جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-11@01:34:12 GMT

سعادة لا تُشترى!

تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT

سعادة لا تُشترى!

 

 

ريم الحامدية

[email protected]

 

لم يعد السؤال اليوم: ماذا تحب؟ بل أصبح كيف ستحول ما تحب وتسعد به إلى مشروع؟

لم تعد لحظات السعادة والمتعة كافية بذاتها، ولا يكفي الشغف وحده لتبرير الوقت الذي ينفق في الهوايات، ولم تعد الهواية مساحة برئية خارج دوائر الجدوى والربح، ففي زمن تغلب عليه ثقافة الانتاج الدائم، صار كل شي مطالبا بأن يثمر وكل موهبة مطالبة بأن تتحول؛ بل إن لحظة من المتعة باتت تحتاج إلى مبرر اقتصادي.

صوتك جميل.. لماذا لا تُطلق بودكاست؟ طبخك لذيذ.. لماذا لا تفتح مطعمًا؟

تصويرك ملفت؟ لماذا لا تجعل حسابك عامًا؟ خواطرك عميقة؟ لماذا لا تكتب كتابًا؟

أسئلة تبدو في ظاهرها دعمًا وتشجيعًا، لكنها تحمل في داخلها ضغطًا غير مرئي، يلاحق الإنسان حتى في أكثر مساحاته خصوصية وهي مساحات اللعب، والراحة، والهواء الخفيف الذي نتنفسه بعيدًا عن منطق السوق.

لقد تحوّلت الهوايات من ملاذ إلى مشروع، ومن مساحة حرّة إلى خطة عمل، ومن لحظة صدق إلى فرصة تسويق، لم نعد نرسم لنفرِّغ قلوبنا؛ بل لنبيع اللوحة، ولم نعد نكتب لأننا نختنق إن لم نبوح بما يختلج صدورنا، ولكن لنحصد إعجابات وانتشار على المنصات الرقمية، ولم نعد نصوِّر لأن الضوء يُدهشنا وجمال اللقطة تُنعش قلوبنا؛ بل لأن الخوارزمية تحتاج محتوى جديدًا!

إننا في زمن الثقافة التي تُسلِّع كل مُتعة وتحوِّل كل جمال إلى فِعل مادي، وكل شغف إلى أرقام ومؤشرات.

هذه الثقافة لا تكتفي بأن تدفعنا للإنتاج؛ بل تُشعرنا بالذنب إن لم نفعل، تُشعرنا بأننا متأخرون إن لم نحوّل ما نحب إلى إنجاز ملموس، وكأن الحياة باتت سباقًا لا يتوقف، ومن يهدأ قليلًا يُتّهم بالكسل أو الهروب.

المشكلة ليست في العمل، ولا في تحويل الموهبة إلى مشروع؛ بل في الإكراه الخفي الذي يتسلل إلى أرواحنا، أن تشعر بأن متعتك غير شرعية ما لم تُدرّ مالًا، وأن راحتك ترف لا تستحقه، وأن الهواية بلا جمهور هي فرصة ضائعة.

هناك أشياء خُلقت لتُحَب فقط، أشياء لا تقبل أن تُحوَّل إلى منتج، ولا تليق أن تُختزل في أرباح، أشياء نمارسها لأننا نختنق بدونها، لا لأننا نريد أن نبيعها.

أن نطبخ لأن رائحة البيت تحتاج دفئًا، أن نكتب لأن الصدر امتلأ بالكلمات، أن نصوِّر لأن اللحظة خافتة ونخشى أن تضيع، أن نمشي بلا هدف؛ لأن أرواحنا تحتاج مساحة بلا اتجاه.

لست ضد الفائدة ولا ضد الرزق حين يأتي متناغمًا مع رغبة الإنسان واستعداده، لكننا ضد شعور الذنب، وضد مطاردة الإنسان بأسئلة التوسّع والانتشار والسبق، وكأن الهدوء خطيئة، والبساطة فشل، والرضا خسارة.

