بريطانيا تستنجد بالصين لإنقاذ سفنها من هجمات صنعاء.. فماذا كان الرد؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
الجديد برس:
دعت بريطانيا، جمهورية الصين الشعبية إلى استخدام نفوذها لإقناع صنعاء بوقف هجماتها المتصاعدة على سفنها في البحر الأحمر وخليج عدن.
تأتي هذه الدعوة البريطانية بعد فشل هجماتها الجوية في اليمن مع حليفتها أمريكا لوقف العمليات التي تنفذها قوات صنعاء إسناداً للمقاومة في غزة ورداً على جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وجرى هذا خلال لقاء جمع بين وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان، إن “الوزير كاميرون حث الصين على استخدام نفوذها لدى إيران للضغط على الحوثيين بشأن أفعالهم في البحر الأحمر”.
وكانت وزارة الخارجية البريطانية قالت، في أواخر يناير الماضي، إن الوزير ديفيد كاميرون توجه إلى الشرق الأوسط لزيارة سلطنة عُمان للتوسط بشأن هجمات قوات صنعاء البحرية، من أجل إقناع حكومة صنعاء بوقف عملياتها.
ونظراً للعلاقات الوثيقة بين صنعاء ومسقط، فإن زيارة وزير الخارجية البريطاني إلى سلطنة عُمان بدت كمحاولة للجوء إلى الدبلوماسية من أجل إقناع حكومة صنعاء بوقف هجماتها على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل”، والتي توسعت مؤخراً لتشمل السفن البريطانية والأمريكية، حيث أثبت استمرار هذه الهجمات فشل الاستراتيجية العسكرية التي لجأت إليها الولايات المتحدة وبريطانيا من خلال شن ضربات على اليمن.
وفشلت محاولة بريطانيا في إقناع عُمان بالتوسط لوقف هجمات قوات صنعاء في البحر الأحمر. حيث أكد السلطان هيثم بن طارق لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، في اتصال هاتفي، ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. بينما حاول سوناك تبرير الهجمات على اليمن والتي أدانتها مسقط، حيث شدد سوناك على أن “العمل العسكري كان الملاذ الأخير في مواجهة التهديدات للشحن العالمي”، مؤكداً أن الأولوية العاجلة هي هدنة إنسانية لإيصال المساعدات وإطلاق سراح الأسرى.
في حين أصدرت وزارة الخارجية العُمانية بياناً يتجاهل الهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية ويؤكد على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية وحماية المدنيين وتأمين دخول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
ويرى أن تجاهل البيان العُماني للهجمات في البحر الأحمر وتركيزه على وقف العدوان على قطاع غزة كمؤشر على رفض السلطنة للتوسط في وقف تلك الهجمات، وذلك يتوافق مع موقف عُمان الذي أدان الهجمات الأمريكية البريطانية على اليمن ويربط بين الحرب في غزة والهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية.
وسبقت الولايات المتحدة بريطانيا باللجوء إلى الصين للتوسط لدى حكومة صنعاء لوقف هجمات قواتها في البحر الأحمر، حيث قالت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية، إن واشنطن طلبت من الصين التدخل للضغط على إيران من أجل الضغط بدورها على حكومة صنعاء لوقف الهجمات، لكن الصين “لم تبدِ أي بادرة للمساعدة” بحسب الصحيفة، وقد صرح المتحدث باسم الخارجية الصينية لاحقاً أنه يجب “احترام سيادة اليمن والدول المطلة على البحر الأحمر”، وقال إن مجلس الأمن لم يفوض أي دولة باستخدام القوة في اليمن، مؤكداً أن ما يحدث في البحر الأحمر مرتبط بالوضع في غزة.
وفي الثلاثين من يناير الماضي، جددت الصين تأكيدها أن الوضع في البحر الأحمر يعتبر امتداداً للصراع في غزة، ودعت إلى احترام سيادة الدول المطلة على البحر الأحمر بما في ذلك اليمن.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين بين، إن “السبب الجذري لتصعيد الوضع في البحر الأحمر هو امتداد الصراع في غزة، والإنهاء السريع للقتال في غزة سيساعد في تخفيف الوضع في البحر الأحمر”.
