الفتح الموعود بدلا عن طوفان الأقصى… كيف تستغل جماعة الحوثي الغارات الأمريكية لتحقيق أهدافها؟ (تحليل خاص)
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
يمن مونيتور/ تعز/ تحليل خاص:
شنت الولايات المتحدة يوم الاثنين غارتين على مواقع حوثية مفترضة في مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن المطلة على البحر الأحمر، الطريق البحر المهم للشحن البحري. يمر في باب المندب 15% من تجارة النفط عالميا، و10% من تجارة الشحن البحري، ويقدر قيمتها بترليون دولار سنويا.
منذ 11 يناير/كانون الثاني الماضي، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا سلسلة من الغارات على مواقع حوثية في عدة محافظات، تضمنت الجولة الأولى من الغارات ما يقارب 30 هدفا حوثيا، يشمل الصواريخ الباليستية، ومنصات الرادار وأنظمة الدفاع الجوي، والطيران المسير، ومصانع وورش، وفق التصريحات الأمريكية، ثم تراجعت حدة الغارات إلى استهداف صواريخ معدة للإطلاق.
لم تخلف الغارات الأمريكية أي قتلى من الحوثيين، باستثناء الجولة الأولى منها التي اعترف الحوثي بأن خمسة من عناصره قتلوا وستة جرحوا. ولم يعلن بعد عن أي ضحايا من المدنيين، رغم أن غارتين على منطقة الكثيب بالحديدة وقعت ظهر الاثنين 5 فبراير كانت في وقت يتواجد مدنيون بالقرب من موقع الغارتين.
حصري- الإمارات تعرض قاعدتها العسكرية في سقطرى على الولايات المتحدة.. والحوثيون يدرسون مهاجمتها السياسة الأمريكية تجاه الحوثي عبر الغاراتوفقا لصحيفة وول ستريت جورنال “رفضت الولايات المتحدة الوقوف ضد الحوثيين خلال عقدين ولم تتعامل معهم باعتبارهم مصدر إزعاج. تراجعت واشنطن عندما تدخل السعوديون والإماراتيون في اليمن ضدهم في عام 2015، وحاولت إدارات أوباما وترامب وبايدن إنهاء القتال بأقل جهد بغض النظر عن النتيجة”.
وتواصل الصحيفة أن الإدارات الأمريكية “نظرت إلى الحرب في اليمن باعتبارها كارثة إنسانية وأرضاً خصبة للإرهابيين. ولذلك كان موقف واشنطن هو أن كل ما يهم هو السلام، وليس من الذي ينتصر أو بأي شروط”.
ورغم الهجمات الحوثية البحرية التي ينفذها تحت مزاعم نصرة غزة، فإن رد الولايات المتحدة على تلك الهجمات كانت سلبيا إلى حد كبير وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، تقتصر فقط على التصدي للهجمات الحوثية، ثم تطورت لاحقا إلى ضرب مواقع إطلاق الصواريخ والطيران المسير، وإضعاف القدرات البحرية فقط.
وأكدت سلسلة من تصريحات المسؤولين الأمريكيين بما فيها بايدن ووزارة الخارجية والبنتاغون أن الولايات المتحدة ليست في حرب ضد الحوثيين، وأنها لا تنوي الحرب ضدهم، وإنما تقوم بسلسلة من الهجمات “دفاعا عن النفس” ولتأمين الملاحة وحريتها في باب المندب والبحر الأحمر. الخطير في الموقف الأمريكي رغم الهجمات الحوثية والغارات الأمريكية أنها ما زالت تتعامل مع الهجمات الحوثية على أنها ليست أكثر من مجرد نتيجة ثانوية مؤسفة للحروب في غزة.
