الصفدي يشدد على موقف الأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين داخل أرضهم أو إلى خارجها
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
التقى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم، عدداً من نظرائه والمسؤولين الدوليين المشاركين في أعمال مؤتمر ميونخ للأمن، في سياق الجهود التي يبذلها الأردن لحشد موقف دولي فاعل يوقف الحرب المستعرة على غزة وما تنتجه من معاناة وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
وشدد الصفدي، خلال اللقاءات، على موقف المملكة الرافض لتهجير الفلسطينيين داخل أرضهم أو إلى خارجها، وعلى ضرورة ضمان إيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء القطاع، وعلى أن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة هو حل الدولتين الذي يلبي طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
وحذر الصفدي من خطورة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومن خطورة شن إسرائيل لعملية عسكرية في مدينة رفح التي تأوي عدداً كبيراً من الأشقاء الفلسطينيين الذي نزحوا إليها كملاذ آمن من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
كما أكد الصفدي أهمية الاستمرار في دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) التي تقوم بدور لا يمكن الاستغناء عنه للاجئين الفلسطينين وتمثل شريان الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة.
وشملت اللقاءات التي أجراها الصفدي، اليوم على هامش أعمال المؤتمر، وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا، ووزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، ووزير الخارجية البحريني الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، ووزير الخارجية البرتغالي جواو كرافينيو، ووزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم، ووزير الخارجية والشؤون الأوروبية الكرواتي غوردن رادمان، ووزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية سفينيا شولتسه، ووزير الدولة في وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية نيلز أنين، والمديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين.
كما أجرى الصفدي مقابلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة، أكد خلالها استمرار الجهود الأردنية المستهدفة بناء موقف دولي يدرك خطورة العدوان الإسرائيلي على غزة، ويدرك ما يسببه هذا العدوان من كارثة إنسانية وقتل ودمار في غزة، ومن احتمال كبير لإشعال المنطقة في حرب إقليمية.
وقال الصفدي "جلالة الملك وصل إلى ميونخ من جولة بدأت في الولايات المتحدة، مرت في بريطانيا وفرنسا وانتهت هنا في عديد لقاءات مع رؤساء الدول والمسؤولين كلها تصب في التأكيد على أن هذا العدوان يجب أن يتوقف، وعلى أن الوضع الإنساني الكارثي في غزة لا يمكن القبول به من أي منطلق، وعلى أن التفكير الإسرائيلي المنصب على الدفع الآن باتجاه عدوان جديد على رفح سيكون جريمة حرب جديدة يجب أن تتوقف".
وأضاف "لاحظنا أن هنالك تقدم في موقف المجتمع الدولي، الكل بدأ يدرك أن إسرائيل تذهب أبعد مما يمكن أن يحتملوه هم أيضاً". وزاد "رأينا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة في مؤتمر صحفي مع جلالة الملك يتحدث عن حجم الكارثة التي سببها العدوان الإسرائيلي، فثمة تطور في الموقف نبني عليه، ومستمرون في الضغط، مستمرون بإظهار عبثية ما تقوم به إسرائيل". وأكد الصفدي بأن "السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة ليس فقط وقف هذا العدوان وهذه هي الأولوية الأولى، وإيصال المساعدات وهذه الأولوية الثانية، ولكن أن ننطلق بعد ذلك باتجاه جهد سياسي حقيقي يبدأ بالاعتراف بالدولة الفلسطينية لتحقيق حل الدولتين الذي لم يتحقق أمن إسرائيل ولا السلام في المنطقة من دون الوصول إليه".
وقال الصفدي "صدر قرار من مجلس الأمن يفرض على إسرائيل أن تسمح بإدخال المساعدات، نحن بالأردن نقوم بكل ما نستطيع أن نقوم به من عمليات إنزال جوية لمساعدات أساسية للشعب الفلسطيني الشقيق في غزة، وبالطبع هذه ليست كافية ولا تلبي جزء بسيط من الاحتياجات لكن هذا جزء من جهد مستمر".
وحمل الصفدي الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الأساس في كل ما يحدث من كارثة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي تحديداً، الذي يدفع باتجاه المزيد من التصعيد ويحول دون الوصول إلى أي تقدم.
وأكد الصفدي "إسرائيل لن تحصل على الأمن ما لم يحصل الفلسطينيون على الأمن والدولة والاستقلال والحرية".