وأضاف إن “مياه البحر الأحمر تعد ممراً مهماً للتجارة الدولية للسلع والطاقة، والصين لا تريد توترات في البحر الأحمر”.
وقال إن بلاده “تحث جميع أطراف الصراع في غزة على التنفيذ الجاد للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار على الفور”.
يشار إلى أن قوات صنعاء استهدفت خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية (من الخميس إلى السبت)، سفينتين بريطانيتين، إحداهما في خليج عدن وهي سفينة نقل، والأخرى نفطية تم استهدافها في البحر الأحمر، وذلك في إطار ضم صنعاء السفن البريطانية والأمريكية إلى بنك أهدافها رداً على الضربات الجوية التي تنفذها الدولتان في عدد من المحافظات اليمنية، والتي تجاوزت 400 غارة خلال شهر.
الصين تربط حل أزمة البحر الأحمر بوقف الحرب في غزةوأمس السبت، أكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن بلاده لن تسمح باستمرار الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
وقال وانغ خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن، إن الصين دعت الأطراف علانيةً إلى “عدم مضايقة السفن التجارية في المنطقة وحماية أمن الممر المائي في البحر الأحمر”.
كما لفت إلى أنه لمعالجة قضية البحر الأحمر، “يجب حل السبب الجذري لها، والسبب الجذري هو القتال المستمر في غزة”، مشيراً إلى أن “موقف الصين واضح بشأن ذلك”.
وتابع بالقول: “أولاً، يجب تحقيق وقف فوري لإطلاق النار. لا مزيد من القتال. وثانياً، التأكد من عدم تعرض الممرات الإنسانية لأي عوائق. وثالثاً، عقد مؤتمر دولي للسلام في أسرع وقت ممكن لإحياء حل الدولتين”.
كذلك، شدد الوزير الصيني على أنه “لا يمكننا أن نسمح باستمرار هذه الكارثة الإنسانية أكثر من ذلك”، داعياً إلى “دولة فلسطينية بشكلٍ عاجل”، ولافتاً إلى ضرورة أن يكون هناك “صوت أكثر تضافراً” وموقف موحد يدعو إلى تسوية مناسبة.
كما أردف: “يجب بذل الجهود نحو حل الدولتين. وفقط عندما يتحقق ذلك، يمكن تحقيق سلام، وبضمانات من المجتمع الدولي”، مضيفاً: “لا يمكن للبلد أن يبني أمنه على انعدام أمن الآخرين”.
وفي معرض حديثه عن مكانة البلاد في العالم، قال وانغ يي إن الصين ستكون “قوة للاستقرار” في معالجة القضايا العالمية الساخنة.
وأشار إلى أن بكين عملت على استكشاف “طريقة صينية” لمعالجة الأزمات، تدعو إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتعارض فرض إرادة المرء على الآخرين.
يُشار إلى أن وزارة الخارجية الصينية أكدت، قبل أيام، أنها تتابع عن كثب التطورات في محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، معربةً عن معارضتها وإدانتها “الأعمال المرتكبة ضد المدنيين والقانون الدولي”.
ودعت الخارجية الصينية إلى ضرورة “بذل كل الجهود الممكنة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين لمنع كارثة إنسانية أكثر خطورة في منطقة رفح”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: الخارجیة الصینیة فی البحر الأحمر وزارة الخارجیة حکومة صنعاء قوات صنعاء قطاع غزة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
البدريون قادمون من صنعاء ... ستكتشف السعودية كما اليمن أنها الخاسر الأكبر من مخرجات لا تفهم الجغرافيا
الحوثيون لايعملون بعشوائية التحالف، ولا برخاوة الشرعية وغبائها، بل يشتغلون منذ أكثر من 11 سنة على بناء جيل عقائدي خاص بهم، عملوا على إنشاء منظومة تعليمية موازية (غير المدارس الحكومية التي عبثوا بمناهجها)، أبرزها مايُعرف بـ"مدارس البدر" نسبة لبدر الدين الحوثي، وهي مدارس داخلية مغلقة لايُقبل فيها الطالب إلا وفق معايير مشددة، ويمكث فيها الدارس ثمان سنوات؛ يتلقى خلالها منهج خاص خارج إطار التعليم الرسمي، لايشمل أي علوم حديثة، لكنها تصنع فرد مبرمج على الولاء المطلق والفكر الواحد والعداء المستحكم للآخر، إضافة إلى التدريب العسكري على مختلف أنواع الأسلحة..
