريح عمل في مصر بكافة القطاعات.
وبطبيعة الحال ليس لدى إجابات شافية لهؤلاء المتسائلين في مصر، أو في السودان ولكني أتفق، مع أن الغياب المصري السياسي العلني عن المعادلات الراهنة يشكل خسارة مشتركة لمصر وللسودان معا، على قاعدة أن مصالح كلا البلدين متأثرة بالأخرى، بل هل مصنفة بالحيوية، والتي تحوز على أعلى درجات الأهمية الاستراتيجية، فلا يمكن مثلا ألا يكون هناك تصريحات من الخارجية المصرية بشكل شبه دوري عن ضرورة وقف الحرب، أو التنوير بالمجهودات المصرية في هذا المجال، أو تطورات الرؤية المصرية بشأن التفاعلات السودانية.
وفي سياق مواز، فإن موقف الجامعة العربية يبدو غير نشط على المستوى المطلوب على الرغم من حضور ممثل عنها لقمة الإيجاد الأخيرة المنعقدة بكمبالا، حيث أنه من المطلوب، أن يكون هناك خلية عمل، لا ينقطع نشاطها اليومي؛ بشأن الحالة في السودان على الصعيد الإنساني على الأقل.
وعلى الرغم، ما أسلفت سابقا، فإنه لا بد لنا أيضا، أن نرصد تحركات مصرية بشأن السودان موجودة، ولكنها غير علنية، لا يتم الكشف عنها، ولا عن أي من مخرجاتها منها مثلا، تعاون الخارجية المصرية مع الجانب الفرنسي في جمع بعض الحركات المسلحة الدارفورية مع ممثل للجيش، والدعم السريع بالقاهرة، ومنها أيضا، تعاون مع دولة البحرين في لقاء بين نائب رئيس قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، والفريق أول شمس الدين الكباشي نائب قائد الجيش، وعضو المجلس السيادي السوداني، الذي قام طبقا للتسريبات بزيارات غير معلنة لكل من مصر والإمارات.
وطبقا لذلك، يبدو أن التحرك المصري في الملف السوداني هو تحرك جزئي، بمعنى أنه يتم اللجوء إلى آلية فصل الملفات السودانية بعضها عن بعض، والتعامل معها كل منها على حدة، وذلك على أمل، ربما أن التقدم في أحد الملفات، ربما يكون دافعا؛ لتقدم ملف آخر وهكذا.
ويبدو لنا أيضا، أن التحرك المصري حذر للغاية، خصوصا مع وجود إرادة سودانية مشتركة لطرفي الصراع باستمرار الحرب، رغم إعلانات حميدتي قائد قوات الدعم السريع المتواصلة، بأنه يقبل التفاوض، ويريد السلام، فضلا عما يرشح في تصريحاته من ملامح لمشروع سياسي مستقبلي.
هذا التقدير بشأن موقف حميدتي الواقعي من الحرب قائم على معلومات، رشحت لنا، أن الرجل يمول طرفي الحرب بمعنى، أن له علاقات مع بعض أطراف المؤتمر الوطني المنخرطة في القتال على الأرض، ويقوم بتمويلها. ويثار هنا السؤال، هل يريد حميدتي استمرار الحرب؟ هل هذه الحرب هي طريقه إلى السلطة التي أعلن لدوائر ضيقة، أنه يريدها منذ عام ٢٠١٩؟ وإذا لم يكن حميدتي يريد استمرار الحرب، فمن يريد استمرارها على هذا النحو الذي يكبد السودانيين أثمانا إنسانية باهظة كل لحظة.
الحذر المصري ممتد أيضا؛ بسبب أداء الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي، وقائد الجيش الذي يملك، ومن معه إرادة استمرار الحرب؛ فيرفض التفاوض رغم الوزن السياسي، والمعنوي للجيش في المعادلة الحالية، ويذهب إلى إيران والجزائر لضمان دعم تسليحي للجيش السوداني.
وإذا كان الدعم الجزائري للسودان (إن حدث) هو ضمن التفاعلات الإقليمية العربية، وقد تكون تداعياته محسوبة، وغير مكلفة، فإن اللجوء إلى إيران له تداعيات غير محسوبة في ظني من جانب الفريق البرهان. ذلك أن استدعاء إيران للمنصة السودانية الملتهبة، والمشاطئة للبحر الأحمر، هي حسابات مرتبطة بالشرق الأوسط والحرب في غزة، ذلك أن السودان هو إضافة للمنصات الإيرانية في كل من اليمن ولبنان والعراق، وذلك من شأنه، أن يخل بموازين قوى دقيقة، وحرجة في المنطقة، لا يستطيع السودان في حالته الراهنة احتمال تداعياتها في علاقته بمحيطه الإقليمي، خصوصا الخليجي منه، فالسودان حينما استدعي إيران في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كان سلطة قائمة ودولة متماسكة، أما الآن فالوضع مختلف.
إجمالا مع تقدير أن الأعباء المصرية بشأن الحالة السودانية هي ضخمة، ومضافة لأعباء أخرى إقليمية لا تقل حساسية ولا ضخامة، ولكن يبقى السودان في وجدان المصريين حالة، تستدعي عناية فائقة من جانب الفاعلين الرسميين، وتنويرا دائما بالتطورات على الصعيد السياسي والعسكري، وذلك استجابة لحالة الاهتمام الكبير من جانب الرأي العام المصري بالسودان، وأهل السودان.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع السودان فی فی السودان فی مصر

