euronews:
2025-12-14@20:03:32 GMT

سلطة في الظل.. هل حلّ "الشيخ" مكان الدولة في سوريا؟

تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT

سلطة في الظل.. هل حلّ 'الشيخ' مكان الدولة في سوريا؟

في سوريا الجديدة، حيث رُفعت شعارات “التحرير” و”عودة القانون”، "وعقلية الدولة" تتكشف على الأرض وقائع صادمة تُفرغ تلك الشعارات من مضمونها. حوادث متفرقة، ترسم ملامح واقع أمني متشظٍ، تحكمه شخصية واحدة لا يحمل صاحبها صفة رسمية، لكنها تتكرر في كل قصة: "الشيخ". اعلان

في أعقاب التفجير الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، برزت ملاحظات لافتة على هامش الحدث، تعكس قلقًا متزايدًا من طبيعة السلطة الفعلية على الأرض.

 ففي تصريح علني أمام أحد المسؤولين، قال الأسقف رومانوس حنات، الوكيل البطريركي في الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية: "المسؤول عني الشيخ فلان والشيخ علان"، قبل أن يضيف مستنكرًا: "ما في شي اسمه شيخ... في دولة، وإلا يروح كل واحد يفتح دكانتو لحالو".

تصريح رجل الدين هذا لم يكن مجرد احتجاج عابر، بل تعبيرا صريحا عن شعور متزايد لدى شرائح مختلفة من المجتمع السوري بأن ما يُفترض أنه جهاز دولة بات يُدار من خلف ستار، وبأدوات غير رسمية.

صورة من صحفي تتحول إلى محكمة ميدانية

الصحفي السوري أمجد الساري، وفي منشور مؤلم على حسابه في فيسبوك، روى قبل حوالي أسبوع عن حادثة وصفها بأنها "أسوأ موقف تعرض له في بلده منذ التحرير". بدأت القصة بصورة عادية التقطها لواجهة السفارة الإيرانية في حي المزة الدمشقي، لكنها لم تنتهِ إلا باتهامات بالخيانة والعمالة، وتهديد صريح.

يقول أمجد سألني العنصر: "صورت؟ قلت نعم. طلب هاتفي فرفضت، فصرخ ساخرًا: مفكر حالك بلاس فيغاس؟ قلت له: وليش لا؟ ما منستحق قانون متلهم؟"، هكذا بدأت القصة.

 بعد دقائق، وبتسلسل يشبه سيناريوهات الاستدعاء الأمني في أفلام قديمة، حضرت دراجة نارية يستقلها عنصران، أحدهما عرّف عن نفسه بأنه مسؤول في الأمن الدبلوماسي. طلب الهوية، ثم قال: "تعاون معنا لنساعدك!"، فكان الجواب الصادم من الصحفي: "أنا متهم؟ على شو؟ صورة؟"

 عندها، أُطلقت التهمة: "أنت ممكن تكون عميل للموساد الإسرائيلي".

 ضحك الصحفي من هول المفاجأة، قبل أن يسمع العبارة التي اختزلت عقلية من يتولون السلطة على الأرض: "أنا بنظري كل الناس مجرمون حتى يثبتوا العكس."

وبعد جدال طويل يقول أمجد إنه استجاب لطلب عنصر الأمن وقام بحذف الصورة، لكن التحقيق استمر وزادت الضغوط، وكررت العناصر تهديدها بـ”الشيخ” أو "الأمير"، ويضيف العنصر: "لهلأ نحنا متعاونين معك، بس إذا أجا الشيخ... ما بتعرف شو بصير فيك."

في حلب: عاد بعد 11 عاماً فاستقبلوه بالضرب والسلاح

 في مدينة حلب، لم تختلف الصورة كثيرًا. فخليل العموري، شاب مغترب أمضى أكثر من 11 عامًا خارج البلاد بسبب ملاحقات أمنية، قرر العودة إلى مدينته بعد ما ظنه "سقوط النظام" القمعي واستقرار الأحوال. لكنه لم يكن يعلم أن ما ينتظره في سوريا اليوم قد يكون أشد من ما فرّ منه.

 في آخر يوم له في حلب، وبينما كان يهم بتوديع عائلته، توقف بسيارته في أحد شوارع المدينة. دخل في نقاش بسيط مع أحد الأشخاص حول موقف للسيارات، لكن سرعان ما تدخل شخص يُعرف في المنطقة باسم "الشيخ" وطالبه بإزاحة سيارته. وعندما رفض، بدأ الاعتداء اللفظي، ثم جاء التهديد: "بدّي أدقك" بالتعبير الدارج.