في صنعاء وحدها، هناك 28 مركز ديني وشرعي خاص، تتبع منهج الجماعة وملازمها، تعمل بوتيرة واحدة، بعضها داخل مساجد كبرى مثل جامع الصالح (الذي حُوّل إلى جامع الشعب) ويضم معسكر داخلي دائم، وهناك عشرات المراكز المماثلة في بقية المحافظات والمديريات والعُزل المختلفة، والمحصلة أكثر من 250 ألف شاب كلهم تحت سن العشرين تخرجوا حتى الآن من هذه المراكز، لايعرفون الفيزياء ولا التاريخ ولا اللغات، لكنهم مبرمجون عقائدياً ومدربون عسكريا، ومؤهلون للتعامل مع كل أشكال السلاح..
نحن لانتحدث عن جيل متدين فحسب، ولسنا أمام مخرجات تعليمية عادية، وهذه ليست مجرد أرقام، بل جيل مبرمج بطريقة لاتترك أي مجال للتسامح أو التعايش، عبارة عن ألغام وقنابل فكرية موقوتة، مخرجات يصعب التعايش معها مستقبلاً، لأنها نشأت على أفكار لاترى الآخر إلا كخصم يجب إخضاعه أو استئصاله، ويتعاملون مع الخلاف الفكري أو السياسي كما لو كان كفر يستحق الاجتثاث..
خريجوا تلك المراكز لم يتم اعدادهم لخدمة الجماعة سياسيا أو عسكريا فقط، بل تم تشكيلهم وتلقينهم والاعتناء بهم ليكونوا الوقود العقائدي لأي صراع طويل الأمد، يعبث بالتاريخ ويتجاوز حدود الجغرافيا..
هذا المشروع الذي يحتفل بتخرج دفعاته سنوياً منذ 11 سنة، يقابله فشل الشرعية الذريع؛ ليس في مواجهته فقط، بل انها قدّمت النقيض، تركت المدارس تنهار، والطلاب يتسربون، والمعلمين يتذمرون بلا مرتبات، يُذلون في طوابير المساعدات، دون خطة بديلة أو دعم جاد لمواجهة التجريف العلمي الذي يتم في صنعاء وبقية المحافظات التابعة للحوثيين، لم تكن هناك أي محاولة لبناء مشروع مضاد، لافي التعليم ولا في الإعلام ولا في الوعي العام، بل إنها لم تنجح في أي قطاع اتجهت إليه، ووقفت عاجزة أمام أخطر معركة تخوضها الأمم؛ معركة بناء الإنسان.
أما التحالف، وعلى رأسه السعودية، فقد تورطت في معركة بلا أفق محدد، وأصبح التراخي، وإطالة أمد الحرب، وغياب أي مشروع وطني أو تربوي مقابل، بمثابة شيك على بياض للحوثيين بتنفيذ برنامجهم التربوي والعقائدي بكل أريحية، والنتيجة أن المنطقة برمتها ستدفع ثمن هذه "المرحلة الرخوة من تاريخ اليمن" التي تحوّل فيها الحوثيون من مجرد جماعة ميليشيا مسلحة؛ إلى مدرسة قتالية وماكينة تربية مغلقة، تُنتج مقاتلين عقائديين مؤمنين بمشروع لايعترف بالحدود ولا بالشراكة ولا بالاختلاف، وستكتشف السعودية، كما اليمن، أنها الخاسر الأكبر من هذه المخرجات، التي ستكون في الغد القريب أدوات صراع، لا أدوات تعايش..
لقد أثبتت الحرب أن الخطر لايكمن في الجبهات فقط، بل في المدارس والمناهج والمراكز العقائدية، ومن يُهمل هذه الجبهة، ويفشل في خوض هذه المعركة، سيُهزم وسيفقد المعركة كلها، حتى لو انتصر عسكرياً، لأن من يُشكل العقول، يحصد المصير ويتحكم بالمستقبل..