يمامة.. ما أفرزه التصويت العقابي!
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
يأبى عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد المصري، إلا أن يسجل حضورا في ذاكرتنا، بشخصيته المرتبكة وممارسته الرعناء!
فقد كان ظهوره في المشهد "ثالث ثلاثة" مع الجنرال، في أحد القصور الرئاسية، مغريا لي للكتابة، لا سيما من حيث ترتيب "الوقوف"، وقد حرص من بيدهم عقدة الأمور أن يكون الوقوف حسب الأصوات التي حصل عليها كل مرشح، فكنا أمام إهانة جديدة تلحق بهذا الحزب العريق.
وقبل أن أهُم بالكتابة من وحي هذه الصورة، نسيت الأمر، لكن "غريب الأطوار" ظهر بعد غياب، مقترحا قيام المصريين في الخارج بتحويل 20 في المئة من أجورهم عبر البنوك، ثم تمادى في هذا وهو يعلن أن الهيئة البرلمانية للوفد ستتبنى هذا المقترح. ولك أن تتصور لحظة الإعلان عن رفض الأغلبية لهذا الجنون، فيكسب حزب مستقبل وطن وتحالفه بنطا عند الناس، يمكّنهم منه حزب الوفد، المعارض بحسب التصنيف الطبيعي للأحزاب، وإن كان الواقع يقول إنه لا معارضة في مصر الآن، وأن كلها أحزاب مولاة، وقد ألقت التجربة الحزبية المصرية المنهكة ما فيها وتخلت!
ترتيب نعمان جمعة:
أن يحصل الوفد على المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية لهي إهانة كبيرة للحزب، في انتخابات تم التحكم فيها، ولم تكن نتائجها وليدة الإرادة الحرة للناخبين، صحيح أن هذا هو الترتيب منذ انتخابات مبارك الأخيرة، لكني أعلم أن هذا تم على غير إرادة نظامه، فعندما أعلن أيمن نور ترشحه، فإن ضغوطا مورست على رئيس الوفد (حينها) الدكتور نعمان جمعة من أجل خوض الانتخابات، بهدف أن يكون ترتيبه الثاني، وهو أمر يليق بالعملية برأي أصحابها، فمن حصل على الترتيب الثاني هو رئيس أكبر وأقدم حزب في مصر، لكن عند إعلان النتيجة اشترط أيمن نور إعلان النتيجة الحقيقية من حيث الترتيب، مقابل ألا يشكك في النتائج، وقبل نظام مبارك هذا على مضض!
كانت الضغوط الأكبر على جمعة من داخل الحزب، ولأسباب منطقية لدى الضاغطين، تلاقت مع رغبة النظام، في أنه لا يجوز خوض أول انتخابات رئاسية تعددية بدون الوفد، بينما ينافس على ذلك حزب وليد (الغد) ورئيسه خرج من الوفد مفصولا بقرار من نعمان جمعة نفسه، وبدا الرجل في حملته الانتخابية كما لو كان محمولا على أمر يكرهه. وقد تولت السلطة الدعاية له بالملصقات وغير هذا في بعض المحافظات، لتخفي بهذا الحضور وجود هذا الشاب المتهور والطموح؛ أيمن نور، وقد وضعه مبارك نفسه في رأسه، وقال لرجاله الثلاثة (تحي سرور، وحبيب العادلي، وصفوت الشريف) أدّبوه، وبانصراف مبارك انصرف الأخير وقال إنه لا شأن له بالأمر، فكانت قضية تزوير توكيلات تأسيس الحزب!
وهناك محاولات لإقناع خالد محيي الدين، أحد الضباط الأحرار ورئيس حزب التجمع الوطني التقدمي، باءت بالفشل، وكان يقوم بها -كما جرت العادة- الرجل المقرب منه تاريخيا رفعت السعيد، فما زال يلح عليه حتى خرج عن شعوره، وصرخ فيه: "رفعت". وكان يعرف عنه أن إذا وصل غضبه منه الذروة خاطبه باسمه مجردا غير مسبوق بلقب "دكتور"!
