العلاقة بين سلطنة عُمان والمملكة المتحدة
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
بدأ حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- زيارة خاصة إلى المملكة المُتحدة قبل أيام، وهذه هي الزيارة الرابعة لجلالته- أبقاه الله- إلى المملكة المتحدة خلال أربع سنوات، وجاءت هذه الزيارة بعد الإعلان عن إصابة الملك تشارلز بمرض السرطان.
الزيارة الأولى التي قام بها جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- إلى المملكة المتحدة كانت في ديسمبر 2021، واستغرقت 10 أيام، وكانت أول زيارة يقوم بها جلالته لدولة أوروبية بعد تولي مقاليد الحكم في السلطنة، وذلك مؤشر على عمق العلاقات بين البلدين الصديقين والاستمرارية السياسية التاريخية في المحافظة عليها. وشهدت تلك الزيارة الالتقاء بالملكة الراحلة إليزابيث والالتقاء بولي العهد آنذاك الأمير تشارلز وأيضا الالتقاء برئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت. وقدمت الملكة اليزابيث لجلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- في تلك الزيارة وسام الفارس الرفيع تقديرًا لجلالته.
أما الزيارة الثانية فكانت في يوليو 2022، والتي التقى فيها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بعدد من المسؤولين البريطانيين كما قام جلالته بحضور حفل تخرج صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد من كلية سانت هيرس العسكرية في الدفعة 222.
بينما كانت الزيارة الثالثة في سبتمبر 2022، لتقديم التعازي في وفاة الملكة اليزابيث وتهنئة جلالة الملك تشارلز ملك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية ورئيس الكمنولث بمناسبة اعتلائه العرش.
جميع هذه الزيارات إلى المملكة المتحدة التي يقوم بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تأتي للارتقاء بالعلاقات المُتميِّزة، ودعمًا للروابط المتينة وتعزيزًا للأهداف المشتركة بين البلدين؛ بما يُحقق تطلعات وآمال القيادتين والشعبين الصديقين.
عُمان شريك إستراتيجي وتجاري دولي لبريطانيا، وتتمتع بعلاقات قوية راسخة معها، كما إن عُمان تتمتع بموقع جغرافي مُتميِّز مُهم وتُشرف على حماية الملاحة الدولية من خلال مشارف حدودها.
وتمضي العلاقات العُمانية البريطانية في تطور مستمر، ولا سيما في الجوانب الاقتصادية والعسكرية، فقد جرى توقيع مذكرات تفاهم في شهر ديسمبر من عام 2021 في سياق الاتفاقية الشاملة للصداقة والتعاون الثنائي بين البلدين في مجال الاستثمار بهدف تعزيز أواصر الروابط وزيادة حجم الاستثمارات ذات القيمة العالية في كلا البلدين. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والمملكة المتحدة نحو مليار جنيه إسترليني سنويًا، ويشكل ذلك حوالي 50% من حجم الاستثمار الأجنبي العام في السلطنة.
وفي مجال التعاون العسكري، يحافظ البلدان على هذا التعاون، وتُجري القوات البريطانية والعُمانية تدريبات عسكرية مشتركة، وتهدف إلى تبادل الخبرات القتالية واللوجستية في مجال تنفيذ العمليات العسكرية المشتركة باستخدام الأساليب والأسلحة الحديثة وآليات التنسيق المتطورة والتي تساهم في تعزيز القدرات العسكرية للقوات المسلحة للجانبين العُماني والبريطاني.
وما نشهده من علاقة قوية ولا سيما في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين المملكة المتحدة والسلطنة ما هو إلا امتداد تاريخي للعلاقات المشتركة الراسخة وتواصل في المسيرة الخيرة التي تخدم البلدين.
والسجل التاريخي يدون زيارات عدة قام بها سلاطين عُمان الى المملكة المتحدة من أجل ترسيخ علاقة الصداقة معها، ونذكر منها الزيارة التي قام بها السلطان تيمور بن فيصل إلى المملكة المتحدة في شهر سبتمبر من عام 1928، كما قام السلطان سعيد بن تيمور في مارس من عام 1938 بزيارة إلى المملكة المتحدة التقى خلالها جورج السادس في القصر الملكي، كما قام السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بعدة زيارات إلى المملكة المتحدة، وقالت عنه الملكة إليزابيث الثانية إنه "كان صديقًا يُعتز به لعائلتي والمملكة المتحدة، ونشعر بالامتنان لكل ما فعله لتعزيز أواصر الصداقة بين البلدين".
