من يبرّد حمّى الحرب الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
بعد مرور 139 يوما على حرب الدمار الشامل والإبادة الجماعية، التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على أهالي قطاع غزة، بلغ عدد الشهداء 30 ألفا والجرحى 70 ألفا، وجرى تدمير حوالي 60% من المباني والمنازل، وزاد عدد المهجرين عن 1.7 مليون شخص، معظمهم في مدينة رفح ومحيطها. وهدمت قوات «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» 390 مدرسة، و183 مسجدا وثلاث كنائس، إضافة إلى تدمير الغالبية الساحقة من المستشفيات والمرافق الصحية، والتسبب بأضرار جسيمة للشوارع وشبكات المياه والصرف الصحي.
وإذ تواصل إسرائيل حربها الإجرامية على غزة وترتكب الفظائع على مدار الساعة، أفشلت الولايات المتحدة في مجلس الأمن وللمرة الثالثة مشروع قرار وقف إطلاق النار، باستعمال «حق النقض – الفيتو». ولم تجد المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة حرجا من الادعاء بأن وقف النار سيعرقل «الجهود المبذولة لتحرير الأسرى»، وكأن هذا أهم من المذابح اليومية التي يزيد ضحاياها عن عدد الأسرى مئات الأضعاف.
ويبدو أن قضية الأسرى هي شماعة الفيتو الأمريكي، والأصل أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل في غاياتها العسكرية، والخلاف بينهما ليس حول الحرب، بل عما بعدها.
قابلت إسرائيل الفيتو الأمريكي بارتياح مضاعف، لأنه أفشل قرارا أمميا بوقف إطلاق النار، ولأنه جاء ليؤكد أن الإدارة الأمريكية تقف إلى جانب إسرائيل وحربها، بالرغم من الخلافات والتباينات في المواقف، التي طفت على السطح السياسي مؤخرا، لكن من الواضح أنها لم تتغلغل إلى عمق الروابط الاستراتيجية ولم تؤثر فيها. ويشكل الفيتو الأمريكي ضوءا أخضر لمواصلة الحرب، ويقطع الشك باليقين بأن إدارة بايدن لا تريد أن توقف إسرائيل عند حدها ولا تسعى للجم عدوانها. وهكذا تجد إسرائيل نفسها مرتاحة لأنها لا تواجه ضغطا أمريكيا، وأمريكا مرتاحة أيضا لأنها لا تحس بضغط عربي عليها لتتحرك لوقف الحرب.
قد يظن البعض أن الحرب ستتوقف نتيجة لتفاعلات جوانية في داخل المجتمع الإسرائيلي، ولكن لا دليل على تطور كهذا في مواقف الجمهور أو النخب في الدولة الصهيونية. فقد دل آخر استطلاع للرأي، أجراه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن 61% من الإسرائيليين يدعمون مواصلة الحرب حتى تقويض حركة حماس، حتى لو أدى ذلك إلى عدم إعادة المحتجزين، وأجاب 29% أنهم يعارضون ذلك وقال 10% أن لا رأي لهم في الموضوع.
هذه النتيجة، التي ظهرت في استطلاعات أخرى أيضا، هي تأكيد على أن هستيريا الحرب ما زالت تعصف في المجتمع الإسرائيلي، الذي يفضل الحرب على حياة المحتجزين. ويبدو أن نتنياهو يعرف ماذا يريد الجمهور، ويعمل على استرضائه وإشباع رغبته في الانتقام، أملا باستعادة ما خسر من دعم شعبي. وعلى هذه الخلفية جاء تصريح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن قضية المحتجزين «ليست القضية الأهم».