هل تأثرت سفن المساعدات الأممية بهجمات الحوثي في البحر الأحمر؟أدت هذه السياسة الأمريكية “التكتيكية الخاطئة” وفق وول ستريت جورنال، بما فيها تصنيفهم بشكل فاضح تحت قائمة “الإرهابيون العالميون” وليس المنظمات الإرهابية الأجنبية، مع منحهم مهلة شهر قبل دخول القرار حيز التنفيذ، والتعهد برفعه إن توقفت الهجمات الحوثية البحرية، إلى إرسال رسالة واضحة للحوثي: أنت في مأمن من أي رد كبير على تلك الهجمات مادامت لم تتطور عن مستواها الحالي. لكن الأخطار مازالت محدقة ذلك أن الخطأ في المجال العسكري لا يمكن ضمان عدم وقوعه، وتشير التصريحات الأمريكية التي يطلقها المسؤولون بأن الولايات المتحدة ليست في حرب ضد الحوثي، ولا تنوي الدخول في حرب ضدهم، والمفاوضات التي تجريها مع كل من سلطنة عمان وإيران بشأن الهجمات البحرية تقوم على نفس المضمون. رغم بدء الولايات المتحدة عملية عسكرية جوية تستهدف “القدرات البحرية الحوثية المرتبطة بإيران” وفق تقرير لرويترز نشرته قبل أيام. لكن ينبغي اللفت إلى أن السباق الانتخابي الأمريكي قد يعمل على تغيير السياسة الأمريكية الخارجية تجاه الحوثي والجماعات المسلحة التابعة لإيران. ويشترط إبراهيم جلال الباحث اليمني في مركز ديل كارينغي ضرورة تغيير السياسة الأمريكية تجاه الحوثي والبحر الأحمر، وعدم ربطها بغزة، بل من منظور معالجة جذور الأزمة اليمنية، ومراجعة سياساتها وفقًا لذلك. وإلّا، فسيُمنى النهج الأميركي الراهن بانتكاسات متكرّرة على الأرجح.
الهجمات البحرية الحوثية
شن الحوثيون منذ نوفمبر الماضي ما يقارب 40 هجوما بحريا بالصواريخ الباليستية والبحرية والطيران المسير وفق إحصاءات أمريكية، أدت إحداها إلى نشوب حريق في ناقلة نفط في خليج عدن في يناير الماضي، كما خطف سفينة شحن تعود ملكيتها جزئيا إلى رجل أعمال إسرائيلي في نوفمبر الماضي قبالة سواحل الحديدة. وزعم توسيع أهدافه لاستهداف السفن البريطانية والأمريكية بالإضافة إلى السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى إسرائيل.
ورغم المزاعم الحوثية وتصريحاتهم العلنية عن توسيع الأهداف الحوثية، تقول الباحثة ميساء شجاع الدين في مقال لها نشره موقع المجلة أن الخطاب الحوثي بدأ يتراجع قليلا كما ورد في خطاب عبدالملك الحوثي الأخير أن هجماته مرتبطة بإدخال المساعدات إلى غزة وليس بوقف الحرب، وتقول ميساء شجاع الدين في مقالها: لذا بعيدا عن التصعيد الكلامي لبعض عناصرهم ومنطق الرد على الضربات الجوية بالمزيد من الهجمات على السفن، هناك إشارة متكررة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بخفض سقف مطالبهم لدخول المساعدات فقط لغزه وليس وقف الحرب في محاولة لإيجاد مخرج لحفظ ماء الوجه، أمام التحركات الأمريكية التي يبدو أنها تتجه للتعاظم، وبحث خيارات أخرى لمواجهة الحوثي بجانب الغارات الأمريكية. هذا النهج من الهجمات البحرية يعتمد على تنسيق وثيق مع “محور مقاومة إيران” وفق مقابلة لرئيس حكومة تصريف الأعمال الحوثية في نوفمبر الماضي، وتعتمد الاستراتيجية الحوثية كما الإيرانية على عدم الدخول في حرب شاملة ضد إيران، أو حتى ضد حزب الله، وهي السياسة التي التقطتها وول ستريت جورنال مؤخرا لتقول إن إيران تخلت عن حماس، لأن محورها لم يقم إلا للدفاع إيران وليس عن حماس.
بعد 9 سنوات من التوقف.. الحراك الشعبي يدفع بعودة وشيكة لخدمة الكهرباء الحكومية في تعز (تقرير خاص) التوظيف الحوثي للهجماتمع أن الهجمات الحوثية يدعي الحوثي أنها موجهة ضد الصهاينة ونصرة لغزة، لكنها تحقق عددا من الأهداف متعددة المستويات تتجاوز كلها غزة، انطلاقا من قناعته الراسخة أن الولايات المتحدة لن تقف ضده إن حاول السيطرة على اليمن مرة أخرى، وفق فهمه الواسع ومن خلفه إيران للسياسة الأمريكية. لأول مرة تصرح إيران عبر وزير دفاعها في ديسمبر الماضي بأن منطقة البحر الأحمر تحت سيطرتها ولا يمكن للآخرين المناورة فيها، وقال الخامنئي المرشد الإيراني الأعلى إن تغييرات جيواستراتيجية حدثت فعلا في المنطقة لصالح محوره.
