أحمد الملك
حكومة البلابسة في بورتسودان لا يهمها أمر الناس، لا توجد لديها خطة أو نية لتقديم الدعم للمواطنين النازحين ضحايا الحرب، طردت النازحين من المدارس في القضارف وغيرها، دون أن تتوقف للحظة لتفكر أن هؤلاء المواطنين، ضحايا حربها العبثية يقعون ضمن دائرة مسئوليتها، وان دور الدولة أن تحمي لا أن تهرب في ميدان الحرب وتترك المواطنين لمصيرهم المحتوم، دولة الكيزان لم تتخل فقط كعهدها منذ انقلاب 89 عن المواطن، بل أن الإغاثة التي تصل للمتضررين من الخارج تقوم حكومة الأمر الواقع بعرضها للبيع في الأسواق! إنها مجرد عصابة تريد إطالة أمد الحرب لأسباب معلومة، وتواصل قهر المواطن اما بحرمانه من حقوقه او بالتخلي عن واجبها المفترض في الدفاع عنه، بل أنها تشارك في الانتهاكات ضد المواطن بقصف القرى الآمنة بالطيران، واعتقال الناس وقتلهم والتمثيل بجثثهم لمجرد الاشتباه ورغبة في اثارة مزيد من النعرات القبلية وصولا للحرب الأهلية الشاملة، ومحاربة المبادرات الاهلية لوقف الحرب ومساعدة الضحايا.


في بدايات العهد الكيزاني المشئوم اذكر انني التقيت مصادفة في بيت أحد أقربائي بأحد رموز ذلك العهد، كان الحديث حول الموسم الزراعي في الولاية الشمالية والمصاعب التي يجدها المزارعون في التمويل مع بنوك تمثل واجهة للجشع الحكومي، فالقروض التي تعطى للمزارع لا تجاوز مدتها الست اشهر ليصبح سدادها بعد ذلك فوريا وواجبا، والا كان السجن هو مصير المزارع، كان الغرض هو افقار الناس واذلالهم، وشغلهم بمشاكلهم عن ما يدور في البلاد من فساد وحروب وقهر، ستة اشهر تنتهي بمجرد حصاد المحصول، وقبل جمعه من أماكن الحصاد يحل أهل البنوك ومعهم الشرطة. ولأن أسعار المحاصيل تنهار في أيام الحصاد (بفعل فاعل) فان قيمة المحصول حتى وان كان الموسم ناجحا، لن تكفي لسداد القرض، والنتيجة يتم مصادرة الناتج كله ويتم القبض على المزارع وترحيله مع محصوله! يحدث ذلك في دولة كانت شعاراتها التي صدّعت رؤوس الناس، تزعم اننا سنأكل مما نزرع وسنلبس مما نصنع! شعارات كانت تخفي حربا دون هوادة على كل منتج لصالح دولة اللصوص والسماسرة وباعة المؤسسات العامة.
تساءل أحد الحضور عن مصير المنح التي كانت تدفعها قبل الانقلاب الكيزاني، بعض المنظمات الدولية لمساعدة بعض المنتجين من أصحاب المشاريع الزراعية الصغيرة، رد الرمز الكيزاني: سنعطي المزارع الدعم لكننا سنرغمه على اعادته! لا نريد أن يعتاد الناس على الفوضى!
كانت تلك احدى محاولات (إعادة الصياغة) التي قام عليها المشروع الكيزاني الهادف لحرمان الناس من كل حقوقهم، وتحويل الدولة بكل ممتلكاتها إلى غنيمة حرب لعصر التمكين! وليتهم اكتفوا بحجب الدعم عن المزارع لكنهم طاردوه في قوت أطفاله القليل بعد أن حرموه من حقوق اطفاله في العلاج والتعليم الذي كفلته الدولة قبل الإنقاذ، طاردوه في كل شيء، طاردوه حتى في روحه، حين داهموا الشوارع والأسواق بحثا عن من يرسلوهم للقتال في حربهم العبثية الأولى التي انتهت بفصل الجنوب.
حكومة كيزان بورتسودان يتقدمهم الكاذب البرهان لا يقدمون شيئا للمواطن، ومن يجرؤ على تقديم العون للمواطنين مثل شيخ الأمين، يفتعلون ضده تهم التآمر ويحتلون مسجده! يتهمون شيخ الأمين بالتآمر بينما الدولة الكيزانية ورأسها البرهان يأمرون الجيش بالانسحاب من ميادين المعارك، بدلا من الدفاع عن المواطن كما يفترض بالجيوش والأنظمة المحترمة!
المواطن النازح في مصر وغيرها من دول الجوار، واجهته مشاكل لا تحصى بعد أن وصل بصعوبة الى تلك البلاد، واجه وحيدا غلاء المعيشة وايجارات البيوت المرتفعة، بعد أن فقد كل شيء في بلاده وهرب بحثا عن الأمان، لا تقدم لهم سفارات البلابسة شيئا سوى زيادة رسوم الأوراق الرسمية! في استمرار مقيت لنفس سياسة ارغام المواطن على دفع تكلفة إدارة دولة لا تقدم له شيئا، السياسة التي ينتهجها الكيزان منذ بواكير العهد الخراب.
أوقفوا الحرب ما دمتم لا تستطيعون حماية المواطن ولا تستطيعون توفير الغذاء والدواء والمسكن للنازحين جراء حربكم العبثية، حربكم ضد المليشيا التي صنعتموها بأيديكم لقهر الشعب السوداني وقويتم من شوكتها.
إنها حرب مؤامرة الحركة الإسلامية للقضاء على ثورة ديسمبر المجيدة والانتقام من الشعب الذي ثار ضد نظامهم وقذف به إلى مزبلة التاريخ!

