هذا ما يهمسون به في #عمان – #ماهر-أبوطير
لا توجد دولة بين كل الدول قادرة على عزل نفسها عن تأثيرات جوارها، والذين يعتقدون في الأردن أن بالإمكان بكل بساطة عزل الأردن عن #تأثيرات #أزمات #الجوار واهمون.
مناسبة هذا الكلام أن هناك خلطاً في الدوافع بين فريقين، فريق قليل العدد، ويبحث عن دور لشخوصه، يقول بشكل مستتر إن علينا ألا نتأثر نهائيا بما يجري في فلسطين وغزة تحت عنوان يقول ما علاقتنا نحن هنا بحرب في بلد قريب، ولماذا تتراجع مؤشرات الحياة والاقتصاد وحيوية المجتمع الأردني، وفريق ثان يقول إن علينا أن نحافظ على الأردن ونخفف تأثيرات أزمات الجوار قدر الإمكان، وأن نساند الأهل في فلسطين، دون أن نسمح بتضرر الأردن، حتى يبقى البلد قويا لأهله وجواره، والفريق الثاني لديه رؤية منطقية مقبولة في كل الأحوال.
في المعالجات السياسية والإعلامية، تختلط الدوافع هنا بشكل متعمّد ويتم التشويش على الناس وإرباكهم بطريقة ساذجة، فالفريق الأول المستتر الغامض قد يخفي انعزالية وأنانية باطنية يلونها بعناوين ثانية ملتبسة تكاد تقول فليلاقوا مصيرهم لوحدهم ولنحمِ أنفسنا، فيما الفريق الثاني نواياه طيبة، لكن لا وصفة حل تفصيلية لديه تجعله يسترد الحياة في الأردن، دون أن يجرح أحد دوافعه أو يمس سمعته، أو يتهمه بإدارة الظهر لقطاع غزة.
ما يتوجب قوله صراحة هنا 3 حقائق، الأولى أن كل بلد في الدنيا يتأثر اضطرارا وإجبارا بأزمات الدول التي تجاوره، واذهبوا إلى كل دول العالم التي تعرضت لحروب أو صراعات عسكرية، وسنجد أن كل دول الجوار دفعت جزءا من أزمات هذه الدول، فالأمر ليس حكرا على الأردن، فكلفة الأزمة السورية مثلا توزعت على الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر، ووصلت كلفها إلى ألمانيا واليونان وقبرص وأستراليا وغيرها من دول، وهذا يعني من باب القياس أن كلف الأزمات لا تنحصر أبدا في بلد الأزمة وحيدا، بل تكون ممتدة إلى ما وراء البحار.
الحقيقة الثانية أن الأردن تأثر إيجابا وسلبا بكل دول جواره، فقد انتعش ذات سنين مع العراق وسورية سياسيا واقتصاديا، وتضرر من حروب البلدين ذات زمن آخر، وهذا طبيعي جدا، فالجوار دائما من مسربين “ذهاب وإياب” فيما فلسطين بقيت جزءا من الأمن السياسي الوطني الأردني، بسبب مهددات السياسات الإسرائيلية، وبقي الأردن قادرا على إدارة مصالحه الداخلية والدولية، كما بقي الأقرب إلى فلسطين، ومن الطبيعي اليوم أن يتأثر بما يجري في قطاع غزة.
الحقيقة الثالثة تقول إن تأثيرات الحرب الحالية من ناحية إستراتيجية بعد نهايتها، وما بعد نهايتها هو الأخطر، ستشمل كل دول المنطقة ولن تقف عند حدود قطاع غزة، وهذا يعني أن فكرة الانعزال والنأي بالنفس لدى الفريق الأول الذي تحدثت عنه مجرد استحالة أمام انفجار إقليمي شامل لن يستثني الأردن، لا اليوم، ولا غدا، ولن يستثني غيره من الدول، وهذا يفرض مقاربة مختلفة، وليس الدعوة إلى الانغلاق أو النأي بالنفس، لأنها أيضا مستحيلة وغير ممكنة عمليا ولا واقعيا، لاعتبارات داخلية لا يمكن إعادة تصنيعها في يوم وليلة، دون أن ندخل في تفاصيلها، ولطبيعة المخططات الإقليمية والدولية
على المدى البعيد، والدعوة للنأي بالنفس لا تقال علنا في عمان، لكن يهمس بها البعض وينصحون بها من يجالسونهم.
