تحل اليوم الأحد ذكرى ميلاد الكاتب والروائي الراحل إبراهيم أصلان، الذي يعد واحدا من الكُتاب البارزين من جيل الستينات الذي كتب عددا من الروايات لا تزال عالقة في أذهان القراء حتى الآن ، ومنها ما تحول إلى أفلام سينمائية وأشهرها "مالك الحزين" التي تحولت إلى الفيلم السينمائي الشهير "الكت الكات" لمحمود عبدالعزيز.

وكان من ضمن كتب إبراهيم أصلان كتابه  "خلوة الغلبان" الذي يتضمن عددا من المقالات له حكي فيه عن لقائه الوحيد الذي جمعه بالأديب عباس محمود العقاد في قال له تحت عنوان" لقاء وحيد مع العقاد" فقال أن العقاد يمثل بالنسبة له حالة من حالات الرعب الذي لا ينتهى ، حتى بعد أن قرأ له بعضا من أعماله دون أن يتحول إلى واحد منقرائه المولعين، ولا الكارهين .
فلقد حدث أننى الآخر لم أحصل إلا على الابتدائية القديمة، ثم كنت أروح وأرجع أمام الأهل والأصدقاء محملا بمزيد من الكتب مما جعلنيمعرضاً بين حين وآخر إلى سماع هذه العبارة المؤذية :حضرته فاكر نفسه العقاد، وهكذا تحول الرجل الذي مثل مع طه حسين جناحي الأسطورة التي هیمنت على حياتنا الفكرية والروحية إلى هولة رهيبة لا فضيلة لها إلا الزراية بي. وكان أبي عندما تأتى سيرة العقاد، يقول وهو قاعد على الكنبة
يعبث بمسبحته :"یا بای. ده جبار" مع أنه - رحمه الله - لم يكن قد قرأ له حرفًا واحداً ، ولكن ذلك زمن كان الكتاب يتحولون فيه إلى جمل من المعاني الكبيرة التي تكتسب حياتها المستقلة عن حياة أصحابها والتي تشيع بين الناس وتؤثر فيهم أكثر مما تؤثر كتاباتهم ذاتها . 

ذكر أصلان أنه لم يكن قد رأى العقاد حتى كان يوم من أيام ١٩٦٣، فكنت في زيارة الصديق والكاتب الراحل ضياء الشرقاوى بشركة الأسمدة التي كان يعمل بها في عمارة الإيموبيليا)، وما أن غادرته وتقدمت في شارع شريف ، حتى فوجئت بالعقاد يأتي على الرصيف عينه، وأمامي تسمرت في مكاني استوعبته كله دفعة واحدة : القامة المديدة، والبدلة الفاتحة المقلمة ، والنظارة، والكوفية الرفيعة الطويلة والطربوش القصير المائل هل كان يرتدى الطربوش حقا أم أن خيالي هو الذي يضيف الآن؟، ومثل كل أسطورة جليلة يمكن لها أن تدب على قدمين، احتل هو الإطار المهيأ له في روحي احتلالا كاملا، دون زيادة ولا نقصان. وعندما اقترب وواجهنی، رفعت وجهي ورأيت العينين الصافيتين، ولما عبرني استدرت ومشيت وراءهن تملكني الإحساس، وأنا أتبعه، أن العقاد لو كان أطول من ذلك، أو أقصر، بإصبع واحدة، لما أمكن له أن يكون العقاد أبدا .

وتابع أصلان قائلا: لم يمر وقت حتى توقف أمام واحدة من المكتبات الصغيرة التي تباعدت مداخلها على رصيف نفس الشارع . 

ولم تكن هناك كتب معروضة، بل أدوات كتابية على أرفف من الزجاج النظيف المعلق، رأيته ينحنى وهو على مبعدة من عتبة المكتبة، بسبب طوله ، ويتأمل قلما في علبة مفتوحة على واحد من هذه الأرفف، فعل ذلك لفترة ثم مد يده إلى جيب سترته الداخلي وأخرج قلمه، وانحنى أكثر وهو يمسكه بين يديه ، تأمله هو الآخر، وعاد يتأمل القلم المعروض، واستغرق طويلا في المقارنة بين القلمين.

يقول أصلان : اقتربت وجلاً وقد ظننته وجد قرينا لقلمه، ووقفت على بعد خطوتين عن يمينه، ورأيت القلم المعروض، ورأيت القلم الذي بين أصابعه، واستغربت لم يكن هناك وجه للشبه أو المقارنة ،لا في الحجم، ولا في اللون.
هكذا وقفت ساكنا أحدق في الأدوات المعروضة شأن أي زبون آخر وشعرت أنه أحس بي دون أن يلتفت حينئذ ألقى نظرة أخيرة بين القلمين، وأعاد قلمه إلى جيبه وهو يعتدل، ويبتعد أمامي متمهلا على
الرصيف العريض، ويستدير هناك مع ناصية المبنى الكبير، ويختفى مضت شهور قليلة، ومات .

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إبراهيم أصلان عباس محمود العقاد العقاد

إقرأ أيضاً:

باكارايما.. الممر البري الوحيد بين فنزويلا والبرازيل

ورغم الأنباء المتداولة عن تصاعد التوتر السياسي بين فنزويلا والولايات المتحدة، يبدو أن كثيرا من عابري "باكارايما" يستبعدون احتمال اندلاع الحرب.

وفي الوقت الذي يبدو فيه المعبر مفتوحا أمام الحركة التجارية والسياحية، مرّت عليه في فترات سابقة قراراتُ إغلاق وإعادة فتح، نتيجةَ ما تصفُها كراكاس بأنشطة اقتصادية غيرِ شرعية تشمل تهريب الوقود والذهب.

كما أن قرارات ضبط الحدود هنا لا تقتصر على الطابع الإداري، بل تُستخدم في كثير من الأحيان ورقةَ ضغط سياسي واقتصادي بين فنزويلا وجيرانها.

تقرير: غدير أبو سنينة

Published On 13/12/202513/12/2025|آخر تحديث: 00:37 (توقيت مكة)آخر تحديث: 00:37 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • الشرع في لقائه وجهاء الساحل: الدولة لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية
  • ابنة نجيب محفوظ تتحدث عن أعمال والدها في ذكرى ميلاده
  • الرئيس التركي: مناقشة خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا مع ترامب بعد لقائه بوتين
  • فى ذكرى وفاتها.. من هي بهيجة حافظ التي خطفت البطولة من أمينة رزق؟
  • باكارايما.. الممر البري الوحيد بين فنزويلا والبرازيل
  • في ذكرى ميلاده.. أعمال درامية استلهمت أحداثها من روايات نجيب محفوظ
  • فضل الله بعد لقائه سلام: الملف الأساسي الذي ناقشناه يرتبط بإعادة الأعمار
  • "الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
  • في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية
  • محافظ أسوان يتابع اللجان الانتخابية بلجنة العقاد الثانوية في جولة الإعادة لمجلس النواب