تكرار الحديث عن توسيع التطبيع والادعاء بأنه سيوقف الحرب، يثير الشبهات
آراء الشارع الإسرائيلي ليست القول الفصل في القرار السياسي والأمني، لكنْ لها تأثير كبير على القيادات الإسرائيلية، التي تتعلق مكانتها ومستقبلها بمدى رضى الجمهور عنها. ومن النتائج اللافتة في الاستطلاع، أن 24% تدعم احتلالا دائما لقطاع غزة ونفس النسبة تؤيد الاستيطان فيه، وفقط 5% تقبل بتسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية، بينما يرى %39 من المستطلعين أن الحل هو أن يكون القطاع خاضعا لسيطرة قوات دولية.
وتدل هذه النتائج على أن الجمهور الإسرائيلي لا يرفض حماس فحسب، بل ومعها السلطة الفلسطينية وبأنه يقبل بشعار نتنياهو «لا حمستان ولا فتحستان». وهي تدل كذلك على أن هناك كتلة كبيرة داعمة للاستيطان ولاحتلال دائم لغزة، ما سيعزز اندفاع قوى وازنة في اليمين إلى تبني هذا الموقف جهارة والعمل على تجسيده على الأرض.
لقد غاب عن الاستطلاع، وعن كل الاستطلاعات الأخرى، توجيه أسئلة حول المعاناة والدمار في غزة، وهذا جزء من المسكوت عنه في تشكل الوعي الجمعي الإسرائيلي، حيث يسود التجاهل شبه الكامل لفظائع قتل عشرات الآلاف وتدمير المنازل والمرافق الحيوية. ويجري ذلك في ظل التحريض والتشويه وتنمية الأحقاد العنصرية وتمجيد الانتقام وخيانة النخب الثقافية لواجبها «الأخلاقي» وكذلك خيانة الإعلام لأصول المهنة. هستيريا الحرب الإسرائيلية ليست نتاجا لما يقال ويشاهد فحسب، بل وبنفس الدرجة لما لا يقال ولا يشاهد.
نشرت القناة 12 الإسرائيلية مضامين رسالة وجهها، الوزير في «كابينيت الحرب المصغر» ورئيس الأركان الأسبق، الجنرال (احتياط) جادي آيزنكوت إلى أعضاء الكابينيت، حملت تحذيرات وانتقادات حادة لكيفية إدارة الحرب، في ظل غياب رؤية وقرارات استراتيجية، ومطالبة باتخاذ سلسلة من القرارات «الحاسمة والضرورية» تضبط الاتجاهات وصولا إلى أهداف عسكرية وسياسية محددة.
تكمن أهمية هذه الرسالة بمضمونها وبهوية كاتبها، فمن الواضح أنها تعبر إلى حد كبير عن مواقف وتوجهات قيادة الجيش، التي يعتبر آيزنكوت الأقرب إليها من بين الوزراء، وهو «وزير عسكري»، إذا صح التعبير. كما أنه عضو في «كابينيت الحرب»، ما يعني أنه شريك في الدائرة الأولى لاتخاذ القرار وعلى دراية تامة بكافة أسرار الحرب.
إضافة لذلك يتمتع آيزنكوت بتقدير عال في الرأي العام وفي أوساط النخب الإسرائيلية بسبب رصيده الأمني وشخصيته «المتواضعة»، وزاد التعاطف معه بعد أن قُتل ابنه، الشهر الماضي، خلال اجتياح غزة، وهو يحصد شعبية في الاستطلاعات لا تقل عن شريكه في «معسكر الدولة»، بيني غانتس، وقد يتفوق عليه.
أيزنكوت هو مؤلف كتاب «استراتيجية الجيش الإسرائيلي»، الذي يعتبر أحد أهم مرجعيات عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي، وهو يدأب منذ بداية الحرب على تسطير تقرير أسبوعي يحوي تقييما عسكريا واستراتيجيا عن التطورات وعن مآلاتها. التقرير الذي جرى تسريبه يخص الأسبوع الماضي، ويبدو أن هدف التسريب هو «دفش» آيزنكوت وغانتس إلى خارج الحكومة، لاعتبارات منافسة حزبية من أطراف تريد أن تحل مكانهما.
