إسرائيل.. تصويت على ميزانية 2024 المعدلة لتمويل حرب غزة
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
من المقرر أن يعطي المشرعون الإسرائيليون، الأربعاء، موافقتهم النهائية على ميزانية الدولة المعدلة لعام 2024 بإضافة عشرات مليارات الشيكلات لتمويل الحرب في غزة.
وتنص الميزانية المعدلة على زيادة الإنفاق على الدفاع وتعويض الأُسر والشركات المتضررة من الحرب التي دخلت شهرها الخامس.
ويستأنف أعضاء الكنيست النقاش حول حزمة الإنفاق البالغة 584 مليار شيكل (160 مليار دولار)، أو 724 مليارا تشمل تكلفة سداد الديون.
وتتضمن الخطة أيضا زيادة مخصصات الصحة والتعليم والشرطة والرعاية الاجتماعية.
وتتطلب الميزانية ثلاث جولات من التصويت لتصبح قانونا.
وأعطى الكنيست موافقته المبدئية قبل شهر، ومن المتوقع إجراء الجولتين الثانية والثالثة اليوم الأربعاء أو في وقت مبكر غدا الخميس، وفقا للوقت الذي ستستغرقه المناقشة.
وتتوقع الميزانية عجزا بنسبة 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بمستوى ما قبل الحرب البالغ 2.25 بالمئة.
وارتفع العجز إلى 5.6 بالمئة على أساس سنوي في فبراير، من 4.8 بالمئة في يناير.
ووافقت إسرائيل العام الماضي على ميزانية لعامي 2023 و2024 لكن حرب غزة أحدثت هزة في المالية العامة للحكومة أدت إلى تعديل في الميزانية وإضافة نفقات.
وأصبحت مناقشات الميزانية مشحونة سياسيا، لا سيما فيما يتعلق بالمدفوعات التي وافق عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بموجب ما يسمى اتفاق التحالف في 2022 مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ورؤساء الأحزاب الدينية الأخرى.
ورغم دعوات البنك المركزي والمشرعين المنتمين إلى المعارضة لخفض الإنفاق غير المرتبط بالحرب، جرى تخصيص معظم ما يسمى بأموال التحالف. ومع ذلك، ستنص التعديلات على فرض بعض الزيادات الضريبية هذا العام على السجائر ومنتجات التبغ وأرباح البنوك.
وخفضت وكالة موديز الشهر الماضي التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى (A2)، في إشارة من الوكالة إلى المخاطر السياسية والمالية التي تواجهها البلاد بسبب الحرب، وهي المرة الأولى التي يجري فيها خفض تصنيف إسرائيل.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الكنيست إسرائيل غزة إسرائيل اقتصاد عالمي التصعيد في غزة الكنيست إسرائيل غزة أخبار إسرائيل
إقرأ أيضاً:
اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.
إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.
وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.
أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.
وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.
خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.