#لا_للحرب
#نعم_لكل_جهد_وطني_لوقف_الحرب_العبثية
ortoot@gmail.com
//////////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها

التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها

نضال عبد الوهاب

في العالم من حولنا هنالك حالياً نماذج لدول وقيّادات تختلف أو تتفق معها ولكنها تعاملت مع أزماتها ومواجهة طريق الحروب والدمار لشعبها ولبلادها بمسؤولية وتغليب لمصالح تلك الدول والشعوب، فعلى سبيل المثال عندما اندلعت حرب الأربعة أيام ما بين الهند وباكستان من مدة قصيرة وهما الدولتان النوويتان ومع أول تدخل عالمي ونداءات لوقف النزاع المُسلح والتوسط لإيقافها سواء من أمريكا أو بقية دول العالم استجابت الدولتان وقيادتهما لتلك الوساطة وتم إيقاف الحرب التي جنبت بلديهما وشعبهما الإبادة والدمار الشامل بل وكل العالم والدول الأخرى من حولهما، وكذلك حدث هذا حتى ما بين الأضدّاد إيران وإسرائيل والمُشاركة الأمريكية فيها وبعد اثني عشر يوماً توقفت الحرب بينهما تماماً رغم توفر أسباب استمرارها، ولكن كذلك لوعي قيادة البلدان الثلاثة وخاصة في إيران التي امتصت صدمة الاعتداء الإسرائيلي عليها ولم تتوقف عند (من بدأ الحرب) وتجاوزت ذلك لأجل مصالح أكبر لبلدها وشعبها وبعقلانية كبيرة استجابت مع بقية الأطراف للوساطة الدولية والتفاوض بينهم لوقف الحرب وآلة الدمار والقتل والتخريب، وكان بالإمكان تحولها لحرب عالمية ثالثة في المنطقة، نفس الأمر يحدث الآن ما بين حماس من فلسطين وإسرائيل في محاولات وقف الحرب والإبادة في غزة والتعامل الإيجابي مع البنود المُقدمة من الرئيس ترامب والإدارة الأمريكية الحالية وهي الحليف الإستراتيجي لإسرائيل نفسها، مع بقية الوسطاء، ولكن لتغليب مصلحة العالم والمنطقة وكذلك مصلحة الشعبين سواء الفلسطيني أو الإسرائيلي خاصة في ظل المقاومة الأسطورية لأهل غزة والشعب الفلسطيني وتمسكهم بالأرض تم التوصل لهذا الاتفاق برُغم عدم توازن القوى العسكرية علي الأرض والتي دون شك هي في صالح إسرائيل حالياً المدعومة كذلك من أمريكا القوى العظمى الأولى في العالم.

كُل تلك النماذج لحروب وصرّاعات وفي ذات التوقيت الذي تدمر فيه الحرب والصراعات المُسلحة بلادنا وبصورة قد تعد أكبر بكثير من ما يجري حتى في غزة وفلسطين، خاصة في جانب مأساتها الإنسانية وعدد أحجام المُتضررين منها، وعلى الرُّغم من أن الحرب ما بين إسرائيل وحماس قد بدأت بعد الحرب الحالية في السُودان بقرابة الست أشهر، إلا أن التوصل لاتفاق لإنهائها سبق التوصل لذات الأمر بالنسبة لنا في السُودان، برغم وجود ذات الوسطاء الخارجيين والنداءات الداخلية والأممية لضرورة وقفها.

هُنا يكمُن الفارق للأسف ما بين العقليّات والقيّادات والأطراف العسكرية والمدنية والسياسِية السُودانيّة وما بين تلك الدول وقيّاداتها في التعامل مع هذه الأزمة والصراع الدموي والحرب، والغياب التام لتغليب مصلحة السُودان وشعبه  في ظل ما يجري من إبادة وخراب ودمار وتشرّيد ومُعاناة ومأساة إنسانية غير مسبوقة، وفي ظل خطر دائم يُهدد وجود الدولة نفسها وقتامة لمُستقبلها والأجيال القادمة فيها.

