سودانايل:
2025-05-13@09:52:34 GMT

الدور الاجتماعي للشعر الشعبي

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

mohammedhamad11960@gmail.com

بقلم: د. محمد حمد مفرح
٣/٢
من ناحية أخرى نجد أن هنالك أنماطا عديدة للشعر الشعبي بكردفان ارتبطت بضروب الفن الشعبي الكردفاني مثل الجراري والعنقالي والحسيس و الدوبيت وتويا و الطمبور و لبادة و الحنبيلي و كذا المردوم والنقارة والكمبلا والكرنق والدرملي وخلافها.

و قد لعبت الأنماط الشعرية المرتبطة بهذه الفنون، و تلك التي يتم نظمها كأشعار قائمة بذاتها، لعبت دورا رائدا في صياغة الوجدان السوداني بعامة والكردفاني على وجه الخصوص، وذلك بحسبانها تمثل لونيات شعرية عبقرية حاضنة لتراث شريحة قومية مقدرة من شرائح الوطن.

لذا فقد ظلت هذه الأنماط الشعرية راسخة في وجدان الناس، متغلغلة في أرواحهم ومحفورة في الذاكرة الشعبية للمجتمع السوداني، بل وظل صداها داويا على مر الزمن. و ليس أدل على ذلك من الرواج والذيوع اللذين تحظى بهما الأغاني الكردفانية المتسوجة من هذه الأشعار، فضلا عن الخلود الذي يميزها وذلك لبساطتها وعمقها وبلاغتها فضلا عن جرسها الموسيقي الاسر.
ومن الأمثلة الحية على ذلك تلك الانماط الشعرية التي تمثل لحمة و سدى اغاني الفنانين الكردفانيبن امثال الفنان الدكتور عبد القادر سالم، عبد الرحمن عبد الله، صديق عباس، ابراهيم موسى ابا، الفنانة ام بلينا السنوسي، على سبيل المثال لا الحصر. و قد كان لهؤلاء الفنانين اسهامات جد كبيرة في التعريف بالشعر الشعبي و الحياة الاجتماعية و الثقافية بكردفان، من خلال أغنياتهم التي وظف بعضها هذا الضرب من الشعر.
كما لعبت الفنانة الشابة المرحومة شادن حسين دورا رائدا في التعريف بالشعر الشعبي الكردفاني عبر اغنياتها التي مثلت مشروعا فنيا و ثقافيا لفت انتباه العديد من الموسيقيين و جذب إليه الكثيرين.
و هناك أغنية حمرية للشاعرة بلدوسة ابراهيم تشدو بها المغنية نانسي عجاج، راجت و ولجت قلوب الناس في كل أرجاء السودان، نظرا لبساطة كلماتها و عمقها في آن فضلا عن بلاغتها. و تقول هذه الأغنية في جزئية منها:
حلاوة القرطاس الفي الخشيم تنماص
كان ما كلام الناس بسكن معاك خماس
ويمكن للمرء أن يلحظ البلاغة المتناهية في البيت الأول من القصيدة، و يقف على الشاعرية المتقدة لشاعرتها.
و من الأهمية بمكان الإشارة الى ان صدى الشعر الغنائي الكردفاني المشار أليه لم ينحصر في المحيط القومي فحسب بل تعداه إلى العالمية. و ليس أدل على ذلك من الرواية التي رواها لي الفنان الدكتور عبد القادر سالم والتي تقول أن الكثير من أغاني التراث الكردفاني تم تسجيلها ب" موسوعة التراث الإنساني الأمريكية". ويعكس هذا الأمر بالطبع ، قيمة الشعر الغنائي الكردفاني من جهة تعييره عن قيم و مضامين انسانية عامة فضلا عن موسيقى داخلية ذات صبغة عالمية.
ومن النماذج الشعرية للشعر الشعبي أيضا قصيدة تمثل كوميديا سوداء مسرحها دار حمر، تقول:
نتمنى لي سلمان جاموس خلاء بطران
قاعد له في بكان
في الكوك مع الجوغان
لي ستة يوم جوعان
هابق على الإنسان
وكت يطق البانج
الريط يقد كيمان
* الكوك.و الجوغان انوع من الأشجار.
و بالرغم من أن هذا الشاعر الهجاء استخدم عبارة"نتنة"، بعيدة عن اللياقة ، الا انها تعد، بمنطق الأدب و" مدرسة الفن للفن" مقبولة، طالما أنها تعبر عن المعنى المراد .
و يواصل الشاعر قصيدته، ممعنا في الأمنيات المعذبة والقاتلة والتي صور فيها الشاعر الشخصية المشار إليها "سلمان" بأنه مات بعد أن أشبعه تعذيبا، من خلال ماتمنى له، قائلا:
ملك السعال جاء قعد
عيونه حمره مقد
و حسه باقي رعد
بيقنقباية أم قد
يلفى العتيق بالطق
*القنقباية: العصا.
ويستمر في القصيده إلى أن يقول ، واصفا حال سلمانه بعد موته "خلال المأتم":
الشيه جاتنا طبق
بصلها مشقق
تعال شوف ليك كرامة كلب
و يقول أحد شعراء دار حامد واصفا حاله و حال بعض جماعته جراء تورطهم.في جريمة:
الدنيا ام قدود ما لا غراره
سوت لينا عصر السوج على الكاره
بعد باكر ميعاد مكتبنا في بارا
التسبت عليه يا بشاتن حاله
امن غرموا و أمن دللوا حماره
و هذا يعني انه كان و جماعته على موعد مع محاكمة بمدينة بارا و ان من تثبت عليه التهمة سيواجه اما الغرامة او عرض حماره للدلالة.
و تقول الشاعرة حبيبة بت حمدان في قصيدتها التي كان يتغني بها الفنان عبد الرحمن عبد الله رحمه الله:
كباشي كان برضى
وصلني ود بنده
خليني الناخد سنده
الى اخر القصيدة.
اما الشاعر ود ام بده فيتألق شعرا في احدى قصائده فيقول:
توب.يا قلب و بشكيك يا جرح لي مين
و ما في عدالة ديل ناس كلهم ظالمين
و انا حب زي حبي ما واجهتو في العاشقين
شتلت المنقه و اخدوا ثمارها ناس تانيين
و يقول الشاعر محمد.ابراهبم:
آمس لا قيتها و ردت دونكي حمد النيل
جنتتي انا و جنوا معاي كتير
لدرجة اخونا العقلو ديمه كبير
سلبت عقلو و اصبح زول غنا و تفكير
بنسأل فوقا كيف القصة يا مولانا
قال لي شالت القلب خلت الا بكانه
كما قال أحد شعراء الدوبيت، مؤكدا على ولوج الشعر الشعبي عالم السياسة و تعبيره عن القضايا السياسية القومية و هموم.الناس، قال:
حاكومة الازهري اسماعين
قلبها النميري الساعة ثلاثة و الناس كلهم نايمين أعتقل الشيوعية الكلهم خاينين ناشر في جرايده صفيحة المويه بمليم

