لجريدة عمان:
2025-12-13@06:17:05 GMT

في غزة بايدن يبدو باطِّراد عاجزا وضعيفا

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

ترجمة: قاسم مكي

بعد أحداث 7 أكتوبر اتخذ الرئيس بايدن قرارا يرتكز على قناعة وحسابات. لقد أعلن عن تضامنه التام مع إسرائيل. وربما حَسِب أن الطريقة الوحيدة لكي يكون لديه أي تأثير على إسرائيل هي احتضانها بقوة وإبداء تعاطف حقيقي وإرسال الأسلحة التي تحتاجها وبذلك يكسب ثقتها لكي يشكِّل رَدَّها (على تلك الأحداث.

) كانت تلك استراتيجية مُفَكَّر فيها باستفاضة. لكنها فشلت تماما تقريبا.

منذ البداية حثت إدارة بايدن الإسرائيليين على وضع اعتبار لتناسب الرد على حماس مع ما حدث (عدم الاشتطاط وتجاوز الحد). سمعت إسرائيل ذلك لكنها مضت قُدُما في شن واحدة من حملات القصف الأوسع نطاقا في هذا القرن ضد سكان يبلغ عددهم 2.2 مليون نسمة ويوجد وسطهم وفقا لتقديرات إسرائيل نفسها حوالي 30 ألف فقط من مقاتلي حماس. وحسب تقدير في يناير إما تضرر أو دُمِّر ما يزيد عن نصف المباني في غزة.

نصحت الولايات المتحدة إسرائيل بعدم شن غزو بري كبير على غزة ودعتها إلى اتخاذ مقاربة محدودة تستهدف القضاء على مسلحي حماس وبنيتها التحتية. عقدت الحكومة الإسرائيلية الكثير من الاجتماعات المطولة مع المسئولين الأمريكيين ثم مضت قدما في تنفيذ غزوها البرِّي.

دعا فريق بايدن إلى وقف القتال لأغراض إنسانية ولكنه حصل على هدنة قصيرة فقط عندما أمكنه أن يسعى إلى الحكومة القطرية للتوسط في تبادل الرهائن.

بعد انتهاء العمليات الأولى للغزو أبلغ المسئولون الأمريكيون المسئولين الإسرائيليين أن ما حدث في شمال غزة لا يمكن أن يحدث في جنوبها. لكن بعد طلب إسرائيل من سكان غزة الانتقال إلى الجنوب من أجل سلامتهم قامت بقصفه على نحو أقرَّ بايدن نفسه بأنه كان "عشوائيا."

ضغطت الولايات المتحدة على إسرائيل مرارا وتكرارا لبذل جهود أكبر لحماية المدنيين الأبرياء لكن دون فائدة تُذكَر.

وهي الآن تنصحها بعدم غزو رفح، المدينة القريبة من مصر والتي يتكدَّس فيها أكثر من مليون فلسطيني. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعد بغزو رفح سواء تم التوصل إلى صفقة رهائن أم لا.

حذرت الولايات المتحدة من أنه لن يكون هنالك استيلاء إسرائيلي على الأراضي في غزة ولا احتلال إسرائيلي جديد لها بعد الحرب. وتخطط الحكومة الإسرائيلية على القيام بكليهما. النتيجة هي أن السياسة الأمريكية تجاه حرب غزة تبدو الآن غير موفقة وبدون فعالية ولا أخلاقية.

مشهد المسئولين الأمريكيين وهم يعبرون عن القلق تجاه خسائر المدنيين وفي ذات الوقت يقدمون المزيد من الأسلحة لإسرائيل يبدو بشعا. وصورة رئيس الولايات المتحدة وهو يغمغم بكلمات مثل "عشوائي" و"تجاوز الحد" في وصف أعمال القصف الإسرائيلية يوحي بالضعف والاستسلام لما يحدث.

جزء من المشكلة أن بايدن بثقته في الحكومة الإسرائيلية إنما يثق بنتنياهو السياسي الماكر على نحو استثنائي والذي يعرف كيف يتعامل مع الرؤساء الأمريكيين ببراعة. لقد فعل ذلك على مدى عقود. وهذه المرة تغلب على بايدن في الدهاء والمناورة والفعل.

لكن المشكلة تتجاوز نتنياهو. إسرائيل في صدمة. لقد هزتها أحداث 7 أكتوبر حتى النخاع. والإحساس بالأمان الذي افتُرض أنها ستحققه لسكانها تضعضع. نتيجة لذلك يسمح العديد من الإسرائيليين بسياسات سيندمون عليها بشدة.

بايدن كصديق حقيقي لإسرائيل لديه الصدقية الكافية لإخبارهم بالحقيقة علنا ومباشرة وربما في خطاب للكنيست الإسرائيلي كما اقترح ذلك خبير السياسات الخارجية ريتشارد هاس.

فمنذ بداية الحرب قتل 30 ألف فلسطيني في غزة عددٌ كبير منهم أطفال. وحوالي واحد بين كل أربعة أشخاص على شفا المجاعة. وكل سكان غزة تقريبا يعتمدون على العون الغذائي.

