وسط هرولة الولايات المتحدة والصين في سباق الاستحواذ على الفضاء، تستعدّ بكين لتنفيذ 100 عملية إطلاق فضائي عام 2024، ترسل خلالها 300 مركبة محمّلة بأقمار اصطناعية متطوّرة.

وبتعبير صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، الصادرة في هونغ كونغ، في تقرير نشرته الثلاثاء حول هذا الأمر، فإنّ هذا العام يشهد أيضا مهمّة للصين وصفتها بـ"التاريخية على القمر"، ستقوم فيها بمسح جيولوجي واسع هناك، وستكون عملية الهبوط والإقلاع هناك "مختلفة" عمّا فعلته أي دولة من قبل.

وحسب ذات الصحيفة، فإن الولايات المتحدة تتخوّف من طموحات الصين في الفضاء، ومن أن تكون تحرّكاتها هناك لها أهداف تجسسية ومرتبطة بأعمال عسكرية، خاصة أن الصين باتت تمتلك أكثر من 13 ألف قمر اصطناعي في الفضاء.

و جاء في تقرير "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" تفصيلا: تخطّط الصين لإجراء 100 عملية إطلاق لإرسال أكثر من 300 مركبة فضائية إلى المدار في عام 2024، وهو رقم قياسي وطني جديد يزيد كثيرا عن العام الماضي الذي سجل 67 عملية.

تتولّى الشركة الصينية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء (CASC) التابعة للدولة 70 عملية إطلاق، حسبما كشفت شركة الفضاء الرئيسية في البلاد في كتابها الأزرق السنوي يوم الإثنين، بينما تتولّى بقية الشركات إطلاقات تجارية. تشمل المهام الرئيسية هذا العام رحلتين مأهولتين، ورحلتين للشحن إلى محطة تيانغونغ الفضائية في مدار أرضي منخفض.

أما المهام الأخرى، فتخص رصد الأجسام الفضائية المتغيّرة متعددة النطاقات، والقمر الاصطناعي الصيني للرصد الكهرومغناطيسي الزلزالي مع إيطاليا، والقمر الصناعي لعلوم الفضاء "شيجيان-19".

من بين أكثر المهام التي ستحظى باهتمام مهمة أطلق عليها Chang'e-6، المقرر أن تنطلق في مايو، لتجري مسحا جيولوجيا موسّعا على القمر، في مهمة لم تقم بها أي دولة، حتى الولايات المتحدة.

الفارق الرئيسي بين الصين والولايات المتحدة أن الصواريخ الحكومية لا تزال تلعب دورا كبيرا جدا في عمليات الإطلاق الصينية، لكن الأمر لم يعد كذلك في الولايات المتحدة.

الصين أصبح لديها عدد هائل الآن من الأقمار الاصطناعية في الفضاء، وهذا يزعج الولايات المتحدة بالطبع، وهناك تناحر واضح بين البلدين في هذا الشأن.

 "حرب خفيّة في السماء"

يؤكّد الخبير في تكنولوجيا المعلومات، عبدالرحمن داوود، من ناحيته، أن الصراع في الفضاء بين بكين وواشنطن "على أشده"، لكنه لفت إلى أن "تفاصيله يجهلها الكثير بسبب درجة تعقيدها".

وبتعبيره، فإنه "هناك في السماء تدور حرب خفية، يُستخدم فيها التشويش والإعاقة، وأحيانا تصل إلى حد الاختراق بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، لكن الأكثر حدة هو الحرب بين الأولى والثانية؛ لأنهما تُطوّران قدرات من شأنها السيطرة على مجريات الأمور في الفضاء، والتي لم تُحسم لأي طرف حتى الآن".

ولا يعول داوود على الكم الكبير من الأقمار الاصطناعية الذي أعلنت الصين أنها تُطلقه العام الجاري في حسم هذا السباق، قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الاعتماد على إطلاق كميات كبيرة "لا يعني هنا السيطرة، وقد يتسبّب قمر صناعي واحد كبير ومتطور بداخله تكنولوجيا عالية الدقة في تحقيق المطلوب في الفضاء، وتعطيل باقي الأقمار التي تعمل حوله".

وتعليقا على مخاوف واشنطن من استخدام الصين وجودها الفضائي في أعمال عسكرية والتجسّس، يقول الخبير التكنولوجي إن طبيعة الحرب هناك "أكبر من الصراع العسكري".

ويضيف موضّحا: الصراع لم يكن عسكريا فقط، بل كان خدميا أكثر؛ فهناك أقمار اصطناعية توفّر خدمات على الأرض وتجلب أرباحا مادية كبيرة، مثل أقمار الإرشاد الملاحي التي تخدم قطاعا تجاريا ضخما، وتجلب الأموال لواشنطن، وتنافس الصين معها سيعطّل هذه التجارة.

