الرواية الخليجية «7» .. صراط الرواية
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
تسير الروايةُ دوما على سراط خَطِر، حدّاه الواقعُ والتخييل من جهة، والمباح والمحظور من جهة ثانية، وقَدَر الروائيّ أن يعبر هذا الصراط، وأن يخرج منه سليما من أذى المحظور، موحيا بواقع وضاربا في التخييل بما يجعل الرواية مقروءة ومتقبَّلة القبول الحسن. الواقعُ حدٌّ قاتلٌ متى احترفه الروائيّ والتصق به والتزمه، والتخييل حدٌّ مُجنّح، لا يجب الإيغال فيه.
لقد خرج الأديب العربي في جزيرة العرب من القول المكرور المُعاد، من «هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَرَدَّمِ/ أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّمِ/ يَا دَارَ عَبْلةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِي/ وَعِمِّي صَبَاحًا دَارَ عبْلةَ واسلَمِي» إلى مكانٍ ينطق بحكايات كتمها الشعر، أو هو أحال إليها دون نبش في خفاياها، تنطق جزيرة العرب، وهي في حاجة إلى مزيد إفصاحٍ وبوح. لقد أقصيت رُموزٌ في الرواية الخليجيّة، كان يُمكن أن يكون لها بعيد الأثر في ضبط مسار هذه الرواية، وأُبعدت عن المشهد الخليجيّ بعلّة تثوير الحكايات المكتومة، رُموز في الكتابة الروائيّة أُقصيت اجتماعيّا وحضاريّا، وهي تُستَرجَع اليوم، ويُجْتَهَد في إرجاعها إلى المشهد الخليجي، كما فعل -على سبيل المثال- سعد البازعي في مداخلة بعنوان «مدن التيه: عبد الرحمن منيف وسؤال الهويّة» في ندوة «الرواية الخليجيّة: السوسيولوجيا الموازية». لماذا إعادة طرح سؤال الهويّة بعمق في الرواية؟ في العادة يُطرح هذا السؤال عندما تكون الهويّة الفعليّة مهدّدة بزوال أو بتبديل أو بتحريف، لقد اقترنت الدراسات المتوجّهة إلى الرواية الخليجيّة بمبحث الهويّة، ولي أن أسأل عن علّة هذا الاقتران، مع وجود هويّة واحدة موحّدة لكُتّاب أقطار دول الخليج؟
محمد زرّوق ناقد وأكاديمي تونسي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الروایة الخلیجی ی الروایة الهوی ة من جهة
إقرأ أيضاً:
توحيد الصف الخليجي.. طوق النجاة
محمد علي البادي
حبا الله دول الخليج العربي بثروات مالية لا تُعد ولا تُحصى، وموقع جغرافي استراتيجي، وحكّام يحرصون على خدمة وتنمية شعوبهم. غير أنَّ هذه النعم لم تحصن الخليج من رياح الأزمات، فقد تعرضت دوله لاضطرابات كبرى، وزُجّت في حروب لم تكن طرفًا مباشرًا فيها، بل كانت ضحية لموقعها الجغرافي الحساس.
الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، لم تقتصر آثارها على الدولتين المتحاربتين، بل امتدت تداعياتها إلى كل دول الخليج، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، وأرهقت شعوب المنطقة وأقضّت مضاجعها.
ثم جاءت مأساة غزو الكويت، حين أقدم الرئيس صدام حسين على قرار فردي خاطئ، ظنّ فيه أنَّ الكويت لقمة سائغة. فكانت الكارثة التي اجتاحت مقدرات الكويت، وضربت عمق الأمن الخليجي. لكن دول الخليج وقفت موقفًا مشرفًا، سدًا منيعًا في وجه الغزو، لتسطر صفحة من صفحات الوفاء والتضامن، ساهمت في تحرير الكويت وعودتها إلى أهلها.
بعد ذلك، جاءت الحرب الغربية على العراق، فانهار ما تبقى من الدولة، وتبعثرت مقدراتها، وتعمّقت جراح شعبها. واليوم، وبعد أكثر من عشرين عامًا، ما زال العراق يئن تحت وطأة الغزو، والخذلان، والفوضى. وقد كانت دول الخليج في تلك المرحلة في واجهة الأحداث، بل ودفعت من استقرارها ثمنًا باهظًا.
واليوم، تُعاد الكَرَّة؛ فإسرائيل تدخل في مواجهة مباشرة مع إيران، الدولة المسلمة الجارة لدول الخليج، في حربٍ لا يعلم مداها إلا الله. وقد تجد دول الخليج نفسها من جديد في قلب العاصفة، لا لشيء سوى قُربها الجغرافي وتشابك الملفات السياسية والعسكرية.
ومن هنا، فإن الواجب الملحّ على دول الخليج العربي اليوم هو الوحدة والتكاتف والتكامل. وعلى الشعوب الخليجية أن تدرك حساسية المرحلة، وألا تنجرّ وراء الشائعات أو الحملات الإعلامية المضلّلة التي لا همّ لها إلا زرع الفُرقة والشكوك بين أبناء الخليج الواحد.
لقد أثبتت التجارب الماضية أن الثقة بالقيادة الرشيدة، وتغليب صوت الحكمة على التهوّر، هما طوق النجاة في خضمّ الأزمات. والشعوب، كما عهدناها، قادرة على أن تكون درعًا لوطنها، متماسكة متراصة خلف قيادتها، محافظة على أمنها ووحدتها.
إنَّ المصير مشترك، والمخاطر لا تفرّق بين دولة وأخرى، والأمن لا يتحقق إلا بثبات الصف ووحدة الكلمة.