ولأنها مرحلة عناوين لا متون، فمنذ الانتخابات الثانية، والمرشح العسكري لديه رغبة في أن يعطي تصورا جادا للانتخابات بأن من ينافسه ليس نكرة، ولكنه رئيس حزب الوفد، تماما كما فعل مبارك، وفشلت المحاولة مع رئيس الحزب السيد البدوي شحاتة، لأن شباب الحزب حاصروا المقر واحتشدوا فيه فحملوا الهيئة العليا للحزب على رفض قبول أن يكون رئيسهم مجرد "محلل" مستدعى للقيام بمهمة، نظرة الشعب المصري لمن يقوم بها سلبية للغاية!
وكان واضحا لي أن التخطيط لهذه المنافسة الصورية مع اسم الوفد سيتم الإعداد لها مبكرا ومنذ بداية الولاية الثانية في عام 2018. ومن هنا كان واضحا، وكتبته في حينه، أن إرسال المحامي بهاء أبو شقة لرئاسة الوفد بديلا للبدوي هو لهذا الهدف، وهو الوسيط الذي كُلف بإقناع الهيئة العليا على قبول المهمة، وفشلت وساطته، وهو وكيل برلمان المرحلة، كما أن نجله هو المستشار القانوني للسيسي، وحامل ملفه بالوكالة للجنة العليا للانتخابات!
"نكرة" يخوض الانتخابات:
وبدأت هندسة الأمر مبكرا، ولهذا فعندما أجريت الانتخابات الأخيرة فإن المنافسين الطبيعيين على رئاسة الحزب أحجموا عن خوض الانتخابات ضد مرشح السلطة، وجاء عضو نكرة في الحزب من الأقاليم لينافس من أجل الشهرة ولاستيفاء الشكل!
وأمثاله كثيرون في كل انتخابات، وكثيرا ما يفرز التصويت العقابي فائزين من هذه "العينة"، بشكل يمثل مفاجأة للناخبين أنفسهم. وحدث هذا الأمر في الانتخابات البرلمانية سنة 1990، وقد قاطعت أحزاب المعارضة الرئيسية هذه الانتخابات لاشتراطها ضمانات بالنزاهة لخوضها، وفي بيان إعلان النتيجة نفى وزير الداخلية عبد الحليم موسى أن تكون المعارضة قد قاطعت الانتخابات فعلا، فكيف وقد نجح لحزب الأحرار مرشح في إحدى الدوائر بمحافظات الوجه البحري، وذكره اسما!
وكان السؤال داخل الحزب حول من هذا الشخص؟ والإجماع أن أحدا لا يعرفه، بمن في ذلك أمين المحافظة نفسها، لكن وزير الداخلية كثيرا ما كان "يسوق الهبل على الدروشة"، وطلب الحزب من الفائز الحضور، فجاء ليتفرج عليه الجميع، وكان القرار بالاعتراف به رغم عدم إثبات أنه ابن الحزب أصلا!
بيد أنه كان شخصية غريبة فعلا وتافهة، ولم يصدق نفسه فكان يدخل المطاعم والمتاجر ويرفض دفع الحساب، لأنه "عضو مجلس شعب"، وبعد عدة شهور زهد فيه الحزب ووجده عبئا عليه فأطلق سراحه. وقد كان أحد الصحفيين في "الأحرار" متخصصا في دفعه لإثارة جلبة داخل المجلس، وبعد الانتهاء من التعليق على بيان الحكومة يقف طالبا إعلان موقف حزب الأحرار وهو كل هيئته البرلمانية، وعندما يحتد عليه رئيس المجلس فتحي سرور بأن هذا مخالف للائحة بعد التصويت بغلق باب المناقشة، يصرخ، ويهتف، ويولول، وذات مرة انتبه سرور لحاله، فعندما طلب الكلمة بعد صراخ، أعطاها له، فنظر حوله ثم جلس ولم يتكلم!
