قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «الكتاب هو وعاء العلم والحضارة، والثقافة والمعرفة، والأدب والفنون. إن الأمم لا تقاس بالثروة المادية فحسب، ولكن أيضاً بأصالتها الحضارية. والكِتاب هو أساس هذه الأصالة وعنصر رئيسي في تأكيد حضارتها».
وتؤكد هذه الرؤية العميقة فلسفة قيادتنا، وإيمانها بأن أعظم ثروة لأمتنا هي شعبها، وفي سبيل تعزيز مهارات هذا الشعب، علينا أن نبدأ بالبناء الأساسي - القراءة.

نحن الآن في منتصف شهر القراءة الوطني 2024 في دولة الإمارات، ولديّ شعور عميق بالامتنان للقوة التحولية للقراءة. آمل أن تمكننا المبادرات والأنشطة المخطط لها لهذا الشهر من الانخراط الفعال والتواصل مع المجتمع.
لا يُعلى على قيمة القراءة. سواء كانت روايات أو صحفاً أو مجلات أو دوريات، حيث تزودنا القراءة بالأدوات اللازمة للنمو الشخصي والفكري. ومن خلال القراءة نبني التفكير النقدي والمهارات التحليلية والفهم الدقيق للعالم من حولنا. كما أنها تفتح الباب أمام ثقافات لا حصر لها وتعزز التعاطف وتوسع منظورنا حول أي موضوع، وتقدم نظرة ثاقبة للتجارب الإنسانية خارج محيطنا المباشر. وفي الواقع، لقد تعلمنا الكثير مما نعرفه عن عالمنا من خلال القراءة، وليس من خلال التجربة المباشرة. ربما الأهم في عالم يزداد استقطاباً يوماً بعد يوم، أن القراءة تساعدنا على فهم حياة الآخرين وتجاربهم.
لقد أصبح شهر القراءة الوطني في دولة الإمارات أكثر نمواً مع كل نسخة. كما تتعاون هذا العام الوزارات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لتقديم أنشطة متنوعة. ومن بينها مبادرة لإعادة نشر الكتب النادرة، وبالتالي حماية إرثها من الضياع. وقد عقدت وزارة الثقافة شراكة مع اتحاد كتاب الإمارات لإعادة إحياء 12 كتاباً من هذا القبيل. وبالإضافة إلى ذلك، سنقوم أيضاً بترجمة مجموعة من الأعمال الأدبية الإماراتية إلى لغات مختلفة. فشهر القراءة في دولة الإمارات حدث مجتمعي ويتزامن هذا العام مع شهر رمضان المبارك، مما يوفر لنا فرصة لجمع الثقافة والأدب والتقاليد معاً.
ولطالما كانت الكتب جزءاً لا يتجزأ من مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة. وترتبط كل إمارة بشبكة واسعة من المكتبات العامة التي تضم بعضاً من أندر وأثمن الكتب. وعلى مر السنين، لم تعد هذه الكنوز المعرفية مجرد أماكن للقراءة فحسب، بل أصبحت أيضاً مراكز لتبادل المعرفة والأنشطة الثقافية.
وعلى سبيل المثال، توجد مكتبة قصر الوطن التي تم افتتاحها خلال شهر القراءة الوطني عام 2019. وتتضمن أكثر من 50.000 عنوان في مجالات العلوم والفنون وغيرها، وتسلط هذه المكتبة الضوء على الدور البارز للاستراتيجية الوطنية للإمارات للقراءة وشهر القراءة الوطني في تذكيرنا بأهمية الكتب.
وكمثال مهم على كيفية مساهمة المكتبات في هذا الإرث ولعبها دوراً رئيسياً في بناء البنية التحتية القوية للمعرفة في الدولة، يوجد الأرشيف والمكتبة الوطنية في أبوظبي، حيث يعمل الأرشيف والمكتبة الوطنية حالياً على رقمنة الكتب حول دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج والعالم العربي لتقديم منصة ومرجع يمكن للباحثين الوصول إليهما على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
وفي دبي، لدينا مكتبة محمد بن راشد التي تحتفل بالذكرى العاشرة لتأسيسها هذا العام، وتضم مئات الآلاف من الكتب من جميع أنحاء العالم، تغطي أنواعاً ولغات مختلفة. وتم تجديد مكتبة الصفا للفنون والتصميم وافتتحت للجمهور خلال شهر القراءة الوطني عام 2019، وتضم مجموعة رائعة من الكتب حول التصميم والخط والعمارة والفنون. 
ومنذ سبعينيات القرن الماضي، لعبت إمارة الشارقة دوراً رئيسياً في وضع دولة الإمارات العربية المتحدة على الخريطة الثقافية العالمية، ويتجلى ذلك من خلال مبادرات مثل «دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية»، التي تضم مجموعة غنية من الخرائط والمخطوطات والكتب التي يعود تاريخها إلى قرون. وكذلك «بيت الحكمة»، وهو مركز ثقافي آخر يضع الكتب في مقدمة تفاعل المجتمع، حيث يوفر مكتبة ضخمة ومساحة للأشخاص لتقدير الكتب والنقد والمناقشة.
ويمثّل شهر القراءة الوطني 2024 تذكيراً بقيمة القراءة وفرصة لاكتشافها أو إعادة اكتشافها بأنفسنا. وأشجعكم على الاستفادة من المبادرات والأنشطة هذا الشهر لجعل القراءة عادة. ابحث عن مواضيع تهمك واقرأ كل يوم لتفتح أبواباً لا نهاية لها للاكتشاف والتعلم. أشارك معكم من مكتبتي الشخصية توصياتي لإصدارات أدبية فريدة تساعدكم على البدء:
- «نظم الفرائد من سيرة ابن ماجد»- لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. 
- «رسائل إلى شاب مسلم» بقلم عمر غباش - مجموعة رسائل تتناول قضايا المسلم في العالم الحديث.
- «سيدات القمر» للكاتبة جوخة الحارثي - رواية حائزة جائزة مان بوكر العالمية 2019.
وزير الثقافة

