شهدت الموانئ الصينية مؤخرا أعلى مستوى نشاط لها على الإطلاق، مدفوعة بتسابق المصدرين لتوصيل البضائع إلى أميركا بأسرع وقت ممكن قبل فرض الرسوم الجمركية مطلع الشهر المقبل.

أعلنت وزارة النقل اليوم الثلاثاء أن حوالي 6.7 ملايين حاوية قياسية شُحنت محليا ودوليا الأسبوع الماضي، وجاءت هذه الزيادة التي بلغت حوالي 6% في حركة النقل مقارنة بالأسبوع السابق بعد هدنة تجارية تم الاتفاق عليها مع واشنطن في وقت سابق من يونيو/حزيران.

وفي مايو/أيار، شهدت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة أكبر انخفاض لها منذ الأيام الأولى لجائحة (كوفيد-19).

وقد يكون هذا الارتفاع في نشاط الموانئ مدفوعا بجهود المصدرين الصينيين لتوصيل البضائع إلى جنوب شرق آسيا، ثم إلى الولايات المتحدة قبل انتهاء الموعد النهائي للرسوم الجمركية على تلك الدول في أوائل يوليو/تموز، فضلا عن سعي الشركات الصينية إلى الشحن مباشرة إلى الولايات المتحدة بعد أن منحها اتفاق تم التوصل إليه في 12 مايو/أيار مهلة 90 يوما قبل انتهاء المفاوضات في منتصف أغسطس/آب.

ويبدو أن شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران سيكونان من الأشهر الأقوى للتجارة من آسيا إلى الولايات المتحدة، وارتفعت صادرات كوريا الجنوبية إلى البلاد في أول 20 يوما من يونيو/ حزيران مقارنة بالعام السابق، بعد أن قفزت إلى ما يقرب من مستوى قياسي في مايو/أيار، بينما أبلغت فيتنام وتايوان وتايلند عن شحنات قياسية إلى أكبر اقتصاد في العالم الشهر الماضي.

النقل غير البحري

وظل عدد الرحلات الجوية الدولية مرتفعا على الرغم من إنهاء الولايات المتحدة الإعفاء الجمركي للطرود الصغيرة من الصين، والذي كان أحد المحركات الرئيسية للشحن الدولي، وفقا للبيانات الصينية.

وينمو الطلب من المستهلكين في الدول الأخرى على هذه الطرود الصغيرة بسرعة، مما يعوّض عن انخفاض المشتريات الأميركية في مايو/أيار.

إعلان

وارتفعت شحنات السكك الحديدية المحلية الصينية الأسبوع الماضي إلى مستوى قياسي لهذه الفترة من العام، بينما وصلت رحلات الشحن الجوي المحلية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق الأسبوع الماضي.

وأبحرت أكثر من 2100 رحلة من هذا القبيل في الأسبوع المنتهي يوم الأحد، مما رفع إجمالي رحلات الشحن إلى ثاني أعلى أسبوع على الإطلاق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إلى الولایات المتحدة مایو أیار

إقرأ أيضاً:

أميركا أولًا… لا الديمقراطية

#أميركا أولًا… لا #الديمقراطية: كيف تعيد #استراتيجية_ترامب للأمن القومي #تشكيل_العالم؟

بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي، فجاءت الوثيقة بمثابة بيان سياسي يعكس تحولًا عميقًا في رؤية الولايات المتحدة للعالم ولدورها فيه. ليست هذه مجرد مراجعة تقنية للأولويات الأمنية أو الدفاعية، بل إعلان صريح عن نهاية مرحلة تاريخية في السياسة الأميركية، عنوانها التخلي عن “الليبرالية التبشيرية” التي حكمت السلوك الأميركي منذ نهاية الحرب الباردة، لصالح مقاربة واقعية قوامها المصالح الاقتصادية الضيقة، والأمن الداخلي، وإعادة تعريف العلاقة مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.

تنطلق الاستراتيجية الجديدة من نقد جذري لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، التي ترى أنها أرهقت الولايات المتحدة، واستنزفت مواردها، وأضعفت قاعدتها الصناعية وطبقتها الوسطى، في مقابل حماية حلفاء اعتادوا – وفق الرؤية الأميركية الجديدة – الاتكال على واشنطن في أمنهم وازدهارهم. وعليه، تعيد الوثيقة ترتيب الأولويات، فالأمن الداخلي والحدود في الصدارة، يليه نصف الكرة الغربي عبر إحياء مبدأ مونرو بصيغته “الترامبية”، ثم الأمن الاقتصادي، وأخيرًا الصين ومنطقة الإندو-باسيفيك.

مقالات ذات صلة عيني على الاردن ..شرق وغرب.. بين الرياضة… والسياسة..! 2025/12/07

اللافت في هذه الاستراتيجية هو الارتفاع غير المسبوق لمكانة الاقتصاد باعتباره جوهر الأمن القومي. فإعادة التصنيع، وتأمين سلاسل الإمداد، وحماية التفوق التكنولوجي الأميركي، باتت تتقدم على أي التزام أيديولوجي بالديمقراطية أو حقوق الإنسان. فالأمن، وفق هذا المنطق، لم يعد مرتبطًا بانتشار القيم الأميركية، بل بقدرة الدولة على حماية مصالحها المادية، حتى لو كان ذلك على حساب صورة أميركا ودورها الأخلاقي في العالم.