أولا، الحكومة تركز على الإنجازات التكتيكية عوضا عن السعي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
ثانيا، الحكومة لم تتخذ قرارات مهمة منذ ثلاثة أشهر، وعدم الحسم يصعب الوصول إلى الأهداف.
ثالثا، الحرب لم تصل إلى إتمام أي من غاياتها. وما تحقق جزئيا هو: القضاء على حماس وقدراتها العسكرية، واستعادة المحتجزين، وإعادة الأمن إلى غلاف غزة. وما لم يتحقق بالمرة هو: تعزيز الأمن الشخصي والمناعة القومية، والوصول إلى وضع لا يشكل القطاع فيه تهديدا لإسرائيل.
رابعا، دعوة للحسم واتخاذ قرارات هامة منها: الانتقال فورا إلى المرحلة الثالثة (إعادة انتشار ومداهمات)، واتمام صفقة تبادل قبل شهر رمضان المبارك، منع التصعيد في الضفة الغربية خلال رمضان، مناقشة مفهوم «النصر المطلق» بجدية وتوضيحه عملياتيا.
تكشف رسالة آيزنكوت عن بعض أوجه النقاش بين متخذي القرار الأمني – السياسي في إسرائيل، وهم اليوم خمسة: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير الأمن يوآف غالانت، الوزير بيني غانتس، الوزير جادي آيزنكوت ورئيس الأركان هرتصي هليفي. ولكن، بالرغم من الخلافات الكثيرة في هذه الخماسية، فهم يجمعون على مواصلة الحرب وصولا إلى تحقيق هدفها الأول وهو تقويض القدرات العسكرية والسلطوية لحركة حماس.
ويدل سلوكهم وتصريحاتهم على أنهم راضون تماما عن «إنجازات» جيشهم في القتل والدمار، وما يقلقهم هو التلكؤ في تحقيق الأهداف العسكرية. العدوان متواصل إلى حين تحقيق «الأهداف»، وليس هناك أي مؤشر بأن المجتمع السياسي الإسرائيلي قابل لاتخاذ قرار بوقف دائم للحرب في الأشهر المقبلة.
حمّى الحرب في المجتمع الإسرائيلي في أوجها، وهي لا تسبب هلوسات عسكرية فحسب، بل تقذف ألسنة اللهيب لتحرق الأخضر واليابس، وتفتك بالأطفال والنساء والرجال والشيوخ بأرقام تفوق الخيال. فهل هناك من يبرّد هذه الحمّى الفتاكة؟ الجواب أن بعض الأطراف قادرة على ذلك إن أرادت، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ولكنها لن تتحرك فعلا إن لم تتعرض للضغط العربي.
المطلوب ضغط فعلي ووعيد بالابتعاد عن أمريكا، لا وعدا بالتطبيع مع إسرائيل والالتصاق أكثر بالعم سام. تكرار الحديث عن توسيع التطبيع والادعاء بأنه سيوقف الحرب، يثير الشبهات، وهو بمثابة صب الزيت على نيران الحرب الإسرائيلية، وهل هناك حاجة للقول بأن زيوت التطبيع لا تطفئ نارا؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحرب الفلسطينية فلسطين غزة الحرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أن
إقرأ أيضاً:
الحرب على غزة تربك البنية النفسية لقوات الجيش الإسرائيلي
القدس المحتلة- في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه أمام تحديات غير مسبوقة، تتجاوز ساحات المعارك إلى عمق الجبهات الداخلية، ليس فقط على صعيد العتاد والخطط، بل في البنية النفسية والإنسانية للجنود أنفسهم.
إذ دفعت أزمة حادة في القوى البشرية الجيش إلى اتخاذ قرارات استثنائية، من بينها استدعاء جنود مصابين باضطرابات ما بعد الصدمة وأشخاص يعانون إعاقات نفسية دائمة، للمشاركة مجددا في العمليات القتالية، في وقت يشهد فيه الجيش تآكلا واضحا في قدراته البشرية والمعنوية.
