هدنة لن تنقذ الشعب الغزاوي من مأساته
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
لم يحقق العدوان على غزة سوى الخراب والتدمير والقتل، إسرائيل لم تصل لمحتجز إسرائيلي واحد بأدوات القتال، ولكنها تستلم المحتجزين على دفعات وفق اتفاقات سياسية ووسطاء ضامنين، وحتى نكون منصفين نقول أيضًا إن حماس لم تحقق هدفها يوم السابع من أكتوبر عندما احتجزت رهائن إسرائيليين، وقالت في بياناتها إن صفقتها العادلة هي 'الكل مقابل الكل" وتبييض سجون الاحتلال من المعتقلين والمحكومين الفلسطينيين.
لا إسرائيل نجحت في هدفها ولا حماس حققت الكل مقابل الكل، ولكن الذي تحقق على الأرض هو تشريد 2 مليون مواطن غزاوي من نزوح إلى نزوح، حتى وصلت كرة اللهب إلى الحدود المصرية في رفح، حيث ألمح الخبثاء في إسرائيل إلى إمكانية تهجير الغزاوية إلى سيناء، هذا الوهم الذي يعيشه اليمين الإسرائيلي ما كان له أن يرتدع لولا الخطوط الحمراء التي أعلنت عنها مصر بحسم ووضوح.
الجولة الأخيرة من مفاوضات الهدنة التي ننتظرها والتي تتم حياكة تفاصيلها في عدة عواصم وفي المقدمة منها القاهرة، لم تتكلم عن إنهاء الحرب ولا عن انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، ولكنها أشارت إلى خروج القوات من المناطق المعمورة بالسكان، وأن تتمركز خارج الأحياء السكنية، هذا ما يمكن لإسرائيل أن توافق عليه، وهذا معناه أن خطة اليوم الثاني للحرب لم تتبلور بعد، وأن الكابوس الإسرائيلي سيظل جاثما على صدر الغزاوية إلى أمد غير منظور.
خروج القوات الإسرائيلية إلى أطراف الأحياء الكبرى يجعل سكان هذه الأحياء في مرمى النيران في أي لحظة، وهو ما يضع حماس في مأزق كبير، وعلامات هذا المأزق هو أنها لن تتمكن من إعادة بناء تنظيمها المسلح وتموضعه في مواقع قد تحتاجها لتتوقف قوة حماس عند عملية فدائية هنا أو رشفة صواريخ هناك، والمتابع للخطاب الإسرائيلي في الأيام الأخيرة سوف يلمح أجواء من الثقة تتكلم عن كسر البنية العسكرية لحماس بنسبة تجاوزت 90 في المئة، لذلك نرى إسرائيل ترفض بعناد فكرة إنهاء الحرب.
أما عن تبادل المحتجزين بعدد حتى لو بالآلاف من المحتجزين الفلسطينيين فهو في تقديرنا مكسب متوازن للطرفين، وإن كانت مكاسب إسرائيل أكبر في هذا الأمر إذا قمنا بإحصاء عدد من تم اعتقالهم منذ السابع من أكتوبر، وقد اقترب عددهم من ستة آلاف معتقل، سيكون التغيير في الأسماء والقوائم فقط، ولكن حصيلة المعتقلين فهي كما هي قبل السابع من أكتوبر.
بمثل هذه الهدنة وهي المتاحة الآن يجعلنا نلتفت وبقوة إلى الشعب الغزاوي الذي ذاق الأمرين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، نلتفت ونسأل عن حجم المساعدات التي يمكن لها أن تعوض هذا الشعب النازف عن مأساته، لا يمكن أن مختصر التفكير في الماء والغذاء ولكننا نفكر في صناعة الأجواء الطبيعية التي يمكن لبشر طبيعيين أن يعيشوا فيها.
كيف يمكننا في أسرع وقت رفع الركام والتشوهات العمرانية التي أصابت قطاع غزة، تأهيل محطات الكهرباء والمياه وإصلاح الطرق، صحيح هي هدنة مؤقتة ولكننا لا نتجاهل الإمكانيات الواسعة للسياسة وهي القادرة على تحويل الهدنة إلى وقف إطلاق نار وإعادة إعمار.
لست متعجلا إذا قلت إنه على الوسطاء ضرورة التعامل فور بدء الهدنة بجدية تامة سواء في الداخل الفلسطيني وترتيب الأوراق أو في المحيط الدولي الضاغط من أجل انسحاب إسرائيل انسحابا كاملا من القطاع، في هذه الحالة سيكون لإعادة الإعمار معنى، وسيكون ما أسميته صناعة الأجواء الطبيعية للحياة في غزة، أمرا ذا مردود إيجابي على حياة الشعب في غزة.
الشاحنات التي تتدفق على غزة لن تحقق رسالتها ما لم يتم تسييرها وفق خطة محكمة عنوانها إعادة الإعمار وفق استراتيجية تعتمد على سواعد أبناء القطاع وعلى حبهم للحياة إذا ما استطاعوا إليها سبيلا.