كذلك التنبؤ بالأرصاد والتغيرات المناخية، والبحث عن الثروات المعدنية. يُضاف لما سبق الخدمات العسكرية، ومَن يُنجز أكثر في هذه المجالات يحصد الأفضلية، وكل هذا يعني أن الحرب ليست فقط صراعا عسكريا.

حتى الآن، فالولايات المتحدة قد يكون لها السبق، لكنها ليست الأفضل، بينما تسير الصين بسرعة في الطريق الذي قد يزيح أميركا من طريقها.

صدام عسكري غير مستبعد ترى خبيرة تكنولوجيا المعلومات، سوزان حاضر، في الـ100 عملية إطلاق فضائي التي تعتزم الصين تنفيذها هذا العام "رقما كثيفا جدا"، لكنها تتوقّع أن تسحب أقمارا قديمة وتحلها بالجديد.

ولا تستبعد أن يسفر السباق الصيني الأميركي في الفضاء عن صدام عسكري، قائلة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "البلدين يستعدان لمعركة الفضاء تقنيا وعسكريا، وطوَّرا صواريخ مضادة للأقمار الصناعية، وقد يشتعل الصراع في أي وقت". وتُرجع ذلك لأسباب منها "أن واشنطن ترى أن المحطة الصينية الفضائية تهديد مباشر لها، وهناك صراع على الحدود في الفضاء

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

إخفاق جديد لصاروخ ستارشيب يعقّد مهمة ماسك إلى المريخ

خرج الصاروخ ستارشيب، التابع لشركة سبيس إكس، عن السيطرة في منتصف رحلته،  إلى الفضاء من تكساس، أمس الثلاثاء، وذلك دون تحقيق بعض أهم أهداف الاختبار، ما أوجد عقبات هندسية جديدة لبرنامج صواريخ المريخ الذي يزداد تعثرا.

وانطلق الصاروخ الذي يبلغ ارتفاعه 122 مترا، من موقع الإطلاق التابع للشركة في ستاربيس بولاية تكساس، ليتجاوز مستوى ارتفاع محاولتين سابقتين باءتا بالفشل هذا العام.

وبحسب عدد من التقارير، فإنّ في  أحدث عملية إطلاق، وهي مهمة الاختبار الكاملة التاسعة للمركبة ستارشيب منذ المحاولة الأولى في نيسان/ أبريل 2023، قد انطلقت المركبة في المرحلة العليا إلى الفضاء فوق معزز سبق إطلاقه- وهو أول دليل على إمكان إعادة استخدام المعزز.

وتابعت: لكن سبيس إكس، التي تعدّ محور هدف رئيس سبيس إكس التنفيذي، إيلون ماسك، لإرسال البشر إلى المريخ، فقدت الاتصال بالمعزز السفلي الذي يبلغ طوله نحو 71 مترا في أثناء هبوطه قبل أن يسقط في البحر، بدلا من الهبوط المتحكم فيه الذي خططت له الشركة.

إلى ذلك، كانت المركبة ستارشيب، في هذه الأثناء، قد واصلت رحلتها في الفضاء خارج المدار، لكنها بدأت بالدوران على نحو لا يمكن السيطرة عليه بعد قرابة 30 دقيقة من بدء المهمة.


وجاء هذا الدوران المفاجئ بعد إلغاء سبيس إكس، خطة لنشر ثمانية أقمار اصطناعية من نوع ستارلينك في الفضاء، إذ لم تعمل آلية الصاروخ مثلما هو مُصمم لها.

وفي السياق نفسه، أوضح المذيع في شركة سبيس إكس، دان هوت، في بث مباشر للشركة: "الأمر غير جيد فيما يبدو مع العديد من أهدافنا المدارية اليوم". مبرزا أن ماسك كان من المقرر أن يقدم إفادة عن طموحاته في استكشاف الفضاء في خطاب من ستاربيس عقب الرحلة التجريبية، والذي وصف بأنه عرض تقديمي مباشر عن "الطريق إلى حياة متعددة الكواكب". غير أنه يلق الخطاب حتى الآن.

وعبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، تحّدث ماسك عن إيقاف تشغيل محرك ستارشيب المقرر في الفضاء، وهي خطوة تحققت في رحلات تجريبية سابقة العام الماضي. وقال إن تسربا في خزان الوقود الرئيسي لستارشيب أدى إلى فقدان السيطرة عليها.

وأضاف: "هناك الكثير من البيانات الجيدة التي يجب مراجعتها. سيكون إيقاع الإطلاق للرحلات الثلاث التالية أسرع، بمعدل رحلة واحدة تقريبا كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع".

