موقع النيلين:
2025-12-15@00:39:55 GMT

مكي المغربي: الديموقراطية الاسلامية

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT


لا يميل الفقه الاسلامي الى ترجيح رأي الجمهور وإن كانت الأكثرية محترمة ومعتبرة ولكنه يأخذ بالاجماع، ويجوز أن ينعقد الاجماع مع وجود مخالفين إذا كانوا قلة مقارنة بالأصل. ولذلك في حالة شذوذ أو خروج البعض عن الاجماع يظل الأمر إجماعا منعقدا ولا تنزل مكانته الى الوصف بأنه رأي الجمهور والذي يسمى حاليا بالأغلبية المطلقة أو الثلثين فأكثر 67%.

الأغلبية البسيطة (ذات النصف زائد واحد) 51% تسمى إنقساما وإنشقاقا حسب الحالة، وقد يرى البعض -في مجال السياسة- أن التعويل عليها يعزز مبدأ التداول السلمي للسلطة وهذا صحيح في ظاهر الأمر وأوله ولكن من أكبر أضرارها تكريس حالة الانقسام وإجبار (ما يقارب النصف) على رأي (ما يجاوز النصف) وهذا مثل إجبار الزوجة على رأي ضرتها لزيادتها في الأولاد بعدد واحد فقط.

إن التعويل على الأغلبية البسيطة باعتبارها رأي الشعب خطأ لأن الفارق قليل للغاية، والضرر الذي يظهر في انقسام المجتمع على مستوى التقنين واتخاذ القرار سيتنزل إلى مستوى تطبيق القانون وتنفيذ القرار، فينشغل المجتمع بمعركة أخرى، أو بالأحرى هو ترحيل للانقسام من الجهاز التشريعي إلى المستوى التنفيذي وأفرع الدولة كلها، ومنها إلى عامة الناس مجددا، فالنخبة أو السلطة المنتخبة بدلا من التوفيق والتصالح والإبداع في إيجاد الحلول،

تشرعن إنقسامها، كيف إذن تكافأ بتمريره؟ وبالشهادة لها بسلامة الممارسة؟ هذا غير صحيح، فالقول بأن الأغلبية البسيطة تعزز التداول السلمي للسلطة أمر يكذبه الواقع في كبريات الديموقراطيات، ومثال ذلك مؤخرا في أمريكا، عندما يجتاح المتظاهرون الكونغرس بالعنف لايقاف إحصاء الاصوات، وعندما تتمرد قوات ولاية تكساس وتناصرها ولايات يحكمها الحزب الجمهوري، وعندما تنشأ حركات إرهاب ليبرالي مثل (أنتيفا) التي تجرد المحافظين من الحق في حرية التعبير، والحبل على الجرار.

أجتهدت في التفكير للتوصل إلى النسبة التي لو خرجت من الاجماع لا يعتد بها ولا تؤثر فيه، وذلك بغرض التوصل إلى الاجابة متى تكون الشورى ملزمة لأنها حازت وصف الإجماع؟ أو بالأحرى متى ينقص من الإجماع ما لا ينقض وصفه إجماعا؟

سبق أن قلنا أن ما يصطلح عليه بالديموقراطية هو الاحتكام لرأي الخاصة أو العامة، هو موجود في حالة الشورى الملزمة في الفقه الاسلامي وفق شروط محددة، وعليه فإن تحرير مستند الإجماع، وتحديد وزنه هو الأهم إذ لا مشاحة في مصطلح الديموقراطية في ذاته.
هذا الاجتهاد ضروري للغاية، ليس فقط لأننا نتلمس مقاصد الشريعة الاسلامية في حياتنا ونرفض من يستكبر على الدين ويقضي بحبسه في دور العبادة.

ولكن لأن الديموقراطية الحادثة ذاتها ثبت أنها تحتاج الى الإسلام فهو دين المعرفة العلمية والمنطق السديد والفطرة السليمة والحجة البالغة، وهو نعمة على التجارب الإنسانية يتمم مكارمها ويقيل عثراتها.