إقليميا؛ حقق الحوثي سلسلة من الهدف، على الأقل في المرحلة الحالية، تصب كلها في صالحه خصوصا أمام السعودية، إذ اعتقد أنه صار يملك قدرة على أن يكون طرفا إقليميا مؤثرا، في المنطقة، له نفوذ يريد ممارسته، وقد اقترح خليل العمري وهو صحفي حوثي ويعمل مراسلا لقناة المنار أن تتجاوز المفاوضات بينه وبين الحوثي موانئ الحديدة ومطار صنعاء، مقابل الهدنة وبنود السلام اليمنية، وتنتقل إلى مرحلة موانئ الحديدة مقابل موانئ جدة، والعكس بالعكس. وشجع الحوثي على ذلك الموقف السعودي القلق من التوترات في منطقة جنوب البحر الأحمر، وعدم المشاركة في تحالف الازدهار الذي تقوده أمريكا لتأمين الملاحة هناك، وربما يحصل على مزيد من التنازلات السعودية في المفاوضات بينهما بشأن اليمن.
وسط فوضى البحر الأحمر.. الحوثيون يصعدون هجماتهم على مأرب على المستوى المحليزعم عبدالملك الحوثي في آخر خطاب له قبل أيام أن مليشياته جندت أكثر من 160 ألف عنصر جديد منذ طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي. وبغض النظر عن صحة هذا الرقم، كانت مليشيا الحوثي قد فقدت الكثير من قدرتها على التجنيد، على الأقل في وسائل إعلامها منذ بداية الهدنة في أبريل2022. وتقول الباحثة اليمنية ندوى الدوسري في تغريدة لها على تويتر: تلعب الضربات الجوية الأمريكية دورًا في مصلحة الحوثي، مما يؤكد صحة روايتهم بأنهم كانوا في حالة حرب مع أمريكا”.
من طوفان الأقصى إلى الجهاد المقدس والفتح الموعود:التجلي الأبرز للتوظيف الحوثي لمشاركته البحرية والغارات الأمريكية على بعض مواقعه، كانت في إعلانه عن معركته الخاصة بعيدا عن طوفان الأقصى وإن كانت مرتبطة به وفق إعلامه، تحت مسمى الفتح الموعود والجهاد المقدس.
يشير مفهوم الفتح الموعود إلى انتصارات قريبة التحقق بالسيطرة على مناطق جديدة وواسعة وفق تصريح للقيادي الحوثي ورجل مالها النافذ علي ناصر قرشة في منشور له على صفحته بمنصة إكس. أما الجهاد المقدس، فهو مقارب لاسم الدفاع المقدس التي أطلقته إيران على حربها ضد العراق في ثمانينيات القرن الماضي، لكنه يشير أيضا إلى معركة هجومية تستعد لها المليشيا الحوثية ولكن بمسمى دفاعي وفق ما نشرته صحيفة شرق الإيرانية قبل أيام.
وبالفعل؛ منذ طوفان الأقصى عملت المليشيا على إرسال الآلاف من جنودها وعناصرها عبر فترات متفرقة منذ بداية عملياتها البحرية إلى عدد من الجبهات أهمها جبهات مدينة مأرب الغربية من نهم، والشمالية الغربية عبر محافظة الجوف، والجنوبية انطلاقا من محافظة البيضاء التي انتقل منها قوات احتياط الحماية الرئاسية الحوثية بالآلاف مع عربات مدرعة وأعيد تمويهها لتناسب السلسلة الجبلية لأقصى منطقة سيطرة حوثية وصلت إليها في جبال البلق الأسبوع الماضي. كما أرسلت مليشيا الحوثي سلسلة من التعزيزات العسكرية إلى محافظة تعز، وشنت فعلا هجمات مركزة وحاولت من خلالها اختراق الخطوط الدفاعية للحكومة في تعز خاصة عبر الجبهة الغربية، وقد وقعت محاولتان للسيطرة على جبل هان ومنفذ الضباب بين مدينة تعز والتربة المنفذ الوحيد للمدينة خارج الحصار الحوثي، أواخر ديسمبر الماضي، ثم كررت محاولة أخرى لإسقاط الجبهة الغربية أواخر يناير الماضي عبر تسلل مجاميع منها للسيطرة على معسكر الدفاع الجوي غربي مدينة تعز.
