رغم أجواء التوتر والحديث الإسرائيلي عن إمكانية تدهور وضع جبهة جنوب لبنان إلى حرب ضدّ "حزب الله"، يمكن اعتبارُ زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان قبل يومين دلالة واضحة على أن المسار الديبلوماسي للحل لم ينتهِ والدليل على ذلك هو إستمرار المشاورات التي يمكن أن توصل الأمور إلى نتيجة جيدة.. ولكن، هل يمكن التسليم بأن الأوضاع باتت ذاهبة حقاً نحو الإستقرار السريع؟ وما هي السيناريوهات التي لا يمكن إغفالها أبداً رغم المساعي الديبلوماسية القائمة أميركياً وعربياً على صعيد لبنان وغزة؟
في كلام هوكشاتين، برزت رسالتان: الأولى عبر قوله إن التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة لا يخدم لبنان، فيما الرسالة الثانية تقول إنّ أيّ هُدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان.


كما هو معلوم، فإن كلام هوكشتاين يتقاطعُ مع جهود عربية ودولية لإحتواء حرب غزة بغية الخروج منها بـ"هدنة جديدة". إلا أنه في المقابل، لا يمكن لهذا الكلام أن ينفي فرضية تقول إن ما يجري في لبنان قد لا ينتهي بـ"سلاسة"، وأن إسرائيل قد تواصل اعتداءاتها ضدّ لبنان.
يوم أمس، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واضحاً في قوله إن هوكشتاين لم يقدم طرحاً مكتوباً بشأن جبهة الجنوب، وهذا الأمر يُعتبر مطلباً ضرورياً. بالنسبة للدولة اللبنانية، المطلوب اليوم هو تثبيت شروط مكتوبة توضح مسار المفاوضات والوصول إلى صيغة واضحة للحل، أما إبقاء الأمور قيد الكلام العام والشفهي، فإن ذلك يعني عدم وجود أي ضمانات واضحة للإستقرار المنشود والمطلوب. هنا، وأمام عدم وجود أي "خطوط مكتوبة" لمفاوضات واضحة، لا يمكن أبداً إسقاط فرضية توسع الجبهة رغم أن كل الآمال معقودة على مفاوضات قد يشهدها شهر رمضان عقب إعلان "هدنة غزة".
إستغلالٌ إسرائيلي
بشكلٍ أو بآخر، يمكن لإسرائيل أن تستغل مضمون رسائل هوكشتاين لتكون حافزاً لها باتجاه مواصلة استهدافاتها في لبنان تحت ذريعة عدم وجود أي مفاوضات واضحة أو شروط مكتوبة يمكن مناقشتها أو الإلتزام بها، وبالتالي تثبيتُ فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان. لذلك، قد تلجأ إسرائيل لمنح نفسها هامش حرية أكبر في اتخاذ القرارات العسكرية وبالتالي قد يُترجم ذلك في إمكانية تعقيد الأمور بغية الضغط للوصول إلى تسوية.
حينما يقول هوكشتاين إن التصعيد لا يخدم لبنان، فقد ترى إسرائيل ذلك محفزاً لضرب "حزب الله" أكثر. هنا، يبرزُ عامل "الردع" الممزوج بالتهديد المرتبط بتصعيد الجبهة، في حين أن ما قيلَ قد يجعل تل أبيب واثقة في إستكمال الإغتيالات والضربات ضد "حزب الله" بغية دفع الأخير لتقديم أوراق تنازلاتٍ تقود إلى التسوية والمفاوضات.
في الواقع، يُمكن أن تأخذ عملية الضغط هذا المسار، وما يظهر هو أن ثمن الوصول إلى تلك التسوية المرتقبة قد يكون مسنوداً بخيارات عسكرية صعبة.
بشكل أو بآخر، يمكن أن ترى إسرائيل في "مساندة أميركا" الهدف المطلوب اليوم وسط عملية الضغط الهادفة لـ"تحجيم حزب الله" ودفعه أكثر نحو التسوية على قاعدة تصعيد النار.
لهذا السبب، بات مطلوباً تماماً وجود ورقة مكتوبة لطروحات المفاوضات المرتبطة بجبهة لبنان كي يكون البحث فيها مقدمة لتهدئة الجبهة، علماً أن هذا الأمر لا يمنع إستمرار المناوشات ولكن في إطار محدود. وعليه، فإن المسارات التفاوضية يجب أن تكون ملزمة لإسرائيل، والضمانة الأساس في هذا الأمر يجب أن تكون عبر الأميركيين.
حينما يتحدث الرئيس ميقاتي يوم أمس عن "تغطية دولية" لطرح هوكشتاين، فإنه يعني في ذلك "تدويل الحل" وجعله على شاكلة قرارٍ معلن وذات ضمانات عربية ودولية. الأمر هذا يقوّي أوراق لبنان، لكن العبرة تكمنُ في مدى إلتزام إسرائيل بأي شروط ستُفرض عليها، وأبرزها وقف إنتهاكاتها للبنان والتي قال ميقاتي إن عددها تجاوز الـ35 ألف انتهاكٍ منذ العام 2006 وحتى الـ2024.
في خلاصة القول، قد تكونُ تجربة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بمثابة عاملٍ أساسي يمكن البناء عليه في مفاوضات جبهة الجنوب، لكن الشروط هنا معقدة أكثر وترتبطُ بإلتزامات.. فهل سيقبل "حزب الله" بالتزامات ستخالف وجوده وامتداده؟ وهل سيعني الإستقرار طويل الأمد، إنكفاء لدور الحزب مستقبلاً؟ هذه الأسئلة مطروحة بشكل كبير بشأن المرحلة المقبلة، وحتماً فلننتظر...




المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

( اراء حرة ) { خطة إسرائيل لاستدعاء ٤٥٠ الف مقاتل احتياط / التأثير والأثر}

بقلم: الفريق ق خ الركن عماد الزهيري ..

١. الفرق بين مصطلحي (الأثر و التأثير )دقيق ولكنه مهم، ويعتمد على السياق اللغوي والوظيفي لكل منهما وبغية توضيح مقصدي إليك شرحًا مبسطًا وواضحًا .
أ.التأثير . التأثير هو الفعل أو العملية التي تُحدث تغييرًا أو تحولًا في شيء ما وهو ما يحصل أثناء التفاعل أو نتيجة مباشر لفعل معين .
ب.الأثر .الأثر هو النتيجة أو العلامة التي يتركها التأثير بعد أن يقع وهو ما يبقى من التأثير، أو ما يُلاحظ بعد حدوثه.
٢.تقوم إسرائيل حالياً بتنفيذ خطة تعبئة واسعة لقوات الاحتياط، تشمل استدعاء ما يصل إلى 400 ألف جندي وضابط احتياط، وذلك في ظل تصاعد التوترات الأمنية على عدة جبهات، خاصة في قطاع غزة والحدود مع لبنان وتدخلها بالوضع السوري ؤاستنزافها من قبل الجبهة اليمنية ويمكن أجمال الاسباب الظاهرية بعدد من النقاط ؤاهمها .
أ.استعداد لاستئناف العمليات في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2025، وافق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي على خطط هجومية جديدة تحسباً لاستئناف القتال في قطاع غزة. هذه الخطط تتطلب نشر فرق عسكرية مختلفة واستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لفترات طويلة.
ب.التصعيد على الجبهة الشمالية مع لبنان حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن تجنيد لواءين احتياط للقتال على الجبهة الشمالية، مع حشد دبابات وآليات حربية ثقيلة على الحدود مع لبنان، استعداداً لاحتمال توغل بري في لبنان.
ج.تعزيز القدرات الدفاعية على الحدود حيث قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي تشكيل 5 ألوية احتياط جديدة تحت مسمى “ألوية داوود”، بهدف تنفيذ عمليات دفاعية على مختلف الحدود وتخفيف العبء عن قوات الاحتياط.
د.الاستعداد لتصعيد محتمل في الضفة الغربية: في ظل تصاعد الصراع مع “حزب الله” اللبناني وتلويح إسرائيل باجتياح بري محتمل، قرر الجيش الإسرائيلي استدعاء 3 كتائب احتياط لأهداف تشغيلية ودفاعية في الضفة الغربية.
٣. هل هناك حرب قادمة؟
بينما لا توجد مؤشرات رسمية على اندلاع حرب شاملة وشيكة، فإن حجم التعبئة العسكرية واستعدادات الجيش الإسرائيلي تشير إلى تحسبه لاحتمال تصعيد كبير على أكثر من جبهة والجيش الإسرائيلي يسعى إلى تعزيز جاهزيته لمواجهة أي تطورات مفاجئة، سواء في غزة أو لبنان أو الضفة الغربية او استعداد لردود فعل ايران في حال توجيه ضربة جوية ووبحرية الى البرنامج النووي الايراني حيث سيكون رد إيران هذه المرة غير متوقع مما يتطلب الاستعداد والاستنفار تحسبا لكل سيناريو محتمل
