في الثالث عشر من آذار في كلّ عام، يحيي الفلسطينيون «يوم الجريح الفلسطيني» الذي يأتي هذا العام مخضّبًا بالدم المسفوك في غزّة المقاومة، حيث تتزايد أعداد الجرحى بين الساعة والأخرى، وغالبيتهم من النساء والأطفال الذين يشكّلون بنك أهداف الهمجية الصهيونية منذ نشأة الكيان الصهيوني إلى اليوم.
لا يمرّ يوم في فلسطين، منذ ١٩٤٨م حتّى الآن، من دون أن يُصاب فيه فلسطيني بجراح، سواء في مواجهة أو في اقتحام صهيوني للأحياء والبلدات الفلسطينية أو عند حواجز المرور والمعابر، يمارس العدوّ كلّ أشكال العنف الهمجيّ ضدّ الفلسطينيين، ويمكن القول إنه لا يخلو بيت في فلسطين من جريح لم يُصب في مرحلة ما من مراحل الصراع.
في ما يلي، بعض الإحصاءات القليلة المتوفرة عن أعداد الجرحى الفلسطينيين خلال بعض الأحداث المفصلية التي سبقت «طوفان الأقصى»، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد جرحى الانتفاضة الأولى «انتفاضة الحجارة» (1987 – 1993) نحو 130,000 فلسطيني؛ في حين بلغ عدد جرحى «هبّة النفق» التي استمرت ثلاثة أيام (25 – 26 – 27) من شهر أيلول العام 1996م نحو 1600 جريح؛ وبلغ عدد جرحى الانتفاضة الثانية «انتفاضة الأقصى» 29 أيلول 2000 – 31 كانون الأول 2008م نحو 35,099 جريحًا.
وبحسب وزارة الصحة، بلغ عدد الجرحى الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة في العام 2008م نحو 5450 جريحًا، وفي العام 2012م نحو 1526 جريحًا، وفي العام 2014 نحو 11 ألف جريح.
كما بلغ عدد الجرحى في «هبّة إغلاق بوابات الأقصى» العام ٢٠١٧ نحو 1400 جريح. ونقلًا عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد الجرحى خلال العام 2017م نحو 8,300 جريح، منهم 5,400 جريح أصيبوا عقب الإعلان الصادر عن الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» نقل السفارة الأميركية إلى القدس في 6 كانون الأول 2017م، أما في قطاع غزّة، فقد بلغ عدد الجرحى 9,520 جريحًا منذ انطلاق مسيرات العودة يوم 30 آذار 2018 في ذكرى «يوم الأرض» وحتّى أواخر تموز 2018م.
واقعًا، لا يمكن الوصول إلى رقم دقيق في تعداد جرحى جريمة الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضدّ غزّة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣م، لأن العدد يتزايد على مدار الساعة، وتتراوح الإصابات بين الطفيفة والقاتلة، في ظلّ عدم وجود فرص للعلاج في القطاع المحاصر بالنار وبالقتل الهمجي وباستهداف المشافي والطواقم الطبية، وفي ظلّ منع دخول المساعدات والأدوية والمواد الطبية والعلاجية. آخر التقارير الصادرة بهذا الصدد تشير إلى رقم مهول: ٧٢ ألف جريح تقريبًا، معظمهم من النساء والأطفال. كما بلغ عدد الجرحى في الضفّة الغربية منذ بدء معركة طوفان الأقصى نحو الأربعة آلاف جريح.
ومع انعدام فرص العلاج، يعاني الجرحى من ذوي الإصابات المتوسطة والخطيرة مضاعفات كثيرة قد تبلغ حدّ الاستشهاد، أو لجوء الأطباء إلى عمليات البتر المستعجل تفاديًا لتفاقم الحالات الالتهابية والجرثومية التي تصيب الجروح غير المعالجة. وقد أجريت الكثير من هذه العمليات من دون تخدير، كالكثير من العمليات الجراحية الأخرى ولا سيما الولادات القيصرية. هذا فضلًا عن الجرحى الذين اُعتقلوا في المستشفيات التي دخل إليها الجنود الصهاينة في غزّة، وأُعدموا أو أُسروا.
