ينتهي بأطفال بلا هوية مدى الحياة.. تقرير يكشف فضائع الزيجات الدينية غير المسجّلة في العراق
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
السومرية نيوز-محليات
كشف تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الاحد، حجم الاضرار البالغ الذي تتعرض له الاف النساء والأطفال العراقيين سنويًا بسبب "الزواج الديني غير المسجل لدى المحاكم"، والذي ينتهي غالبا باطفال لايمتلكون اوراقا رسمية مدى الحياة. وتقول المنظمة في تقرير حصلت عليه السومرية نيوز، ان رجال الدين في العراق يعقدون آلاف الزيجات سنويا، منها زيجات أطفال، التي تخالف القوانين العراقية وغير المسجلة رسميا"، مبينة انه "تخلق هذه الزيجات ثغرة في القيود القانونية على تزويج الأطفال، وتؤدي إلى آثار كارثية على تمكن النساء والفتيات من الحصول على الخدمات، وتسجيل ولادة أطفالهن، والمطالبة بحقوقهن".
ويوثق التقرير تحت عنوان "’زواجي كان غلط بغلط"، أثر الزواج خارج المحكمة على حقوق النساء والأطفال في العراق، آثار الزيجات غير المسجلة على النساء والفتيات اللواتي يُعقَد قرانهن، والآثار اللاحقة على أطفالهن.
وتخلق الزيجات غير المسجلة ثغرة في القيود القانونية على تزويج الأطفال، وتؤدي إلى آثار كارثية على قدرة النساء والفتيات على الحصول على الخدمات الحكومية والاجتماعية المرتبطة بأحوالهن الشخصية، واستصدار وثيقة ولادة لأطفالهن، أو المطالبة بحقهن بالمهر، والنفقة الزوجية، والميراث.
قالت سارة صنبر، باحثة العراق في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للسلطات العراقية الاعتراف بأن الزيجات غير المسجلة تفتح المجال لتزويج الأطفال على نطاق واسع. كما عليها اتخاذ خطوات لإنهاء هذه الممارسة وعدم ربط حصول النساء والأطفال على خدمات أساسية، مثل الأوراق الثبوتية والرعاية الصحية، بأحوالهم الشخصية".
قابلت هيومن رايتس ووتش ثماني نساء ورجلَيْن، جميعهم تزوجوا خارج المحكمة، وطفلا تزوج والداه خارج المحكمة، وأربعة منظمات غير حكومية محلية، ومنظمتين دوليتين. قابلت هيومن رايتس ووتش أيضا قاضيا في محكمة البياع في بغداد، وقاضيا في "مجلس القضاء الأعلى".
خلال السنوات الـ 20 الماضية، استمرت معدلات زيجات الأطفال في العراق بالازدياد. بحسب "اليونيسف"، 28% من الفتيات في العراق يتزوجن قبل سن الـ 18. أما "بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق" (يونامي)، فتفيد بأن 22% من الزيجات غير المسجلة في العراق هي لفتيات دون سن الـ 14. يزيد تزويج الأطفال خطر تعرُّض الفتيات للعنف الجنسي والجسدي، ويؤدي إلى آثار وخيمة على صحتهن الجسدية والنفسية، ويحرمهن من التعليم والوظائف.
مع أن العديد من المجتمعات المحلية في العراق تعتبر الزيجات الدينية مشروعة، إلا أنها غير قانونية بموجب "قانون الأحوال الشخصية" العراقي، ولا يُعترف بها رسميا إلا بعد تسجيلها في محكمة الأحوال الشخصية، وبعد ذلك، يصدر عقد زواج مدني للزوجين.
بدون عقد زواج مدني، لا تتمكن النساء والفتيات من الولادة في المستشفيات الحكومية، ما يجبرهن على اختيار الولادة في المنزل حيث لا تتوفر خدمات التوليد الطارئة بما يكفي. يزيد ذلك خطر التعقيدات الطبية التي تهدد حياة الأم والجنين معا، لا سيما عندما تكون الأم نفسها طفلة.