Related تحمل اسم "باقري".. العثور على حطام مُسيّرة إيرانية في جنوب سورياسوريا: تفجير انتحاري يودي بحياة 23 شخصًا على الأقل في كنيسة وسط دمشقسوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظام

وبعد لحظات، انقض عليه عدد من الأشخاص ممن قيل إنهم يتبعون للأمن العام، وقاموا بضربه بوحشية أمام أخيه، وصوّب أحدهم فوهة سلاحه إلى رأسه وهو يصرخ: "راح أقوّصك".

 يقول خليل في منشور على "فيس بوك" مرفق بصورة لكتفه وتبدو عليه آثار الضرب: "كلما رفعت رأسي لأتحدث، كانت الضربة جاهزة. شتائم، إهانات، وصفونا بالشبيحة والخنازير، وضعونا في أرضية السيارة كأننا أسرى حرب."

نُقل خليل وأخوه إلى مخفر قرب جامع الحسن، بتهمة النيل من هيبة الدولة، حيث استُكمل الضرب والإهانات، وصُوّروا كمجرمين، ثم أُدخلوا إلى غرفة موقوفين دون أي تهمة رسمية. وعندما طالب خليل بعرضه على قاضٍ أو جهة قضائية محايدة، جاءه الجواب من أحد العناصر بعبارة تلخص الذهنية السائدة: "هاد الشعب ما بيفهم غير بالدعس."

 رغم أن أحد المعتدين كان من معارف والده، لم يُقدّم أي اعتذار، بل قال له لاحقًا: "عمك ضربك، وشو بدك بعد؟".

حي القصاع: "التحقيق بعد التستر" في اللباس

 المشهد في حي القصاع، الدمشقي لم يكن مغايراً أبداً للقصص السابقة، قد يختلف السيناريو، لكن البطل واحد "شخصية الشيخ".

بدأت القصة بدخول عصابة مسلحة إلى منزل عائلة من أهالي الحي بقصد السرقة في وضح النهار، ليتم بعدها تبليغ الجهات الأمنية التي حضرت على الفور يتقدمها الشيخ بذاته، وقبل البدء بالتحقيقات طلب من سكان المنزل طلباً غريبا تمثل في ضرورة احتشام السيدة التي بالبيت حتى يتسنى له بدء التحقيق، قائلاً.. "إذا بدنا نبلّش بالتحقيق، لازم الست تتستر أول!".

يروي الشاب ثائر في حديثه ليورونيوز أنه فوجئ قبل أيام باقتحام ثلاثة عناصر من الأمن العام منزله في إحدى ضواحي دمشق، بحجة أن المنزل "يعود لضابط سابق في نظام بشار الأسد"، وبعد سلسلة من الأسئلة الاستجوابية، كان أحدها السؤال عن طائفته ووظيفته. أحضر ثائر عقد الإيجار، ليتبيّن للعناصر أنه مستأجر للمنزل من امرأة مدنية، وليس من أي جهة عسكرية. ومع ذلك، لم تُغلق القضية، بل طُلب منه الحضور في اليوم التالي لمقابلة شخصية تُدعى "الشيخ".

يتابع ثائر في حديثه أنه انتظر نحو ساعتين حتى وصل "الشيخ"، ليتفاجأ بحضوره المهيمن وسلطته المطلقة على عناصر الأمن العام، وكأنه الآمر الناهي في المنطقة. لم يطلب فتح تحقيق، ولم يناقش التفاصيل، بل اكتفى بقول واحد: "اترك عقد الإيجار الأصلي عندي، واحتفظ بصورة فقط."

ويختتم حديثه: " بصراحة استغربت السلطة المطلقة لهذا الرجل وتحكمه بأدق تفاصيل الحياة المدنية خارج أي غطاء قانوني أو مؤسساتي".

هذه القصص وغيرها تكشف عن معادلة باتت مألوفة لدى السوريين في الآونة الأخيرة: القانون لا يُطبق إلا في حالات معينة، الهوية الأمنية لا تُظهر، المساءلة غير موجودة.

