ترامب يدق طبول الحرب في فنزويلا
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
في خطوة منتظرة أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب على منصته "تروث سوشيال"، السبت 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، عن الإغلاق الكامل للمجال الجوي فوق وحول فنزويلا. وهي رسالة موجهة إلى جميع شركات الطيران والطيارين والمسافرين ومهربي المخدرات، ومن خلالهم إلى النظام السياسي البوليفاري، وكل الدول والتنظيمات التي تدعمه في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
والحق أننا أمام إجراء تم التمهيد له منذ شهور، وخيار نضج أميركيًا على نار هادئة بعد استنفاد الأدوات الأخرى، كدعم المعارضة ومحاولات إسقاط النظام، ودعم مسلسل الخيار الديمقراطي والتناوب على السلطة، في محاولة لاختراق سياج منظومة السلطة في بلد له حاضنة اجتماعية لعب فيها الزعيم هوغو شافيز أدوارا محورية.
في السابق اجتمع الأميركيون بمجموعة من القادة والمسؤولين في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي لحشد الدعم من أجل غزو بري أميركي وشيك لفنزويلا.
كان من أهمها الاجتماعات المكثفة التي جمعت رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال "دان كين" برئيسة وزراء ترينيداد وتوباغو، ذات الحدود المشتركة مع فنزويلا، السيدة "كاملا برساد-بيسيسار" بمدينة بويرتو دي إسبانيا عاصمة البلد؛ لمناقشة مجمل المواضيع المرتبطة بالتعاون والاستقرار الجهوي، وتعزيز آليات وسبل مواجهة المنظمات الإجرامية العابرة للقارات، وشبكات الاتجار الدولي بالمخدرات.
هذا، إلى جانب مجموعة من التمرينات والتدريبات العسكرية التي خاضتها الأخيرة في السابق، وبشكل مشترك مع القوات الأميركية تمهيدا لشن الهجوم المرتقب على دولة مارقة، اسمها فنزويلا.
الولايات المتحدة الأميركية ترى أن الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على فنزويلا غربيا ودوليا، دفع الرئيس مادورو إلى التفكير في بدائل لدعم مشروعه من أجل خلق مسافة مع التواجد الأميركي في أميركا الجنوبية ودول منطقة الكاريبي
سياق تصنيف مادورو على رأس منظمة إرهابيةتسعى فنزويلا البوليفارية جاهدة إلى الاستقلال والتحرر بعيدا عن الأطماع الأميركية والأوروبية، المرتبطة أساسا بالاحتياطات الهامة من البترول والغاز والثروات المعدنية النادرة.
لكن تصنيف رئيسها نيكولاس مادورو، وبعض عناصر حكومته وكبار المسؤولين كإرهابيين من طرف الولايات المتحدة الأميركية من شأنه عرقلة هذا المسار المعقّد.
إعلانهذا التصنيف الذي يحيّن بين الفينة والأخرى من طرف الخارجية الأميركية دخل حيز التنفيذ بشكل فعلي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2025: نيكولاس مادورو يقود تنظيما مصنّفا إرهابيا، اسمه، "إلكارثيل دي لوس سوليس"، إلى جانب تنظيمات أخرى تعتبرها الولايات المتحدة الأميركية داعمة للإرهاب ومنخرطة في الاتجار الدولي بالمخدرات، وشبكات العصابات الإجرامية العابرة للقارات.
الولايات المتحدة الأميركية ترى أن الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على فنزويلا غربيا ودوليا، دفع الرئيس مادورو إلى التفكير في بدائل لدعم مشروعه من أجل خلق مسافة مع التواجد الأميركي في أميركا الجنوبية ودول منطقة الكاريبي؛ وذلك من خلال التنسيق مع هذه التنظيمات لدعم تجارة المخدرات بين فنزويلا وبعض العصابات والمافيات بالولايات المتحدة الأميركية.