ويزعم الحوثي أن المعركة التي يقودها ضد الولايات المتحدة وفق منشوراته ودعايته صارت مباشرة، وأن الجبهات المناوئة له منذ عقدين إنما هي جبهات عملاء الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي. وأجرى الحوثي سلسلة من المناورات العسكرية يفترض فيها أن القوات الحكومية في عدة جبهات خاصة مأرب عبارة عن مستوطنات إسرائيلية، وأدى التركيز الإعلامي العربي على غزة وأي فعل من أجلها، إلى مشاهدات واسعة على تلك المناورات التي يشير فيها علنا إلى أن القوات الحكومية بمختلف تشكيلاتها إنما هي قوات احتلال إسرائيلية أو عميلة لها.
تحليل: واشنطن تخاطر “بحرب طويلة” في منطقة الشرق الأوسط فسحة للتنصل من الاستجابة لمطالب الشارعتعهد عبدالملك الحوثي قبل اندلاع طوفان الأقصى بأسبوعين فقط بإجراء تغييرات واسعة في حكومته، لأسباب من ضمنها استجابة لمطالب الشارع، وهو أول مرة يرد في السردية الحوثية منذ نشوئها على أنها استجابة لمطالب شعبية. ومع أن التوقعات والمصادر كانت تشير إلى أنه يسعى لتغيير شكل النظام الجمهوري ومؤسسات الدولة، لكنه لأسباب عدة أهمها تظاهرات واسعة بمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر في صنعاء ومعظم المحافظات اليمنية، تراجع عنها، إلى التعهد بإجراء تغيير في الحكومة فقط كمرحلة أولى دون المساس ببنية النظام، إلا أن اندلاع معركة طوفان الأقصى، وغيرها دفعه إلى تجاهل كلي للتغييرات الجذرية، وخف صوت الرأي العام في مناطق سيطرته من الضغوط المطالبة بالتغيير. كان التعهد بإجراء التغيير الجذري مع بدء تحرك شعبي واسع وعابر للمحافظات في مناطق سيطرته ينتقد صراحة وعلنا فشل حكومة الحوثي في معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، خاصة ملف المرتبات.
وتقول الدوسري: الضربات الأمريكية الآن يستغلها الحوثي بما يمكنهم التهرب من مسؤوليات الحكم وإجبار المزيد من الناس على المساهمة في “جهودهم الحربية”.
هل يستخدم الحوثيون فوضى البحر الأحمر غطاء لمهاجمة مأرب؟ اعتقالات وتعذيب حتى الموتبرز الشيخ أبوزيد الكميم رئيس نادي المعلمين في اليمن منذ أواخر يونيو من السنة الماضية كأحد أهم الشخصيات التي تقود حراكا اجتماعيا يطالب بالمرتبات، باعتبار المعلمين هم الشريحة الأكبر توظيفا، ويبلغ عددهم في مناطق سيطرة الحوثي قرابة 150 ألف معلم وإداري وتربوي وموجه، وامتنع الحوثي عن المساس به مباشرة، لكن جهاز المخابرات الحوثية اعتقله وخطفه من منزله بعد اقتحامه بالرصاص صبيحة الثامن من أكتوبر أي بعد أقل من 24 ساعة على اندلاع طوفان الأقصى. كان تقرير حوثي مسرب نشر يمن مونيتور مقتطفات منه يفترض أن نادي المعلمين وحراك الموظفين أحد ثلاثة مصادر خطيرة تهدد بقاء الحكم الحوثي وفق الموقع.
لاحقا اعتقل الحوثيون سلسلة من الشخصيات من بينهم موظفون أمميون، وفق بيان لمنسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن. كما اعتقل عددا من المنتقدين لحكومته مثل عبدالوهاب قطران عضو الجمعية العامة لنادي قضاة اليمن.
