وماذا بعد أن انفرط عقد العالم؟
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
من الإنصاف أن نعترف بأن عقود الحرب الباردة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، قد أفادت كثيرا دول العالم الثالث في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حينما راحت الصراعات بين القطبين الكبيرين (الولايات المتحدة الأمريكية والغرب) في مواجهة الاتحاد السوفييتي، بعد أن انقسم العالم إلى قوتين كبيرتين راحت كل منهما تبحث عن حلفاء جدد من دول العالم الثاني أو الثالث، وهي حقبة حدثت فيها الكثير من الأخطاء إلا أن فيها الكثير من الإيجابيات أيضا.
ففي مجال الثقافة والفنون والآداب ومختلف المعارف راحت تتفجر طاقات مذهلة في كافة المجالات، وقد راحت دور النشر ومجتمع السينما والدراما التلفزيونية، راح جميعهم يتسابقون في إنتاج أعمال متنوعة لا شك أن بعضها كان يؤدي وظيفة سياسية، وبصرف النظر عن هذا الصراع الذي اتسم بالخشونة أحيانا في قضايا كثيرة من قبيل أحداث كوبا أو حرب السويس أو حرب ڤيتنام وما أعقب ذلك كله من تفاقم الصراع العربي-الإسرائيلي، أعتقد أن كل هذه الصراعات كانت سببا كافيا حال دون انفراد أي من القوتين بمصير العالم الثالث، وبدا واضحا ما عُرف في العلاقات الدولية بمبدأ توازن القوى، إلا أن علينا أن نعترف أن مستقبل الاتحاد السوفييتي راح يتراجع مع نهايات القرن العشرين لأسباب كثيرة، ليس من بينها فقط مؤامرات الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وإنما السبب الأهم هو أن السوس كان ينخر في عظام هذا الكيان الكبير منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي، لأسباب كثيرة لعل من بينها هيكلة الاقتصاد الموجه والإسراف المبالغ فيه في المجالات العسكرية على حساب التكنولوجيا المتقدمة، وتدهور الحياة الاجتماعية في الوقت الذي راحت تتطور الحياة في أوروبا في ظل وسائل التواصل والانفتاح على العالم، ولم يكن المشهد خافيا على المفكرين والمثقفين ومعظم المجتمع الروسي.
أعتقد أن المجتمع الروسي قد حمل عوامل تراجعه وانهياره، خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، ولعل من أخطر تلك العوامل كانت قضية الحريات وتعاظم دور الحزب الواحد والرأي الواحد والسياسة الواحدة في كل مناحي الحياة، وهي سياسات ثبت فشلها، بينما كل المجتمعات التي تقدمت وحققت نهضاتها كان قوامها دائما الحرية والابتكار وحرية السوق مع اقتصار دور الدولة في التشريع والرقابة، ووضع قواعد تشريعية قانونية ضرائبية، تحقق التوازن وتقيم العدالة في المجتمع، وجميع هذه الأمور مرت بمراحل كثيرة منذ القرن الثامن عشر، وحتى نهاية القرن العشرين، إلى أن استقرت القيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وجميعها أدت إلى تقدم الغرب كل هذا التقدم العظيم.
رغم ما آل إليه مصير الاتحاد السوفييتي من تفكك وخروج كل الدول التي سبق أن لحقت به منذ نهايات الحرب العالمية الثانية وانفرادها بمقومات اقتصادية ضخمة، وما حققته من نمو اقتصادي عظيم، إلا أنها لم تحقق الأمن الاستراتيجي لهذا الكيان الكبير، سواء بسبب مؤمرات دول الغرب والولايات المتحدة، أو لأنها بقيت قابضة على مقاليد الدولة الجديدة، في عصر لم تعد هذه السياسة تتناسب والعالم الجديد.