لقد دفعنا هذا العصر إلى أن نعامل أنفسنا كمشاريع، لا كبشر، أن نقيس أعمارنا بالإنتاجية، وأيامنا بالإنجازات، وقيمتنا بما نعرضه أمام الآخرين، ربما آن الأوان أن نتوقف قليلًا، أن نسأل أنفسنا بصدق متى كانت آخر مرة فعلنا شيئًا لمجرّد أننا نحبه؟ بلا جمهور، وبلا مردود، بلا ضغط.

نحتاج أن نستعيد حقّنا في الأشياء التي لا تُوظَّف، ولا تُحوَّل، ولا تُستثمَر.

نحتاج أن نحمي مساحاتنا الصغيرة من ضجيج السوق، أن نعيد تعريف النجاح، لا ككمية ما نبيع؛ بل كمساحة ما نشعر.

ولعلّ أجمل ما يمكن أن نقاوم به هذه الثقافة، هو أن نحب شيئًا ولا نُعلن عنه، وأن نمارسه في الخفاء، ونحرسه من أن يتحوّل إلى واجب.

ربما لم نُخلق لنكون علامات تجارية، ولا لنحمل أرواحنا إلى السوق.

وربما أخطر ما يحدث لنا اليوم… أننا بدأنا نصدّق ذلك.

فما الذي سنحتفظ به لأنفسنا، قبل أن يُعاد تسعيرنا بالكامل ويصبح لكل فرد فينا "باركود"؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هيقلب الدنيا.. كل ما تحتاج معرفته عن أول جهاز مادي من OpenAI

تخطو شركة OpenAI خطوة جديدة بتوسعها من البرمجيات إلى الأجهزة الاستهلاكية، من خلال شراكة مع جوني آيف، المصمم الأسطوري في مجال التقنية، والرئيس التنفيذي للشركة سام ألتمان. 

وأتمت OpenAI بالفعل أولى النماذج الأولية لهذه الأجهزة، مما يمثل معلما كبيرا في مشروع كان يعد من أكثر الأسرار حرصا في وادي السيليكون، إليك كل ما تريد معرفته عن أول جهاز مادي من OpenAI.

أسماء وبريد إلكتروني في خطر .. حادث أمني يطال مستخدمي OpenAIبعد جدل طويل.. OpenAI تصلح خطأ مزعجا في ChatGPT1. إعادة التفكير في تقنيات الأجهزة الشخصية:

الجهاز الجديد الذي تطوره OpenAI ليس بديلا للهاتف أو الكمبيوتر المحمول، بل يتم تطويره كـ "جهاز ثالث" يضاف إليهما. 

وصف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، هذا المنتج بأنه يقدم تجربة أكثر هدوءا، على عكس بيئة الهواتف الذكية المليئة بالإشعارات. 

ووفقا لألتمان، فإن الأجهزة الحالية تشبه السير في "تايمز سكوير"، في حين أن هذا المنتج الجديد يهدف إلى أن يشبه الجلوس في كوخ هادئ على ضفاف بحيرة.

سيظل الجهاز المتوقع في وضعية السكون إلى أن يصبح ضروريا، حيث لا يتدخل إلا عندما يكون لديه شيء مفيد أو مهم ليشاركه. يتم تصميمه كمساعد محيطي يبقى على دراية بالسياق ويستجيب عندما يكون ذلك مناسبا. 

الهدف منه هو منح المستخدمين شعورا بالسلام والثقة على المدى الطويل، دون الحاجة إلى جذب الانتباه باستمرار.

جهاز OpenAI2. جهاز بدون شاشة مع وعي محيطي:

سيكون الجهاز الجديد بلا شاشة، وربما بحجم الجيب، كما وصفت النماذج الأولية بأنها بسيطة وحساسة اللمس، وفقا لبعض التقارير، يشبه التصميم الأولي جهاز "iPod Shuffle" مع تصميم قابل للتثبيت، مما يجعله مناسبا للارتداء حول الرقبة أو وضعه على المكتب، من غير المتوقع أن يكون شبيها بالهاتف أو النظارات الذكية أو الساعات الذكية.