وهو أمر تدعمه بعض الأطراف والدول التي تتبنى نفس الأيديولوجية اليسارية لمادورو؛ مثل كولومبيا التي يتزعمها اليساري غوستافو بيترو والمكسيك بزعامة كلوديا شينباوم.
السلطات الفنزويلية من جهتها وصفت التهمة بالسخيفة، مؤكدة أن فنزويلا قادرة على إحباط كل المحاولات الساعية إلى الإضرار بمصالحها الإستراتيجية والراغبة في استغلال ثروات البلد ضد إرادة شعبها.
وهو ما يستفاد من تصريحات نائبة الرئيس ديلسي رودريغيز على هامش اجتماع حكومي. في نفس السياق، أكد وزير الداخلية ديوسدادو كابيو أن الأمر يتعلق- لا شك – بمؤامرة محبوكة ضد سيادة فنزويلا، وحقها في الاستقلال وتقرير المصير. داعيا إلى التحرك والاحتجاج رفضا للقرار الأميركي الجائر وغير المؤسس قانونا.
كان ذلك بعد تحذيرات أميركية في ختام أسبوع كان الرئيس الأميركي قد أوضح خلاله بجلاء، أن إستراتيجيته العسكرية في مكافحة المخدرات ستنتقل في المستقبل القريب من التركيز على مياه الكاريبي إلى عمليات برية.
كما سبق أن نبّه كذلك، الخميس 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى أن العمليات الأميركية ستبدأ قريبا جدا، من أجل التصدي للمهربين الفنزويليين الذين يفترض أنهم كثيرون في تقديره، مما يرفع من منسوب التكهنات والاحتمالات حول تدخل عسكري أميركي وشيك محتمل في بلاد عصية على الانصياع إلى الإرادة الأميركية الإمبريالية بعبارة الرئيس مادورو نفسه.
ويشار إلى أن ساكن البيت الأبيض سبق أن أكد في حديث عن بُعد مع العسكريين، بمناسبة عيد الشكر على استعداد الولايات المتحدة لملاحقة تجار المخدرات والإرهابيين، حسب زعمه، برّا، بعد العمليات الهجومية الناجحة التي تمت عبر بحر الكاريبي، معتبرا كذلك أن الأمر سيكون من السهل القيام به برا، وهو ما سيبدأ قريبا جدا حسب تصريحاته.
هذا علما أن، إدارة ترامب كانت قد سمحت في السابق لوكالة الاستخبارات المركزية بالعمل في فنزويلا للوقوف على الدور المزعوم المنسوب إلى منظمة "إلكارثيل دي لوس سوليس" في تهريب المخدرات ودعم الإرهاب.
وهي حجة كافية، في ظل عجز منظمة الأمم المتحدة عن تقديم تعريف موحد لمفهوم الإرهاب، لتبرير الهجمات الأميركية على ما يفترض أنها قوارب مهربي المخدرات في مياه الكاريبي، رغم أن العمليات امتدت أيضا إلى المحيط الهادئ الشرقي، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 83 شخصا أثناء حوالي 20 عملية هجومية وفقا لما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
إعلان تداعيات القرارإن الأساس القانوني لهذا القرار المرتبط بمنظمة "إلكارثيل دي لوس سوليس" كمنظمة إرهابية أجنبية هو المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأميركي، وحسب بيانات وزارة الخارجية الأميركية فإن وصف "إلكارثيل دي لوس سوليس" بالإرهاب يعني ما يلي:
يحظر على أي شخص داخل الولايات المتحدة الأميركية أو خاضع لولايتها القضائية أن يقدم عن علم دعما ماديا أو موارد مالية أو لوجيستية لمنظمة "إلكارثيل دي لوس سوليس" المصنفة كمنظمة إرهابية أجنبية. يعتبر ممثلو وأعضاء المنظمة الإرهابية الدولية المعنية من الأجانب غير المقبولين للدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، ويمكن في بعض الحالات ترحيلهم إذا كانوا متواجدين داخل الأراضي الأميركية. أي مؤسسة مالية أميركية يُكتشف أنها مملوكة أو يعود مجمل حصصها لمؤسسة لها صلة بمنظمة مصنفة إرهابية أو بأي من وكلائها، تُحجز تلك الأموال، كما يُبلغ عنها إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية.في نفس السياق ووفقا لوزارة الخزانة الأميركية، فإن إدراج منظمة "إلكارثيل دي لوس سوليس" ضمن قائمة المنظمات الإرهابية العالمية يحيل كذلك على الآتي:
