شيخ الأزهر: الصهاينة ارتكبوا جميع محرمات القتال والله أجل عقابهم لينالوا ما يليق بإجرامهم
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن معنى كلمة حليم مأخوذ من الحلم أي ذو الصفح مع الأناة والذي لا يستفزه غضب غاضب ولا معصية عاص، ولا يتسرع في العقوبة، لافتا إلى أن معناه بالنسبة لله سبحانه وتعالى هو الذي لا يعجل بعقوبة العباد، حيث قال تعالى "ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة"، وورد في الحديث الشريف أيضا (لا إله إلا الله العليم الحليم)، حيث كان صلى الله عليه وسلم إذا حل به كرب كان يدعوا بهذا الدعاء، وبهذا المعنى هو اسم من أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين.
ولفت فضيلة الإمام الأكبر، خلال حديثه اليوم بالحلقة العاشرة من برنامجه الرمضاني"الإمام الطيب"، إلى أنه وإن كان الحلم يستلزم الصبر، فإن هناك فرق بين الحلم والصبر، حيث أن معاملة الله سبحانه وتعالى للخارجين عن الحدود؛ سواء بالكفر أو بالمعصية أو بالظلم، حين يسقط العقوبة عنهم في الدنيا، وهو قادر عليها، هذا يسمى حلما، لكن حين ينزل بهم أو ببعضهم العقوبة في الدار الأخرة يكون صبورا، لأنه أخر العقاب.
وردا على سؤال «كيف أن الله تعالى حليم مع كل البشر، المؤمن منهم والكافر، فما الحكمة في أن يكون سبحانه وتعالى حليما بالصهاينة على الرغم مما يفعلوه في قطاع غزة؟» أوضح أنه قد يكون سبحانه قد أسقط عنهم العقوبة مؤقتا، لكن لهم عقابهم الذي يليق بإجرامهم الذي يرتكبونه مع الفلسطينين الأبرياء، قال تعالى "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار".
وبيّن الإمام الطيب كيفية ترجمة اسم الله الحليم في أفعالنا وفي حياتنا، موضحا أن ذلك يأتي من خلال التدرب على العفو والصفح عن الآخرين، فينبغي على المؤمن أن يكون صفوحا، وغفورا، فيكون حديثه للناس صدقة، وتبسمه صدقة، وعليه ألا يعجل إذا أخطأ معه أحد، حتى إذا عاتب أيضا يعاتب عتابا رقيقا، فلا يأخذ موقف منذ البداية، من حيث أنه لا يكلم الشخص الآخر ولا يراه ولا يتصل به، وخاصة إذا كان من أقربائه، مثل أخيه او أخته.
وأضاف أن الذي يساعد في التدرب على صفة الحلم، هو دراسة صفاته وأفعاله صلى الله عليه وسلم، كيف كان يغفر، كيف كان يصبر، كيف كان حليما حتى مع الحيوانات، حتى مع الأطفال، وكيف كان صلى الله عليه وسلم يحرم على المسلمين أن يهدموا مبنى في جيش العدو، أو أن يقتلوا أعمى أو امرأة أو طفلا، أو حتى أن يقتل المسلم حيوانا، إلا إذا احتاجه للأكل فقط، وبقدر ما يحتاج، أو أن يفرق نحلا، أو يقطع نخلا، قائلاً "شيء عجيب، كل هذا في جيش العدو"، كذلك كل ما لا يتصور منه مشاركة فعليه في حمل السلاح والقتل، يحرم التصدي له، فالراهب في صومعته يحرم قتله أو التعرض له.
وأوضح فضيلة الإمام أنه إذا أجرينا مقارنة بين قواعد القتال في الإسلام وبين ما يحدث في قطاع غزة، نجد أن العدو الصهيوني فعل جميع الأشياء المحرمة وأكثرها منها أيضا، حيث كانوا يتعقبون المدنيين العزل،، حتى إذا خرجوا أصبحوا لقمة سائغة لهم ليقتلوهم، لأفرق في ذلك بين الأطفال والنساء والمرضى والمساجد والمستشفيات والجامعات والمنازل.
وأعرب عن تألمه الشديد، حين يلتقي بالطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في جامعة الأزهر، ويحاورهم ويسمع من كثيرين منهم أن بيوتهم قد انهارت على أسرهم بأكملها، قائلا «ما حال طالبة هنا في كلية الطب أو الصيدلة أو غيرها يأتيها خبر أن أسرتها كلها توفت ومنزلها انهار، كيف تكون حالتها وكيف تكمل دراستها!» مختتما حديثه بقول الله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شيخ الأزهر مجلس حكماء المسلمين کیف کان
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر: الحفاظ على اللغة العربية واجب ديني ووطني
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "الحفاظ على اللغة العربية واجب ديني ووطني" وأوضح أن الأمة الإسلامية مفضلة، حيث أرسل الله -سبحانه وتعالى- إليها خير رسله -صلى الله عليه وسلم-، وأنزل عليها خير كتبه، وكان هذا الكتاب بخير اللغات التي اصطفاها الله لحمل رسالته إلى يوم القيامة، حيث نزل باللغة العربية، ولذلك، فالحديث عن اللغة العربية من أوجب الواجبات في هذا العصر لرد الغارة الشعواء عليها منذ فترة بعيدة، فاللغة العربية والحفاظ عليها والتحدث بها وفهمها ودراستها واجب ديني ووطني وقومي، لأن اللغة هي الهوية، وهي كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن بديع ما جاء في ذلك، ما جاء في كتاب فقه اللغة: "من أحب الله أحب رسوله، ومن أحب رسوله العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية".
