القنصلية الأمريكية العامة في الظهران تحتفل بذكرى يوم الاستقلال الأمريكي
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
احتفلت القنصلية الأمريكية العامة في الظهران في يوم 6 مارس بالذكرى 248 لاستقلال الولايات المتحدة الأمريكية. وخلال الحفل رحب كل من السفير الأمريكي مايكل راتني والقنصل العام في الظهران جيمس سيندل، بضيوف الشرف محافظ محافظة الخبر سليمان بن عبدالرحمن الثنيان ومدير عام فرع وزارة الخارجية بالمنطقة الشرقية عبدالله بن محمد الحربي بالإضافة الى أكثر من 400 ضيف من المنطقة الشرقية.
وألقى السفير الأمريكي مايكل راتني كلمة عبر فيها عن خالص شكره لضيوف الشرف على حضورهم للمشاركة في الاحتفال، منوها بعمق العلاقات السعودية الأمريكية الراسخة منذ أيام المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود-رحمه الله- وحتى يومنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وشدد السفير راتني على حرص الولايات المتحدة على توسيع العلاقات التاريخية التي تربطها مع المملكة العربية السعودية بما يعود بالنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.
يُقام الحفل قبل موعده الرسمي في الرابع من يوليو من كل عام بسبب الظروف الجوية، وقد كان شعار الاحتفال هذا العام "الرحلات البرية الأمريكية الرائعة" للاحتفال بالرحلات التاريخية لكل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والعلاقة القوية التي تربط بين الشعبين الأمريكي والسعودي. وأضاف السفير راتني قائلاً: "ولدت الشراكة الأمريكية السعودية هنا في المنطقة الشرقية، وكأميركيين، ما زلنا نشعر بأننا جزء كبير من هذا المجتمع. من خلال تعزيز هذا المجتمع يمكننا أن نتعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل ويمكننا العمل معا لجعل كلا بلدينا تزدهر.
قدمت فرقة القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية (AFCENT) عروضًا موسيقية ترفيهية خلال الاحتفال. حيث تسافر الفرقة في المنطقة كسفراء للثقافة الأمريكية من خلال العروض الموسيقية التي تقدمها وتواصلها مع الجمهور.
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
ما بين الحياة الآمنة تحت الاحتلال والمقاومة أيهما كلفته أكبر؟ (2)
في المقال السابق، استعرضنا تجارب شعوب اختارت طريق المقاومة والمواجهة مع الاستعمار، دفعَت خلاله كُلفة باهظة في سبيل حريتها، لكنها في النهاية حصدت الاستقلال والحرية.
في هذا المقال، ننتقل إلى الوجه الآخر من الصورة، شعوب سلكت مسارات مختلفة، ظنا أن السلامة أضمن، أو أن التفاوض والحلول الوسطى أقل كلفة.
فما الذي آلت إليه تلك التجارب؟ وهل كانت النتيجة النهائية فعلا أقل في الكلفة من ثمن المقاومة؟
التعايش الطويل مع الاحتلال وأثره على الأفكار والتوجهات الوطنية
أ- اسكتلندا.. قرون من النضال ذهبت هباء في أول تصويت لتقرير المصير
كانت تجربة النضال الاسكتلندي ضد الاستعمار البريطاني تجربة تاريخية عريقة، بدأت بالنضال المسلح منذ العصور الوسطى، خاض فيها الاسكتلنديون تمردات ومعارك عسكرية متعددة خلال القرن السابع عشر، لكنها انتهت بهزيمة كبيرة بعد معركة كولودين عام 1746، التي تعتبر آخر التمردات العسكرية، حيث توقفت مطالب الاستقلال لنحو ثلاثة قرون، رضخ فيها الاسكتلنديون للاحتلال البريطاني.
الاحتلال ليس مجرد إجراء عسكري وسيطرة فيزيائية على مساحة من الأرض، بل هو عملية احتلال للعقل والفكر الجمعي، يسعى لتطويع الشعوب عبر تغيير قِيَمها وتوجهاتها لتتماهى معه أو تخدم مصالحه
مطلع القرن التاسع عشر، عادت قضية الاستقلال مرة أخرى إلى الواجهة، ولكن من خلال "النضال السلمي" والمطالبة بالحكم الذاتي. وفي عام 1999 تم تأسيس البرلمان الاسكتلندي بعد استفتاء شعبي منح اسكتلندا حق إدارة شؤونها الداخلية، ولكنها بقيت تحت سيطرة بريطانيا عسكريا وفي السياسية الخارجية.