تجميد جميع الممتلكات والأصول التابعة للمجموعة أو الشخص المصنّف إرهابيا، الموجودة ضمن الولاية القضائية للولايات المتحدة الأميركية، أو التي تعود ملكيتها أو ملكية مجمل حصصها إلى أشخاص أميركيين. حظر أي تعامل مع الأشخاص أو الكيانات المدرجة في هذه القائمة، يشمل ذلك، التحويلات المالية، المدفوعات، بيع وشراء السلع، أو أي نوع من المعاملات المالية داخل الولايات المتحدة الأميركية، أو من خلالها. أي انتهاك لهذه القيود قد يؤدي إلى عقوبات مدنية أو جنائية على المواطنين الأميركيين، أو الشركات الخاضعة للقانون الأميركي، وفي بعض الحالات على الأجانب الذين يجرون معاملات تشمل أصولا تابعة لهذه المنظمة. ختامايعتقد جانب مهم من خبراء الأمن ومكافحة المخدرات في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي أن هذه الاتهامات يصعب إثباتها بشكل ملموس ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. صحيح أنه يمكن اعتبار هذه المنظمة كارتيلا تقليديا، ومثلها الكثير على مستوى دول أميركا اللاتينية، لكن من الصعب علميا وقانونيا ربط هذه الشبكة بالرئيس مادورو.
والأرجح أنها شبكة تشكل جزءا من الخلايا الموجودة داخل الجهازين الحكومي والعسكري الفنزويليين، التي قد يستفيد مادورو من عائداتها بشكل غير مباشر.
لكن تبقى الحاجة ماسّة من أجل تعريف مفهوم الإرهاب في القانون الدولي وعدم الاكتفاء بالتعريفات الإجرائية له، حتى لا يتم توظيفه في إذكاء نزاعات وحروب لا ضرورة لها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الولایات المتحدة الأمیرکیة أمیرکا اللاتینیة الرئیس مادورو فی أمیرکا من أجل
إقرأ أيضاً:
تمهيدا لعمليات برية.. ترامب يعلن إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا، بعد يومين من إعلانه أن "العمليات البرية" في فنزويلا ستبدأ "قريبا جدا"، ضمن ما قال إنها إجراءات جديدة ضد شبكات تهريب المخدرات.
وكتب ترامب في منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، السبت: "إلى جميع شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات والمتاجرين بالبشر، يُرجى اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا ومحيطها مغلقا بشكل كامل، شكرًا لاهتمامكم بهذا الموضوع!".
وجاء ذلك بعدما ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، إلى أن الولايات المتحدة تستعد لاتخاذ إجراءات جديدة ضد شبكات تهريب المخدرات في فنزويلا، مُخبرًا أفراد الجيش خلال اتصال هاتفي بمناسبة عيد الشكر أن عمليات برية ستبدأ "قريبًا جدًا".
وقال ترامب: "في الأسابيع الأخيرة، عملتم على ردع تجار المخدرات الفنزويليين، وهم كثر، بالطبع، لم يعد هناك الكثير منهم يأتون عن طريق البحر".
وأضاف الرئيس الأمريكي: "ربما لاحظتم أن الناس لا يرغبون في توصيل البضائع عن طريق البحر، وسنبدأ في إيقافهم برًا أيضًا، الوضع في فنزويلا أسهل، لكن ذلك سيبدأ قريبًا جدًا، لقد حذرناهم: توقفوا عن إرسال السم إلى بلادنا".