ويُعدّ غياب البعد القيمي من أخطر ما في الوثيقة. فعلى عكس الاستراتيجيات السابقة، لا نجد أي حديث عن “صراع الديمقراطية مع الاستبداد”، ولا عن “النظام الدولي القائم على القواعد”، ولا عن نشر الحكم الديمقراطي بوصفه مصلحة أميركية طويلة الأمد. بل تؤكد الوثيقة بوضوح أن السياسة الأميركية الجديدة “ليست مبنية على أيديولوجيات سياسية تقليدية”، وأن واشنطن تسعى إلى علاقات طيبة مع دول تختلف أنظمتها السياسية عنها، من دون فرض تغييرات ديمقراطية أو اجتماعية تتعارض مع تاريخ تلك الدول وثقافاتها. بهذا المعنى، نحن أمام إعلان رسمي بانتهاء عصر الليبرالية الدولية التبشيرية.

هذا التحول له آثار عميقة على وضع الديمقراطية عالميًا. فقد كانت الولايات المتحدة، رغم ازدواجية معاييرها، تشكل مرجعية رمزية وداعمة – ولو جزئيًا – للحريات وحقوق الإنسان. أما اليوم، فإن تخليها الصريح عن هذا الدور يفتح المجال أمام تمدد نماذج الحكم السلطوي، ويمنح الأنظمة غير الديمقراطية شرعية إضافية، في ظل غياب أي ضغط قيمي حقيقي من القوة الأعظم في العالم. وهنا يتقاطع هذا التحول مع ما تشير إليه الأدبيات الحديثة حول “عدوى السلطوية” وتراجع الديمقراطية عالميًا في نظام دولي بات أكثر تعددية وأقل تمركزًا.

أما الصين، فقد أعيد تعريفها في الوثيقة بوصفها منافسًا اقتصاديًا لا عدوًا أيديولوجيًا. لم تعد “التحدي المُحدد للوتيرة”، بل مصدر تهديد لسلاسل الإمداد، ومنافس على الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية. وحتى في ملف تايوان، تتراجع اللغة الحاسمة، ويُلمّح لأول مرة إلى أن التفوق العسكري الأميركي “غير مضمون”، وأن الدفاع عن الجزيرة قد يصبح مستحيلاً إذا لم يتحمل الحلفاء أعباء أكبر. هذا الاعتراف يعكس وعيًا أميركيًا بتغير موازين القوى، وبأن الاقتصاد – لا القيم – هو ساحة الصراع الحقيقية.

غير أن الاستراتيجية تعاني من تناقض بنيوي واضح: كيف يمكن لواشنطن بناء تحالف اقتصادي واسع في مواجهة الصين، بينما تشن في الوقت نفسه حروبًا تجارية على حلفائها، وتطالبهم بزيادة إنفاقهم الدفاعي، وتتعامل معهم بمنطق الصفقة لا الشراكة؟ هذا التناقض يهدد بتآكل الثقة الأميركية، ويدفع الحلفاء إلى التساؤل عن جدوى التضحية بمصالحهم من أجل دولة لم تعد تقدم قيادة أخلاقية، ولا حتى ضمانات اقتصادية مستقرة.

في المحصلة، تكشف استراتيجية ترامب للأمن القومي عن أميركا أكثر انكفاءً، وأقل التزامًا بالقيم التي رفعتها لعقود، وأكثر تركيزًا على ذاتها ومصالحها المباشرة. وهو تحول لا يعني فقط خسارة الولايات المتحدة لرصيدها الرمزي في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل يسرّع أيضًا من تراجع الليبرالية عالميًا، ويدشن مرحلة جديدة في النظام الدولي، عنوانها الواقعية الخشنة، وتعددية بلا قيم، وعالم أقل ديمقراطية وأكثر اضطرابًا.

مقالات مشابهة

  • أميركا تشدد إجراءاتها ضد الإخوان.. ماذا فعلت؟
  • لمواجهة السيطرة الصينية.. أميركا تستثمر في شركة مغربية
  • احتياطي الذهب في المملكة يرتفع إلى مستوى قياسي
  • الفضة قرب مستوى قياسي بفضل صناديق الاستثمار المتداولة
  • ترامب يعلن قرب إصدار قواعد موحدة لتنظيم قطاع الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة
  • عند مستوى 10625 نقطة.. مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا 
  • الاحتياطيات الأجنبية في الأردن تصل إلى مستوى قياسي 24.6 مليار دولار
  • رغم الهدنة التجارية.. صادرات الصين إلى أمريكا تتراجع 29% في نوفمبر
  • أميركا أولًا… لا الديمقراطية
  • العراق ثاني أكبر مصدر للنفط إلى أميركا خلال الأسبوع الماضي