لعل بلادنا العربية ومعظم دول العالم الثالث قد لحقها ضرر كبير من جراء هذا الصراع الغربي الروسي، سواء بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، أو بسبب تعقد المشهد في شقه السياسي وأصبحنا ما بين موقفين لا نملك عنهما بديلا إما الانحياز الدبلوماسي الناعم للروس، أو الدعم المطلوب لأوكرانيا بناء على الضغوط الأمريكية، وهو الموقف الذي لم يُحسم بشكل واضح، وراحت الكثير من الدول العربية تراوح بين موقفين لم يحسما بشكل نهائي إلى أن وقعت أحداث غزة ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، وهي الأحداث الأخطر التي أعادت القضية إلى موقعها في الصراع الدولي، بعد أن أوشكت على التلاشي والدخول في متاهات النسيان، إلا أن الأخطر في كل هذا المشهد، هو ما يتعرض له الفلسطينيون من ممارسة كل أعمال العنف واستخدام كل الأسلحة الفتاكة التي ابتكرتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية في حرب غير إنسانية وغير متكافئة.
كان غياب التوازن الدولي واضحا في هذا الصراع، حينما تولى الأمريكان والغرب ومعهما دول كنا نراها صديقة للعرب، كالهند مثلًا، إلا أن كل هذه القوى راحت تدعم إسرائيل في حرب غير متكافئة، وعلى مساحة في أرض غزة التي لا تتجاوز ٣٥٠كلم، وهي حرب لا يمكن أن تكون متكافئة، فهي حرب بين شعب أعزل وبين جيش يملك كل الدعم العسكري والأسلحة الفتاكة التي راحت تحصد عشرات الألوف، وتدمر مئات الآلاف من المنازل على ساكنيها في مشهد مروع، وقد اكتفت دول كثيرة بمجرد إعلان الشجب، بينما راحت الدول الكبرى في العالم تدعم بكل صلافة هذا العدوان، ولم تستطع الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا حتى محكمة العدل الدولية على اتخاذ قرار ضد إسرائيل بوقف العدوان.
أعتقد أن غياب الاتحاد السوفييتي السابق وتراجع دوره عن المشهد قد أودى بمصير العالم إلى هذا الواقع البائس، ولعل من المناسب التأكيد على أن دولنا العربية هي الأخرى قد شاركت بشكل لا بأس به في تراجع دور روسيا، حينما صدَّرنا إلى شعوبنا وأقحمنا في ثقافتنا المفاهيم الملتبسة عن الشيوعية، التي اعتقد البعض أنها كانت تهدد حياتنا الاجتماعية وقيمنا الدينية، لذا خاضت بعض الدول العربية حروبا في أفغانستان ودول آسيا الوسطى وكثير من دول إفريقيا بحجة محاربة الشيوعية، وأنفقنا مئات الملايين وربما المليارات في كل دول العالم، دفاعا عما رأيناه صحيحا، بينما القضية كانت في مجملها شأنا سياسيا، وهو الخطأ الذي لم نلتفت إليه رغم مرور كل هذه العقود الطويلة.
في ظل انقسام العرب، وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بمصائر كثير من الدول، وسيطرتها على الاتحاد الأوروبي، وفي ظل تراجع التوازن الدولي الذي كان أحد أطرافه الاتحاد السوفييتي في حقبة ما، لذا ستبقى كل قضايانا العربية هنا بإرادة أعدائنا، ولعل موضوعا مهما يطرح نفسه، أود أن يحظى بعناية الساسة والمحللين وأصحاب الرأي، هل يمكن للعرب من المشرق إلى المغرب من طنجة غربا إلى مسقط شرقا، ومن العراق شمالا إلى البحر الأحمر جنوبا، بما يملكون من مقومات بشرية واقتصادية ولوجستية عظيمة -هل بإمكان قادتنا ومن بيدهم مستقبلنا أن يجتمعوا على رأي يعيد لهذه الأمة كرامتها وعزتها؟ هل لديهم القدرة على أن يسجلوا لأنفسهم موقفا تاريخيا بعيدا عن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية؟ لو فعلوا ذلك لسجلوا لأنفسهم موقفا تاريخيا قد يغير المنطقة كلها، وربما يغير تاريخ العالم.
د. محمد صابر عرب أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر ووزير الثقافة المصرية (سابقا) ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية (سابقا).
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الاتحاد السوفییتی دول العالم إلا أن
إقرأ أيضاً:
فتاوى وأحكام.. من هم الملائكة السيّاحين .. وماذا يفعلون؟.. هل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟.. هل الموت في الحج حُسن خاتمة؟.. هل يلزم ترديد أذكار الصباح قبل الظهر أم تجوز بعده؟
فتاوى وأحكام
من هم الملائكة السيّاحين .. وماذا يفعلون؟
هل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟
هل الموت في الحج حُسن خاتمة؟
هل يلزم ترديد أذكار الصباح قبل الظهر أم تجوز بعده؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى التى تهم كثير من المسلمين، وسوف نستعرض بعض منها فى التقرير التالى.