يمنع الصهاينة والغرب بأسره دخول المساعدات إلى قطاع غزّة، حتّى المساعدات الطبية والعلاجية، ويرفض خروج الجرحى عبر معبر رفح للعلاج في مصر أو في أي دولة أخرى. أما ما نراه ونسمعه من استعراضات «إغاثية» لا يتعدّى كونه أكياس نايلون تحتوي على أحذية بلاستيكية وأطعمة للقطط والكلاب، سقطت في بحر غزّة، وجرفتها التيارات البحرية إلى شاطىء صور اللبناني.. في غزّة اليوم، شعب جريح، بلا دواء، بلا علاج، تنخفض في كلّ يوم احتمالات شفائه، ونراه ويشهد عليه العالم، واقفًا، صابرًا، مقاومًا، ويقاتل..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
قاضٍ أمريكي يفرج عن الناشط الفلسطيني محمود خليل والبيت الأبيض يستنكر
أمر قاضٍ أمريكي، أمس الجمعة، بالإفراج عن خريج جامعة كولومبيا محمود خليل من مقر احتجازه التابع لسلطات الهجرة، في خطوة اعتبرها نشطاء حقوق الإنسان انتصارًا قانونيًا ضد ما وصفوه بأنه استهداف سياسي من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لناشطين مؤيدين للقضية الفلسطينية دون مسوغ قانوني.
وكان محمود خليل من أبرز الشخصيات المشاركة في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة، قبل أن يتم اعتقاله داخل سكنه الجامعي في حي مانهاتن بنيويورك يوم الثامن من مارس الماضي.
وكان الرئيس الأمريكي قد وصف تلك الاحتجاجات بأنها معادية للسامية، متوعدًا بترحيل الطلاب الأجانب المشاركين فيها، ليصبح خليل أول من يتم اعتقاله في إطار هذه السياسة الجديدة.
بعد الاستماع إلى مرافعات محامي الدفاع وممثلين عن وزارة الأمن الداخلي، أصدر القاضي الفيدرالي مايكل فاربيارز في محكمة نيوارك بولاية نيوجيرسي حكمه بضرورة الإفراج الفوري عن خليل من مركز احتجاز المهاجرين الواقع في ولاية لويزيانا، محددًا موعدًا أقصاه السادسة والنصف مساء الجمعة بالتوقيت المحلي.
القضاء في مواجهة الإدارة الأمريكيةظهرت لقطات مصورة لمحمود خليل أثناء مغادرته مركز الاحتجاز مرتديًا الكوفية الفلسطينية، في مشهد عبّر عن رمزية موقفه السياسي، بعد احتجازه لما يزيد على ثلاثة أشهر. وأكد القاضي فاربيارز خلال الجلسة أن الحكومة الأمريكية لم تقدم ما يثبت أن خليل يشكل خطرًا على المجتمع أو احتمال هروبه، لافتًا إلى وجود "محاولة واضحة لاستغلال تهمة الهجرة لمعاقبة خليل"، وهو ما اعتبره انتهاكًا واضحًا للدستور الأمريكي الذي يحمي حرية التعبير بموجب التعديل الأول.
وقال خليل، الحاصل على إقامة قانونية دائمة في الولايات المتحدة، في تصريحات إعلامية سابقة إنه يتعرض للعقاب بسبب مواقفه السياسية ومشاركته في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، مؤكدًا رفضه الاتهامات الموجهة له بمعاداة السامية أو العنصرية.
فيما أكد محاموه أن موكلهم، الذي وُلد في سوريا، يخطط للعودة إلى نيويورك للانضمام إلى زوجته الطبيبة نور عبد الله وطفلهما الرضيع الذي وُلد خلال فترة احتجازه التي بلغت 104 أيام.
وفي بيان لها عقب الإفراج عنه، قالت زوجته نور: "نحتفل اليوم بعودة محمود إلى نيويورك ليلتئم شمل عائلتنا الصغيرة والمجتمع الذي دعمنا منذ يوم اعتقاله ظلما بسبب مناصرته لحرية فلسطين".
تصعيد البيت الأبيض والإجراءات مستمرةفي المقابل، استنكر البيت الأبيض قرار الإفراج عن خليل، معتبرا أن ترحيله لا يزال أولوية. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون: "لا أساس لأمر قاض اتحادي محلي في نيوجيرسي، الذي يفتقر إلى الاختصاص القضائي، بالإفراج عن خليل من مركز احتجاز في لويزيانا". وأضافت أن الإدارة الأمريكية "تتوقع تأكيد صحة موقفها في الاستئناف وتتطلع إلى ترحيله".
ورغم صدور أمر الإفراج القضائي، أكدت مصادر أن الإجراءات القانونية ضد خليل ما تزال قائمة. فقد رفض قاضي الهجرة في لويزيانا طلب اللجوء الذي تقدّم به خليل، كما قضى بإمكانية ترحيله استنادًا إلى اتهامات تتعلق بمخالفات في إجراءات الهجرة، من بينها "الحصول على تأشيرة دراسية عن طريق الاحتيال"، بحسب الحكومة الأمريكية.
كما رفض القاضي عقد جلسة لنظر الإفراج عنه مقابل كفالة مالية، ما يعكس استمرار المعركة القانونية بشأن مصيره داخل الأراضي الأمريكية.