لفة (لبلبي) و(عمبة) معطرة برائحة ذكريات الطفولة
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
فبراير 17, 2024آخر تحديث: فبراير 17, 2024
عبدالكريم إبراهيم
لأيام (بجامات البازة) و(درابين) الثورة الترابية، ذكريات مازال بعض ارهاصاتها حاضرةً في المخيلة المتعبة حتى اليوم، برغم من مرور كل هذه السنوات الطويلة. يبدو أن بساطة الحياة وابتعادها عن صخب وبهرة التكنولوجيا، هي من أسست لتلك الذاكرة القوية في أن تكون محطةً للاحتفاظ بما هو كل جميل، تفوح منه رائحة البراءة؛ حيث اعتاد اطفال تلك المرحلة الزمنية في ان تغمرهم السعادة الطاغية، وهم يلعقون نصف (صمونة) حارة بعد أن غُمست بـ(العمبة) من اقرب بائع على ناصية الشارع.
يحاول اغلب بائعة (اللبلبي) و(العمبة) في أن يجعلوا عرباتهم الخشبية تأخذ استراحتها المفضلة قرب المدارس، وعند (حلت ) الطلبة ، وهم يدلعون بأغانيهم واهازيجهم بضاعتهم ؛لأجل إغراء اطفال المدارس في الشراء، وان يضغطوا على ذويهم في أن يزين ايدهم عشرة فلوس، وهو المبلغ الذي يسعى الاطفال في يكون في حوزتهم ؛ مما كانت ظروف العائلة المادية. الذي لا يملك هذا المبلغ ما عليه سوى أن يمرق هذه الاكلات الشهية بنظرات ملؤها الحسرة، وهو يرى بقية الاطفال تلون افواههم البهارات الصفراء، ويلعقون باسنتهم ما تبقى مما يسيل من هذه المادة.
يعمد بعض الاطفال الاشقياء إلى (تحنيص) الذين لم يظفروا بهذا الكسب المهم. وقد تتبدد هذه الحسرة والدموع المختزلة في العيون إلى لحظات فرحٍ وسعادةٍ عندما يقتسم احدهم لفة (اللبلبي) أو (العمبة) لزميله، في مشهد إثار تسجله ذاكرة تاريخ الطفولة؛ وهي ضائعة اليوم بين رائحة (الاندومي) و(البيزا)، ومغامرات (أبو الدلفري) وهو على صهوة دراجته النارية يصل طلب احدهم بعد ان عجزت امزجة الاطفال المعاصرة عن تذوق اكلات مطبخ الام الحنون، مفضلة عليه الاطعمة الجاهزة التي لا ينز منها سوى الدهن المهدرج والاسماء المستوردة. لم تعد الاصابع تلعق ما تبقى من حلاوة الطعم، ولا تتجمع حول عربة (ابو اللبلبي) و(ابو العمبة) وصاحب الحظوة في ان يكون هو صاحب الشرف في الحصول على اول لفة (تحنص) الالسن وبقية عيون الاطفال؛ خاطفاً أحلى هدية يمكن ان يحصل عليها طفل في لحظة سعادة شاردة قدر لها ان يعيش في الذاكرة حتى اليوم.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
الوحدة .. سر النجاح الذي غاب عن البقية
مع جمود النشاط الرياضي والشبابي، في العاصمة صنعاء وتوقفه على مستوى المسابقات، خاصة في كرة القدم، والألعاب الجماعية الأخرى.. تختفي الحلول ويظهر نادي وحدة صنعاء كمنقذ.
نادي وحدة صنعاء تعدى مسمى ناد بالمصطلح القديم المتعارف عليه قديما في بلادنا، للعبة أو لعبتين.
من يدخل من إحدى بوابات النادي، تتملكه الدهشة، ولو لا أنه دخل بقدميه أو سيارته، لظن أنه خارج اليمن.. هذه حقيقة لا ينكرها إلا من لم يدخله خلال السنوات الحالية، أو أنه في خلاف مع كل التطورات التي يشهدها النادي.
كسر الجمود الصيفي؛ تمثل في احتضان النادي لفعاليات وأنشطة الملتقى الصيفي التاسع في مختلف الألعاب، في تأكيد ميداني وليس كلاماً انشائياُ؛ على أن النادي أصبح متنفسا للشباب والرياضيين، حين ضاقت بهم السبل في بقية الأندية.
عندما انتقد النادي كناد، لإقامته هذه الفعالية الشبابية وتلك المسابقة الرياضية، فأنا في خصومة ليس مع النادي فحسب؛ بل مع كل من يحتضنهم، ويوفر لهم الممارسة الممتعة.
ليس من العيب أن أكون ناقدا، لأنها مهمة كل إعلامي، ولكن من المعيب أن أضع نفسي في الحرج، حينما أرى شيئا يستحق الإشادة ولا أفعل ذلك، والأكثر حرجا عندما أحاول تشويهه.
الأندية الرياضية في بلادنا يترأسها رجال مال وأعمال، فلماذا لم يستنسخوا كنادي الوحدة!! هل ينقصهم المال، بالطبع لا، ولكن ينقصهم الإبداع والتميز وامتلاك روح جميلة تنعكس على الأرض.
المال أداة من أدوات النجاح، ولكنه لا يصنع النجاح بمفرده، وإلا لماذا من يملكون ثروات مهولة، واقعهم لا يدل أي لمسات جمالية يقدمونها لمحيطهم الرياضي والشبابي؟
أمانة العاصمة صنعاء ووزارة الشباب والرياضة، ينبغي أن تكون ممتنة لنادي الوحدة، فلو افترضنا أن وفدا رياضيا جاء لصنعاء ليشاهد منجزاتها الرياضية، فلن تجد الدولة أفضل منه مكانا لزيارته، ليخرج بانطباع مغاير عما يسمعه عن اليمن، وافتقادها للمنشآت الرياضية النموذجية.
من السهولة أن تلعن الظلام.. ولكن ما هي النتيجة؟ ستبقى في العتمة حتى تفقد البصر والبصيرة.. وهذا هو الفرق بين من همه الوحيد ليس فقط اصطياد الأخطاء، بل توهم وجودها والبناء على ذلك الوهم نقدا يناقض الواقع ويصور قائله على أنه إما أعمى أو يريد شيئا في نفسه، بالطبع ليس للمصلحة العامة أي دخل فيها.
فعلا اتحسر على وحدة صنعاء، لأنه من نسخة واحدة، وأتمنى أن تمتلك بقية الأندية نفس روح الإبداع والتألق، حتى يجد الشباب والرياضيون أكثر من نموذج مشرف ومشرف، ليس فقط في العاصمة صنعاء، بل في مختلف المدن اليمنية.
لو زرت أي ناد، وكررت الزيارة بعد عدة سنوات، قد لا تجد أي تطور أو جديد، ولكن ستحزن على ما كان فيه وانتهى.
في الوحدة الأمر مغاير، ففي السنة الواحدة تجد شيئا جديدا، وكأنك تتعرف على المكان لأول مرة.. وهنا يكمن سر النجاح الذي استقر في الوحدة وغاب عن البقية.