كذلك، قالت سبيس إكس إنّ: "نماذج ستارشيب التي حلقت هذا العام تحمل تحديثا كبيرا في التصميم عن النماذج الأولية السابقة، إذ يعمل آلاف الموظفين في الشركة على بناء صاروخ متعدد الأغراض قادر على وضع دفعات ضخمة من الأقمار الصناعية في الفضاء، ونقل البشر إلى القمر وفي النهاية نقل رواد الفضاء إلى المريخ".

تجدر الإشارة إلى أن الانتكاسات الأخيرة، تشير إلى أن سبيس إكس تجد صعوبة للتغلب على مرحلة معقدة من تطوير مركبة ستارشيب التي تقدر بمليارات الدولارات. لكن ثقافة الشركة الهندسية مبنية على استراتيجية اختبار طيران تدفع المركبة الفضائية إلى نقطة الفشل، ثم تدخل التحسينات في محاولات تالية.


وكان مسار ستارشيب المُخطط له، أمس الثلاثاء، بشمل مدارا شبه كامل حول الأرض لهبوط متحكم به في المحيط الهندي بهدف اختبار تصاميم جديدة لألواح الدرع الحرارية ولوحات معدلة لتوجيه عودتها المُشتعلة وهبوطها عبر الغلاف الجوي للأرض.

لكن انهيارها المبكر، الذي ظهر ككرة نارية منطلقة شرقا فوق جنوب إفريقيا، يؤجل مرة أخرى أهداف ماسك في التطوير السريع لصاروخ من المتوقع أن يلعب دورا محوريًا في برنامج الفضاء الأمريكي.
وتخطط ناسا لاستخدام الصاروخ لهبوط البشر على القمر في عام 2027، على الرغم من أن برنامج القمر هذا يواجه اضطرابات وسط نفوذ ماسك، الذي يركز على المريخ، على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 وفي سياق متصل، منحت الجهات التنظيمية الاتحادية سبيس إكس ترخيصا لأحدث محاولة تحليق للمركبة ستارشيب قبل أربعة أيام فقط، مما أنهى تحقيقا في حادث أدى إلى إيقاف ستارشيب لنحو شهرين.

وفي كانون الثاني/ يناير وآذار/ مارس، توقفت رحلتا الاختبار الأخيرتان، بعد لحظات من انطلاقهما، حيث انفجرت المركبة إلى أجزاء في أثناء صعودها، ما أدى إلى تناثر الحطام فوق أجزاء من منطقة البحر الكاريبي وتعطيل عشرات الرحلات الجوية التجارية في المنطقة.

ووسّعت إدارة الطيران الاتحادية مناطق خطر الحطام حول مسار الصعود لإطلاق اليوم الثلاثاء، وهو الرحلة التجريبية التاسعة الكاملة لمشروع ستارشيب.


يشار إلى أن الإخفاقان المتتاليان، قد وقعا في مراحل مبكرة من رحلات الاختبار التي أنجزتها سبيس إكس بسهولة من قبل، ما تسبّب فيما وصف بـ"انتكاسة كبيرة لبرنامج سعى ماسك، رجل الأعمال الملياردير الذي أسس شركة الصواريخ عام 2002، إلى تسريعه هذا العام".

ويعتبر ماسك أغنى رجل في العالم وداعم رئيسي لترامب، وهو يسعى لنجاح التجربة خاصة عقب تعهده خلال الأيام القليلة الماضية بإعادة تركيز اهتمامه على مشروعاته التجارية المتنوعة، بما في ذلك سبيس إكس، عقب انخراطه في السياسة ومحاولاته تقليص البيروقراطية الحكومية.

مقالات مشابهة

  • أميركا اللاتينية تميل إلى الصين في خضم الحرب التجارية
  • ترامب يتهم الصين بخرق اتفاق الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة
  • ترامب: الصين انتهكت تماما الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة
  • وول ستريت جورنال: أميركا تخسر تفوقها الصناعي العسكري بينما تتقدم الصين بثبات
  • الصين تطلق مركبة فضائية تقول إنها ستجمع عينات من كويكب بالقرب من المريخ
  • الصين تطلق مهمة فضائية لكويكب قريب من الأرض
  • الصين تطلق مهمة فضائية لجمع عينات من كويكب قريب من الأرض
  • الملحقية الثقافية في الولايات المتحدة تُبرز الهوية السعودية في معرض ثقافي
  • سلالة كوفيد مهيمنة في الصين تصل إلى الولايات المتحدة
  • إخفاق جديد لصاروخ ستارشيب يعقّد مهمة ماسك إلى المريخ