من هم الملائكة السيّاحين .. وماذا يفعلون؟
يقول الله تبارك وتعالى: “إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]”، ووصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالصلاة عليه لما لها من فضل عظيم في رفع الدرجات، وهي صلاة في حقيقتها فريضة من الفرائض، وجاء عن الصحابي الجليل أُبَىّ بن كعب رضي الله عنه حيث يقول للنبي ﷺ: (قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت. قال: قلت الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قال: قلت فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تُكْفَى هَمَّك ويُغْفَر لك ذنبُك) (الترمذي).
حديث (إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ لله ملائكةً سَيَّاحين في الأرضِ يُبَلِّغوني مِن أُمَّتِي السَّلامَ». [صحيح] - [رواه النسائي]
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأن لله تعالى ملائكة سيَّارين بكثرة في ساحة الأرض، فإذا سلَّم أحد من هذه الأمة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم يبلغون النبيَّ صلى الله عليه وسلم السلام، يقولون: إن فلانًا سلَّم عليك.
وسَيَّاحين : أي سيارين بكثرة في ساحة الأرض.
من فوائد الحديث
1-الترغيب والحثّ على الاستكثار من السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
2-أن سلام المسلم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصل إليه، بتبليغ الملائكة له, قَرُب المسلم أم بَعُد.
3-مشروعية السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا كراهة في إفراده من الصلاة.
4-بيان فضل من يسلم عليه -صلى الله عليه وسلم- من أمته، حيث إن سلامه يبلغ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه يردّ عليه بنفسه, كما ورد في الأحاديث الأخرى.
5-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حي في قبره حياة برزخية كاملة.
6-بيان تعظيم الله -سبحانه وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وإجلال منزلته الرفيعة، حيث سخّر ملائكته الكرام لتبليغ سلام من يسلّم عليه من أمته إليه، قال الله -عزّ وجلّ-: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113].
7-أن الملائكة أقسام، منهم من خصّ بنوع من الأعمال، كهؤلاء الذين يكثرون السياحة في الأرض، ويبلغون النبي -صلى الله عليه وسلم- سلام من سلّم عليه من أمته.
أفضل صيغة للصلاة على النبيالصلاة الإبراهيمية: وهذه الصلاة (الإبراهيمية) تعتبر ركنًا من أركان الصلاة، حيث يختم المصلي صلاته بها متضرعًا بها رب العالمين تقبّل صلاته، وهذا دلالة على مدى مكانة وثواب وعظمة الصلاة على النبي - صلى عليه الله وسلم- عند الله تعالى وفي ديننا الأحنف.
«اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صلاه تفتحُ بيننا وبينه فتحًا مبينًا».
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى اللِهِمْ وَصَحْبِهِمْ أَجْمَعِينَ».
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ بِعَدَدٍ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرْتَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا تَنْبَغِي الصَّلاَةُ عَلَيْهِ».
«اللهم صل على سيدنا محمد ألف ألف ألف مرة"، و"اللهم صل على سيدنا محمد عدد أوراق الشجر وحبات الرمال».
هل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: زعم بعض الناس أن قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أصحابه فوجدهم يقرؤون القرآن جماعة، فقال: «هَلَّا كل منكم يناجي رَبَّه في نفسه». فهل هذا حديث صحيح؟ وهل يصحّ الاستدلال به؟
أجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن قراءة القرآن بصورةٍ جماعيةٍ مُنَظَّمَةٍ لا اعتداءَ فيها ولا تشويشَ عند التلاوةِ أو التعليمِ أمرٌ جائز شرعًا،.
ونوهت أن استدلال بعض الناس ببعض ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم استدلالٌ فاسدٌ مقطوع عن الفهم الصحيح، وتحريفٌ لنصوص السنة النبوية الشريفة، وإنما الوارد عنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الإرشاد إلى تنظيم قراءة القرآن؛ بحيث لا يقع تشويش من القُرَّاء بَعضُهُم على بعضٍ أثناء القراءة.