تزوجت إحدى النساء اللواتي تمت مقابلتهن، وهي من جنوب شرق بغداد، في سن الـ 14، وتطلقت في سن الـ 15. قالت: "رفض زوجي المصادقة على وثيقة الزواج أو الطلاق، لذا أنا لا أزال عزباء [على هويتي] بحسب القانون. لا يمكنني المطالبة [بالدعم الشهري الحكومي] البالغ 105 آلاف دينار عراقي [80 دولار أمريكي تقريبا] للنساء المطلقات، إذ ليس بإمكاني إثبات زواجي أو طلاقي".
بموجب "قانون تسجيل الولادات والوفيات" العراقي لسنة 1971، بإمكان الوالدين الحصول على حجة ولادة للأطفال المولودين ضمن إطار الزواج فقط. وبدون حجة ولادة، لا يمكن للطفل الحصول على أي وثيقة ثبوتية أخرى، ويتعرض لخطر خسارة هويته أو أن يصبح بلا جنسية. وفي حال لم يُسوَّ وضع هؤلاء الأطفال، فإنهم سيُحرمون من التسجيل في المدارس، والوظائف، واستصدار وثائق سفر، والتملُّك، والزواج.
قالت إحدى النساء اللاتي تمت مقابلتهن: "تزوجت في سن الـ 14، وحملت بعدها بوقت قصير. هجر زوجي عائلتنا وأخذ بطاقة هويتي وعقد زواجنا [الديني] معه. كنت صغيرة جدا، واضطررت إلى الولادة في منزل والدتي مع قابلة قانونية، لأنني لم أتمكن من الذهاب إلى المستشفى. لم أتمكن من استصدار الوثائق لطفلتي، لقد صارت في سن الـ 16 اليوم ولا تزال بدون وثائق ثبوتية".
قالت ابنتها: "عدم حصولي على أوراق ثبوتية يؤثر كثيرا على نفسيّتي. لا يمكنني الذهاب إلى أي مكان ولا أشعر بالأمان إطلاقا".
وعندما سُئلت كيف ستتغير حياتها إذا ما حصلت على أوراقها الثبوتية، أجابت: "ستسمح لي بالذهاب إلى المدرسة، وأن أشعر بمواطنيتي في وطني. مقارنة مع الآخرين، قد تكون طموحاتي متواضعة. أريد الحصول على بطاقة هوية، وأن أذهب إلى المدرسة، وأنال شهادة، وفي نهاية المطاف وظيفة".
إثبات عقود الزواج غير المسجلة يتطلب إجراءات طويلة، ومعقدة، وبيروقراطية. وتتعقد الإجراءات أكثر في حالات الطلاق، أو الوفاة، أو الاختفاء، أو رفض أحد الزوجين الاعتراف بالزواج. بالنسبة إلى العديد من النساء، لا يمكن تخطي المشقات الاجتماعية، والمالية، والنفسية المرافقة لهذه الإجراءات، ما يدفعهن إلى التخلي عن تسجيل عقد الزواج – ومعه حقوقهن.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه عندما يكون أحد الزوجين، أو كلاهما، دون السن القانونية ويذهبان لتسجيل زواجهما أمام المحكمة، يُوضَع القاضي أمام الأمر الواقع. إذا رفض القاضي تسجيل الزواج، فإنه يترك الزوجين وأطفالهما في وضع هش. لكن عندما يصادق القاضي على عقود زواج ديني تشمل أطفالا، فإنه يُضعِف حكم القانون، ويسهل انتشار زيجات الأطفال المتفشية في العراق. معظم القضاة يختارون تشريع زيجات الأطفال.
في إحدى الحالات، التي حضرت باحثة هيومن رايتس ووتش جلستها في محكمة البياع في بغداد، في 23 مايو/أيار 2023، دخلت فتاة عمرها 17، حملها ظاهر، مع والدها وزوجها البالغ من العمر 20 عاما. كانا قد تزوجا قبل ذلك بعام، ويريدان تسجيل زواجهما قبل ولادة طفلهما. وبدون أي بحث معمق في ظروف الزواج أو سؤال الفتاة القاصر المتزوجة عن رغبتها، سأل القاضي الفتاة، ووالدها، وزوجها ما إذا كانوا موافقين على الزواج ثم صادق عليه.
