أتمّت الجبهة الجنوبية 5 أشهر من حرب اشتعلت بين حزب الله من جهة والعدو الإسرائيلي من جهة أخرى، طالت خلالها الصواريخ الإسرائيلية القرى الحدودية على امتدادها داخل الجنوب، إذ لم تعد الحرب مقتصرة على قطاع دون آخر،حيث بات الجنوب دائرة حمراء واحدة، مهدّدة بالاشتعال بين لحظة وأخرى.
ووسط المجازر التي ترتكبها إسرائيل، سواء على المستوى الزراعي، أو البنى التحتية، فلقد طالت شرارات الحرب أيضا قطاعي الصناعة والتجارة، وبالرغم من أن لا أرقام دقيقة ولا دراسات شاملة، إلا أن خبيرًا اقتصاديًا يشرح عبر "لبنان24" تقديرات تشير إلى أن الخسائر بلغت إلى حدّ اليوم ما يقارب 2,2 مليار دولار.

. فبحسبة سريعة، ينتج لبنان اقتصاديا بشكل يوميّ واستنادًا إلى الناتج المحلي ما يقارب ال80 مليون دولار، أي ما يعادل 24 مليار دولار سنويا، وعليه، بدءًا من 7 تشرين الأول، وصلت الخسائر إلى يومنا هذا إلى أكثر من 2,2 مليار دولار.
"لبنان24" جال على طول الشريط الحدودي، ودخل أماكن صناعية كانت تعتبر أساسيىة في الجنوب.. المولدات توقفت، والماكينات تنتظر أهلها. لا مصانع تعمل، وكأن الحرب قد أعدمت فعليًا القطاع الصناعي هناك. جنوبيون، لا يعلمون شيئًا عن مصانعهم، تركوها واتجهوا إلى بيروت، خاصة في القطاع الأوسط، وتحديدًا في كفركلا، وعيتا الشعب، إذ إن العديد من هؤلاء لم ينجحوا في الوصول إلى مصانعهم لمعاينة الأضرار.. هم لم يعرفوا أصلا ما إذا كانت أعمالهم قد قصفت أم لا تزال خارج بنك استهدافات العدو.

إفراغ جنوبي
صناعيون كثر هجروا الجنوب، وضاقوا ذرعًا من سيناريو التدمير، ما دفعهم الى نقل أعمالهم بشكلٍ كلي إلى بيروت، حيث يعتقدون أن هناك، وإن كان الربح محدودا، فالعمل سيبقى قائمًا ومستمرًا، وليس هناك أي تهديد بخسارة رأس المال، وهذا الامر يشمل أصحاب المصانع الكبيرة بشكل عام، ومالكي المصانع الحرفية الصغيرة بشكل خاص، إذ إن هؤلاء لا قدرة لهم على إعادة إعمار ما تهدم، ولن يكون في مقدورهم انتظار التعويضات على مدى سنوات لمعاودة أعمالهم.
"أبو محمود" هو واحد من الجنوبيين، الذين فقدوا الأمل من العمل في جو آمن في الجنوب، وهذا ما "أجبرهُ" على نقل مصنعه الصغير الذي كان يستعمله لصناعة الصابون إلى بيروت.
يؤكّد "أبو محمود" أن الأوضاع اختلفت 180 درجة، لا أرباح تذكر، فما كان يستطيع أن ينتجه في الجنوب غير قادر اليوم على إنتاج مثيله في بيروت، أضف إلى أن سوق الجنوب لا يدرّ الأرباح كسوق بيروت تمامًا.
نزوح الأعمال المتتالي تهدّد منه أوساط اقتصادية، إذ تشير إلى أن استمرار وتيرة النزوح هذه على ما هي عليه تعني إعدامًا كليًا لأي خطة تنمية مستقبلية جنوبًا.
في هذا السياق، يوضح رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد صالح لـ"لبنان24" أن ما يحصل اليوم من هدم للقطاع الصناعي في الجنوب سيكون له نتائج كارثية للمستقبل.

وأضاف:" اليوم، كافة المصانع على الشريط الحدودي متوقفة 100%، وبحدود 60% في المناطق المجاورة"، مؤكدًا أن "الصناعة بشكل عام مرتبطة ببعضها البعض، وكل قطاع يعتمد على الآخر، بدءًا من الصناعة وصولاً إلى الزراعة، فالتجارة".