وتكشف تقارير صحفية إسرائيلية، من بينها تقرير نشرته صحيفة هآرتس، عن تداعيات نفسية خطيرة بين صفوف الجنود، وسط ارتفاع حالات الانتحار والانهيار النفسي.
وحسب الصحيفة، فإنه حتى نهاية عام 2024، سجلت على الأقل 35 حالة انتحار في صفوف الجنود منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما صنفت وزارة الأمن الإسرائيلية نحو 9 آلاف جندي معاقين نفسيا منذ بدء العمليات، وهو ما يسلط الضوء على الكلفة البشرية الباهظة للحرب.
ووفق معطيات وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن قسم إعادة التأهيل يعالج نحو 78 ألف جريح من حروب مختلفة، بينهم أكثر من 26 ألفا يعانون إصابات نفسية، منهم نحو 11 ألف حالة مشخصة باضطراب ما بعد الصدمة، ومنذ اندلاع الحرب في غزة، أُضيف إلى هذا الرقم نحو 17 ألف جريح جديد، بينهم قرابة 9 آلاف مصابون بإعاقات نفسية.
بات الجيش الإسرائيلي عالقا بين ضغوط التوقعات السياسية والعسكرية واستنزاف القوى البشرية والنفسية، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت، إذ يواجه تحديات متصاعدة أبرزها نقص العتاد، وتراجع عدد الجنود، وتصاعد التهرب من الخدمة، خصوصا بين الحريديم، مما يثير شكوكا حول قدرته على خوض حرب موسعة جديدة في غزة.
إعلانواستعرض محللون التأثيرات النفسية للحرب على الجنود الإسرائيليين، وتداعيات ذلك على أداء الجيش واستعداده لخوض جولات جديدة من القتال، في ظل أزمات متفاقمة ومخاطر إستراتيجية متصاعدة.
أزمة عميقةكشف الصحفي الاستقصائي في صحيفة هآرتس، توم ليفينسون، عن معطيات صادمة تعكس عمق الأزمة التي يعانيها الجيش الإسرائيلي على صعيد القوى البشرية والنفسية، في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة.
وحسب التحقيق، فإن الجيش اضطر بسبب النقص الحاد في المقاتلين لاستدعاء جنود من الاحتياط، بعضهم يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة وحتى إعاقات عقلية دائمة، الأمر الذي تسبب في وقوع مآسٍ إنسانية، بينها حالات انتحار مؤكدة.
وأشار ليفينسون إلى أن الجيش الإسرائيلي جند جنودا مصابين بأمراض نفسية في وحدات قتالية، دون إجراء تقييمات صحية دقيقة، خشية أن تكشف الفحوصات عن أزمة واسعة في صفوف الاحتياط. ونتيجة لذلك، أعيد تجنيد مئات المصابين رغم إدراك الجيش لخطورة حالاتهم، وقال أحدهم: "أنا في خطر… قد أؤذي نفسي أو الآخرين".
وأوضح ليفينسون أن هذه المعطيات المتراكمة تُنبئ عن أزمة ممتدة ومعقدة يعيشها الجيش الإسرائيلي، لا تقتصر على الجبهة القتالية، بل تفتك بالبنية الداخلية النفسية للمؤسسة العسكرية، وتطرح علامات استفهام كبيرة حول قدرة الجيش على الاستمرار في حرب طويلة، وسط نزيف صامت في الأرواح والعقول.
واستشهد بجنازة في أبريل/نيسان الماضي، حيث احتشد المئات في المقبرة العسكرية "كريات شاؤول" بتل أبيب لتشييع جنازة عسكرية، بدت للوهلة الأولى كغيرها من الجنازات المتكررة منذ بدء الحرب، لكن الجندي لم يُقتل في المعركة بل انتحر، ولم يعلن اسمه أو يسمح بتغطية إعلامية، وتعد حالته واحدة من عدة حالات انتحار رفض الجيش حتى الآن الإفصاح عن أعدادها العام الحالي.