قراءة القرآن بصورة جماعية
وأِوضحت أن الاستدلال بما ذُكر في السؤال على مَنْعِ ما استَقَرَّ عليه عملُ المسلمين مِن قراءة القرآن بصورةٍ جماعيةٍ مُنَظَّمَةٍ لا اعتداءَ فيها ولا تشويشَ عند التلاوةِ أو التعليمِ استدلالٌ فاسدٌ، وتحريفٌ لنصوص السنة النبوية الشريفة.
وإنما الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الإرشاد إلى تنظيم قراءة القرآن فُرَادى؛ كما في حديث أبي حازمٍ التَّمَّارِّ عن الْبَيَاضِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج على الناس وهم يُصَلُّون وقد عَلَتْ أصواتُهُم بالقراءة، فقال: «إن المُصَلِّي يناجي رَبَّه عَزَّ وَجَلَّ، فليَنظر ما يناجيه، ولا يَجهر بَعضُكُم على بعضٍ بالقرآن» رواه مالك في "الموطأ" والإمام أحمد في "مسنده".
ولا يَدُلُّ هذا الحديث على النهي عن القراءة الجماعية المُنَظَّمَة أو الذِّكر الجماعي كما هو حاصلٌ في مساجد المسلمين وبيوتهم عبر القرون، وإنما فيه النهي عن تشويش القُرَّاء بَعضُهُم على بعضٍ بالقراءة؛ فالاعتداء منهي عنه على كل حال.
قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/ 435، ط. دار الكتب العلمية): [لا يُحَبُّ لكلِّ مُصلٍّ يقضي فرضه وإلى جنبه من يعمل مثل عمله أن يُفرطَ في الجهر؛ لئلا يخلط عليه، كما لا يُحَبُّ ذلك لمتنفل إلى جنب متنفل مثله، وإذا كان هذا هكذا فحرام على الناس أن يتحدثوا في المسجد بما يشغل المصلِّي عن صلاته ويخلط عليه قراءته] اهـ.
ما علاج الكسل في العبادة؟.. الإفتاء تجيب
ما الفرق بين ترتيب النزول وترتيب المصحف؟.. الإفتاء تجيب
آداب الرجوع من الحج.. الإفتاء توضح
الفرق بين علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى .. علي جمعة يوضح
هل الموت في الحج حُسن خاتمة؟
أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال مضمونه: هل من توفاه الله فى الحج هذا دليل على حسن الخاتمة؟.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال فتوى له: "من توفاه الله على طاعة فهذا حسن خاتمة، يعني واحد يتوفى وهو بيصلي واحد يتوفى وهو بيحج، وهو بيقرأ القرآن واحد توفى وهو ذاهب إلى المسجد، كل هذه وفاة على طاعة".
وأضاف: "من توفى أثناء الحج، كتب له الحج حج مبرور إن شاء الله ، حتى لو ما كانش أتم المناسك، سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يبعث الناس على نياتهم)، فمجرد النية، ولكن هذا نوى وتلبس بأعمال الحج بالفعل وتوفي وهو يؤدي أعمال الحج فهو إن شاء الله قد أتم الله- سبحانه وتعالى- له حجه، يعني اي حاج توفي قبل ان يتم حجه حتى لو لم يقف بعرفة".
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" ما هي علامات حسن الخاتمة؟ فرجلٌ اعتاد جدُّه -رحمه اللهُ- كثرةَ الدعاءِ، وكان يُكثر مِن التضرع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بطَلَب حُسن الخاتمة، وقد توفَّاه اللهُ في آخِر جُمُعة مِن رمضان، ويسأل: هل يُعدُّ الموت في الأيام المبارَكات -كالموت في رمضان أو في ليلة الجمعة أو يومها أو في يوم عاشوراء أو في يوم عرفة- مِن علامات حُسن خاتمة الإنسان؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن مَن مات في الأماكن المقدسة كالمدينة المنورة ومكة المكرمة وغيرهما، أو في أحد الأيام الفاضلة المباركة، كالموت في يوم مِن شهر رمضان، أو في ليلة الجمعة أو يومها، أو في يوم عاشوراء، أو في يوم عرفة -فإنه يُتَفَاءَلُ له بالخير، وفي ذلك دليل على حُسن الخاتمة.