وحذر الصفدي "أننا على أبواب شهر رمضان المبارك وإذا لم يتوقف العدوان وإذا دخلنا إلى شهر رمضان في هذه الأجواء خصوصاً مع احتمال تفجر الأوضاع في الضفة الغربية سيكون ذلك كارثة ستهدد ليس فقط أمن المنطقة ولكن ستهدد أمن العالم برمته".
وأضاف الصفدي "نحن في الأردن استدعينا سفيرنا من إسرائيل، اتخذنا العديد من الخطوات الضاغطة على إسرائيل لكن لن يستطيع الأردن وحده أن يحقق ذلك، ونحن نعمل في إطار منظومة إقليمية دولية، والأردن يقوم بكل ما يستطيع، يمارس كل أدوات الضغط المتوفرة لديه، ومستمرون وفق منهجية واضحة للتعامل مع الأحداث كما تتطور، وموقفنا وصل العالم، جلالة الملك أوصله بكل وضوح وبكل صراحة واستمعتم لتصريحات جلالة الملك وهو يقف إلى جانب الرئيس الأمريكي في واشنطن لحزم الموقف الأردني من أنه لا يمكن أن يكون مستقبل المنطقة مرتهن لطموحات شخص، ومن معه من وزراء متطرفين".
وأكد الصفدي "شكل الدولة الفلسطينية التي نريد هو الشكل الوحيد القادر على ضمان الأمن والسلام والاستقرار، وهو دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، لتعيش بأمن وسلام ولتنعم المنطقة برمتها بأمن وسلام، دون ذلك، أي طروحات تحاول أن تتعامل مع غزة بشكل منفرد أو من مقاربة أمنية فقط نرفضها، وأي محاولة لتهجير الفلسطينيين سواء داخل غزة أو خارج الأراضي الفلسطينية سواء من غزة أو من الضفة الغربية أمر نرفضه جميعاً".
وزاد "ثمة تنسيق كبير بين الأردن ومصر تحديداً في هذا الملف، لأننا الدولتين المعنيتين بشكل أكبر في هذا الموضوع وبدعم عربي والآن بفهم دولي، إذا نظرت إلى مواقف الدول الغربية في بداية العدوان وإذا نظرت إلى هذه المواقف، ترى أن إسرائيل استراتيجياً خسرت هذه الحرب، سمعتها أصبحت الآن محط تساؤل ومتضررة بشكل كبير وبدأ العالم يدرك أن ما تقوله إسرائيل هو محض افتراءات منطلقها مواقف عنصرية لا تريد أن تعطي الشعب الفلسطيني حقه، هذه عملية سياسية صعبة ثمة مواقف يجب أن تتغير لكن لن تتغير إلا عبر أن نعمل جميعاً من أجل تقديم المحاججة التي تفند الطرح الإسرائيلي اللامنطقي اللامعقول الذي بدأ العالم كله يدرك خطورته"، مؤكداً بأن هذه هي المهمة الأساس التي قام بها جلالة الملك في جولته التي بنت على الجولة السابقة أيضاً.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: وزير الخارجية ايمن الصفدي دولة فلسطين غزة تل أبيب ووزیر الخارجیة جلالة الملک على أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
غزة بين مطرقة العدوان وسندان الخذلان
في مشهدٍ يندى له جبينُ الإنسانية، وتتكسر فيه كلُّ قيم العدل والرحمة، تئنّ غزة اليوم تحت وطأة عدوانٍ وحصارٍ لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلاً.
فصول الإبادة تتوالى، والمجازر تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، بينما أطفالٌ يتضوّرون جوعًا، ونساءٌ يُقتلن بدمٍ بارد، ومدنٌ تُسوّى بالأرض.
يمانيون/كتابات/إلـهام الأبـيض
إنها ليست مجرد حرب، بل هي محاولةٌ ممنهجةٌ لإفناء شعب، وتغيير ديموغرافي قسري، تُنفَّذ بضوءٍ أخضر ودعمٍ مطلق من قوى الاستكبار العالمي، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد تحولت غزة إلى سجنٍ كبير، ثم إلى مقبرةٍ جماعيةٍ مفتوحة.
القصف لا يتوقف، والمستشفيات تحوّلت إلى أطلال، والمدارس والمساجد دُمّرت، والمنازل سُوِّيت بالأرض.