وقد أبدى صالح تخوفه من عملية النزوح الكثيفة للأعمال الصناعية، التي يؤكّد أنّه وفي حال نقل أصحاب المصالح أعمالهم إلى خارج الجنوب، فإنّه لن يكون هناك أي فرصة لعودتهم، وما حصل في بنت جبيل خير دليل على ذلك.


الصناعات الكبيرة تعاني
بالتوازي، لم تكن الصناعات الإقتصادية بمنأى عن تداعيات الجبهة الجنوبية، بل على العكس من ذلك، إذ يؤكّد مصدر اقتصادي خلال حديث مع "لبنان24" أن المصانع، بدءًا من الجنوب، وصولاً إلى لبنان بشكل عام تأثرت وبشكل كبير.
فمن ناحية أولى، أدى توقف عمليات الشحن عبر البحر لأزمة كبيرة في ما خصّ توريد المواد الأولية للمصانع اللبنانية، وهذا ما دفع بالعديد من الشركات التي تورّد إلى لبنان لرفع أسعارها، ما انعكس بشكل سلبي على أداء هذه المصانع، التي خفضت قدرتها الإنتاجية إلى أكثر من 50%، وهذا ما سيؤثر بطبيعة الحال على دورة العجلة الإقتصادية المرتبطة ببعضها البعض، والتي بدأت أصلا مع التضخم الكبير في أسعار السلع والخدمات، إذ أظهرت البيانات الحديثة لإدارة الإحصاء المركزي، أن مؤشر أسعار الإستهلاك في لبنان سجل ارتفاعاً نسبته 208.5 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، وهو ما يعود إلى إرتفاع أسعار مختلف المواد والخدمات الأساسية في البلاد.

وبأرقام حصل عليها "لبنان24"، أظهرت مستوى قياسيا من التراجعات غير الطبيعية لعمل وإنتاجية مختلف القطاعات، بدءًا من الجنوب وصولاً إلى القرى المحيطة، التي وإن لا تعد موجودة على خارطة الحرب الدائرة، إلا أنّها تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر.

وبمجموع كليّ، فقد كان قطاع المطاعم الأقل تأثرًا بما حصل حسب رئيس غرفة الصناعة والتجارة والزراعة في الجنوب محمد صالح، الذي أشار لـ"لبنان24" الى أن هذا القطاع استطاع أن يبقى صامدًا إلى حدّ الآن على عكس القطاعات الأخرى، التي تعتبر بمكان مكمّلة وليست أساسية.

كما تم بالتوازي إلغاء كافة الفعاليات التي تتعلق بالمؤتمرات المحلية، العربية، والأجنبية، وهذا ما أثّر على خطط تنمية الجنوب المستقبلية التي كانت مقررة. أضف إلى شلل تام بقطاع الفنادق، وتأجير السيارات.

كل ذلك يبقى محمولا، طالما أن الحرب لا تزال محدودة إلى حدّ الآن حسب الخبير الإقتصادي، الذي يتوقع أن القطاع الصناعي والتجاري بشكل عام في الجنوب بدأ يلتمس تراجعًا جديدًا خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد بدء إسرائيل باستهداف القادة، وهذا إن دلّ على شيء فإنّه يعني أن التجارة والصناعة في المنطقة الجنوبية متجهة لشلل تام سيسجل 100% بمناطق الصراع، ومن شأنه أن يسجّل بالقرى المجاورة لقرى الصراع تراجعًا بحدود 75%، وهذا يعني ضربة قاضية ستتوجه للمشاريع الصغيرة، التي كانت تشكل جزءًا لا يتجزأ من خطط تنمية الجنوب، وضربة قاسية وقوية للمصانع الكبيرة، التي من المتوقع أن يتم استهدافها في حال ازدادت رقعة الحرب، علمًا أن العديد من الإقتصاديين بدأوا بنقل آلاتهم إلى بيروت، أو مناطق أكثر أمانًا حسب المصدر. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إلى بیروت فی الجنوب بشکل عام بدء ا من وهذا ما

إقرأ أيضاً:

هل تنخرط أميركا بشكل مباشر في الحرب بين إسرائيل وإيران؟ خبراء يجيبون

واشنطن- ينذر تزامن تحرك قطع بحرية أميركية -من بينها مجموعتا حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط- مع تصريحات مقلقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنح البيت الأبيض نفسه خيارات عسكرية عدة مرنة في حال الاضطرار إلى استخدامها.

