مفتي الجمهورية: يجوز إخراج زكاة الفطر مالا.. وهذا ما نراه أوفق لمقاصد الشرع وأرفق بمصالح الناس
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
قال فضيلة الدكتور شوقي علَّام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التيسير هو جوهر الشريعة الإسلامية، فالشرع الشريف يقوم على مراعاة التيسير ورفع الحرج وإزالة الضرر عن المكلفين، وهذا ظاهر مبثوث في عموم المقاصد والأدلة والأحكام حتى أصبح الاعتدال سمة ملازمة للمسلم ومكونًا من مكونات شخصيته.
وأضاف فضيلة المفتي، خلال لقائه الرمضاني اليومي بـ برنامج «اسأل المفتي»، مع الإعلامي حمدي رزق، المذاع على فضائية صدى البلد، أن من خصائص الشريعة الإسلامية أنها جاءت لكل المكلَّفين على اختلاف قدراتهم، ولكن في الوقت ذاته وردت تكاليفها بما هو مقدور للإنسان وفي استطاعته، كما أن الأخذ بالرخص في الشرع ليس تفلتًا من التكليف ولكن بسبب الانتقال من حكم إلى حكم بسبب الأحوال الطارئة، فالتيسير نوع من إعمال القواعد العلمية المدروسة والمقننة بعنايةٍ من قِبل علماء الإسلام وأئمة الفقه، ولهذا فلا يخرج حكمه عن الندب أو الوجوب بحسب ما يقتضيه الواقع.
حكم الشرع في جشع التجاروردًّا على سؤال عن حكم الشرع في جشع التجار وعدم رفقهم بالمستهلكين قال فضيلته: في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة بسبب الأحداث العالمية، يتعاظم دور الأفراد والتجار في دعم الطبقات الأقل حظًّا في المجتمع، حيث يُعد الاهتمام بالمحتاجين وتقديم المساعدة لهم ليس فقط واجبًا اجتماعيًّا بل عبادة متكاملة، تعكس جوهر تعاليمنا الدينية. فالشرع الإسلامي يحث على العدل، الرحمة، والتكافل الاجتماعي، خصوصًا في شهر رمضان المبارك، ونثمن تقديم البعض شنط رمضان وغيرها من المساعدات، إيمانًا بأن دعم المحتاجين والعناية بهم يُعد من أرقى العبادات التي تعزز الترابط والتكاتف بين أفراد المجتمع. في هذا الإطار، يُؤكد الشرع على أن مساعدة الفقراء والمحتاجين والابتعاد عن الممارسات الجشعة ليست فقط تعبيرًا عن الإيمان بل طريقة لتقوية أواصر المجتمع والارتقاء بقيم التعاون والمودة بين أفراده.
حكم إخراج زكاة الفطر والفدية نقودًاوأوضح مفتي الجمهورية، ردًّا على سؤال عن حكم إخراج زكاة الفطر والفدية نقودًا: والذي نختاره للفتوى في هذا العصر، ونراه أوفقَ لمقاصد الشرع، وأرفقَ بمصالح الخلق، هو جوازُ إخراجِ زكاة الفطر مالًا، وهذا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، حيث إن دار الإفتاء المصرية أخذت برأي الإمام أبي حنيفة في جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب، تيسيرًا على الفقراء في قضاء حاجاتهم ومطالبهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَغْنُوهم عن السؤال في هذا اليوم» والفتوى مستقرة على ذلك.
