كيف يُقاس عائد الاستثمار على إعداد المعلم وتأهيله وتطويره؟
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
أثير – ريما الشيخ
“الحديث عن مسألة عائد الاستثمار في التخصصات التربوية هو حديث عن بُعد مهم جدًا من أبعاد ما يُعرف باقتصاديات التعليم، وهو حقل يدرس العلاقة بين ما يتم إنفاقه على التعليم وبين مخرجات التعليم في شكل كلف وعوائد اقتصادية والعلاقات المؤثرة عليهما ومحركاتهما ضمن أي اقتصاد وطني.”
هكذا بدء مبارك بن خميس الحمداني، مدير دائرة الاقتصاد السلوكي في وزارة الاقتصاد حديثه مع “أثير”، بعد تقديمه ورقة عمل بعنوان “العائد الاقتصادي من الاستثمار في التخصصات التربوية”، وذلك ضمن مشاركة وزارة الاقتصاد في ندوة مخرجات التخصصات التربوية والتبعات الإستراتيجية على التعليم وجودة المخرجات، حيث تناولت ورقة العمل عدة محاور منها :
– الوقوف على الإطار المرجعي الشامل لتصميم برامج إعداد المعلم في ضوء المؤشرات الوطنية للأداء والمعايير الدولية.
– المواءمة بين البرامج السابقة والبرنامج الحالي.
– أهمية البرنامج المبني على أدوات بحثية مقننة، وبيانات نظام مؤشرات الأداء الرئيسية في وزارة التربية والتعليم.
– الأثر المتوخى من البرنامج الجديد.
وقال الحمداني: أبرزت الورقة تحديات الإنفاق على التعليم عالميًا وارتباطها بالاستثمار في التخصصات التربوية من خلال بيانات في نمو إعداد المعلمين في سلطنة عمان وتطور عملية الإنفاق في سلطنة عمان من واقع الميزانية العامة، وكذلك تطور إسهامات قطاع التعليم (كقطاع اقتصادي) وحساب عناصر الإنتاجية بالنسبة لقطاع التعليم في الاقتصاد الوطني.
وأضاف: في نهاية الورقة تم تناول التحديات الراهنة أمام الاستثمار في التخصصات التربوية واتجاهات خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021- 2025 فيما يتعلق بتعزيز العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية، وكذلك السياسات المعززة المقترحة لتعظيم العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية.
وأكد الحمداني خلال حديثه بأن الاستثمار في التخصصات التربوية له أشكال متعددة منها برامج إعداد المعلمين وبرامج تأهيلهم وبرامج تطويرهم على رأس العمل، وهذا الشكل من أشكال الاستثمار يكون عائده بعيد المدى يمكن قياسه على عمليات مختلفة منها: نتائج الطلبة – معدلات توظيفهم لاحقًا – تنافسية قطاع التعليم ضمن الناتج المحلي الإجمالي – وأثر التعليم بصورة عامة على المجتمع.
وأضاف: على المستوى العالمي هناك دراسات طولية تم تطبيقها بالمقارنة بين مجموعة دول وخلصت إلى نتيجة مفادها أن كل 1 دولار أمريكي يصرف على إعداد أو تأهيل أو تطوير المعلم يقابله بين 1.5 إلى 1.7 دولار أمريكي كعائد اقتصادي على عموم الاقتصاد، بينما بينت دراسات تخصصية أن الاستثمار في تطوير بعض المهارات المحددة للمعلمين مثل “التعلم الاجتماعي والذكاء العاطفي” يصل مردود عائده الاقتصادي إلى أكثر من 16 دولارا لكل 1 دولار يتم صرفه والاستثمار فيه.
وأشار إلى أنه قد تختلف الأرقام من سياق لآخر حسب حجم الاقتصاد وحجم الإنفاق على عملية الاستثمار في المعلمين والتخصصات التربوية وكذلك هيكل الإنفاق العام على التعليم، لكن من المهم النظر إلى ما تشترك فيه أغلبية التحليلات العالمية حول هذه المسألة، فالاستثمار في معلم واحد بمستوى عالٍ من البرامج وأنشطة تطوير القدرات والمهارات يعني بالضرورة ثلاث نتائج أساسية:
– انعكاس على ارتفاع أداء الطلبة التعليمي خلال مراحل التعلم القصيرة والبعيدة.
– مستويات دخل أعلى للمتعلمين في مسارهم المهني لاحقًا مقارنة بأقرانهم.
– تحسن نوعية الحياة للمتعلمين لاحقًا بما في ذلك فرص الحراك الاجتماعي وتحسن الثقافة الإنجابية.