و بعد ... هذه نماذج جد قليلة من الشعر الشعبي الكردفاني و الذي يعد، بحق وحقيقة ، بحرا لا ساحل له، ولونا شعريا متعدد الأغراض، ظل يلعب دورا كبيرا في الحياة الاجتماعية بكردفان، و لا يقل شأنا عن الشعر الفصيح في التعبير عن عكس المعاني و الدلالات علاوة على الترويح عن النفس من عناء الحياة.
//////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشعر الشعبی فضلا عن

إقرأ أيضاً:

وفاة الشاعر والكاتب المسرحي يوسف مسلم

كتب- محمد شاكر:

توفي مساء أمس السبت، الكاتب المسرحي والشاعر يوسف مسلم، مدير دار عرض مسرح المواجهة والتجوال بالبيت الفني للمسرح، وسط حالة من الحزن في الوسط المسرحي والثقافي.

ونعى عدد كبير من المسرحيين الكاتب الراحل، مشيدين بمسيرته الفنية وإنجازاته في دعم الحركة المسرحية.

من جانبها كتبت الناقدة رشا عبدالمنعم: يوسف مسلم

اذكروا هذا الاسم جيدا لأنه باق؛ شاعر وكاتب كبير

وإنسان لا يجيد التواطؤ ومفاوضة القبح، مع السلامة يا يوسف.. تستحق تكون فى عالم أجمل بالتأكيد".

بينما كتب الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا: "صدمة الرحيل المباغت؛ الشاعر والكاتب يوسف مسلم .. وداعا".

وأضاف: "كنت أومن بموهبته وحدثته عنها وأشرت إلى عمل أرسله لى لثقته في رأيي كما ذكر ..وكان سعيدا جدا بكلماتي القليلة التي كتبتها عن نص (وليمة عيد).. ياالله كلمات قليلة صادقة يمكن أن تسعد إنسانا.. وكلمات أخرى يمكن أن تقتل.. آمنت بموهبته واحترمت تمرده على نفسه وعلى الحياة ..إحساسه بالظلم والتهميش كان عظيما يظهره في مواقفه تجاه الآخرين خاصة هؤلاء الذين اعتبرهم عائقا في الطريق. والآن رحل عن دنيانا القاسية.. لينعم بالراحة الأبدية وأدعو الله أن يرحمه ويغفر له".

يوسف مسلم شاعر وكاتب وناقد مسرحي مصري، من مواليد 1979، فاز بعدة جوائز في مجال التأليف المسرحي كما صدر له عدة نصوص مسرحية منها «الحارس» (2007) و«الشبيهان» (2009) وتم تقديم هذان النصان وغيرهما على خشبة المسرح.

ونشر عدة دواوين منها «كتابوت يسعل بشدة» (2013)، «فقه الغضب» (2014) سيرة شاعر يموت شاهرا إصبعه الأوسط في وجه العالم» (2016)، وديوان «حقائب منسيه بقصد» هو الديوان الرابع في رحلته الأدبية، وديوان «حقائب منسيه بقصد»، عن دار صفصافة للنشر والتوزيع.