وفي أواخر ديسمبر تقلصت امدادات المياه إلى 7% عما كانت عليه قبل الحرب. ومعظم مشافي غزة لم تعد تعمل. لقد وصف نك ميانارد وهو جراح زائر من أكسفورد الوضع في أحد المشافي القليلة التي لا تزال تعمل جزئيا بقوله "شهدنا أساسا أطفالا كثيرين قدِموا بجراح مفزعة. كنا نعلم أن العديدين منهم لا محالة سيموتون. ولا نستطيع أن نقدم لهم مسكِّن ألم. فكثيرا ما لا يوجد مورفين. ولا سبيل لهم كي يموتوا بكرامة. لذلك غالبا ما يتركون بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة كي يلفظوا أنفاسهم الأخيرة على البلاط في ركن قسم الطوارئ".

تقول إسرائيل أن هدفها هو القضاء على حماس تماما. يمكن قتل مسلحي حماس. يمكن اجتثاث بنيتها التحتية. لكن لا يمكن القضاء على حماس لأنها حقا فكرة. (الفكرة هي أن) المقاومة المسلحة السبيل الوحيد لكي يحصل الفلسطينيون على حقوقهم. ولهزيمة هذه الفكرة أنت بحاجة إلى فكرة أفضل. أي إلى طريقة لتوضيح أن العمل غير العنيف والتعاون سيقودان الى حياة أفضل للفلسطينيين وإلى أمن دائم لكلا الشعبين.

على بايدن الذهاب إلى إسرائيل وإظهار "حُبِّه" لها بذكر هذه الحقائق القاسية. كما سيُظهر بذلك أيضا لأمريكا والعالم أنه لايزال يملك (ما هو كافٍ) من الطاقة والوضوح والحكمة للقيادة.

• فريد زكريا كاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست ومقدم برنامج يتناول القضايا الدولية والشئون الخارجية على شبكة سي ان ان.

** عن واشنطن بوست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

واشنطن تستعجل المرحلة الثانية في غزة.. و نشر قوة دولية الشهر المقبل

تتحرك الولايات المتحدة بوتيرة متسارعة للانتقال إلى "المرحلة الثانية" في غزة خلال الأسبوعين المقبلين، وسط جهود سرية للترويج لنشر قوة استقرار دولية في القطاع اعتبارا من الشهر القادم، على أن يبدأ انتشارها في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. 

برلمانية تحذر: غزة تواجه “كارثة إنسانية ممنهجة”.. والمجتمع الدولي شريك بالصمتإدارة بايدن تجمد التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل بسبب جرائم حرب في غزةبمشاركة 25 دولة.. مؤتمر بالدوحة لوضع خطة تشكيل قوة دولية في غزةدبلوماسي أمريكي سابق: قوة الاستقرار الدولية في غزة تحتاج دولاً ذات ثقل وقيادة أمريكية ستوفر دعما لوجستيا واستخباراتيا

وفي تطور لافت، نشر أحد قادة الميليشيات في خان يونس مقالا في صحيفة وول ستريت جورنال دعا فيه سكان غزة إلى عدم الوقوع مجددا في "فخ حماس"، قائلاً: "تجاهلوا قادة الحركة في قطر واستثمروا في شرق غزة".


وبحسب وكالة رويترز، فإن الولايات المتحدة تعمل على خطة تهدف إلى نشر القوة الدولية في أقرب وقت، رغم امتناع عدد من الدول حتى الآن عن إرسال جنود للمشاركة في هذه المهمة، لكون القوة ليست مخوّلة بمواجهة حماس مباشرة.

ومن المقرر أن تستضيف القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" مؤتمراً في الدوحة الثلاثاء المقبل، بمشاركة أكثر من 25 دولة، لبحث الهيكل القيادي لقوة الاستقرار الدولية المرتقبة.

طباعة شارك الولايات المتحدة المرحلة الثانية غزة قادة الميليشيات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • مصادر لرويترز: أميركا حجبت معلومات مخابرات عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • واشنطن تستعجل المرحلة الثانية في غزة.. و نشر قوة دولية الشهر المقبل
  • شنيكر: اذا لم تنزع الحكومة اللبنانية سلاح حزب الله فإنّ إسرائيل ستكمل بنفسها ذلك
  • إدارة بايدن تجمد التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل بسبب جرائم حرب في غزة
  • غزة.. كواليس دخول خطة ترامب المرحلة الثانية خلال أسابيع
  • حماس تتهم إسرائيل بالمماطلة وتحذر من تفاقم المعاناة الإنسانية في غزة
  • سيناتور أمريكي: ابن سلمان لن يطبع مع إسرائيل دون ثمن للفلسطينيين
  • ساعر: إسرائيل ملتزمة بإنجاح خطة ترمب
  • مشعل: القضية الفلسطينية استعادت حضورها الدولي والطوفان كشف الوجه الحقيقي لـ"إسرائيل"