إجراءات القمع الحوثية اشتدت لتصل إلى إعدام ما لا يقل عن سبعة أشخاص تحت التعذيب في منذ أكتوبر الماضي بينهم استشاريا طبيا الأسبوع الماضي.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية
الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...
ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...
عملية عسكري او سياسية اتمنى مراجعة النص الاول...
انا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...
ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الغارات الأمریکیة السیاسة الأمریکیة الولایات المتحدة وول ستریت جورنال الهجمات الحوثیة عن طوفان الأقصى الفتح الموعود جماعة الحوثی الحوثی فی فی الیمن سلسلة من حرب ضد فی حرب
إقرأ أيضاً:
الحوثي كذراع إيران النووية.. شراكة المصير وسط تصعيد يهز الشرق الأوسط-تقرير خاص
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من محمد عبدالله
يشير التصعيد الأخير في الشرق الأوسط إلى تحول خطير في ميزان القوى، حيث أصبحت جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، طرفًا فاعلًا رئيسيًا في المواجهة المتصاعدة مع إسرائيل. يتزامن هذا التصعيد مع إعلان نتنياهو عن سعي إيران لتزويد الحوثيين بتقنيات نووية، مما ينذر بتوسيع نطاق الصراع ليشمل أبعادًا نووية.
وفي تصعيد إقليمي غير مسبوق، نفذت جماعة الحوثي هجومًا صاروخيًا استهدف مواقع داخل إسرائيل فجر الأحد، بالتزامن مع هجوم إيراني واسع على تل أبيب. هذا التنسيق العسكري المباشر يؤشر إلى دور الحوثيين كذراع إيرانية رئيسية.
أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الهجوم كان “مركبًا” وشمل إطلاق صواريخ من إيران واليمن، بالإضافة إلى أسراب من المسيّرات استهدفت منطقة تل أبيب الكبرى، واصفة الضربات بأنها “منسقة ومتعددة الجبهات”. من جانبه، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، أن قواته استهدفت “أهدافًا حساسة” في مدينة يافا (تل أبيب) المحتلة، وهو ما يعد أول إعلان صريح عن تنسيق عملياتي مباشر مع طهران.
جاء ذلك بعد خطاب لزعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، أكد فيه دعم جماعته الكامل لإيران، مشيرًا إلى أن الحرب ضد إسرائيل باتت “مفتوحة ومستمرة”.
يكشف هذا الموقف الحوثي عن تحول استراتيجي لافت، يعكس انخراطًا متزايدًا في محور المقاومة بقيادة إيران، مما قد يعيد رسم خارطة التحالفات الإقليمية ويفتح الباب أمام تصعيد مفتوح يعيد صياغة المعادلات الجيوسياسية والعسكرية في المنطقة.
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إيران كانت تستعد لإرسال أسلحة نووية إلى الحوثيين. جاء هذا التصريح بعد ساعات من ضربة جوية إسرائيلية على العاصمة اليمنية صنعاء، استهدفت اجتماعًا لقيادات رفيعة في جماعة الحوثي، بينهم رئيس هيئة الأركان محمد عبد الكريم الغماري. هذه الضربة، التي سبقت هجوم الحوثيين المنسق مع إيران، تشير إلى نية إسرائيلية في ضرب بنية “محور المقاومة” من الداخل.
كشف نتنياهو في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية أن الاستخبارات الإسرائيلية رصدت محاولات إيرانية لنقل أسلحة نووية أو تقنيات مرتبطة بها إلى جماعة الحوثي في اليمن. أكد نتنياهو أن هذه الخطوة كانت من أبرز دوافع الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، معتبرًا أن “إسرائيل لن تسمح بخلق تهديد نووي متقدم في خاصرتها الجنوبية”، في إشارة واضحة إلى اليمن.
هذا التصريح، الذي جاء في توقيت حساس، ينذر باتساع دائرة المواجهة لتشمل البعد النووي للمشروع الإيراني، والذي لم يعد، وفق الرواية الإسرائيلية، محصورًا داخل الأراضي الإيرانية، بل بات في طريقه للتوزع عبر أذرع طهران، وعلى رأسها جماعة الحوثي. هذا الإعلان يضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع محور طهران – صنعاء، ويعزز ما يراه مراقبون تحولًا نوعيًا في دور الحوثيين، الذين لم تعد مشاركتهم تقتصر على إرسال المسيّرات والصواريخ، بل باتوا يشكلون جزءًا من استراتيجية الردع الإيرانية النووية متعددة الأبعاد.
