سودانايل:
2025-12-14@09:17:05 GMT

اعلام قصف الوعى بالتفاهة

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

وجدي كامل
عوامل، واسباب، وحقائق شتى تتشابك في صياغة انواع من الخطابات والسلوكيات الاعلامية المؤثرة على الاخلاق. فمنذ انطلاقة عصر تكنولوجيا الاتصال وتطور تبادل الرسائل الالكترونية بين الناس يساهم الانفجار المعلوماتي الهائل في بناء معرفي واسع وعميق بات يغطي تفاصيل التفاصيل ويخلق مفاهيم جديدة عن الحياة في نسخها الاخيرة.

غير إن شعبوية وسائل التواصل بما اتاحته وتتيحه من حرية تعبير في ابداء الآراء والافصاح عن الافكار غدت تشكل مخاطر اخلاقية جمة بما تحمله صناعة المحتوى من رسائل تعمل على تأييد انحراف التفكير ، والقيم، والنظم، والتقاليد التي سادت. فبواسطة بث الافكار السامة التي تتنشط في تجريد الجماعة والافراد من اهم واخص الصفات التاريخية المتعلقة بوجودهم يذهب التطورالزمني بخيبات امل متسلسلة وصاعدة. فادارة وانتاج الوسائل اصبحت تقع باياد تجيد صناعة الرسائل القذرة التي تعمل على قصف الوعى بالمعلومات وبالاخبار الكاذبة، ان لم نقل انها تقصف الوعى بالتفاهة بما تعيد من انتاج التخلف كما انتاج مناطق انخفاض الوعى كمجال خصب لانطلاق عملياتها.
غير ان من اخطر مظاهر التوظيف لثقافة التفاهة هو ما يتم برعاية الحكومات والانظمة السياسية التي تستعين بوسائل التواصل بملكيات مباشرة وغير مباشرة تعمل بالوكالة عبر الناشطين الاجتماعيين ومعلقين سياسيين، و فنانين، وفنانات، وممثلينن ونشطاء للبث المباشر بما يمضون عليه قدما لتخريب الوعى، وخاصة وعى الجماعة بمسؤولياتها والحرص على تجريدها من طاقة اخلاق التضامن الجمعي فتعمل على تفريغ المجتمعات من حمولات الوعى الايجابي المؤثر في التطور وتحوله الى الى الضد والتضاد المواجه. وتقوم عروة وثقى بين نظام التفاهة السياسي والاقتصادي والثقافي بحيث يتم تبادل الادوار والعمل ضمن استراتيجية تفرغ المجتمعات من المسؤلية الجماعية الى المسؤلية الفردية وتربية نزعات الانانية وحب الذات بدلا عن تخليق التضامن الجمعي ودعمه بغايات لاحداث النهضة وتنمية البشر.
وكما يناقش عالم الاجتماع البولندي زيغموند باومان القضية في ظاهرة تبدد فرص الاخلاق في عالم معولم فان طابع السيولة الاخلاقية هو ما يحكم هذا العالم. ويعتقد باومان ان اولى مستهدفات التدمير بواسطة الاعلام هو بناء المسؤلية الجماعية الذي يتحول الى مسؤلية ذاتية غالبا ما تقود الى اغلاق باب التضامن الاجتماعي والاستثمار في الذات حسب مقتضيات السوق الاستهلاكية.
ونتيجة لذيوع هذا النوع من الاستثمار الوعر تتعزز قيم الانانية على حساب قيم التضامن . ويرى زيغمونت ان القصف بالسلع عبر الاعلانات مظهرا من مظاهر تسليع العلاقات حتى بين افراد الاسرة الواحدة. فالافراد وتحت ضغط اغراءات الاعلانات يضطرون الى البحث عن السعادة بقضاء الاوقات الطويلة خارج اسرهم وهجر نظام التعايش لاجل مراكمة المال الذي يمكنهم من شراء وامتلاك المزيد من السلع التي يظنون انها تشكل عملة التعويض الذهبي للسعادة. غير ان باومان وفي ظروف اخرى واوضاع استثنائية تعيشها البشرية في دورة الحروب لا يلقي النظر بعناية لمخاطر المواد الدعائية والدس الخبري والمعلوماتي المكون والراعي لحروب موازية.