لا يشمل القانون العراقي أي نصوص تعاقب رجال الدين الذين يعقدون زيجات بدون تسجيل، بما في ذلك الحالات التي يكون فيها أحد الزوجين طفلا. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا الأمر يساعد رجال الدين على الالتفاف حول القانون العراقي بدون عقاب.
قال قاض في المجلس الأعلى للقضاء إن بالإمكان مقاضاة رجال الدين الدينيين باستخدام المادة 240 من قانون العقوبات العراقي، التي تعاقب كل من "خالف الأوامر الصادرة من موظف أو مكلف بخدمة عامة أو من مجالس البلدية أو هيئة رسمية أو شبه رسمية ضمن سلطاتهم القانونية أو لم يمتثل لأوامر أية جهة من الجهات المذكورة". لكنه قال إن هذا الحكم لم يُنفذ قط.
قالت صنبر: "عدم امتلاك عقد زواج مدني قد يأتي بآثار كارثية على النساء والفتيات وأطفالهن. على العراق مقاضاة رجال الدين وأصحاب المكاتب الشرعية الذين يعقدون زيجات مخالفة للقانون العراقي، وتسهيل إثبات عقود الزواج غير المسجلة، وضمان حصول جميع العراقيين على حقوقهم كاملة".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: هیومن رایتس ووتش النساء والفتیات الحصول على رجال الدین فی العراق فی سن الـ عقد زواج
إقرأ أيضاً:
غزة تحت العاصفة .. خيام غارقة وصرخات ليل لا ينتهي
ازدادت الأوضاع قسوة داخل المخيمات التي يتخذها أهالي غزة ملجأ لهم؛ والتي تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحماية؛ فالطرقات الترابية تحولت إلى مستنقعات من الطين، ما أعاق حركة الأطفال والمرضى وكبار السن، بينما اختلطت مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي في بعض المناطق، مسببة انتشار الروائح وتلوث البيئة المحيطة بالخيام.
الأغطية والملابس الشتويةوعلى إثر ذلك؛ واضطر مئات الأسر لإخلاء مواقعها بعد تسرب المياه إلى داخل أماكن النوم، ما أجبرهم على قضاء ساعات طويلة في العراء تحت المطر؛ كما اشتكى المواطنون من نقص شديد في الأغطية والملابس الشتوية ووسائل التدفئة، في وقت بات فيه البرد يشكل تهديدًا حقيقيًا لحياة الأطفال والمرضى، وسط غياب شبه كامل للمساعدات الطارئة.
من جانبه؛ أكد بشير جبر، مراسل قناة القاهرة الإخبارية من خان يونس، أن المنخفض الجوي الذي ضرب قطاع غزة فجر اليوم فاقم بشكل كبير من معاناة السكان والنازحين، خاصة في المناطق المكتظة بالخيام.
منطقة المواصي غرب خان يونسوأوضح أن منطقة المواصي غرب خان يونس شهدت غرق آلاف الخيام بمياه الأمطار، بينما تسببت الرياح العاتية في تمزيق عدد كبير منها، ما زاد من صعوبة الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الأهالي منذ شهور طويلة.
تكرار أحداث مماثلةوأشار جبر، خلال مداخلة مع الإعلامية آية لطفي، إلى أن موجة البرد القارس أدت إلى استشهاد طفلة فلسطينية تبلغ من العمر أربعة أشهر، في مشهد مأساوي يعيد تكرار أحداث مماثلة وقعت خلال الشتاء الماضي.
استمرار سوء الأحوال الجويةكما دعا النازحين إلى توخي الحذر في ظل استمرار سوء الأحوال الجوية، بينما ناشد الدفاع المدني والمجتمع الدولي التدخل العاجل لتوفير احتياجات أساسية كالكرفانات والبيوت المتنقلة، والضغط على الاحتلال لتسريع عملية إعادة الإعمار.
تواصل القصف والغارات الإسرائيليةوبيّن أن المنخفض تسبب أيضًا في انهيار منزل مكوَّن من ثلاثة طوابق في حي النصر بغزة، في وقت تستمر فيه الأمطار بالهطول على معظم مناطق القطاع بالتزامن مع تواصل القصف والغارات الإسرائيلية.