٤.في إسرائيل، تخضع خدمة الاحتياط (مِلويم) لقوانين وتنظيمات محددة، تختلف في الظروف العادية عن تلك المطبقة في حالات الطوارئ أو الحرب وتكون المدة القانونية لخدمة الاحتياط في الظروف العادية مدة الخدمة سنويا ويُطلب من الجنود غير الضباط أداء خدمة احتياطية تصل إلى 42 يومًا في السنة، ولا تتجاوز 54 إلى 70 يومًا خلال فترة ثلاث سنوات، وذلك حسب ما إذا كانوا يشغلون مناصب قيادية ويطلب من الضباط أداء خدمة احتياطية تصل إلى 42 يومًا في السنة، ولا تتجاوز 84 يومًا خلال فترة ثلاث سنوات ومدة الخدمه (الجنود العاديون حتى سن 40 عامًا والضباط حتى سن 45 عامًا وفي بعض الأدوار الخاصة، مثل الأطباء أو السائقين، يمكن أن تمتد الخدمة حتى سن 49 عامًا)
٥.إمكانية التمديد في حالات الطوارئ.
في حالات الطوارئ أو الحرب، يمكن للجيش الإسرائيلي استدعاء جنود الاحتياط لفترات غير محددة بموجب المادة 8 من قانون خدمة الاحتياط لعام 2008. تمنح هذه المادة وزير الدفاع، بموافقة الحكومة، صلاحية استدعاء الاحتياط بشكل فوري ودون تحديد مدة زمنية، إذا اقتضت الضرورة الأمنية ذلك وعلى سبيل المثال، بعد إعلان حالة الحرب في 7 أكتوبر 2023، تم استدعاء أكثر من 300,000 جندي احتياط للخدمة دون تحديد مدة زمنية مسبقة.
٦.التغييرات الأخيرة في سياسة الاحتياط:
زيادة مدة الخدمة السنوية في ظل الحرب المستمرة في غزة، قرر الجيش الإسرائيلي زيادة مدة الخدمة السنوية للجنود الاحتياط من 25 يومًا إلى 40 يومًا.
ورفع سن الإعفاء من الخدمة حيث تم تمديد سن الإعفاء من الخدمة الاحتياطية، حيث أصبح الجنود العاديون يُستدعون حتى سن 41 عامًا بدلاً من 40، والضباط حتى سن 46 عامًا بدلاً من 45.
٧.الحرب الشاملة الحالية (منذ 7 أكتوبر 2023) تجاوزت جميع العمليات السابقة من حيث الكلفة والمدة، وتُعد الأكثر كلفة في تاريخ إسرائيل حتى الآن، وقد تُكلف في المجمل بين 30 و70 مليار دولار حسب تطورات 2025. ٦.
ويمكن أجمال التفاصبل كما يأتي
أ.تكاليف غير مباشرة (تأمين، خسائر اقتصادية، دعم عائلي وتأمينات صحية، دعم لأسر الجنود، تعويضات أرباب العمل (لأن المجندين متغيبون عن أعمالهم)
حيث تقدّر بـ 1000 – 2000 دولار للجندي الواحد لمدة 3 أشهر ويكون كشف الحساب و الكلفة (دولار أمريكي)كما يلي
اولا.رواتب الاحتياط 4.86 مليار