المراد بحسن الخاتمةحُسن الخاتمة يراد به توفيقُ الله سبحانه وتعالى لعبده أن يعمل خيرًا في حياته، وأن ييسر له ويوفقه للدوام على العمل الصالح قبل موته حتى يقبضه عليه، حيث لا يبقى للإنسان بعد وفاته إلا إحسانٌ قَدَّمَه في حياته يرجو ثوابه، أو عصيانٌ اجتَرَحَهُ يخشى عقابه.
التوفيق للعمل الصالح قبل الموت من علامات حسن الخاتمةقد بَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ التوفيق للعمل الصالح علامةٌ مِن علامات حُسن الخاتمة.
فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ»، فَقِيلَ: وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والترمذي في "السنن"، والطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (8/ 3310، ط. دار الفكر): [(قال: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ») أي: حتى يموت على التوبة والعبادة، فيكون له حُسن الخاتمة] اهـ.
وقال الإمام المُنَاوِي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 64، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(«إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ»، قيل) أَي قَالُوا: يَا رَسُول الله (كَيفَ يَسْتَعْمِلهُ؟ قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ») يَعْمَلُهُ («قَبْلَ الْمَوْتِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ») وهو مُتَلَبِّسٌ بذلك العمل الصَّالح، ومَن مات على شيءٍ بَعَثَهُ اللهُ عليه] اهـ.
هل يلزم ترديد أذكار الصباح قبل الظهر أم تجوز بعده؟
قالت دار الإفتاء إذا فات وقت أذكار الصباح ، يستحب قضاؤها عند تذكرها، والأولى قراءة الأذكار في وقتها حتى ينال أجرها كاملا؛ فثواب قراءة الأذكار في وقتها أكثر ثوابا من قراءتها خارج وقتها، ولكن نرجو من الله تعالى ألا يحرم من قام بقضاء تلك الأذكار من واسع فضله وكرمه وثوابه؛ حيث إن هناك من العلماء من قال: إن ثواب القضاء لا يقل في الأجر عن ثواب الأداء لا سيما إذا فات وقتها بعذر.
واستدلت دار الإفتاء، بما قاله شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (1/ 435، ط. المكتبة التجارية الكبرى بمصر): [وثواب القضاء دون ثواب الأداء، خلافا لمن زعم استواءهما] اه.
كما استدلت بما قاله الإمام عبد الحميد الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (1/ 435، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(قوله: وثواب القضاء دون ثواب الأداء) ظاهره وإن فات بعذر، وينبغي أنه إذا فات بعذر وكان عزمه على الفعل، وإنما تركه لقيام العذر به؛ حصل له ثواب على العزم يساوي ثواب الأداء أو يزيد عليه] اه.
وقال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 13، ط. دار الفكر): [ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار أو عقب صلاة أو حالة من الأحوال ففاتته؛ أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها، فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها].
وقت أذكار الصباحاختلف العلماء في أفضل أوقات أذكار وأدعية الصباح وذهبوا في ذلك إلى عدة أقوال، فمنهم من يرى أن دعاء في الصباح أو أذكار الصباح لها وقتا خاصا، ومنهم من وسع وقت أذكار الصباح والمساء، وفيما يأتي بيان آراء العلماء في ذلك: ذهب فريق من العلماء إلى أن وقت دعاء الصباح أو أذكار الصباح هو ما بين الفجر وشروق الشمس؛ فيبدأ وقت دعاء الصباح وأذكار الصباح من بعد صلاة الفجر، ويمتد إلى وقت شروق الشمس، فمن ردد أذكار الصباح بعد ذلك الوقت استحق الأجر عليها ولكنه يكون قد فوت أفضل أوقاتها.
وذهب فريق آخر من العلماء إلى أن وقت دعاء الصباح أو أذكار الصباح هو من الفجر إلى انتهاء وقت الضحى، ولكن وقت الذكر والدعاء المستحب لأدعية الصباح كما ورد في قول الفريق الأول، ولكن إن ردد المسلم أذكار الصباح بعد شروق الشمس إلى الضحى أو أنه أخر وقتها فإنه يثاب على ذلك.