أخبار ذات صلة تخفيض رسوم الخدمات يعزز جاذبية القطاع العقاري في أبوظبي قمة طاقة المستقبل تناقش اعتماد الهيدروجين الأخضر بدول الخليج

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شهر القراءة الوطني شهر القراءة الشهر الوطني للقراءة الإمارات سالم بن خالد القاسمي دولة الإمارات من خلال

إقرأ أيضاً:

إطلاق برنامج منح «صندوق تمويل أبحاث متحف زايد الوطني»

أطلق متحف زايد الوطني، الجاري تطويره بجزيرة السعديات في أبوظبي، الدورة الثانية من برنامج منح «صندوق تمويل أبحاث متحف زايد الوطني» الذي أُسِّسَ في 2023، بهدف تمويل الأبحاث عن ثقافة دولة الإمارات وتاريخها وتراثها، والإرث الخالد للوالد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيَّب الله ثراه».

يأتي ذلك إثر النجاح الذي حققته الدورة الأولى من البرنامج في عام 2023.

وخصَّص صندوق متحف زايد الوطني لتمويل الأبحاث، منحة سنوية بقيمة مليون درهم، وهو ما يجعلها إحدى أهم فرص التمويل في المنطقة، حيث صُمِّمَ برنامج التمويل لدعم الأبحاث الجديدة على عدد من جوانب ثقافة دولة الإمارات وتراثها وتاريخها وآثارها، ويشمل ذلك دور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» وتأثيره في مجتمع وثقافة الدولة، وعناصر تراث الإمارات غير المادي، مثل التقاليد والحكايات والأغاني.

وتوفِّر المبادرة تمويلاً للمنح الكبيرة والصغيرة، ما يخدم المنظومة البحثية في دولة الإمارات، ويدعم الباحثين الجدد المتخصِّصين في تاريخها.

ودعا الصندوقُ الباحثين في العالم إلى تقديم طلبات المشاركة حتى تاريخ 8 يوليو 2024، للإسهام في الحفاظ على تراث دولة الإمارات وتطويره وفهمه. وسيُعلَن عن الأبحاث الفائزة بالمنح خلال شهر نوفمبر 2024.

وتخضع الطلبات لتقييم لجنة تضمُّ ممثّلين عن متحف زايد الوطني، ودائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وخبراء مستقلّين، وفقاً لمعايير محدَّدة تشمل منهجيَّة البحث، وخبرات مقدِّم الطلب، والنتائج المتوقَّعة، وأهمِّيتها، ومدى ارتباطها بأهداف متحف زايد الوطني.

وتميَّزت الدورة الأولى من برنامج المنح بتنوُّع مجموعة المستفيدين منها، حيث اختارت اللجنة 10 فائزين من 77 متقدِّماً يمثّلون 19 دولة، تسلِّط مشاريعُهم الضوءَ على جوانب مختلفة من ثقافة دولة الإمارات وتاريخها، وتُسهم في تقديم مجموعة غنية من الأبحاث العلمية.

وتناولت المشاريع المختارة في الدورة الأولى نطاقاً واسعاً، شمل التأثير الاجتماعي والثقافي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والعلاقات التاريخية بين الهند وشبه الجزيرة العربية، ودور المرأة في تجارة شبه الجزيرة العربية، وغيرها.

وأعرب سعود عبدالعزيز الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي عن سعادته بإطلاق الدورة الثانية من البرنامج بعد النجاح الذي حقَّقته الدورة الأولى خلال العام الماضي، وقال:«يلتزم متحف زايد الوطني بالبناء على قاعدة البحث الواسعة عن التاريخ الغني لدولة الإمارات، ودعم الباحثين المعروفين والباحثين المبتدئين في مسيرتهم الأكاديمية. إنها فترة مناسبة للبحث في دولة الإمارات، مع موجة جديدة من الاكتشافات الأثرية والتفكير الأكاديمي، ونأمل أن تساعد فرص التمويل الباحثين على متابعة فضولهم، واكتشاف مفاهيم جديدة حول الأرض والحياة في دولة الإمارات».

مقالات مشابهة

  • خالد بن محمد بن زايد: استراتيجية الجينوم ترسخ مكانة الإمارات
  • خالد بن محمد: القيادة الرشيدة تُولي اهتماماً كبيراً بأبحاث الجينوم الإماراتي
  • خالد بن محمد بن زايد يعتمد إطلاق منصة الجينوم المرجعي الإماراتي
  • خالد بن محمد بن زايد … يترأس اجتماع مجلس الإمارات للجينوم
  • خالد بن محمد بن زايد يترأس اجتماع مجلس الإمارات للجينوم
  • «المشاركة الشعبية ودورها في تنمية المجتمع».. ندوة تثقيفية بدار الكتب بطنطا
  • خالد بن أحمد القاسمي: أمن وحماية الوثائق أولويتنا القصوى
  • إطلاق برنامج منح «صندوق تمويل أبحاث متحف زايد الوطني»
  • الدكتور سلطان القاسمي يكتب: كنت مراسلاً صحفياً سرّياً
  • «نوادي القراءة والفضاء المفتوح».. بالنادي الثقافي العربي