يرى محللون أن حديث نتنياهو لا يخلو من أبعاد سياسية تهدف إلى إعادة تعبئة الرأي العام الدولي تجاه خطورة البرنامج النووي الإيراني، ولكن هذه المرة من بوابة الحوثيين في اليمن. قد يستخدم الحديث عن نقل تقنيات نووية إلى جماعة مصنفة دوليًا كمنظمة إرهابية، كمبرر لتوسيع العمليات الإسرائيلية إقليميًا، وكسلاح دبلوماسي لإعادة الزخم إلى ملف الضغط على إيران في المحافل الدولية.
يرى الباحث والأكاديمي عمر عبد الجليل أن تزامن هجمات الحوثيين مع الضربة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل ليس مجرد تضامن لحظي أو استعراض عسكري، بل يندرج ضمن خطة استراتيجية أوسع تحركها طهران لمواجهة التصعيد الإسرائيلي وتعويض خسائرها السياسية والعسكرية عبر أذرعها في المنطقة. يوضح عبد الجليل أن العلاقة بين إيران والحوثي عضوية، حيث تسارع الجماعة للانخراط في المواجهة كلما تعرضت طهران لهزات، ليس فقط لحماية إيران كحليف استراتيجي، وإنما لحماية نفسها أيضًا.
يضيف عبد الجليل لـ”يمن مونيتور” أن جماعة الحوثي هي الورقة الإيرانية الأكثر قدرة على التحرك والمناورة، بخلاف أذرع أخرى في المنطقة. لذلك، من المتوقع أن نشهد تصعيدًا واسعًا من الحوثيين على أكثر من محور: استهداف العمق الإسرائيلي، وضرب الملاحة في مضيق باب المندب، بينما تتولى إيران الضغط من جهة مضيق هرمز. غير أن عبد الجليل حذر من أن هذه الخطوات “محفوفة بالمخاطر”؛ إذ أن الهجمات على الملاحة الدولية قد تستفز رد فعل دولي جماعي، خاصة مع تصاعد الضغوط الداخلية ضد الحوثيين من قبل قوى يمنية محلية.
تحولات جوهرية في توازن القوى بالشرق الأوسط
مع دخول جماعة الحوثي رسميًا على خط المواجهة، انتقلت الأزمة من كونها نزاعًا محصورًا بين طهران وتل أبيب إلى صراع إقليمي متعدد الأذرع والجبهات. شكلت الضربة الإسرائيلية الأخيرة لإيران، وما تبعها من ردود عسكرية من اليمن، منعطفًا حاسمًا ينذر بتصعيد مفتوح يهدد بتغيير ملامح الشرق الأوسط لعقود قادمة.
يرى المحلل السياسي فهد راجح لـ”يمن مونيتور” أن الهجوم الإسرائيلي على إيران ليس مجرد رد فعل عسكري، بل اختبار استراتيجي لمدى قدرة طهران على حماية بنيتها الأمنية والاستخباراتية. كشفت الضربة عن عمق الاختراق الإسرائيلي داخل مفاصل النظام الإيراني، مما دفع إيران إلى تفعيل أذرعها الإقليمية، خاصة الحوثيين، كجزء من استراتيجية الرد غير المباشر.
يحذر راجح من أن طهران تقف على حافة مفترق خطير، فالعجز عن استعادة زمام المبادرة أو إثبات القدرة على الردع قد يؤدي إلى تصدعات داخلية. اللافت في المشهد، بحسب راجح، هو أن جماعة الحوثي تبدو حتى الآن الطرف الوحيد في محور طهران الذي صمد أمام الضربات الإسرائيلية، مما يعزز مكانة الحوثيين داخل المحور الإيراني كقوة عسكرية يُعتمد عليها.
يشير راجح إلى أن “المشهد الإقليمي يتجه نحو توسع في رقعة المواجهة وتحول في قواعد الاشتباك، خاصة بعد أن خرجت المعركة من بعدها الثنائي بين إسرائيل وإيران، إلى حرب مفتوحة متعددة الجبهات قد يصعب احتواؤها، وقد ترسم فيها حدود سياسية جديدة بقوة النار”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةأنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...
نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...
قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...
المتحاربة عفوًا...