لم يكتفِ العدو الصهيوني بالقتل المباشر، بل لجأ إلى سلاح التجويع الممنهج، حيث تُمنَع المساعدات الإنسانية، وتُستهدَف قوافل الإغاثة، وتتحول نقاط توزيع الطحين إلى كمائن للموت، في جريمة حربٍ واضحة تهدف إلى كسر إرادة الصمود لدى شعبٍ أعزل.
إنّ ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية بكل المقاييس، تُرتكب بدمٍ بارد، وتُبث على الهواء مباشرة، لتكشف عن وحشيةٍ غير مسبوقة، وتُسقط آخر الأقنعة عن وجه الكيان الغاصب وداعميه.
وهنا صمت العرب وتخاذلهم: فصلٌ جديدٌ من الخزي. في المقابل، يقف العالم العربي الرسمي في موقفٍ لا يليق بحجم الكارثة، ولا يتناسب مع حجم المسؤولية التاريخية والدينية والأخلاقية.
صمتٌ مطبق، وتخاذلٌ فاضح، وتطبيعٌ مخزٍ، كلها تشكل فصلًا جديدًا من الخزي في تاريخ الأمة.
بينما تُذبح غزة، وتُحاصر، وتُجَوَّع، تكتفي بعض الأنظمة ببيانات الشجب الخجولة، أو تمارس دور المتفرج، بل وتشارك في حصار الشعب الفلسطيني بطرقٍ مباشرة أو غير مباشرة.
هذا الصمت ليس مجرد سلبية، بل هو تواطؤ يشجع العدو على التمادي في جرائمه، ويعمّق جراح الأمة، ويعيد كتابة التاريخ بمدادِ الخزي والعار.
إن هذا الخذلان يُعيد إلى الأذهان مشاهدَ الخذلان التاريخي التي أدّت إلى كربلاء، حيث تُرك الحق وحيدًا في مواجهة الباطل.
لكن في خضم هذا الظلام الدامس، يبرز صوتٌ آخر، موقفٌ مغايرٌ تمامًا، يكسر جدار الصمت، ويعيد الأمل إلى قلوب المظلومين.
إنه موقف اليمن، الذي يعاني هو الآخر من حصارٍ وعدوانٍ قاسٍ، لكنه لم يكتفِ بالاستنكار، بل تحرّك بالفعل، ليقدم نموذجًا فريدًا في التضامن العملي.
لقد أعلن اليمن، بقرارٍ سيادي وشجاع، عن وقوفه الكامل إلى جانب غزة، ليس بالكلمات فحسب، بل بالأفعال التي هزّت أركان القوى العظمى.
فعمليات البحر الأحمر، واستهداف السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، لم تكن مجرد ردود فعل، بل كانت استراتيجية مدروسة لكسر الحصار عن غزة، وتكبيد العدو خسائر اقتصادية فادحة، وإجباره على وقف عدوانه.
لقد أثبت اليمن أن الإرادة أقوى من الإمكانيات، وأن الصمود قادر على إسقاط مفهوم الردع لدى أقوى الجيوش.
لقد كسر اليمن هيمنة القوى العظمى في أهم الممرات الملاحية العالمية، وأعاد تعريف مفهوم التضامن، ليصبح فعلًا مؤثرًا لا مجرد شعار.
غزة اليوم ليست وحدها فصوت اليمن يصدح بالحق، ويده تمتد بالعون، في مشهدٍ يعيد للأمة بعضًا من كرامتها المفقودة.
هذا التباين الصارخ بين موقف اليمن وموقف غالبية الأنظمة العربية، يكشف عن أزمة ضميرٍ عميقة، ويعيد رسم خريطة الولاءات الحقيقية في المنطقة.
إنها دعوةٌ لصحوةٍ شاملة لإدراك أن الكرامة لا تُشترى،
وأن الحرية لا تُوهب،
وأن النصر لا يأتي إلا بالجهاد والتضحية، والوقوف صفًا واحدًا مع الحق، مهما كانت التحديات.
فالتاريخ لن يرحم المتخاذلين،
ودماء الشهداء لن تذهب هدرًا،
وفجر النصر قادمٌ لا محالة،
لـغزة، وكل فلسطين، بإذن الله، وبإرادة الصامدين المجاهدين.