أقول وبالله التوفيق:
يقول الرسول الكريم في حديث الوصية (الثلث والثلث كثير) إذن المفاضلة هنا بين الثلثين والثلث هي بين (أكثر) و (كثير) والأكثرية لا تسمى إجماعا، ولا بد من البناء على هذا الدليل حتى نتوصل إلى القسمة الصحيحة.

يجب أن يزول عن الثلث المتبقى الكثير منه لصالح الأكثرية فيفقد بذلك صفة (الكثير) وهذا يتم بأن يذهب (ثلث الثلث) لصالح (الثلثين).

بالشرح الأوفى، لو قسمنا الأمر إلى تسعة أقسام، صار الثلثان ستة أقسام، وصار الثلث ثلاثة أقسام فإذا ذهب قسم منه إلى الستة فقد ذهب كثير منه حسب الحديث، وبذلك يفقد الثلث وصف الكثير الذي حازه أولا، وجاز وصف القسمين منه بالقليل.

هذا يقودنا إلى الى أن الشورى إذا بلغت درجة سبعة من تسعة فهي ملزمة ولا يجوز مخالفتها. إذن نسبة 9:7 أو ما يقارب 78% هي النسبة الديموقراطية الملزمة شرعا.
السؤال هو ماذا يحدث في حالة عدم الوصول إلى هذه النسبة؟!

الجواب لو تم الاتفاق بهذه النسبة على التصرف بنسبة الثلثين بشروط محددة وفي قضايا محددة جاز العمل بها، والا فأن الأصل بقاء الأمر على ما هو عليه، أو يرفع الخلاف قرار السلطة المؤسسة على نسبة السبعة أتساع أو 78% تقريبا.

بناء القرار على ما دون الثلثين هو تأسيس على إنقسام ولو تم اجازته بنسبة النصف زائد واحد أو كل ما أقل من الثلثين تكون الشورى قد اتفقت على نقض الشورى، هو أمر لا يجوز البتة، ويجوز للسلطة التي المؤسسة على الشورى الملزمة مخالفته لانها بنيت على إجماع وهذا إنقسام.

ختاما، أعتقد أن تأسيس الكيان أو تجمع أو حزب على هذا المعيار والمرجعية مفيد، لأنه يثمر عن ممارسة ديموقراطية إسلامية داخل الكيان، وهي ممارسة عن قناعة وفقه حقيقي وغير مستعار، وليست بغرض التزين بالحداثة في حين أن القرار الحقيقي يطبخ في مجموعات ضيقة ليتم تمريره بالشكل الديموقراطي والذي لا يؤمنون به من الأساس.

خلاصة القول: ديموقراطية بهذا القيد الفقهي الإسلامي ذي النسبة العالية 78% أفضل من ديموقراطية قليلة القيود لكنها مجرد نفاق وإدعاء.

مكي المغربي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

“حيحا” عودة مسرحية إلى التراث المغربي بروح معاصرة

الثورة نت /..

تقدّم فرقة مسرح البساط عملها الجديد “حيحا” في عودة إلى جذور الحكاية المغربية، مع إعادة صياغتها بلغة مسرحية تستحضر الذاكرة الشعبية وتمنحها أفقاً جديداً. العرض، الذي قُدّم الأسبوع الفائت بمسرح سيدي بليوط بالدار البيضاء ضمن مهرجان الأصيل الوطني للفن والثقافة، يستلهم تراث البساط والحلقة وعبيدات الرمى، ويحوّله إلى بناء درامي يشرك المتفرج في قلب الحكاية.

تبدأ المسرحية في السوق الأسبوعي، مسرح الحكواتيين التقليدي. يصل أربعة حكواتيين ويتنازعون أسبقية افتتاح الحلقة، فيلجأون إلى طقس بسيط لحسم الخلاف: يضع كل منهم بَلْغَته (حذاء تقليدي) في كيس واحد، ويُترك لمتفرج من الجمهور اختيار واحد. بهذا الفعل العفوي، يعيد المخرج عبد الفتاح عشيق تشكيل العلاقة بين الخشبة والقاعة، ليصبح الجمهور شريكاً في صناعة الحكاية لا مجرد متلقٍّ لها.