ستتم التفاعلات عبر الميكروفونات وربما الكاميرات أو المستشعرات، سيعتمد الجهاز على نماذج OpenAI الأحدث لفهم الاستفسارات المنطوقة والسياق الواقعي، سيكون قادرا على الاستماع والملاحظة والتذكر.

صرح ألتمان بأنه يجب أن يكون قادرا على تذكر أماكن الأشياء مثل المفاتيح أو الكتب التي نظر إليها المستخدم في المتجر، الهدف هو إنشاء جهاز يشعر بأنه بديهي وواع ومفيد عبر فترات طويلة من الزمن.

3. عملية الاستحواذ بقيمة 6.4 مليار دولار التي بدأت المشروع:

توجهت OpenAI بجدية نحو مجال الأجهزة بعد استحواذها على شركة "io" الناشئة التابعة لجوني آيف في مايو 2025.

تم توقيع صفقة حقوق ملكية بقيمة 6.4 مليار دولار، مما منح OpenAI فرصة الوصول إلى فريق متخصص في تصميم الأجهزة الخاصة بالذكاء الاصطناعي، تولى آيف، الشهير بتصميمه لـ "آيفون" و"آيماك" في آبل، مسؤولية تشكيل هذا الجهاز الجديد، حيث يقود حاليا فريق التصميم لشركة OpenAI والفريق السابق من io تحت شركته الإبداعية LoveFrom.

4. لماذا يعتبر التحول إلى الأجهزة مهما لمستقبل OpenAI؟

دخول OpenAI إلى سوق الأجهزة له ثلاثة أهداف رئيسية: أولا، جمع بيانات من العالم الحقيقي عبر الميكروفونات والمستشعرات، وهي بيانات لا يمكن الحصول عليها من الإنترنت. 

ثانيا، ترغب الشركة في السيطرة بشكل أكبر على كيفية وصول نماذجها إلى المستخدمين دون الاعتماد على أجهزة مثل آبل أو مايكروسوفت أو جوجل. 

ثالثا، يسعى ألتمان إلى بناء منتج يحقق رؤية طويلة الأمد لرفيق ذكي، مشابه للفكرة التي ظهرت في فيلم "Her".

تصف الشركة الجهاز كامتداد طبيعي لبرمجياتها، حيث سيعمل الجهاز مع الهواتف والكمبيوترات الحالية، لكن سيتم تصنيفه في فئة خاصة به.

5. ماذا عن الجدول الزمني؟

الجهاز حاليا في مرحلة النماذج الأولية، أكد ألتمان وآيف في نوفمبر 2025 أنهما قد حصلا على نسخة عاملة من الجهاز، ووصفوها بأنها “مبهره بشكل لا يصدق”، لم تكن الإصدارات السابقة تلبي معاييرهم، ولكن النسخة الأخيرة أذهلت كلا القائدين.

قال آيف إنه يمكن إطلاق الجهاز في أقل من عامين، داخليا، تستهدف OpenAI تاريخ إطلاق في أواخر 2026 أو 2027. تأمل الشركة في زيادة الإنتاج بسرعة وإيصال 100 مليون وحدة أسرع من أي شركة أخرى.

طباعة شارك OpenAI جهاز OpenAI الذكاء الاصطناعي في الأجهزة تكنولوجيا جديدة الجهاز الجديد

مقالات مشابهة

  • لماذا تحتاج أمريكا إلى الخليج في معركة الذكاء الاصطناعي مع الصين؟
  • هيقلب الدنيا.. كل ما تحتاج معرفته عن أول جهاز مادي من OpenAI
  • لذة لا تُباع ولا تُشترى
  • قريبًا... طرح مناقصة الطريق المؤدي إلى قرية وكان بولاية نخل
  • كل ما تحتاج معرفته قبل التصويت فى الدوائر الـ30 المُعاد انتخابها.. صور توضيحية
  • لماذا تحتاج المؤسسات المالية إلى الأخلاق؟
  • أوروبا تحتاج إلى خطة لفك ارتباطها بالولايات المتحدة
  • وصول يتأخر حتى أستحقه
  • كم تكرارا من تمرين القرفصاء تحتاج يوميا؟