وذكر: في سلطنة عُمان يعد التعليم من ضمن أعلى القطاعات التي تتوجه له الميزانيات السنوية، وبالنظر إلى جداول الميزانية العامة للدولة في عام 2024 فإن مجمل المبلغ المرصود لقطاع التعليم 1720282 مليون ريال عُماني خلال هذا العام، والإنفاق ظل على القطاع في حدوده الطبيعية رغم أن جائحة كورونا كوفيد 19 أثرت بصورة كبيرة على مستويات تمويل التعليم حول العالم، وعالميا أيضا تراجع الإنفاق على التعليم مقابل أولويات أخرى للحكومات، لكن في سلطنة عُمان ظل الإنفاق في حدوده الجيدة مقارنة بأولويات التنمية رغم سيطرة الإنفاق الجاري (التشغيلي) المرصود على الإنفاق الرأسمالي (الاستثماري) في كل بنود القطاع.
وقال بأنه يمكن قراءة العائد الاقتصادي من الاستثمار في التعليم بوجه عائد من خلال إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي حيث إن القطاع بحسب إسهامات قطاع التعليم في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة حسب بيانات نهاية عام 2022 تصل إلى 4.6% وبمعدل نمو بلغ 1.7% ورغم تأثر الإسهامات بفترة الجائحة لكن بالقياس بين الربع الثالث في عام 2022 والربع الثالث في 2023 فقد نمت إسهامات التعليم في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 6.9% وشكلت القيمة المضافة للقطاع بنهاية عام 2022 نحو 1742.8 مليون ريال عُماني (حسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات)، في الوقت الذي تتوقع فيه خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021 – 2025) أن تكون إسهامات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية الخطة في حدود 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي ختام حديثه مع “أثير” قال مبارك الحمداني بأن إسهامات القطاع في الاقتصاد الوطني هي شكل من أشكال قراءة العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية لكن هناك حاجة إلى تعزيز مفهوم الدراسات الطولية والتتبعية التي يمكن أن تقيس كلف إعداد المعلم وتأهيله وتطويره بصورة دقيقة في مقابل النتائج الاقتصادية المتحققة على المدى المتوسط والطويل من هذا الاستثمار، وهو ما دعت إليه الورقة التي قدمتها بتبني مشروع إستراتيجي لقياس العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية، وأيضًا من المهم التركيز على إنتاجية القطاع كقطاع وكعمالة داخل القطاع لأنها من المؤشرات المهمة في اقتصاديات التعليم، وفي المجمل العام فإن أثر الاستثمار في التخصصات التربوية منعكس اليوم على مستويات رأس المال البشري وعلى فرص القطاع عمومًا كفرص تشغيل أو كفرص اقتصادية تخلقها عملياته ومخرجاته.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: فی الناتج المحلی الإجمالی إعداد المعلم على التعلیم التعلیم فی فی سلطنة ع ع التعلیم
إقرأ أيضاً:
المغرب يحقق رقماً قياسياً باستقبال 7.2 مليون سائح
أعلنت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني أن قطاع السياحة بالمغرب سجل رقما قياسيا جديدا باستقبال 7,2 مليون سائح حتى نهاية ماي 2025، بنمو ملحوظ نسبته 22 في المائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024.
وأبرزت الوزارة، في بلاغ لها اليوم الأربعاء، أن “هذا الأداء يمثل 1,3 مليون سائح إضافي ونموا كبيرا بنسبة 68 في المائة مقارنة بسنة 2019”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه النتائج تعكس النمو المستمر الذي يشهده القطاع السياحي منذ سنة 2024، مما يؤكد مكانة المغرب كوجهة سياحية رائدة في الساحة العالمية، وكذا نجاعة الاستراتيجية المعتمدة لتطوير القطاع.
ونقل البلاغ عن وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، قولها: “إن هذه النتائج الاستثنائية تعكس نجاعة الاستراتيجية السياحية التي تم وضعها تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. الحكومة قامت باختيارات صائبة في الاستثمار، ونرى اليوم نتائجها”.
ويعزز هذا النمو مكانة المغرب كوجهة سياحية رائدة على المستوى الدولي. ويعكس أيضا الجاذبية المتزايدة لوجهة “المغرب” نتيجة لتنفيذ خارطة طريق السياحة 2023-2026 التي تركز على تعزيز الربط الجوي، وتعزيز الحملات الترويجية، وتحفيز الاستثمار لتقديم عرض سياحي أكثر تنوعا.
كما تؤكد هذه النتائج المشجعة مسار المغرب نحو تحقيق هدف استقبال 26 مليون سائح بحلول سنة 2030.