ما يمكن فعله هنا، تحديد الإجابات ضمن خطة وطنية عميقة مختلفة، للكيفية التي سنحمي بها الأردن، أمام كل أزمات الجوار، ومهددات العلاقة مع إسرائيل، وهذه الكيفية يجب أن تشمل إجابات تفصيلية عن بنية الداخل الأردني، وأولوياته، ومصالحه، وطريقة إدارته، ومشاكله، وتركيبته السياسية، حتى لا تكون قصة الانشغال بقطاع غزة من جهة ثانية، سببا في إهمال ملف الداخل الأردني، إضافة إلى أن تعريف حرب قطاع غزة، يجب أن يكون باعتبارها حربا مباشرة على حدودنا وليس في بلد بعيد، نظرا للكلف الإستراتيجية لنتائج الحرب على الأردن وكل المنطقة، وهذه كلف، ليست بحاجة لشعارات، ولا تفيد معها دعوات النأي بالنفس، خصوصا، أن كل الأدلة تقول إننا من المستهدفات الإستراتيجية لمخططات خطيرة قريبة.
لا نختلف على الأردن أبدا، والالتفات إلى شؤونه أولوية أولى، وتمتين الأردن يكون بترتيب ملفاته الداخلية، بطريقة مختلفة، بدلا من الهروب نحو دعوات الانعزال.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: عمان ماهر تأثيرات أزمات الجوار على الأردن کل دول
إقرأ أيضاً:
سفير فلسطين بالقاهرة ينعى المناضل الكبير زكريا الأغا
تقدم سفير دولة فلسطين بالقاهرة دياب اللوح، وكافة مستشاري وكوادر السفارة، بخالص التعازي القلبية في وفاة المناضل الكبير عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السابق رئيس دائرة شؤون اللاجئين فيها، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح زكريا الآغا «أبو عمار» الذي توفى اليوم الاثنين في القاهرة.
ويشيع جثمان الفقيد زكريا الأغا ظهر غدا الثلاثاء، ويوارى جثمانه الثرى في مدافن عائلة الأغا بجوار كلية البنات في مصر الجديدة.
جدير بالذكر أن الأغا من مواليد مدينة خان يونس عام 1942، نال درجة البكالوريوس في الطب من جامعة القاهرة عام 1965، وتخصص بالأمراض الباطنية عام 1971، وشغل عدة مناصب أبرزها إلى جانب كونه عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لفتح، مفوضا عاما للتعبئة والتنظيم لحركة فتح في قطاع غزة حتى عام 2016، ورئيس قسم الأمراض الباطنية في مستشفى ناصر بخان يونس حتى عام 1987، حيث فصل أمنيًا من قبل سلطات الاحتلال، ورئيس قسم الأمراض الباطنية بمستشفى الأهلي بغزة 1989-1993.
وعينه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رئيسا لمجلس أمناء جامعة الأزهر في غزة، كما تولى رئاسة وشارك في عضوية مجالس إدارة العديد من الجمعيات الطبية، وشغل منصب وزير الإسكان في أول حكومة شكلتها السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، كما كلّفه الرئيس محمود عباس في حزيران 2007 برئاسة اللجنة القيادية العليا لحركة "فتح" في قطاع غزة لمتابعة النشاط السياسي والتنظيمي للحركة، إلى جانب رئاسته لهيئة العمل الوطني في غزة.
اقرأ أيضاًبينهم أطفال.. 15 شهيدا إثر قصف الاحتلال لمدرسة تؤوى نازحين شمال غزة
12 شهيدًا بينهم أطفال في قصف إسرائيلي يستهدف نازحين في غزة
ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة إلى 52829 شهيدا و119554 مصابا