11 مارس، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
ابراهيم العبادي
لن تمر حرب الابادة الاسرائيلية على فلسطينيي غزة دون انعكاسات وتأثيرات فكرية وسياسية على شعوب المنطقة ،ستأتي هذه التأثيرات مباشرة وغير مباشرة على وعي الذات والاخر ،الذات العربية -الاسلامية ،والاخر ،سيكون الغرب والانظمة السياسية المحلية التي تقيم مع دوله علاقات تحالف.
للاحداث الكبرى في العالم انعكاساتها الايديولوجية والفكرية والسياسية على الشعوب ،يندر ان تندلع حروبا وازمات وثورات ومتغيرات ذات مغزى سياسي واخلاقي من دون ان تسري قيمها ودروسها ومايتمخض عنها من افكار ،الى الشعوب القريبة والبعيدة ،ومثلما الهمت حروب التحرير ودعوات الاستقلال فكرة التحرر من التبعية والاستعمار المباشر وغير المباشر ، شعوب العالمين القديم والجديد للمناداة بالحرية وحق تقرير المصير وتحقيق السيادة ،كذلك تسببت الحروب الكبرى والثورات الشعبية في تغيير التحالفات وتطوير الانظمة وتحسين انماط الدفاع والامن وولادة تيارات ايديولوجية واحزاب ومنظمات ذات توجهات جديدة وشعارات حديثة لم تكن مألوفة فيما سبق.
شهدت منطقتنا العربية اتجاهات فكرية وسياسية حفزتها احداث كبرى بعضها محلي النشأة داخل المنطقة نفسها وبعضها الاخر خارجي الولادة لكنها سرعان ماوجدت لها اصداء عنيفة في اوساطنا الشعبية ولدى النخب والاوساط السياسية ،كان لهزيمة الانظمة السياسية العربية وجيوشها في عام 1967 ، مقدمة لضمور ايديولوجية القومية العربية والاحزاب والمنظمات المنادية بأسمها ،لينفسح المجال لصعود ايديولوجية الحل الاسلامي وولادة تيارات ومنظمات لاترضى بغير النموذج الاسلامي المتخيل بديلا للانظمة السياسية والدولة الوطنية مابعد الاستعمار ،بقيام الثورة الاسلامية في ايران 1979 ،انفتح العالم الاسلامي على متغيرات ايديولوجية جديدة ،وانقسامات طائفية عززتها الحرب الايرانية العراقية ليأتي سقوط الاتحاد السوفييتي وكتلته الاشتراكية عام 1991 ليكرس وثوقية الاسلاميين من فكرتهم الاثيرة بفشل الايديولوجيات الارضية وعلوية الايديولوجيات السماوية ،غير ان حربي افغانستان والعراق وصعود منظمات التكفير والتشدد الاسلامي (القاعدة وداعش ) احدثتا صدمة فكرية ونفسية وسياسية سرعان ماأعادت الوعي الى قطاع واسع من المسلمين الذين يسكنهم نموذج دولة الخلافة المتخيل.
يخشى الان من عودة التطرف من جديد وصعود القوى المتشددة على وقع الصراع الفلسطيني -الصهيوني ،سيما بعد انهيار الممانعات الرسمية امام موجة التطبيع والقبول النفسي والسياسي بوجود الدولة العبرية .حرب غزة التي زادت من الانقسام في الشارعين العربي والاسلامي ، ستحيي الجدل والنقاش من جديد عن ذاتنا وذاتهم ، عن سبب الازدواج الاخلاقي والقيمي في الخطاب الرسمي الغربي حينما يتعلق الامر بالقضايا التي تخص العرب والمسلمين ،لماذا غطى الغرب الرسمي حرب الكيان الصهيوني على غزة بدعوى حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ،ولماذا وقف ضد ايقاف حرب الابادة على المدنيين ،؟وفيما خرج غربيون كثر يتظاهرون ضد مواقف حكوماتهم واعترضت جماهير على النفاق الاخلاقي ،فان الجمهور العربي والاسلامي سيعيش قلقا هو الاخر بين توجهين ،التوجه الذي يرفض الانجرار لحروب وصراعات محسومة النتائج لصالح اسرائيل والتوجه الذي يصر على المضي بشوط المقاومة والرفض الى نهايته مهما كانت الكلف والتضحيات ،غير ان الامر لايتوقف على هذين التوجهين ،بل ان الموقف من الحكومات والانظمة التي لم تستطع فعل شيء لوقف المذبحة ،سيكون تحديا كبيرا ،بين موافق ومماليء وبين طاعن ورافض قد يقود الى انشقاقات داخلية وصراعات وانقسامات ايديولوجية.
في العراق ستنعكس حرب غزة وصعود المتشددين في الانتخابات التشريعية الاخيرة في ايران لصالح القوى المؤدلجة الساعية الى القطيعة مع امريكا وبريطانيا ودول الغرب التي انحازت الى اسرائيل ،سيتجه الخطاب السياسي والاعلامي لهذه القوى لشن هجوم شامل ضد جميع القوى المعتدلة التي تنادي بعدم الانجرار الى المواقف الاحادية ،اما مع الغرب بالاجمال او ضده بالاجمال ،وسيتجه هذا الخطاب الى منطق التخوين والجبن والتخاذل واعتماد لغة دينية صارمة تربط مايحدث من تطورات بالخطاب المهدوي ،وان هذه الاحداث ليست سوى مقدمات لظهور المخلص الكبير.