في عام 2014، أُجري أول استفتاء تاريخي على فكرة "الاستقلال" الكامل عن بريطانيا، إلا أن النتائج كانت صادمة وغير متوقعة، حيث عارض 55في المئة فكرة الانفصال، نتيجة حملات تخويف مكثفة قادتها الحكومة والبنك المركزي البريطاني، حذرت من آثار اقتصادية واجتماعية سلبية. هذا الضغط أثّر بوضوح على قرار الاسكتلنديين، الذين فضلوا البقاء ضمن المملكة المتحدة على مواجهة مخاطر الاستقلال.
كان للتعايش الطويل مع الاحتلال أثر عميق على الوعي الجمعي، فأعاد تشكيل الأفكار والتوجهات، وغرس في النفوس قناعة بأن بقاء الاحتلال مقبول ما دام يضمن "العيش".
وهكذا، فضّل كثيرون الخضوع على المجازفة، حتى بدا وكأنهم أحرقوا ماضي أجدادهم وميراث نضالهم الطويل بعود ثقاب رخيص، لأجل دفء مؤقت.
ب- المقدسيون كنموذج.. تحولات خطيرة في القناعات والتصورات
منذ أكثر من عقدين، لم يشهد الشارع الفلسطيني حراكا جامعا ملهِما كـ"انتفاضة الأقصى" عام 2000، التي انطلقت شرارتها من المسجد الأقصى وامتد لهيبها إلى الضفة الغربية، بمشاركة كافة أطياف الشعب ومكوناته السياسية والاجتماعية، وبكافة الوسائل السلمية والمسلحة. أعادت الانتفاضة آنذاك الروح إلى القضية الفلسطينية، ودفعت بها إلى صدارة المشهد الإقليمي بعد سنوات من الغياب عقب اتفاقية أوسلو.
لكن الاحتلال واجه هذه الانتفاضة بتنكيل ممنهج استمر خمس سنوات، شمل القمع والتدمير والاعتقال والتصفية، ما دفع قطاعات واسعة في الضفة إلى التراجع خطوات إلى الخلف، والانكفاء على الذات في حالة من "وهم الاستقرار الزائف"، ضمن معادلة اللا سلم واللا حرب، والالتزام الأحادي بأوسلو.
لكن على الرغم من ذلك، لم يستسلم الفلسطينيون، فحملت غزة راية المقاومة بعد انسحاب الاحتلال عام 2005، لتبدأ مرحلة جديدة من قيادة الأمة الفلسطينية في مسار الكفاح المسلح في طور جديد.
لكن الضفة ظلت تحمل آثار الهجمة القمعية، فالتحولات الفكرية كانت أعمق ما خلفه هذا القمع طويل الأمد، خاصة في القدس. ففي استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي بتكليف من معهد واشنطن في حزيران/ يونيو 2022 حول تصورات "المقدسيين" عن القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، أبدى 50 في المئة من المقدسيين رغبتهم في حمل الهوية "الإسرائيلية"، و60 في المئة رفضوا اندلاع انتفاضة جديدة أو دعمها، معتبرين أن تحسين سبل المعيشة أهم من الانخراط في الصراع، و70 في المئة رفضوا استهداف "المدنيين الإسرائيليين"، بينما 65 في المئة رأوا أن الصراع شأن كبار السن والسياسيين، و50 في المئة رحبوا باتفاقيات "أبراهام" التي وقعتها دول عربية مع دولة الاحتلال.
في استطلاعين مماثلين أجراهما المركز الفلسطيني للبحوث المسحية (PSR) ومركز القدس للإعلام والاتصال (JMCC) في حزيران/ يونيو 2024 في الضفة الغربية، عبّر 55 في المئة عن رفضهم الكفاح المسلح ودعمهم الحلول السلمية لإقامة الدولة الفلسطينية.