وله صورة نشرتها الصحف وكان يقف في مجلس الشعب، وقد تحدث إليه وزير شؤون البرلمان كمال الشاذلي، طالبا منه أن يتوقف عن الضوضاء والشغب في الجلسة، وكان يتحدث بيده، فإذا بالنائب المحترم يتصور أنه تلميذ في المدرسة فيشيح بوجهه بعيدا ويغطي خده بصفعة اتقاء لصفعه اعتقدها من الشاذلي!
وأمام الشكاوى الكثيرة ضده من المطاعم ومحطات الوقود لرفض دفع حساب أكله والخدمات لأنه "عضو مجلس شعب"، أسقط المجلس عضويته بالتصويت، فوقف يصرخ كما طفل فقد أمه في السوق!
التصويت العقابي:
عندما سألت كيف نجح؟ كان الرد إنه التصويت العقابي، فمن تنافس مرشحللت على الانتخابات وشوّه كل مرشح الآخر، وخاض كل مرشح في عرض الآخر بما لا يليق بمجتمع محافظ، فاستفزا الناخبين الذين قرروا حرق أصواتهم فاختاروا دون اتفاق المرشح للشهرة!
وعلى ذكر انتخابات سنة 1990، فقد كانت هناك ذكرى في نفسي بينما أشاهد عبد السند يمامة في هذا الترتيب المهين للوفد، والذي توقعته على أي حال!
عندما سألني صديق عن ترتيب النتائج قبل إعلانها، فكرت بمنطق القوم، وأنه على الرغم من أنهم يتوحمون على أن يكون "المحلل" هو رئيس الوفد، إلا أنهم لن يعطوه فرصة أن يكون كذلك، خشية أن يكون هذا تعزيزا لمكانة الوفد في المستقبل، وهناك من يقولون إن الوفد لو كان عظما في قفّة سيكون مؤهلا لأن يكون شيئا معتبرا في المستقبل، وأهل الحكم يصادرون الحاضر والمستقبل، لذا فلا بد من إهانة الحزب فلا تقوم له قائمة!
وبالمقارنة بين حازم عمر وفريد زهران، فإن الأخير في النهاية له انتماءات سياسية قديمة لليسار، ولم يتراجع عن هذا الانتماء، وهو ابن عائلة يسارية؛ فوالده هو القطب اليساري الكبير سعد زهران، وكان هو من جيل مارس النضال السياسي في الجامعة، ويجيد الحديث والتنظير، وإذا كان مضطرا لهذه الانتخابات فقد يمثل له الترتيب نقلة في المستقبل، إذ سيكون ترتيبه الثاني!
صحيح أن حازم عمر شاب، وقد يداعب خياله الأمر مستقبلا، لكنه هو ابن شرعي للسلطة، ومن السهل الحذر منه ولو أدى الأمر لإنهاء وجوده السياسي بأي طريقة، ولن يقاوم!
ولم يكن مفاجأة لي أن تصدق توقعاتي، فقد علمنا منطق القوم، وتم إلقاء عبد السند يمامة بعيدا إمعانا في الازدراء، ولأن المصريين والغرب لم تنطل عليهم فكرة الحزب التاريخي والكبير، وقد فقد ترشحه معناه، فلا يجوز أن يستفيد الحزب من هذه الخطوة!
هذا المشهد البائس ذكرني بما كان عليه الحال، فقد انزعج مبارك من فكرة مقاطعة المعارضة للانتخابات. وقد شهد برلمانا عهد مبارك في الفترة من (1984-1987) و(1987-1990) حيوية كبيرة، لذا فقد اعتبر هذه المقاطعة إدانة لحكمه، وتواصل هاتفيا مع رئيس حزب الأحرار مصطفى كامل مراد ليقنعه بالعدول عن قرار المقاطعة، لكنه قال إنه لن يتراجع عن قرار المعارضة إلا بوجود ضمانات لنزاهة الانتخابات، ولم يكن مبارك مستعدا لذلك (الحقيقة أن مراد لم يكن مؤيدا للمقاطعة لكنه رضخ لقرار الأحزاب)، وبعد يومين من هذه المقابلة التقى مبارك برئيس الوفد فؤاد سراج الدين، ونُشرت صورة اللقاء في الصحف الرسمية، وحاول إقناعه بخوضها لكنه رفض!