من الانعكاسات السياسية لذلك سيكون التعبئة النفسية لاداء هذا الواجب الديني والاستعداد للانتظار بمزيد من الحزم والمفاصلة ضد الغرب وضد القوى التي تؤمن بالحوار معه وحل الاشكاليات السياسية والامنية بالحوار وليس بالسلاح ،من يؤمن بمنطق القوة والسلاح سيسعى الى تحشيد الشارع لخدمة مشروعه العقائدي -السياسي ،بما يهدد الدول والانظمة الهشة سياسيا وامنيا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
اتفاقات مبدئية على دمج القوى الأمنية في سوريا
كشف وفد التفاوض التابع لشمال وشرق سوريا، الثلاثاء، عن أبرز البنود التي جرت مناقشتها خلال اجتماعه الأخير مع ممثلين عن الحكومة السورية في العاصمة دمشق، مؤكدًا أنه لم يتم التوقيع على أي اتفاق رسمي حتى الآن.
وأوضح الوفد، في بيان رسمي، أن الاجتماع ناقش أربعة ملفات رئيسية، أبرزها مقترح دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوى الأمن الداخلي ضمن جيش وطني موحّد، بهدف تأسيس “جيش منظم وفعّال يحمي جميع السوريين”، وفق تعبيره.
وأضاف البيان أنه جرى الاتفاق على وقف كامل وفوري لإطلاق النار في شمال وشرق سوريا، بما يشمل مدينة حلب، إلى جانب طرح مقترح تعديل الدستور السوري لضمان تمثيل جميع المكونات العرقية والسياسية في البلاد.
وجاءت هذه التطورات في أعقاب اشتباكات عنيفة شهدتها مدينة حلب، مساء الإثنين، بين قوات “قسد” ووحدات من الجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، إلى جانب إصابات في صفوف المدنيين.
وفي السياق، شارك في الاجتماع مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى، من بينهم المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس براك، وقائد القيادة المركزية الأمريكية، الأدميرال براد كوبر، حيث ناقش الجانبان مع قائد “قسد”، مظلوم عبدي، سبل تنفيذ اتفاق 10 آذار، وتخفيف التوترات، وتهيئة الظروف لعودة النازحين ورفع العقوبات.
وأكد الطرفان، بحسب ما ورد، استمرار الشراكة في محاربة تنظيم “داعش” وتعزيز الاستقرار في المناطق الشمالية والشرقية من سوريا.
وفي المقابل، نفت وزارة الدفاع السورية نيتها شن أي عملية عسكرية، مؤكدة أن تحركات الجيش تأتي في إطار خطة إعادة انتشار “ردًا على اعتداءات متكررة من قسد”، فيما اتهمت الأخيرة قوات الحكومة بفرض حصار إنساني وأمني على الأحياء ذات الغالبية الكردية، وارتكاب انتهاكات بحق المدنيين.
أردوغان يجدد مطالبته لـ”قسد” بالالتزام بتعهداتها وسط اتفاق لوقف إطلاق النار في حلب
جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، مطالبة بلاده لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالالتزام بتعهداتها وبالتكامل الوطني، مؤكداً أن موقف تركيا الصبور والحكيم لا يجب أن يُعتبر نقطة ضعف.
وقال أردوغان في تصريحات للصحفيين على متن طائرته أثناء عودته من أذربيجان: “لن نسمح بعودة الفوضى إلى سوريا، وأن أنقرة ودمشق متفقتان على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.”
وأشار أردوغان إلى أن “قسد لا تلتزم باتفاق 10 مارس/آذار وتتحرك بتحريض من إسرائيل”، مضيفًا أن “التحالف بين الأتراك والأكراد والعرب هو مفتاح السلام الدائم في المنطقة.”
لجنة التحقيق الدولية تختتم أول زيارة لها إلى السويداء وتؤكد استمرار التحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان
أنهت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا أولى زياراتها إلى محافظة السويداء، حيث التقت بعدد من المجتمعات المتضررة من العنف، واطّلعت على الأوضاع الميدانية في المدينة، وعدد من المواقع داخل المحافظة والمناطق المجاورة.
وفي بيان صادر عنها، أعربت اللجنة عن امتنانها العميق لتوفير إمكانية الوصول وتسهيل مهمتها، مؤكدة أنها تتطلع لتنفيذ زيارات مستقبلية إلى مناطق أخرى متضررة، شرط استمرار توفر الظروف المناسبة اللازمة لاستكمال عملها.
وقالت اللجنة: “نعرب عن امتناننا البالغ للناجين والشهود وأفراد المجتمعات المتضررة وقادتهم، الذين شاركوا شهاداتهم حول الانتهاكات المشتبه بها للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.
كما لفت البيان إلى أن اللجنة عرضت توصيات أولية على السلطات المعنية وأصحاب المصلحة لمعالجة بعض الشواغل العاجلة المرتبطة بحقوق الإنسان، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن التحقيقات لا تزال مستمرة.
وفي سياق متصل، حذّرت اللجنة من انتشار معلومات مغلوطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول طبيعة الزيارة ومخرجاتها، مشددة على أن نتائج التحقيق الرسمية لن تُعلن قبل انتهاء العملية بالكامل، وذلك التزامًا بسياساتها المعتادة في سرية العمل.
وأكدت في ختام البيان أنها ستواصل التواصل مع جميع المجتمعات المتأثرة وأصحاب المصلحة المعنيين، في إطار جهودها الرامية إلى توثيق الانتهاكات والعمل على تعزيز المساءلة وحقوق الضحايا في سوريا.