هذا ما نعايشه كسودانيين في هذه الحرب التي توظف نظام التفاهة الثقافي لإفساد المزيد من القيم وتدفع بالناس الى المحرقة غير مكتفية بالدفع الفيزيائي لهم عبر التجنيد والاستنفار والقصف بالاسلحة من دانات وبراميل متفجرة وغيره .
ان قصف الوعى بالمعلومات والاخبار الكاذبة والذي يتورط في نشاطاته التخريبية عملاء الطرفين من الإعلاميين الالكترونيين واحترافهم صناعة الشائعة يغدو قصفا اشد ايذاءا وضررا من القصف الفيزيائي الذي يسبب الاعاقة في الاجساد، بينما الاخر يسبب الاعاقة في الاخلاق والعقول ما يصعب معالجته في احدث النظم الصحية العقلية والنفسية.
ان المشهد الذي نحن عليه حاليا من السيولة الاخلاقية لا تقوم ببطولته حفنة من داعمي الحرب (البلابسة) من الاخوان المسلمين والمستنفرين الجهلاء بحقيقة مرامي واهداف الحرب. فالحرب وفي التعريف الباطني لها هى المعركة لاجل السيطرة على الثروات واقصاء السودانيين المدنيين بمسوغات سياسية ووطنية ماكرة من الطرفين. ولكن فان الذين يقومون بدور البطولة المطلقة فيها هم الاعلاميون من بائعي الذمم الذين يتصدرون الشاشات والفيديوهات الحية بالفيس بوك، وتسجيلات الواتساب الصوتية بما يبثونه من اخبار كاذبة، ويمارسونه من عروض شائهة وشائنة لتخريب الوعى بغرض كسر ارادة التفكير الوطني الحر المناوئ للحرب. لا احد منهم من مصلحته ان يرى الناس الحقيقة كما هى عارية والحرب كتدبير اخواني مكتمل الاركان. لا احد يريد ان يفهم الناس ان هذه الحرب بين عدوين ضخمين استثنائين للشعوب السودانية في اتحادها المزمع كان عقده بعد الثورة.
نعم انها حرب ضد المجتمعات في وحدتها وتضامنها ومسؤولية افرادها المتوقعة المنتظرة تجاه بعضهم البعض عندما يصبح القتل، والازاحة بالعنف، والتخلص من المواطنين بالتهجير اهم اغراضها بتدميرهم كمخزونات انسانية اولا وثورية تناضل لاجل حماية وجودها عبر حفظ حقوقها وممتلكاتها.
ان مسؤلية صيانة التضامن الاجتماعي في هذه الظروف البالغة السوء تصبح المسؤلية الطليعية المتقدمة والتي على قوى الثورة انجازها بشتى الطرق التي وفي اولها ضرورة التحلي بوحدة لرؤيا وطنية مستقبلية تحافظ على القيم الاخلاقية الجوهرية من التعايش الجمعي والاشتراك في المواطنة. انما هو آي ومستعجل يتمثل في دحر كافة عروض الدعاية الخبيثة التي يبثها المرتشون والموظفون الامنيون من جمهرة الاعلاميين والاعلاميات بمقاطعة العروض الرخيصة – عروض التسجيلات الصوتية الصفرية لهم ونقل حفلات القونات والمخنثين التي تمجد الحرب وتضرب بشتى بقاع الهجرة والنزوح السوداني الحالي بدول العالم بحيث تبدو في نسبة من الانشطة الاجتماعية العامة منها غيرمعنية بما تجري من احداث مأساوية وكوارث. ان الجميع مدعو الآن للانخراط في صناعة تضامن جديد ووحدة وطنية واقعية منتجة غير متخيلة تستثمر في الاتفاق بدلا عن الإنشقاق.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟

أعلنت إسرائيل السبت أنها اغتالت رائد سعد القيادي في الجناح العسكري لحركة "حماس" في غارة نفذتها بقطاع غزة.

وأفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل خمسة فلسطينيين في غارة جوية استهدفت سيارة في منطقة تل الهوى بجنوب غرب مدينة غزة.

ولدى سؤاله من وكالة فرانس برس، قال الجيش الإسرائيلي إنه لم يتم تنفيذ سوى ضربة واحدة في المنطقة أسفرت عن مقتل القيادي العسكري في حماس.

ونددت حركة حماس في بيان بما اعتبرته "إمعانا في الخرق الإجرامي لاتفاق وقف إطلاق النار".

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس في بيان مشترك "ردا على تفجير عبوة ناسفة لحماس أدّت إلى إصابة قواتنا اليوم أمر رئيس الوزراء ووزير الدفاع بالقضاء على الإرهابي رائد سعد".

ووصف نتنياهو وكاتس سعد بأنه "أحد مهندسي" هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في غزة.

وأوضح الجيش الاسرائيلي أن سعد كان يدير المقر العام لصنع الأسلحة التابع لكتائب القسام ويشرف على "تعزيز قدرات" الحركة.

وأشار مصدر عسكري إلى أن سعد "كان هدفا للتصفية منذ فترة طويلة"، مضيفا أن "الغارة التي أسفرت عن اغتياله، نُفذت بناءً على معلومات جديدة حصلت عليها المخابرات الإسرائيلية حول مكان وجود سعد"، وفقما ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل".

وبحسب موقع "أكسيوس" الإخباري، لم تُبلغ إسرائيل الولايات المتحدة مسبقا بالغارة الجوية التي شُنّت يوم السبت.

ونشر الجيش الإسرائيلي فيديو لعملية استهداف سعد الذي وصفه بأنه شغل عدة مناصب عليا في حماس، وكان مقربا من مؤسس الحركة أحمد ياسين الذي اغتيل عام 2004، ومحمد الضيف ومروان عيسى.

وذكر الجيش أن سعد أسس لواء مدينة غزة التابع لحماس، وقاده، وشارك في تشكيل القوة البحرية للحركة، ثم عُيّن لاحقا رئيسا لقيادة العمليات.

وأضاف الجيش أن سعد شارك في صياغة وإعداد الخطة التي اعتمدتها حماس في هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وأقيل سعد من منصبه كقائد للعمليات عام 2021 من قبل يحيى السنوار، وذلك بسبب خلافات شخصية بينهما.

وبعد ذلك، شغل سعد مناصب أخرى في الجناح العسكري لحماس، ومؤخرا كان رئيسا لمقر تصنيع الأسلحة التابع للحركة.

وحسبما قال الجيش الإسرائيلي، فإن سعد كان مسؤولا عن "إنتاج جميع أنواع الأسلحة للجناح العسكري لحماس قبل هجوم 7 أكتوبر، ولاحقا عن إعادة تأهيل قدرات حماس الإنتاجية للأسلحة خلال الحرب".

وحمّل الجيش سعد المسؤولية عن مقتل العديد من الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة "نتيجة العبوات الناسفة التي صنعتها قيادة إنتاج الأسلحة خلال الحرب".

ونجا سعد من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية، كان آخرها في يونيو 2024.

ويُعتقد أن سعد كان في مستشفى الشفاء بمدينة غزة عندما داهمت إسرائيل المركز الطبي في مارس من ذلك العام، إلا أنه تمكن على ما يبدو من الفرار حينها.

مقالات مشابهة

  • من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟
  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • البورصة المنصة الأكثر فاعلية فى نشر الوعى بثقافة التخصيم
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • ما أهمية إقليم دونباس الأوكراني الذي تسيطر روسيا على معظمه؟
  • "الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
  • «صحتك في أكلتك».. علوم التغذية بجامعة العاصمة تطلق مبادرة لتعزيز الوعى بالتغذية العلاجية
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