والسلطة الفعلية تُمارس باسم شخص مجهول يُدعى "الشيخ"، يوجد نسخة منه في جميع مؤسسات الدولة المدنية منها والعسكرية، لا أحد يعرف من هو، ولا ماهي رُتبته، ومن أين يأتي بسلطته.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران إسرائيل دونالد ترامب البرنامج الايراني النووي حروب النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران إسرائيل دونالد ترامب البرنامج الايراني النووي حروب اختراق القانون سوريا اعتقال أحمد الشرع النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران إسرائيل دونالد ترامب البرنامج الايراني النووي حروب سوريا غزة وقف إطلاق النار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أحمد الشرع علي خامنئي

إقرأ أيضاً:

سوريا: خارجون عن القانون يستهدفون الأمن في ريف السويداء

أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، اليوم، بأن مجموعات خارجة عن القانون استهدفت نقاطاً تابعة للأمن الداخلي في ريف محافظة السويداء، في تصعيد أمني جديد تشهده المنطقة.

وذكرت الوكالة أن هذه المجموعات استخدمت طائرات مسيّرة خلال تنفيذ هجماتها، دون أن تورد تفاصيل إضافية حول حجم الأضرار أو وقوع إصابات، مشيرة إلى أن الجهات المختصة تتابع التطورات الميدانية.

قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية إن الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة يشكّل الطريق الوحيد لتحقيق السلام والأمن للجميع في المنطقة.

اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

وطالب المتحدث الإدارة الأمريكية بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية إذا كانت جادة في السعي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مؤكداً أن جميع أشكال الاستيطان الإسرائيلي غير شرعية وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشدداً على أهمية ضمان التوصل إلى حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.

وفي سياق آخر، أعرب غوتيريش عن تقديره لالتزام الحكومة العراقية بالمضي قدماً في تنفيذ خطط التنمية، مؤكداً دعم الأمم المتحدة للجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" من مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال غزة.

ويأتي ذلك تزامناً مع المنخفض الجوي الذي تؤكد مؤسسات غزة أن القطاع غير مستعد لتداعياته. 

وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، اليوم السبت، إن إسرائيل ما زالت تمنعنا من إيصال المساعدات مباشرة إلى قطاع غزة.

وأضافت: "لدينا مخزون من مستلزمات الإيواء يكفي 1.3 مليون شخص بقطاع غزة".

وأكد مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن أكثر من مليون ونصف المليون نازح يقيمون حاليًا في مراكز إيواء داخل القطاع، في ظل وضع إنساني وصفه بالكارثي في جميع المناطق.

وأشار إلى تعطل خطوط نقل المياه في عدد من مراكز الإيواء المؤقتة، ما يزيد من المخاطر الصحية والإنسانية التي تواجه النازحين، خصوصًا مع استمرار تداعيات المنخفض الجوي ونقص الخدمات الأساسية

وأعلن مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع تسبّب بكارثة إنسانية واسعة، أدّت إلى تضرر نحو مليون نازح في مختلف المناطق.

وأوضح المكتب أن المنخفض أسفر عن انهيار 13 منزلاً، وغرق نحو 27 ألف خيمة، إضافة إلى تعطل عشرات النقاط الطبية المؤقتة، ما فاقم معاناة السكان في ظل أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة.

وأصيب شاب، مساء أمس الجمعة، خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية شقبا غرب رام الله.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” إن قوات الاحتلال داهمت القرية بعدة آليات عسكرية واقتحمت عدداً من المحال التجارية، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع المواطنين.

مقالات مشابهة

  • هويدي: اقتصاد الظل يقف عائقًا أمام الدفع الإلكتروني
  • سوريا.. توقيف 11 عنصراً من الأمن العام بعد هجوم تدمر
  • سوريا.. القبض على 11 عنصرا من الأمن العام بعد هجوم تدمر
  • أول تعليق لترامب على هجوم سوريا.. ماذا قال عن الشرع؟
  • أول تعليق من ترامب على هجوم سوريا.. ماذا قال عن الشرع؟
  • هجوم سوريا.. 6 أسئلة لفهم ما حدث
  • سوريا: منفذ هجوم تدمر كان عضواً في الأمن ولم يثبت ارتباطه بداعش
  • سوريا: إصابة جنود أمريكيين في هجوم بحمص
  • سوريا: خارجون عن القانون يستهدفون الأمن في ريف السويداء
  • نديم الجميّل: حصر السلاح وبسط سلطة الدولة شرط لمستقبل لبنان وازدهاره