ومن أبرز قصائده التي كتبها عام ٢٠١٦:

اسْمِي يُوسُفْ مُسَلَّم،

جُثَّتي فَسّختها الكَرَاهِيةُ،

علىَ ظَهرِيِ سَبْعةً وثَلاثُونَ طَعنَةٍ،

حسْبَمَا تَقُولُ شَهَادةُ المِيلَادْ،

أُمِّي فَلَّاحةٌ

وأَبِي إِسكَافيٌّ بالكَادِ يَفُكُ الخَطَّ،

مُنْذُ مَاتَ وقَدَماي تُلِهبَانَني،

حِينَ أَضَعَهُمَا فيِ حِذاءٍ ليْسَ منْ صُنعِ يَديّهِ.

كُنتُ ذَلِكَ الطِّفْلُ الَّذي أَطْعَمُوه

قِطْعةً مِنْ قَلبِ ذِئْبٍ كيْ يهَابَهُ الخَوْفُ،

لكِنَّهُم نَسَوا أنْ يَنْزَعُوا

بَريقَ السَّذَاجةِ الورَاثيّةِ منْ عيْنيَّ

فَأَصبَحتُ ذِئْبًا يَأكُلُ الأَزهَارَ نَيئَةً

كانَ يُمْكِنُ أنْ أُصْبحّ عَرصًا كَبِيرًا

أوْ علىَ الأَقَلِ قَاتِلاً مَأْجُورًا

لكِنَّ الله عَاقَبَني بأنْ أَكُونَ عَاشِقًا حدَّ الكَرَاهِيةْ.

كُنتُ أَكْرَهُ مَقَاعِدَ الدِّارَسةِ الَّتي ثَقَبتْ سَرَاوِيلِي.

كُنتُ أَكْرَهُ المَسْجدَ ورُوَّادَه المُعَمَّمِينْ

ونَاظِرَ المَدْرَسةِ،

مرةً وصَفْتُهُ بخَيْزُرَانةٍ طَويِلةٍ

نَتَأَ مِنهَا رَجُلٌ قَصِيرٌ أَكْرشْ

يَخَافُ الضَّحِكْ.

كَذَلِكَ كُنتُ أَكْرَهُ أَيامَ الآحادِ

لأَنَّها تُفْسِدُ قُبلةً صَغيِرةً

كُنتُ أَضُعهَا عَلى شَفةِ رُوزْ

التي كَانتْ تَتَعمَّدْ أنْ تُخرِجَ صَلبِيَها الذَّهَبيَّ

منْ كُولةِ مَريَلتِها الزَّرقَاءْ.

حِينَ غَادَرْنَا المَدْرَسةَ المشتركةَ،

تَركَتْنِي أُقَبِّلُ صَليِبَها للمرةِ الأُولىَ،

بَعْدَهَا أَصبَحَ الأُسْبُوعُ كُلَّه أيام آحاد.

اقرأ أيضًا:

مفاجأة.. قانون العمل الجديد يتيح فصل العاملة بعد إجازة الوضع في هذه الحالة

نقيب الصحفيين يخاطب رئيس "النواب" لحذف عقوبة الحبس في النشر بقانون الفتوى

الحرارة تسجل 40 درجة.. نصائح مهمة من الأرصاد للمواطنين

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

يوسف مسلم وفاة يوسف مسلم

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان

أخبار

وفاة الشاعر والكاتب المسرحي يوسف مسلم

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

البنزين المغشوش.. البترول: 2000 جنيه للمتضرر من تلف الطرمبة لكن بشرط 870 شكوى.. البترول تعلن نتائج تحاليل "البنزين المغشوش" على مستوى الجمهورية 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • اتحاد الكتاب العرب يعلن أسماء الفائزين بجوائز الأدباء الشباب لعام 2024
  • الشاعر خميس المقيمي: لا أكتب لإرضاء الذائقة العامة.. و"وسائل التواصل" أوجدت "وَهم الشعر"
  • الحشد الشعبي يعتقل متهماً بحوزته كريستال في الأنبار
  • أمن عدن يمنع الاحتجاجات دون تصريح مسبق وسط تصاعد الغضب الشعبي
  • في ذكرى رحيل الأديب والشاعر والصحفي سعد الدين إبراهيم
  • اليمن تتوج بجائزة «كتارا» لشاعر الرسول وتسطّر حضورًا مميزًا
  • انطلاق مؤتمر مكتبات مصر العامة تحت شعار الدور الاجتماعي للمكتبات
  • وفاة الشاعر والكاتب المسرحي يوسف مسلم
  • علامات فارقة في الشعر العربي الحديث ضمن كتاب جديد صادر عن الهيئة السورية للكتاب
  • الحراك الشعبي في الزبير: مجلس البصرة لا يمثلنا وماضون بالتحول لمحافظة