وتسلط هذه الحادثة الضوء، بحسب ليفينسون، على خلل بنيوي في التنسيق بين وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي، الذي لا يمتلك حتى اليوم قاعدة بيانات محدثة تشمل جميع المصابين نفسيا الخاضعين للعلاج في قسم إعادة التأهيل التابع للوزارة، مما يجعل من السهل أن يعاد استدعاء الجنود المصابين دون علم الوحدات العسكرية بذلك.
في مقال تحليلي نشر تحت عنوان "معضلة 2025: إلى أين يتجه القتال في غزة؟"، تناول الصحفي الاستقصائي والمحلل العسكري رونين بيرغمان في صحيفة يديعوت أحرونوت حالة التخبط داخل الجيش الإسرائيلي، في ظل إدراك متزايد لدى قياداته بأن توسيع العمليات العسكرية في غزة لن يفضي إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين، ولا إلى هزيمة حماس.
إعلانويرى بيرغمان أن الجيش عالق في "مصيدة" متعددة الأوجه، فمن جهة، هناك جمهور إسرائيلي لم يعد يدرك لماذا استؤنفت الحرب، ويشعر بفقدان الاتجاه والهدف، ومن جهة أخرى، تقف عائلات الأسرى التي تخشى من المخاطر المتزايدة للخطوات التصعيدية على حياة أبنائهم.
وفي حين يظهر المستوى السياسي، وعلى رأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، دعما غير مشروط للجيش، يلمّح بيرغمان إلى أن هذا الدعم قد يكون مدفوعا برغبة في تحميل الجيش لاحقا مسؤولية أي فشل أو انهيار، إذ يواصل الجيش تنفيذ خطة لتوسيع الحرب، رغم الشكوك المتزايدة داخل قياداته بشأن جدوى هذا التصعيد.
يصف بيرغمان الوضع بأنه أخطر "مصيدة" يعيشها الجيش، فبعد عام ونصف العام من القتال دون حسم، تدفع القيادة الجديدة نحو "احتلال زاحف" لغزة بحثا عن إنجاز غير واضح.
ويحذر بيرغمان من أن التوغل العسكري قد يقود إسرائيل إلى احتلال كامل لغزة، وهو خيار يرفضه معظم كبار الضباط بوصفه عبئا أمنيا، وينقل عن مسؤول استخباراتي أن الجيش أبلغ القيادة أن "استعادة الأسرى أحياء لن تتم إلا عبر التفاوض مع حماس".
فوضى متزايدةويرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل أن إسرائيل تنجرف نحو فوضى متزايدة في غزة، وأن الخروج من هذا المسار يعتمد على تدخل خارجي، خاصة من واشنطن، فبينما يستفيد نتنياهو سياسيا، تتصاعد المخاطر على حياة "الرهائن" والجنود وعلى مكانة إسرائيل الدولية.
ورغم أن رئيس الأركان الجديد إيال زامير اقترح، في مارس/آذار الماضي، خطة لمناورة واسعة تشمل 6 فرق واحتلالا كاملا للقطاع، فإن هرئيل يقول إن "التحركات العسكرية الحالية تبقى محدودة"، فقد تم استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط، لكن قلة منهم نُشرت في غزة، بينما توجهت معظم القوات إلى الضفة والحدود الشمالية.
في المقابل، يضيف المحلل العسكري أن الغارات الجوية تتصاعد استعدادا لما تسمى عملية "عربات جدعون"، وسط تحذيرات أمنية من كارثة إنسانية مرتقبة خلال 10 أيام، واحتمالات متزايدة لتورط دولي وعقوبات إذا لم يتدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرملة التصعيد.
إعلان