لا نزال للأسف نتعامل بعقليّة بعيّدة كُل البُعد عن حجم الأزمة والكارثة المُحيطة بنا والعمل الجاد المُخلص لوقفها وتداركها، لا تزال هنالك عقليّات وأدمغة لا ترى إلا كراسي السُلطة والمال والنفوذ حتى في ظل كُل هذا الموت والدمار والخراب، ولا تأبه بكُل هذا، لا تزال قوى وقيّادات سياسية تنظر تحت رجليها وبضيّق أفق “غريب” للتعامل مع الواقع الحالي وترفض أي محاولة لتقديم أدنى تنازلات لأجل تغيير هذا الواقع وتغليب مصلحة الشعب في وقف الحرب بأي ثمن طالما سيضمن وقف الموت والإبادة للشعب ويوقف التشريّد والجوع والمرض الذي يفتك بالسُودانيين، لا يزال البعض يغلق عقله كأننا في 1989 والتسعينات من القرن الماضي أو في 2019؟؟؟ مُتناسيّن التحولات في ذات الواقع والتغيير الكبير على الأرض وحجم الضرر الحادث الآن ونحن في نهايات 2025؟؟؟، لا يزال الكثيرين للأسف لم يتعلموا من كُل هذا الدرس القاسِي للحرب في الإصرار على التوقف عند مواقف سياسية وطريقة حلول ومسارات لن توصل شعبنا لبر الآمان ولن توقف موته وإبادته وتشرده ومُعاناته، لا يزال هنالك من القيّادات أو المُسماة قيادات سياسِية مجازاً من يرفض حتى فكرة الجلوس مع المُختلف معهم سياسياً أو الخصوم والأعداء في سبيل التوصل لصيغة يتم بها وقف هذا الدمار والموت وتكون لصالح الشعب بالأساس وليس لصالح كراسي السُلطة؟؟؟، يرفضون حتى وضع أجندة لحوار سلمي شامل للوصول لمُشتركات وينزع العنف والصراع الدموي المُسلح، تنظر للمُستقبل ولا تتدحرج بنا في ماضٍ لا ينتهي صرّاعه، عقليّات قمة في الأنانية والتزمُت والتطرف وضيّق الأفق، ولكنها مع هذا للأسف تتسيّد المشهد وتفرض تحجُرها هذا على كُل السُودانيين من الذين ليس لهم حيلة من البسطاء ومن يحاصرهم الموت والجوع والمرض في كل لحظة تمر ومُغلقة أمامهم كُل الأبواب؟؟؟.

نحتاج للتعلُّم من تجارب الآخرين في العالم دول وقيّادات في تغليّب مصالح شعوبهم ودولهم، نحتاج للتخلي عن الأنانية والتزمت وضيّق الأفق، نحتاج لقيّادة واعية ووطنية وشُجاعة تعمل لوقف هذا الجنون والموت وآلته، عسكريين ومدنيين وقوى سياسِية وكل فاعِل سياسِي مُهتم، لا نحتاج لضيّقي الأفق ولا الذين تجاوزهم الواقع والتجربة وفشلوا فشلاً لا حدود له في نقل البلد والشعب لوضع آمن ومُستقر وأفضل في كُل شئ؟؟؟

أخيراً نحتاج إلى من لا ينظر إلا لمصلحة هذا الوطن والشعب ويجعلها هي الأولى والمُقدمة وينسى حظوظ النفس وصرّاع كراسِي السُلطة الذي لم يوردنا إلا لهذا المصيّر الحالي!

الوسومأمريكا إسرائيل إيران الحرب السلام السودان القوى السياسية الهند باكستان حماس صراع السلطة غزة فلسطين نضال عبد الوهاب

مقالات مشابهة

  • دبلوماسي فرنسي سابق: مصر كانت في قلب الدبلوماسية التي قادت لاتفاق السلام في غزة
  • التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها
  • باسم يوسف يهاجم الإعلام الغربي: لقاءاتي مع بيرس مورغان كانت سيرك للمشاهدات مش للحقيقة
  • شبوة تروي حكاية أبطالها: ثوار حطيب والعوالق الذين سطروا ملاحم الخلود في ذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة
  • الدولة البتتشكّل بعد الحرب حاليّا في بورتسودان ليست ما كنّا نطمح إليه في ديسمبر
  • محافظ عدن: «روح ثورة 14 أكتوبر المجيدة» ما تزال متقدة في صدور أبناء الجنوب
  • حكومة التغيير والبناء تُحيي الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة
  • السني لمجلس الأمن: إذا كانت المهمة صعبة اتركوا الشعب الليبي يقرر مصيره بنفسه
  • صحفي جنوبي: فعالية الزبيدي في الضالع ممولة من المال العام في ظل عجز حكومي لدفع الرواتب
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!