وأضاف بأن اللغة العربية تُشَن عليها حملات هوجاء شرسة بدعوات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، بدأت في بدايات القرن الماضي بـالدعوة إلى تعميم العامية (بدلاً من: تعميم اللغة العربية)، فالخطيب على منبره يتحدث بالعامية، والصحفي في جريدته يكتب بالعامية حتى تصل إلى قلوب الناس في زعمهم، لكن في الحقيقة، هذه دعوة مريضة خبيثة غرضها بتر الصلة بيننا وبين التراث ومنابع الدين، متسائلاً: هل نزل القرآن بالعامية؟ هل بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديثه بالعامية؟ هل خطت كتب التراث بالعامية!؟.
ودعا خطيب الجامع الأزهر إلى قراءة كتاب يعد من أهم الكتب، وهو "تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر"، لما يكشفه من حقائق خطيرة حول محاولات إضعاف العربية منذ بدايات القرن الماضي، وذلك بهدف عزل الأجيال عن تراثها وفصلها عن مصادر التشريع الإسلامي الأصيلة، فالحفاظ على فصاحة اللغة يعد حصنا للهوية الثقافية والدينية للأمة بأكملها، مبينًا أن دعاة هدم الهوية أدركوا أن ضرب العربية هو أقرب طريق لضرب الدين، وهو ما نبه إليه الإمام الشاطبي في «الموافقات» حين جعل فهم العربية شرطًا للاجتهاد الفقهي، حتى يرى الجميع خبث المؤامرة والتخطيط الماكر لطمس هوية هذا الدين وتراثه، والقضية أنه لا يمكن لأحد أن يفهم كتاب الله بغير العربية، فكيف نفقهه ونفهمه بغير فهم اللغة التي نزل بها يقول تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، ويقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "تعلموا العربية فإنها تُثَبِّتُ العَقْل وتزيد في المروءة"، ويقول أحد المستشرقين: "منذ فهمت اللغة العربية، صار للساني عقل".
وأكد خطيب الجامع الأزهر أن فهم القرآن الكريم يستحيل دون إتقان اللغة العربية، لأن ضعف العربية يؤدي إلى ضعف الفهم عن الله ورسوله، واستدل على ذلك بأن معرفة أسرار البيان ودلالات النحو هي وحدها التي تحل مشكلات فهم النص القرآني العويصة، مثل تفسير آية يوسف ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّه﴾، حيث بين علماء اللغة أن "لولا" حرف امتناع ينفي وقوع هم يوسف أصلاً، كما نبه إلى أن الجهل باللغة يوقع في أخطاء فادحة في الاستعمال الشائع، كالدعاء بـ "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق" دون إدراك أن "الفتح" هنا يعني الحكم والفصل في الخصومة وليس العطاء، كما وردت في قصة شعيب، مما يؤكد أن الجهل بالعربية يترتب عليه مصائب كثيرة في فهم الدين والتعبير، مشددًا على أن إجادة العربية ليست مهارة لغوية فحسب، بل هي طريق لفتح أبواب التدبر في كتاب الله، واستشعار تجليات معانيه، وفهم أسرار الخطاب الشرعي كما أراده الله تعالى، وأشار إلى أن كل علم من علوم الشريعة—تفسيرًا كان أو فقهًا أو حديثًا—لا يدرك إدراكا صحيحا إلا من خلال إحكام أدوات اللغة العربية.
وأضاف أن ما نشعر به اليوم ونحن نذوب في لغة غير لغتنا، وكلام غير كلامنا، متفاخرين بذلك كما يحدث في المدارس الأجنبية، حيث يعلِّمون الأولاد لغات غير لغتهم الأم. هذه المدارس تقطع الصلة بينها وبين دارسيها بلغتها. مشدداً على ضرورة الحفاظ على اللغة العربية، حتى لا يجني الآباء ثماراً مُرَّة بتخريج أجيال لا صلة لها باللغة العربية، ولا يفقهون القرآن الكريم، مثمناً المبادرة الرئاسية ودور الرئيس في دعم اللغة العربية، وتوجيهه للإعلام وغيره من المؤسسات المعنية بضرورة الاهتمام باللغة العربية. وهذه دعوة حميدة، ومبادرة قيمة لأن اللغة العربية هي هويتنا.
وفي ختام الخطبة طالب خطيب الجامع الأزهر باستبدال اللافتات والإعلانات وعناوين المحلات المكتوبة باللغة الإنجليزية وغيرها إلى أن تكون باللغة العربية، لأن اللغة العربية قادرة على أن تعطينا مفردات تستخدم لهذا الغرض، ولابد من وجود قانون يجرم الخطأ في اللغة العربية، لردع التهاون والاستهانة باللغة العربية والعبث بها، وعلى أولياء الأمور الاهتمام باللغة العربية وتنميتها لدى أطفالهم، وعلى المدارس أن تدرس اللغة العربية وتطبقها عملياً، وتهتم بها اهتماماً كبيراً.