وحتى منتصف ليلة أمس الاثنين بتوقيت واشنطن لم يتخذ ترامب قرارا حاسما في الحرب التي اندلعت قبل 5 أيام مع بدء إسرائيل هجمات عسكرية غير مسبوقة على إيران في حال سيدخل لمشاركة إسرائيل في عدوانها، والمساهمة في تدمير منشأة تخصيب اليورانيوم العميقة في مفاعل فوردو، أو أنه سيضغط للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران يقضي على قدراتها على إنتاج أسلحة نووية في المستقبل.

ونشر ترامب تغريدة على منصته تروث سوشيال قبل مغادرة كندا وعودته إلى البيت الأبيض قال فيها إنه "يجب على الجميع إخلاء طهران فورا"، وقبل ذلك بساعات قال أيضا "أعتقد أن إيران مهتمة بالعودة إلى طاولة المفاوضات وتريد إبرام صفقة".

محفزات

واستطلعت الجزيرة نت آراء عدد من خبراء الشؤون الإستراتيجية والعسكرية بشأن معنى التحركات العسكرية الأميركية في المنطقة، وطبيعة الظروف التي قد تستغلها واشنطن للتدخل في الهجمات إلى جانب إسرائيل.

وقال آدم وينشتاين نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي -والذي سبق له الخدمة ضمن قوات مشاة البحرية الأميركية في العراق وأفغانستان- إن المحفزات الأكثر ترجيحا لتورط الولايات المتحدة في حرب إسرائيل مع إيران هي هجوم من قبل طهران أو "المليشيات" المتحالفة معها على القوات الأميركية أو الموظفين الدبلوماسيين، أو قرار إدارة ترامب التدخل إذا اعتقدت أن انهيار النظام في إيران وشيك وأرادت المطالبة بجزء مما تسمى غنائم الانتصار.

وأضاف للجزيرة نت أن كليهما سيكون تكرارا لأخطاء الماضي.

وفي حين استبعد أندرياس كريغ أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة "كينغز كوليج- لندن" أن تشارك واشنطن بشكل مباشر في هذا الصراع إلا إذا تعرض المواطنون الأميركيون للهجوم أو الأذى من خلال الإجراءات الإيرانية أو تلك التي يقوم بها الوكلاء المدعومون من طهران، أو إذا تم استهداف المصالح الأميركية الأساسية في الخليج -مثل الشحن البحري أو البنية التحتية للطاقة- بشكل مباشر.

إعلان

وباستثناء مثل هذه الاستفزازات من المرجح أن تستمر إدارة ترامب في مقاومة الانخراط العسكري الشامل، مفضلة المناورة الدبلوماسية والاحتواء الإقليمي، كما يقول للجزيرة نت.

وحذر كريغ من أنه إذا واجه النظام الإيراني أزمة وجودية ناجمة عن الضربات العسكرية الإسرائيلية المستمرة أو وفاة المرشد الأعلى علي خامنئي أو انهيار تماسك النخبة فإن النظام قد يتحول من الموقف الدفاعي إلى الانتقام غير المتماثل.

وأضاف أن الحرس الثوري الإيراني -الذي يعمل بقدر كبير من الاستقلالية- قد يلجأ إلى تكتيكات التصعيد الهجينة في جميع أنحاء الخليج، بهدف ردع المزيد من العدوان وإعادة تأكيد أهميته الإقليمية.

ومن المرجح -وفقا له- أن تبدأ مثل هذه الحملة بتعطيل بحري في مضيق هرمز، ويمكن للبحرية التابعة للحرس الثوري بمضايقة أو الاستيلاء على الشحن التجاري أو نشر الألغام أو استخدام قوارب الطائرات المسيرة.

وأشار إلى أنه مع مرور أكثر من 20% من إمدادات النفط العالمية عبر المضيق فإن أي اضطراب سيتصاعد بسرعة إلى مصدر قلق اقتصادي عالمي.

دافع واشنطن

في مثل هذا السيناريو، إذا تعرض المواطنون الأميركيون للخطر أو تعرضت المصالح الإقليمية للهجوم فقد يتم جر واشنطن -على مضض- إلى عمل عسكري حاسم، ولن يكون الدافع أيديولوجيا بل عمليا، وهو الحفاظ على أرواح الأميركيين وعلى الهيكل الأمني للخليج.

وإيران -"التي تشعر بالانهيار"- قد تراهن على أن الحرب الهجينة ستعيد التوازن إلى المعادلة الإستراتيجية، لكنها تخاطر بالضبط بإثارة التصعيد الذي تخشاه أكثر من غيرها، وفقا لكريغ.