وفي رده على سؤال عن حكم الحجامة أثناء الصيام قال فضيلته: أما عن حكم الحجامة أثناء الصيام فهي لا تُفسِد الصوم، لأن الفطر مما دخل لا مما خرج.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: القرآن والسنة حثَّا على الوحدة والبعد عن مواطن النزاع
مفتي الجمهورية: العلماء المسلمون المعتَمدون اعتبروا التنوع الفكري بين المذاهب الإسلامية ظاهرةً صحية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام زكاة الفطر صدى البلد مفتي الجمهورية إخراج زکاة الفطر مفتی الجمهوریة عن حکم
إقرأ أيضاً:
القراءة في مواجهة النظرة النمطية
تتشكل لدى البعض صورة نمطية عن بعض القراء في أنهم شريحة من المجتمع فشلت في علاقتها بالناس، أو أنهم لا يمتلكون أدوات كافية للاختلاط بهم، فكان خيارها البدهي هو الانعزال عنهم والتوجه للكتب والقراءة. وقد تتضمن هذه الصورة النمطية أيضًا أمورًا أخرى، تتعلق بالشكل واللباس والسلوك، وكأن للقارئ شخصية موحدة جامدة لا تتغير مهما اختلف الأشخاص؛ فهو شخص منطو ومنعزل عن الناس، وربما يعيش على هامش المجتمع، وغالبًا ما يلبس نظارة سميكة، ورغم أنه يعيش بين الناس فإنه في عالم لا يستأنس فيه إلا لصفحات الكتب.
وقد ورد تعريف النمطية في (معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية) للدكتور أحمد زكي بدوي (ص 410): القالب الجامد، الفكرة النمطية الثابتة (stereotype ): مجموعة من التعميمات المتحيزة والمبالغ فيها عن جماعة أو فريق من الناس، ويأخذ ذلك شكل فكرة ثابتة يصعب تعديلها حتى وإن توفرت الأدلة على خطئها.
ولو تساءلنا عن مصدر هذه الصورة عن القارئ؛ لتبين لنا أنها إما جاءت من أعمال السينما والدراما، وإما من خطاب اجتماعي متحيز ومتراكم ضدهم. ويختلف تشكل هذه الصورة النمطية وحجمها ودرجتها من مجتمع لآخر.
لكن وبعيدًا عن الصورة النمطية فإن القارئ- كما ينبغي له أن يكون- هو الشخص الواعي بماضيه المستشرف لمستقبله، يعيش حاضره كما ينبغي له أن يعيشه، ويخالط الناس حينما يكون ذلك ضروريًّا، لكنه ينكَبُّ على القراءة حينما لا ينعكس ذلك سلبًا على باقي ضروريات حياته؛ يأخذ من الكتب ما ينير طريقه، ويستلهم منها ما يفيده في بناء مستقبله وتلمس طريقه، لا لمجرد التسلية وتمضية الوقت أو هروبًا من واقع ما.
والسؤال هنا: هل على القارئ، للخروج من هذا المطب، أن يَنكَبَّ على قراءته ويترك للناس حرية تفسير ما يقوم به، أم أن عليه مسؤولية إقناع الناس بجدوى انعزاله الجزئي عنهم في محاولة لتحرير صورته من النظرة النمطية، وإعادة تعريف نفس القراءة بوصفها فعلاً إنسانياً مبهراً وعابراً للطبقات والشرائح، خاصة أن هذه الصورة النمطية لا تتوقف عند كونها مجرد توصيف اجتماعي لا يقدم ولا يؤخر، بل قد ينسحب إلى التأثير على كل من يفكر في الالتحاق بركب القراءة وعالم الكتب في مجتمع هو غير مهتم أصلًا بالقراءة؟
الحقيقة أنه لن يمكن أن يُجمع الناس على صحة أو خطأ سلوك أو تصرف ما، لكن يمكن أن يقدم بعض القراء تبريراً لتخصيص جزء من أوقاتهم للقراءة، وأن يعدوا ذلك نوعًا من توعية المجتمع بأهميتها. كما أن انعكاس قراءاتهم على سلوكهم هو أفضل ترويج للقراءة حتى مع غياب التبرير. وما من سبيل للتوعية بأهمية القراءة أفضل من عرض نماذج عن الأثرياء والرياضيين والإعلاميين ورجال الأعمال الذين كان للقراءة دور رئيس في نجاحاتهم، ما يساهم في تعديل النظرة النمطية الجائرة والسائدة عنهم.