يقول الشاعر العربى أبوالطيب المتنبى؛ «لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها»، والحماقة فى معاجم المعانى الجامعة هى: قلة العقل والشطط فى التفكير، وأحمق الحى: هو رجل قليل العقل فاسد الرأى، وحمَّق فلاناً: أى جعله كقليل العقل أو فاسده، لكن ما حدث أن «رأس الحكمة» أعيت الأحمق الذى يداويها، وصفقة «رأس الحكمة» كشفت عن الكثير من الحمقى فاسدى الهوى والرأى.
ما إن تم الإعلان الحكومى عن صفقة «رأس الحكمة» فى شراكة مصرية إماراتية تجسد مسيرة من التعاون المثمر، حتى انطلقت جحافل الذباب الإلكترونى على السوشيال ميديا مهاجمة، تسوق اتهامات غير مبررة بلا سند أو دليل من عينة بيع أصول الدولة المصرية، والتفريط فى مقدرات الوطن، وغيرها من تلك الشعارات الرنانة التى يطن بها الفضاء الإلكترونى من دون وعى أو فهم، رغم فوائد الصفقة الجمة، أهمها وأسرعها أثراً تراجع سعر صرف الدولار فى السوق الموازية وما تبعه من تراجع فى عديد من أسعار السلع والمنتجات؛ ثم تراجعت تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر بشكل حاد خلال تداولات يوم الاثنين الماضى، أول يوم تداول فى الأسواق الغربية، بعد الإعلان عن صفقة رأس الحكمة، وهو ما يعكس تحسناً وتفاؤلاً كبيراً فى نظرة المستثمرين للاقتصاد المصرى.
ليصبح السؤال «احترنا واحتار دليلنا معاكم» نفتح الباب ولا نقفله؟!!! إذا الحكومة استثمرت وعملت مشروعات، تهاجم تلك الجحافل الدولة بدعوى التدخل فى النشاط الاقتصادى، وإذا الحكومة طرحت وتخارجت من المشروعات تصبح الدولة متهمة ببيع أصولها ومقدراتها.
على مستوى القطاع الخاص؛ إذا المصانع الوطنية اتجهت للتصدير وفتح أسواق جديدة لتوفير العملة الصعبة سر الأزمة تتهم بتعطيش الأسواق المحلية ورفع الأسعار. وإذا توقفت المصانع عن التصدير تصبح صناعة رديئة وغير تنافسية. ماذا يريد هؤلاء؟؟!!، فى الصباح يعملون فى شركات ومصانع وطنية، وبالليل يختبئون خلف شاشات حواسيبهم وهواتفهم يوزعون الاتهامات جزافاً تارة بالفساد وتارة بالاحتكار يسببون ضررا بالغ بتشويه مجموعات اقتصادية وصناعية وطنية هى ركائز ودعائم الاقتصاد الوطنى.
حتى الدولة ومؤسساتها الوطنية لم تسلم من هؤلاء؛ ما بعد يونيو 2013 كانت المؤسسات الوطنية فى بؤرة الاستهداف ومرمى نيران التشويه؛ خاصة القوات المسلحة المصرية، وذلك رغم الدور الوطنى للقوات المسلحة المصرية فى حمل عبأ الاقتصاد المصرى ما بعد يونيو 2013، الاقتصاد المصرى تعرض لأسوأ مراحله فى الفترة من يناير 2011 وحتى يونيو 2014؛ رؤوس الأموال الساخنة أو السياحية هربت كعاداتها إلى الملاذات الآمنة، كان لابد من تدخل حاسم للدولة ومؤسساتها، على رأس تلك المؤسسات وأكثرها رسوخاً وتماسكاً وجاهزية تلك المسئولية الكبيرة وهذا العبء الثقيل كانت القوات المسلحة.
حتى الآن؛ ومنذ طرح برنامج الطروحات الحكومية، تمت مهاجمته واستهدافه، وحاصرته الشائعات خاصة بيع أصول الحصص الحكومية لمستثمرين أجانب، لتأتى المرحلة الأولى من البرنامج لتخرس هؤلاء، نجح البرنامج فى جمع إجمالى 1,9 مليار دولار عبر ثلاث صفقات مع القطاع الخاص، جزء كبير ومهم من تلك الصفقات هى للقطاع الخاص الوطنى المصرى. ليبقى السؤال؛ نفتح الباب ولا نقفله؟؟ اقتصاد وسوق حر، أم اقتصاد مخطط وموجه للدولة اليد العليا فيه؟؟؟!!.