وغضب مراد لتفاوت التقدير، فيكتفي الرئيس بالاتصال الهاتفي به، ويلتقي فؤاد سراج الدين، وحاول وحيد غازي رئيس تحرير الأحرار تهدئة غضبه بأن قال إن السبب في اللقاء وجها لوجه أن سراج الدين قد لا يتمكن من سماعه هاتفيا لكبر سنه وضعف سمعه، وصمت مراد برهة ليستوعب ذلك، ثم قال بأسى: لا يا وحيد!
فمصطفى مراد يعاني أيضا من ضعف السمع، بعد أن انفجرت دانة بالقرب من أذنه في حرب 1948 وأثر هذه على أعصابه، فكان لا يمكن السيطرة عليه إذا غضب، وقال لي أبو الفضل الجيزاوي إنه عندما عاد من الحرب، رفض عدد من قيادات الجيش أن يلتحق بالخدمة تحت رئاستهم، وقالوا إنه مجنون، لكن أبو الفضل الجيزاوي وافق عليه وقال أنا مجنون مثله، وبعد ذلك ضمه للضباط الأحرار. وذكر الجيزاوي لي كيف أنه صبيحة يوم الثورة رفع مصطفى كامل مراد رشاشه ليفرغه في قيادات الجيش وقد كانوا يتعاملون معهم باحتقار، لأنهم من صغار الضباط، ولم يجد وسيلة لمنعه من تصفيتهم إلا أنه ألقى بنفسه عليه فسقط الرشاش من يده!
إن اللقاء المباشر بين مبارك وفؤاد سراج الدين هو لقيمة الوفد وقيمة الشخص، وهي قيمة أهدرها مرشح الغفلة، والحقيقة أنها أُهدرت قبله ومنذ أن أصبح الحزب العريق جزءا من حسابات السلطة، لكن الأمر لم يصل إلى هذا المنحدر إلا مع السيد يمامة.
فكم من الجرائم ترتكب بسبب التصويت العقابي!
twitter.com/selimazouz1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الوفد المصري الانتخابات مصر انتخابات الرئاسة مرشحين حزب الوفد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سراج الدین رئیس حزب أن یکون
إقرأ أيضاً:
صدمة في جامعة هارفارد بسبب إجراء إدارة ترامب العقابي
(CNN) -- ألغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، صلاحية جامعة هارفارد في تسجيل الطلاب الدوليين، مُوجِّهةً بذلك عقوبةً قاسيةً لهذه المؤسسة النخبوية لرفضها الانصياع لمطالب سياسات الإدارة.
وقالت وزارة الأمن الداخلي، في بيان: "لم يعد بإمكان هارفارد تسجيل الطلاب الأجانب، ويجب على الطلاب الأجانب الحاليين الانتقال أو فقدان وضعهم القانوني".
وأمرت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم وزارتها بإنهاء اعتماد برنامج هارفارد للطلاب وتبادل الزوار، مُشيرةً إلى رفض الجامعة تسليم سجلات سلوك الطلاب الأجانب التي طلبتها وزارة الأمن الداخلي الشهر الماضي.
وقد يؤثر هذا القرار على أكثر من ربع طلاب هارفارد، ذوي الأغلبية الطلابية الدولية، والذين يشعرون بالقلق والارتباك بسبب هذا الإعلان.
ويُحذِّر الأساتذة من أن الهجرة الجماعية للطلاب الأجانب تُهدد بخنق القدرات الأكاديمية للمؤسسة، حتى في الوقت الذي تُناضل فيه ضد الإدارة من أجل استقلاليتها الأيديولوجية.
وقال البيت الأبيض إن "تسجيل الطلاب الأجانب امتياز وليس حقًا"، واتهم قيادة جامعة هارفارد بتحويل "مؤسستهم العريقة سابقًا إلى مرتع للمحرضين المعادين لأمريكا والسامية والمؤيدين للإرهاب".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، في بيان لشبكة CNN: "لقد فشلوا مرارًا وتكرارًا في اتخاذ إجراءات لمعالجة المشاكل واسعة النطاق التي تؤثر سلبًا على الطلاب الأمريكيين، وعليهم الآن مواجهة عواقب أفعالهم".