* كاتب صحفى
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل المحتجزين حماس
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تدين رفض إسرائيل الانصياع لقرارات مجلس الأمن بشأن غزة
أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية، اليوم الخميس، بأن الجامعة العربية أدانت بشدة رفض إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، الانصياع لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة والسماح الفوري وغير المشروط بإدخال المساعدات الإنسانية، ورفضها الانصياع لأوامر محكمة العدل الدولية بالتدابير المؤقتة لمنع جريمة الإبادة الجماعية.
وأدانت الأمانة العامة في بيان، في الذكرى الـ77 لنكبة الشعب الفلسطيني، الحرب العدوانية الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية التي ترتكبها إسرائيل على مدار أكثر من 585 يوما، مؤكدة أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي عموم الأرض الفلسطينية المحتلة، يتطلب من جميع الأحرار في العالم الدفاع عن القضية الأكثر عدلاً وإنسانية بكل المعايير والشرائع.
وقال البيان، إن هذه الذكرى السنوية للنكبة وتلك المأساة الكبرى في تاريخ الإنسانية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في عام 1948 ما زالت تتواصل حلقاتها وتتعاظم حتى اليوم، إذ تعرض الشعب الفلسطيني لعمليات إبادة وقتل وتشريد وتهجير، في عمليات إبادة وتصفية يندى لها جبين الإنسانية، وحولت ملايين من أبناء الشعب الفلسطيني إلى لاجئين ومهَجَّرين داخل وطنهم وخارجه، في صورة من أشد صور القهر والظلم التي لم يواجهها شعب على وجه الأرض منذ قرون.
كما أكدت الأمانة العامة، أهمية الدور والمسؤولية التاريخية التي تضطلع بها سائر مكونات العدالة الدولية والمنظمات والهيئات المختصة وذات الصلة بحقوق الإنسان، الدولية والإقليمية والمحلية، ومؤسسات المجتمع المدني، في لحظة استحقاق تاريخية فارقة، للعمل على تحقيق العدالة والإنصاف للشعب الفلسطيني ودعم حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967.
وأوضحت، أن هذه الذكرى تأتي في ظل استمرار حرب شعواء تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ ما يزيد على 19 شهراً، راح ضحيتها أكثر من 200 ألف ما بين شهيد وجريح ومفقود جلهم من النساء والأطفال، وتشريد جميع سكان القطاع البالغ عددهم مليوني إنسان، وتدمير كل مقومات الحياة، ومنع المساعدات الإنسانية مع فرض حصار مميت، ونقص حاد في المياه والدواء والغذاء، في جريمة حرب بشعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنطقة، في ظل صمت دولي مريب، شجع سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب المجازر حيث تدمير منشآت الأمم المتحدة والمرافق الطبية، وقتل الأطباء والمسعفين والصحفيين، في تحدٍّ واضح لإرادة شعوب العالم المنادية بوقف تلك المجازر، وللقيم والمبادئ الإنسانية والسماوية والأخلاقية والقانونية، ولكل القوانين والقرارات الدولية الداعية إلى وقف فوري للحرب الغاشمة التي حولت قطاع غزة إلى مسرح كبير لجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي.
وأضاف البيان، أن أفظع ما شهده الشعب الفلسطيني خلال هذا العدوان المتواصل يُبرز التهجير القسري الجماعي كواحد من أبرز أوجه المأساة، ضمن مشهد يُعيد إلى الذاكرة صور النكبة الأولى عام 1948، حين اقتُلع الفلسطينيون من قراهم ومدنهم، واليوم، يتكرر المشهد ذاته، ولكن في نسخته الأشد قسوة، إذ لا ملاذ، ولا ممرات إنسانية آمنة، ولا ضمانات لعودة قريبة، مضيفا أن المشهد في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، لا يقلّ فظاعة حيث يواجه الشعب الفلسطيني تصعيدًا غير مسبوق من الاعتداءات اليومية التي تنفذها قوات الاحتلال والمستوطنون المسلحون، في ظل حماية رسمية وتشجيع من الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، فقد تصاعدت وتيرة عمليات اقتحام المخيمات والمدن والبلدات الفلسطينية، وازدادت حدة عمليات الإعدام الميداني والاعتقال العشوائي وهدم المنازل، وفرض الحصار على قرى بأكملها، في سياسة تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتفكيك نسيجه المجتمعي، فيما يتعرض المسجد الأقصى المبارك لعمليات الاقتحام المتكررة لفرض واقع جديد في الحرم القدسي الشريف، في انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم ولكل المواثيق الدولية ذات الصلة.
المصدر : وكالة وفا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الإحصاء الفلسطيني: غزة تعيش في "تعتيم رقمي" بسبب العدوان ويتكوف يلتقي قيادة حماس بالدوحة وسط جهود مكثفة بشأن غزة داخلية غزة تصدر بيانا تعقيبا على تهديدات الاحتلال بإخلاءات في غزة الأكثر قراءة فيلم وثائقي يكشف هوية الجندي الإسرائيلي قاتل "شيرين أبو عاقلة" مع دخول قرار الإغلاق حيز التنفيذ: الاحتلال يقتحم مدارس شعفاط ويأمر بإخلائها الاحتلال يحوّل الصحفي علي السمودي للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر شؤون اللاجئين: خطة إسرائيل لإيصال المساعدات لغزة خطوة لتكريس احتلالها عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025