حقاً «رأس الحكمة أعيت من يداويها». وكما قال يقول قيس بن الخطيم فى الحمق «وبعض الداء ملتمس شفاه.. وداء الحمق ليس له شفاء»، ولتمضى المسيرة بالتطوير والنماء رغم الصعاب والتحديات، الحمقى تنبح والقافلة ماضية فى طريقها نحو هدفها المنشود؛ مصر الجديدة أولاً وأخيراً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رأس الحكمة صفقة راس الحكمة السوشيال ميديا الاقتصاد المصري رأس الحکمة
إقرأ أيضاً:
من حقنا أن نعيش
فى ذكرى اليوم العالمي لذوى الإعاقة كان اللقاء مع البهجة، واحتفالية رائعة مليئة بالدروس، والرسائل التى قد يحتاجها كثيرٌ من الأصحاء الأسوياء، على مسرح جمعية الشبان المسلمين بالإسكندرية، وبتنظيم (مركز سيتي) بجمعية (كاريتاس مصر) منحَنا هؤلاء الأفذاذ، وأسرهم القوية، ومن يدربونهم جرعة من الطاقة الإيجابية التى نحتاجها كثيرًا، وهم يتحدون الإعاقة الذهنية والجسدية، ليقدموا تابلوهات فنية راقية بكل براعة وإتقان، ليلهبوا حماس الحضور الكثيف الذين جاءوا، ليدعموا هؤلاء الصغار، فاكتشفوا أنهم هم أنفسهم من يحتاجون إلى مثل هذه الطاقة، وهذا الإصرار والتحدى كي يعبروا بها ثِقال الأيام.
فى بلادنا الطيبة لدينا ملايين من ذوى الإعاقة يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع المصرى الذى يجب الوقوف خلفهم بكل قوة، وصبر كي يندمجوا مع الآخرين، ويكون لهم كل الحقوق المكفولة لأي مواطن سليم العقل والبدن، وعلى رأس تلك الحقوق أن يتقبلهم المجتمع بوعي، وإدراك، وألا يشعروا بأنهم غير مرحب بهم بسبب إعاقتهم التي لم يكن لهم فيها أى اختيار، أو ذنب، وإنما هو قضاء الله فيهم، وعلى الجميع أن يتقبله.
من حقنا أن نعيش.. كانت هذه هى الرسالة التى حرص هؤلاء المبدعون على إيصالها لنا بكل ثقة ويقين، ليس المعاق هو من فقد حاسة، أو أصابه عجز فى جسده، أو حتى فى إدراك الأشياء، ولكن المعاق هو من ينكر على الناس بعض حقوقهم المشروعة، ولا يعي أن عليه واجب تجاه كل فرد محتاج للدعم والمساندة فى هذا الوطن. فلننشر معًا عقيدة العطاء، والبذل للآخرين، فربما هذا ما نحتاجه اليوم فى بلادنا الطيبة، وفى ظروفنا التي نعرفها جميعًا حيث لا سبيل للنجاة إلا بالتكافل والعطاء، ودعم بعضنا البعض حتى نعبر معًا إلى بر الأمان.
تحية تقدير واحترام لكل من يضطلعون بتلك المهام الإنسانية النبيلة مثل (جمعية كاريتاس)، وغيرها من المؤسسات التى تعي دورها فى المجتمع بعيدًا عن الزيف واللقطات، وعشق التريند والشهرة، وإنما هي رسالة يؤمن هؤلاء بها وينقلونها من جيل إلى آخر منذ عشرات السنين حتى صار العطاء عقيدة، ومتعة لديهم، رأينا هذا فى حفلهم الأخير، وعايشناه عبر عقود مع هذا الكيان العريق الذى تخرجت فيه أجيال مستنيرة تعشق الوطن، فتقدم له، ولكل المحتاجين من أبنائه كل العطاء، والبذل.
شكرًا لكل متطوع مؤمن بقيمة وجوده في الحياة، شكرًا لكل كيان له رسالة فى وطننا الطيب، ولنعلم صغارنا هذه الدروس علهم يجدون في العطاء والتطوع ما يفتقدونه من شغف، وهدف فى أيامهم تلك.. شكرًا كاريتاس مصر.. شكرًا مركز سيتي.