ويشهد مسؤولو هارفارد وترامب صراعًا منذ أشهر، حيث تطالب الإدارة الجامعة بإجراء تغييرات على برامج الحرم الجامعي وسياساته وعمليات التوظيف والقبول، لاجتثاث معاداة السامية داخله والقضاء على ما تسميه "ممارسات عنصرية قائمة على التنوع والمساواة والشمول".
وركزت الإدارة جهودها على الطلاب والموظفين الأجانب الذين تعتقد أنهم شاركوا في الاحتجاجات الجامعية المثيرة للجدل بشأن الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة "حماس".
لكن قيادة الجامعة تقول إن العديد من الطلبات، بما في ذلك "تدقيق" "وجهة نظر" طلابها وموظفيها، تتجاوز بكثير دور الحكومة الفيدرالية وقد تنتهك الحقوق الدستورية لجامعة هارفارد.
وتُعدّ جامعة هارفارد من بين عشرات الجامعات الأمريكية التي تواجه مطالب مماثلة من إدارة ترامب، لكنها برزت كأشرس مدافع عن استقلالها الأكاديمي.
وسارعت الجامعة إلى إدانة إلغاء البرنامج ووصفه بأنه "غير قانوني"، وقالت في بيان إنها "ملتزمة تمامًا بالحفاظ على قدرة هارفارد على استضافة الطلاب والباحثين الدوليين، الذين يأتون من أكثر من 140 دولة ويثرون الجامعة وهذه الأمة بشكل لا يُحصى".
وقال جيسون نيوتن، المتحدث باسم الجامعة: "نعمل بسرعة لتقديم التوجيه والدعم لأعضاء مجتمعنا. يُهدد هذا الإجراء الانتقامي بإلحاق ضرر جسيم بمجتمع هارفارد وبلدنا، ويقوض مهمة هارفارد الأكاديمية والبحثية".
وتضم الجامعة عددًا هائلًا من الطلاب الأجانب الذين قد يتأثرون، وتقول إن لديها 9970 طالبًا من الأكاديميين الدوليين، وتُظهر البيانات أن 6793 طالبًا دوليًا يُشكلون 27.2% من إجمالي عدد المسجلين في العام الدراسي 2024-2025.
ومثل العديد من الكليات والجامعات الأخرى، واجهت هارفارد انتقادات شديدة العام الماضي لطريقة تعاملها مع الاحتجاجات والمخيمات المؤيدة للفلسطينيين عقب بدء الحرب بين إسرائيل و"حماس"، بالإضافة إلى شكاوى من خريجين وطلاب يهود بشأن معاداة السامية في الحرم الجامعي.
وخلصت تقارير أصدرتها فرقتا عمل في هارفارد الشهر الماضي إلى أن الطلاب اليهود والمسلمين على حد سواء كانوا يخشون على سلامتهم خلال العام الدراسي 2023-2024، وأنهم كانوا يشعرون بشعور عميق بالغربة والرقابة الأكاديمية في الحرم الجامعي.
وتضمنت التقارير توصيات عامة وتغييرات في السياسات كحلول، وقد طبقت هارفارد بعضها بالفعل.
كما طبقت هارفارد بعض التغييرات امتثالًا لطلبات إدارة ترامب، بما في ذلك تغيير اسم مكتب المساواة والتنوع والشمول والانتماء إلى المجتمع والحياة الجامعية.
لكن نويم اتهمت، في رسالة إلى جامعة هارفارد الخميس، إدارة هارفارد "بترسيخ بيئة جامعية غير آمنة، معادية للطلاب اليهود، وتروج للتعاطف مع حماس، وتطبق ممارسات عنصرية قائمة على التنوع والمساواة والشمول".
ولم تذكر الطلاب المسلمين أو العرب.