هذه التوجهات تزامنت مع اعتماد اقتصادي واسع على الاحتلال، إذ يعمل 180 ألف فلسطيني داخل أراضي الـ48، وقرابة 40 ألفا في مستوطنات الضفة الغربية. فإذا اعتبرنا أن متوسط عدد أفراد الأسرة الفلسطينية هو 5 أفراد، فإن 20 في المئة من الفلسطينيين في الضفة وغزة يرتبط مأكلهم ومشربهم حصرا بالعمل في خدمة مشاريع الاحتلال، وقرابة 10 في المئة من سكان الضفة يعيشون من خلال تنمية وتوسيع مشاريع الاستيطان.
خلاصات نهائية
من خلال أربع تجارب مختلفة في التعامل مع الاحتلال، رأينا من قاوم وحرّر، ومن تراجع ورضخ، ومن لا يزال في تفاعل مستمر نحو التحرر. ومن هذه التجارب نستخلص ما يلي:
* الاحتلال ليس مجرد إجراء عسكري وسيطرة فيزيائية على مساحة من الأرض، بل هو عملية احتلال للعقل والفكر الجمعي، يسعى لتطويع الشعوب عبر تغيير قِيَمها وتوجهاتها لتتماهى معه أو تخدم مصالحه.
* المسار السياسي لم يكن وحده لنيل الاستقلال، بل شكلت المقاومة بشقيها الشعبي والمسلح، مفترق طرق في تاريخ الشعوب. فالمكاسب السياسية المؤقتة لا تصمد أمام مشاريع الاحتلال الطويلة المدى، بينما المقاومة رغم كلفتها تفتح أفق التحرر الحقيقي.
المقاومة حين تختار المواجهة، فإنها تراهن على تحقيق أربعة مكاسب: إفشال خطط العدو، والحفاظ على الهوية، وإحياء القضية، وإعادة تجميع المكونات الوطنية حول مسار المقاومة والنضال
* في الحالات التي اختارت فيها الشعوب السلامة والتعاون مع الاحتلال هربا من القمع، لم تحصد إلا مزيدا من الإهانة، حيث استُخدم أفرادها في خدمته، وجُنّدوا لحروبه، وسُلِبَت نساؤهم وأراضيهم، ولم تتم استعادة شيء من الحقوق والكرامة إلا بالمقاومة.
* التطبيع الطويل مع الاحتلال يفقد الجيل الأول تدريجيا الدافعية والحافزية للتحرر، ويعرض الأجيال الجديدة إلى مخاطر طمس الهوية، ويدفعها للتماهي مع الاحتلال وقبوله كواقع يومي، ما يهدد الهوية ويهدر التضحيات المبذولة.
* ولهذا، حين تبدو قرارات المقاومة للبعض أحيانا "متهورة"، فهي في الواقع استجابة اضطرارية لحالة تآكل وطني عميقة. فقد تلجأ المقاومة أحيانا إلى التصعيد ونقل المجتمع من استقرار مادي هش إلى اشتباك مفتوح، بهدف إعادة الحياة للهوية والقضية المهددتين بالموت السريري. فالمقاومة حين تختار المواجهة، فإنها تراهن على تحقيق أربعة مكاسب: إفشال خطط العدو، والحفاظ على الهوية، وإحياء القضية، وإعادة تجميع المكونات الوطنية حول مسار المقاومة والنضال.
خاتمة
إن التصور السماوي للإنسان يمنحه قيمة متوازنة، لا يُفرط في الفرد لصالح الجماعة، ولا يُقدّس الذات على حساب القيم. فالإنسان بلا هوية ولا معتقد يتحول إلى عبد لمن يطعمه، كالحيوان الذي يتبع راعيه، بغض النظر عن عدله أو ظلمه.
والحرية ليست شعارا حديثا، بل قيمة إنسانية أصيلة، كرّمها الإسلام بجعل تحرير العبيد وتخليص الأسرى قربى إلى الله وتكفيرا للذنوب، والتضحية في سبيل الدفاع عن الأهل والعرض والوطن سبلا لبلوغ منازل الشهداء.
وهنا نستطيع الإجابة بكل وضوح على سؤالنا، أيهما كلفته أكبر؟
فكُلفة المقاومة رغم شدتها، تظل أقل بكثير من ثمن الاستسلام. فالمقاومة تجدد الحياة وتنقل الراية بين الأجيال، بينما الاستسلام طريق بلا عودة، هجرة من ذاتك إلى ذات الآخر، ينتهي بذوبان الإنسان في ذات المحتل، وخسارته لهويته وكرامته وإنسانيته.