تستعيد المسرحيةُ أسماء حكواتيين سكنت الذاكرةَ الجماعية؛ مثل: لمسيح والكريمي وزروال ولبشير. هي أسماء تنتمي إلى فضاءات بدت في طريقها إلى الأفول، من جامع الفنا إلى ساحة الهديم وساحة تارودانت، تستحضرها “حيحا” بوصف أصحابها علامات دلالية على زمن كان الحكي فيه فعلاً يُرمّم الوجدان ويمنح المعنى للمهمّشين.

من خلال أربع حكاياتٍ تتوازى في خطاباتها وتتشابك في رموزها، تبني المسرحية عالماً يتداخل فيه العبث مع النقد الاجتماعي. وفي هذا العالم، تظهر إحدى الحكواتيات التي تُمنع من تقديم رقمها، في إقصاء لصوتها، فتبقى في الانتظار على هامش الحلقة. هذا الإقصاء يفتح الباب لقراءة رمزية عميقة، فالمرأة التي تُؤجل حكايتها ليست سوى صورة لصوت مُعطَّل، لحضور يُراد له أن يُهمَّش، وكائن يترك خارج دائرة الاعتراف.

مشهد أخير يتحوّل فيه الانتظار الطويل إلى حدثٍ مفصلي

تبلغ المسرحية ذروتها في مشهدها الأخير، حين يتحوّل الانتظار الطويل إلى حدثٍ مفصلي. تُزف الحكواتية نفسها، التي ظلّت مؤجَّلة، إلى أحد الحكواتيين في عرس مغربي تراثي يستعيد الطقوس في صفائها البدائي؛ زغاريد، رقصات وإيقاعات الرمى، وأهازيج تفتح باب الفرح على مصراعيه. يتحول الختام بذلك إلى لحظة استرجاع للحق في الحكي، وكأن العرض يعلن أن الحكاية التي حاول البعض إسكاتها ستجد طريقها مهما طال الزمن.
تتشكل اللوحة بفضل أداء جماعي وسينوغرافيا بُنيت على رؤية تجعل الحلقة مركز الفعل المسرحي، تحيطها مرايا تعكس حركة الجسد والصوت، وتفتح لها ممرات محفوفة بالضوء والموسيقى التي صاغها رضى مساعد، فيما أضفت صفاء كريث من خلال الأزياء، وعبد الرزاق أيت باها من خلال الإضاءة، طبقات جمالية أثرت الفضاء الدرامي.

كل ذلك تحت إشراف عبد الفتاح عشيق، مؤلف ومخرج العمل، الذي يقول”: “حاولتُ، رفقة فريق العمل، جعل التراث يتكلّم من جديد بلغته القديمة وروحه المعاصرة، فكان. أردنا للحلقة أن تستعيد مكانها الطبيعي؛ فضاءً يُنصف الحكاية ويُعيد للإنسان حقَّه في أن يسمَع قبل أن يرى”

مقالات مشابهة

  • مجلس الشورى يستعرض عدداً من الردود الوزارية وأدوات المتابعة
  • تشييع جثمان الشهيد أحمد المغربي في بني حشيش بمحافظة صنعاء
  • فيفا يرشّح المصرية شاهندة المغربي للتحكيم في كأس العالم للسيدات بالبرازيل
  • بمشاركة المغربي رضوان.. محمد رمضان يستعد لتصوير أغنية الأمم الأفريقية
  • “حيحا” عودة مسرحية إلى التراث المغربي بروح معاصرة
  • سعادته ومعاليه.. علاقة تكاملية أم خلافية؟
  • هل يستطيع حزب العدالة والتنمية المغربي إعادة بناء نفسه؟ رأي من الداخل
  • رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة عبد الفتاح الماوري
  • «الوطني الاتحادي» يستقبل وفد «الشورى العُماني»
  • الوداد المغربي يفاوض نجم المصري .. سيف زاهر يكشف