وترتبط عُمان مع المملكة المتحدة بعلاقات صداقة تاريخية متميزة منذ مئات السنين- ولا زالت وستبقى- تتسم بالقوة والتماسك، ماضية على النهج المرسوم باتفاقيات ومعاهدات في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية استمرارًا للمسار التاريخي للصداقة المخلصة، والعزم الأكيد على تطويرها إلى آفاق أرحب ينسجم مع التطورات العالمية وبما يخدم الأهداف الوطنية المشتركة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان تؤكد على دعم أمن وسلامة الملاحة البحرية الإقليمية والدولية
العُمانية: أكدت سلطنة عُمان على دورها الفاعل منذ عقود في دعم أمن وسلامة الملاحة البحرية الإقليمية والدولية، إدراكًا منها لما تمثله هذه الممرات من شريان حيوي لحركة التجارة والطاقة العالمية، وما تنطوي عليه من مسؤوليات قانونية وأمنية وإنسانية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سعادة السفير عمر بن سعيد الكثيري مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمته خلال الجلسة رفيعة المستوى لمجلس الأمن الدولي حول "تعزيز أمن الملاحة البحرية من خلال التعاون الدولي من أجل الاستقرار العالمي" والتي عقدت في نيويورك.
وأكد سعادة السفير في كلمته على أن سلطنة عمان حرصت على مواءمة التشريعات الوطنية مع قواعد القانون الدولي ذات الصلة، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي تستند إلى مبدأ حرية الملاحة، وتكفل مسؤوليات الدول الساحلية والعبور، وتضع الأسس القانونية لتسوية النزاعات البحرية.
وبيّن سعادته بأن سلطنة عُمان استضافت أخيرًا النسخة الثامنة من مؤتمر المحيط الهندي، الذي ركز على سبل تعزيز التعاون والتكامل في إدارة الأمن البحري إيمانا بأهمية العمل الإقليمي المشترك.
وأشار إلى أن سلطنة عُمان تؤمن إيمانًا راسخا بأن أمن البحار والممرات المائية يمثل أحد الأعمدة الأساسية لصون الاستقرار الإقليمي والدولي، وضمان حرية الملاحة، واستمرار حركة التجارة العالمية، وصون الأمن الغذائي والطاقة، وتعزيز التنمية المستدامة.
وأوضح سعادة السفير مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة أن تفاقم التهديدات العابرة للحدود، كالإرهاب البحري، والقرصنة، وتهريب البشر والمخدرات، والأنشطة الإجرامية المنظمة، والاتجار غير المشروع، إلى جانب التداعيات البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية والاعتداءات على البنية التحتية البحرية، يقتضي استجابات جماعية مدروسة، تعكس روح التعاون والمسؤولية المشتركة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
وتناول سعادته في كلمته الدور المحوري الذي اضطلعت به سلطنة عُمان في الوساطة التي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه في السادس من مايو 2025م، لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ما يمثل خطوة بنّاءة تسعى من خلالها سلطنة عُمان لتهدئة التوترات الإقليمية، وتعزيز الاستقرار البحري، وضمان الملاحة وانسيابية حركة الشحن الدولي.
وأكد على حرص سلطنة عُمان على أهمية تعزيز الالتزام بالقانون الدولي، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، باعتبارها الإطار القانوني الشامل لكافة الأنشطة في البحار والمحيطات، مشددة على ضرورة التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتعاون مع المنظمة البحرية الدولية وغيرها من الهيئات المختصة.
وأشار إلى ضرورة بناء القدرات الوطنية للدول النامية، خاصة في مجالات المراقبة البحرية، وتبادل المعلومات، والاستجابة للطوارئ، وحماية البنية التحتية، ومكافحة الجرائم المنظمة، وذلك من خلال مبادرات جماعية مدروسة وشراكات فعالة.
وقال سعادة السفير عُمر بن سعيد الكثيري مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة إن التكنولوجيا الحديثة أداة مهمة لتعزيز الوعي بالمجال البحري وتحسين قدرة الدول على الاستجابة للتحديات في الوقت المناسب، من خلال استخدام الأقمار الصناعية وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي.
ولفت إلى أهمية التصدي للآثار المتفاقمة للتغير المناخي والتدهور البيئي التي تشكل عوامل مضاعفة لمخاطر الأمن البحري، ويناشد المجتمع الدولي إلى تطوير استراتيجيات دولية متكاملة لحماية البيئة البحرية، وأهمية الحوار البنّاء والدبلوماسية الوقائية كوسيلة لتحقيق الأمن الجماعي، وتسوية النزاعات، وبناء الثقة بين الدول، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للأنشطة البحرية والتجارية والاقتصادية.
واختتم سعادته كلمته بالتأكيد على أن سلطنة عمان انطلاقًا من سياستها الخارجية القائمة على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل، واحترام القانون الدولي ستظل شريكًا مسؤولًا في تعزيز أمن الملاحة البحرية، وضمان الاستقرار في الممرات الدولية، ودعم الجهود المتعددة الأطراف لإيجاد حلول فعّالة وشاملة للتحديات التي تواجه البحار والمحيطات، بما يصون السلم والأمن الدوليين، ويخدم مصالح الشعوب كافة.