إقرأ أيضاً:

بالنسبة للشعب السوداني فإن حميدتي مات وشبع موتاً

الخبر الذي تداولته بكثافة وسائل التواصل الإجتماعي منذ مساء الأمس نقلاً عن بعض الإعلاميين ـ الذين أحترمهم و أقدر إسنادهم الإعلامي القوي لمعركة الكرامة ـ بعد لقائهم القائد كيكل المتواجد هذه الأيام بالعاصمة الإدارية المؤقتة ليس بجديد فقد سبق أن تحدث به الأستاذ الإعلامي الطاهر ساتي بعد لقاء جمعه ضمن مجموعة من زملائه مع رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة و في الحالتين أعتقد أن تسريب الخبر لم يكن خياراً موفقاً !!

و هنا تبرز الأسئلة التالية :
ـ هل قصد البرهان و من بعده كيكل أن يتم تسريب خبر أن المجرم ما يزال حياً ؟ وما هي الفائدة المرجوة من التسريب ؟
ـ ما هو تأثير الخبر على سير المعركة التي لم تنته بعد ؟
ـ ما هو تأثيره على معنويات قوات المليشيا ؟

في رأي أن إعلان مثل هذا الخبر يعتبر جزء من إدارة الحرب و يجب أن يخضع لحسابات دقيقة تراعي تأثيره على المعركة ، و في تقديري أن ترك الأمر مبهماً و خاضعاً للتحليلات المتباينة كان هو الخيار الأفضل و الأكثر تأثيراً على معنويات قوات المليشيا الذين تسرب الشك إلى معظمهم بأن زعيمهم قد قتل منذ الأيام الأولى لإندلاع الحرب الأمر الذي كان له تأثير سالب على معنوياتهم و روحهم القتالية !!

على كل حال فإن حميدتي بالنسبة للشعب السوداني قد مات و شبع موتاً منذ أن أصبح دمية في يد المخابرات الإماراتية و مخابرات حليفتها دولة (ا ل ك ي ا ن) التي دفعته للتمرد على القوات المسلحة و محاولة الإستيلاء على السلطة بالقوة و بعد فشله في تحقيق ذلك حول معركته إلى حرب شاملة ضد الدولة السودانية ما تزال نيرانها مشتعلة على مدى أكثر من سنتين !!
(ما هكذا تورد الإبل يا سادة)
حاج ماجد سوار سوار
11 مايو 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الإعيسر: استئناف عمل القنصلية السودانية في دبي تم وفقاً لاتفافية فينا
  • رحيل مفاجئ للفنان محمد الجزار يُفجع الوسط الغنائي السوداني
  • يونيسف: قصف مدفعي يحرم ألف مريض المياه في مدينة الفاشر السودانية
  • وفاة الفنان السوداني محمد الجزار إثر عارض صحي مفاجئ
  • اجتماع بين النمير وأبو ريدة يقرب المريخ السوداني من الدوري المصري
  • ننشر تفاصيل المؤتمرالصحفي للقنصل السودانى بأسوان بشأن الوضع فى بلاده
  • بالنسبة للشعب السوداني فإن حميدتي مات وشبع موتاً
  • السوداني والمشهداني يتفقان بشأن خطاب القمة ودور عراقي لبناء غزة
  • التربية تنشر جدول امتحانات الشهادة الثانوية السودانية 2024 الدفعة المؤجلة
  • وزارة التربية السودانية تنشر جدول امتحانات الشهادة الثانوية الدفعة المؤجلة