ثانيا.تشغيل ولوجستيات 8.10 مليار
ثالثا .تكاليف غير مباشرة 0.675 مليار
رابعا .المجموع الكلي 13.635 مليار دولار والملاحظة المهمة ان هذا تقدير تقريبي مبني على متوسطات ورواتب منشورة علنًا، ولا يشمل الخسائر العسكرية أو تكاليف العمليات القتالية المباشرة والأرقام قابلة للزيادة في حال اندلاع حرب فعلية أو مشاركة الاحتياط في قتال فعلي ويمكن مقارنة الحروب السابقة والحالية بالارقام فكانت حرب لبنان 2006 2.3 مليار
و حرب غزة 2014 2.5 مليار واخر أحصائية لحرب غزة 2023 (مستمرة) 30 مليار حتى الآن.
ب.التكاليف المباشرة . وهنا تدخل قيمة العمليات العسكرية وحجم الخسائر بالموارد والقدرات في ساحة الحرب حيث ستتضاعف الخسائر كلما طالت الحرب لاسيما ان إسرائيل كانت ولازالت تعاني من نقاط ضعف في بنائها وجاهزيتها خلال حروب الاستنزاف
مما تقدم وبالرغم من حجم الخسائر الكبير لاسرائيل ماليا وبشريا وانخفاض مستوى جاهزية جيشها وتدنى الكستوى المعنوي بعد بقاء ازمة الرهائن في غزة وفشلها في تحريرهم لكنها تخطط لعملية عسكرية قد تفاجئ الجميع فيها مما يتطلب عقد إجتماع تشاوري بين الدول العربية والاسلاميه لاعداد خطة لاجهاض عملية نتنايهو الانتحارية والتي سيحرق فيها الاحضر واليابس كما ان عدم تسليط الاعلام العالمي على هذه الاحداث الخطيرة دليل عاى وجود خطة مخادعة وتمويه استراتيجي وعلى العراق بأعتباره رئيسا للقمة العربية طلب عقد اجتماع لمناقشة هذا التصعيد الخطير
وحفظ الله العراق وشعبه ووحدته وجيشه
الفريق ق خ الركن الدكتور
عماد ياسين الزهيري

عماد الزهيري

مقالات مشابهة

  • ( اراء حرة ) { خطة إسرائيل لاستدعاء ٤٥٠ الف مقاتل احتياط / التأثير والأثر}
  • الخلاص التونسية تندد بنقل موقوفي قضية التآمر لسجون أخرى
  • مصدر : إسرائيل اخترقت هيكلة حزب الله السابقة استخباراتيا
  • لوموند: جبهة تيغراي مهندسة تحديث إثيوبيا توشك على الزوال
  • إسرائيل تعيد تنظيم قواتها على الحدود مع لبنان
  • وسائل إعلام سورية تُكذّب أبواق نظام المخزن: مكتب “جبهة البوليساريو” في دمشق مغلق منذ 2003
  • السيد القائد: من المقامات التي جاءت في القرآن عن النبي إبراهيم عرض دلالات وبراهين واضحة لما يدعو قومه إليه لعبادة الله وحده
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: الغارات على اليمن رسالة واضحة للحوثيين
  • بناء السفن.. جبهة جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين
  • تحالف البديل يعلن عن تأسيسه كنافذة أمل جديدة لعراق المستقبل