بدوره، اعتبر ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي (مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية) أنه إذا هاجمت طهران بشكل مباشر القوات الأميركية أو حليفا للولايات المتحدة أو فعلت شيئا لتقييد وصول العالم إلى الموارد في المنطقة فمن المرجح جدا أن ترد واشنطن عسكريا.

وعلى سبيل المثال، سيشكل إغلاق مضيق هرمز تهديدا كبيرا لمصالح الولايات المتحدة وتدفق الطاقة إلى أوروبا، وهناك احتمال أن يؤدي الفشل الإسرائيلي في تقليص أو تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير إلى تقديم مساعدة أميركية لتحقيق ذلك، ولكن لا يوجد ما يشير إلى أن واشنطن لديها مصلحة في القيام بذلك.

من جانبها، قالت أنيل شيلاين المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية والخبيرة بمعهد كوينسي بواشنطن للجزيرة نت إنه في الوقت الحالي يبدو أن ترامب يقاوم حث إسرائيل وحلفائها في واشنطن على الانضمام إلى حرب العدوان غير المبرر على إيران.

وأضافت "ومع ذلك إذا ضربت طهران قواعد أميركية في المنطقة أو شاركت في استهداف أو قتل أميركيين فذلك سيزيد بشكل كبير احتمال تورط واشنطن بشكل مباشر في تنفيذ الهجمات".

واعتبر آدم وينشتاين أن نشر الأصول العسكرية الأميركية مثل حاملات الطائرات يهدف إلى ردع الهجمات الإيرانية ودعم إسرائيل في اعتراض الصواريخ الإيرانية، ولا يزال غير مؤكد ما إذا كان هذا يشير إلى تورط أميركي أعمق أم لا.

ردع وضغط

وبرأي الخبير كريغ، فإن تغيير مسار حاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط يهدف إلى توفير رادع ضد المزيد من الانتقام الإيراني ودعم إستراتيجي لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة في جميع أنحاء الخليج.

إعلان

والأهم من ذلك -وفق كريغ- أن الأمر يتعلق بموقف ترامب الذي يشير إلى أنه من المرجح أن يزداد الضغط إذا لم تعد طهران إلى طاولة المفاوضات.

وربط الخبير نهج ترامب التصعيدي بمبدأ "السلام من خلال القوة" الذي يتبناه، ويعكس "مقامرة محسوبة" وهي إبراز القوة الكافية لقمع مغامرات إيران واحتواء التداعيات الإقليمية، مع الإشارة إلى عدم رغبة أميركا في الانسحاب من الشرق الأوسط.

وعن نقل حاملات طائرات إلى المنطقة، تقول أنيل شيلاين إن أمر ترامب الجيش بالاستعداد لتصعيد محتمل مع الاستمرار في دعوة إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات أمر مثير للدهشة بالنظر إلى أنه خدعها بوضوح، مدعيا أنه لا يزال مؤيدا للدبلوماسية فيما أرسل 300 صاروخ "هيلفاير" إلى إسرائيل الأسبوع الماضي.

وتابعت "إذا كان ترامب يرغب في تجنب تورط بلاده في حرب مع إيران عليه التحرك سريعا، فالوقت ينفد بسرعة"، في حين يرى ماثيو والين أن اندلاع هذا الصراع أدى إلى درجة من عدم الاستقرار تهدد العديد من الحلفاء.

مقالات مشابهة

  • مسؤول أميركي من بيروت: انخراط حزب الله في الحرب بين إيران وإسرائيل "قرار بالغ السوء"
  • عودة 186 راكبًا من إنطاليا إلى بيروت بعد إقفال الأجواء بسبب الحرب
  • أحوال القطاع العام وعمل ادارات الدولة بين مدير تعاونية الموظفين ومحافظ الجنوب
  • القطاع الصناعي في ألمانيا ينكمش مع تعاظم قوة القطاع في الصين
  • تراجع القطاع الصناعي في ألمانيا
  • بارّاك إلى بيروت في مهمة متعددة الأبعاد
  • هل تنخرط أميركا بشكل مباشر في الحرب بين إسرائيل وإيران؟ خبراء يجيبون
  • باراك ولاكروا في بيروت واتصالات لبنانية لتحذير الفصائل الفلسطينية
  • إبرام حزمة اتفاقيات لتمكين الكفاءات الوطنية في القطاع الصناعي تتضمن إنشاء مركز تدريب صناعي بشمال الباطنة
  • لاكروا في بيروت اليوم وقراءة دبلوماسية غربية :لا تنشغلوا بالحرب عن سلاح الحزب