وفرضت الإدارة على هارفارد إجراءات انتقامية صارمة، بما في ذلك تجميد 2.2 مليار دولار من الأموال الفيدرالية وهي خطوة تخوضها الجامعة في المحكمة. كما تخطط دائرة الإيرادات الداخلية لإلغاء إعفاء هارفارد من الضرائب، وفقًا لمصدرين مطلعين على الأمر لشبكة CNN.
ويبدو أن إدارة ترامب مستعدة لجعل هارفارد عبرة، إذ تهدد بعقوبات مماثلة للمؤسسات الأخرى إذا لم تتعاون.
وقالت نويم على قناة فوكس نيوز: "يجب أن يكون هذا تحذيرًا لكل جامعة أخرى لتتحلَّى بالصبر".
الطلاب والموظفون يشعرون بالرعب
وصُدم موظفو جامعة هارفارد بهذا الإعلان، الذي ترك آلاف الطلاب في حالة من عدم اليقين، وهم يندبون ارتباطهم بجامعة ناضل الكثير منهم بكل ما أوتوا من قوة للالتحاق بها.
وقال كارل مولدن، الطالب الصاعد في السنة الثالثة من النمسا: "لقد عمل الكثير منا طوال حياته للالتحاق بجامعة مثل هارفارد، والآن علينا الانتظار لنرى ما إذا كنا سنضطر إلى الانتقال إلى جامعة أخرى ومواجهة صعوبات في الحصول على التأشيرات".
ويسافر مولدن إلى الخارج ويشعر بالرعب من عدم السماح له بالعودة إلى الحرم الجامعي.
وقال إن الطلاب الدوليين يتبادلون الرسائل بتوتر.
ويتساءل البعض عما إذا كانوا سيتمكنون من إكمال التدريب الصيفي، بينما يخشى آخرون من عدم قدرتهم على الحصول على المساعدة المالية السخية التي يتلقونها في هارفارد من جامعة أخرى.
وذكر أن الطلاب الدوليين يُستخدمون "كوسيلة لعب في هذا الصراع الأوسع بين الديمقراطية والاستبداد".
وقال: "كوني قادمًا من النمسا، فأنا أكثر دراية بقواعد الاستبداد وكيف يمكن للمستبدين أن يقضوا على الديمقراطيات".
ويخشى بعض موظفي جامعة هارفارد من أن يؤدي استنزاف الجامعة من طلابها الأجانب إلى إضعاف القوة الأكاديمية للمؤسسة، وربما للوسط الأكاديمي الأمريكي ككل.
ووصف جيسون فورمان، أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد والمسؤول السابق في إدارة أوباما، هذا الإجراء بأنه "مروع على جميع المستويات".
وقال: "من المستحيل تخيل جامعة هارفارد بدون طلابنا الدوليين المتميزين. إنهم يمثلون فائدة كبيرة للجميع هنا، وللابتكار، وللولايات المتحدة على نطاق أوسع".
وأضاف: "يُعد التعليم العالي أحد أهم صادرات أمريكا ومصدرًا رئيسيًا لقوتنا الناعمة. آمل أن يتوقف هذا بسرعة قبل أن يتفاقم الضرر".
وقال أستاذ آخر مطلع على الوضع لشبكة CNN إنه يخشى "إفراغ العديد من المختبرات" في حال تطبيق هذه السياسة.
وذكر سفير أستراليا لدى الولايات المتحدة، كيفن رود، أن هذه الخطوة "ستكون مؤلمة للعديد من الطلاب الأستراليين في جامعة هارفارد"، ويقدم لهم المشورة القنصلية في ظل مراقبتهم للوضع عن كثب.
وذكر ممثل جامعة هارفارد في الرابطة الأمريكية لأساتذة الجامعات في بيان له أنه "يدين بأشد العبارات الممكنة اعتداء إدارة ترامب غير الدستوري على طلابنا الدوليين".
وأضاف أن القرار "يُوسّع نطاق اعتداء إدارة ترامب المُرعب على الطلاب والباحثين الدوليين في الولايات المتحدة".
أسترالياأمريكاإسرائيلالنمساالإدارة الأمريكيةجامعاتدونالد ترامبنشر الجمعة، 23 مايو / أيار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.