قانون إلفيس.. أول تشريع لحماية الموسيقيين من مخاطر الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
وقّع حاكم ولاية تينيسي بيل لي، الخميس، على تشريع جديد يهدف إلى حماية مؤلفي الأغاني وفناني الأداء وغيرهم من العاملين في صناعة الموسيقى من المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي.
وتجعل هذه الخطوة من تينيسي، المعروفة منذ فترة طويلة بأنها مهد موسيقى الكانتري ومنصة انطلاق عدد من أساطير الموسيقى الأميركية والعالمية، أول ولاية في الولايات المتحدة تسن مثل هذه الإجراءات، وفقا لموقع شبكة "اي بي سي نيوز".
ويقول المؤيدون لمشروع القانون الذي يدخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو، إن التشريع يرمي إلى التأكد من أن أدوات الذكاء الاصطناعي لا يمكنها نسخ صوت الفنان دون موافقته.
وقال حاكم الولاية للصحفيين في أعقاب التوقيع على التشريع: "في تينيسي يعمل أكبر عدد من الأشخاص في صناعة الموسيقى مقارنة بباقي الولايات"، مضيفا أن "للفنانين ملكية فكرية خاصة وموهبة وتفرد يخصهم وحدهم، ينبغي حمايتها من الذكاء الاصطناعي”.
وتبقى ولاية تينيسي، واحدة من ثلاث ولايات حيث يعتبر الاسم والصور الفوتوغرافية من بين حقوق الملكية للفنان وليس من بين حقوق الدعاية.
ووفقا للقانون الموقع حديثا - والذي يطلق عليه اسم قانون ضمان التشابه والصوت وأمن الصورة أو "قانون إلفيس" - ستتم الآن إضافة التشابه الصوتي إلى تلك القائمة.
ويسمح القانون بمقاضاة الأشخاص المتورطين بنشر أو أداء صوت فنان دون إذن، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا لإنتاج اسم الفنان أو صوره أو صوته أو ما شابه دون الحصول على الترخيص المناسب.
ومع ذلك، يقول الموقع، إن الفنانين الذين يتطلعون إلى حماية فنهم من التعرض للنسخ بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي دون إذن، يترقبون رؤية مدى فعالية التشريع الجديد.
واعترف مؤيدو الخطوة، مثل حاكم الولاية، بأن على الرغم من الدعم الساحق من العاملين في صناعة الموسيقى والموافقة بالإجماع من مجلس ولاية تينيسي، فإن التشريع لم يتم تجريبه بعد.
غير أن العديد من الموسيقيين في ولاية تينيسي، يقولون إنهم لا يملكون ترف انتظار الحل الأمثل، مشيرين إلى أن تهديدات الذكاء الاصطناعي تظهر بالفعل على هواتفهم المحمولة وفي استوديوهات التسجيل الخاصة بهم.
وقال نجم موسيقى الكانتري، لوك بريان: "تصلني أشياء على هاتفي ولا أستطيع أن أقول إنها ليست أنا.. إنها صفقة حقيقية الآن ونأمل أن يؤدي هذا إلى كبحها وإبطائها".
ويؤكد الموقع، أن إطلاق اسم إلفيس بريسلي، على القانون الذي تم سنه حديثا لم يكن مجرد إشارة إلى أحد أكثر أبناء الولاية شهرة.
إذ أثارت وفاة بريسلي في عام 1977 معركة قانونية مثيرة للجدل وطويلة حول الاستخدام غير المصرح به لاسمه وصورته، حيث قال الكثيرون إنه بمجرد وفاة أحد المشاهير، يدخل اسمه وصورته في المجال العام.
ومع ذلك، بحلول عام 1984، أقرت الهيئة التشريعية في ولاية تينيسي قانون حماية الحقوق الشخصية، الذي يضمن أن حقوق الشخصية لا تتوقف عند الموت ويمكن أن تنتقل إلى الآخرين.
وكان يُنظر إلى هذه الخطوة إلى حد كبير على أنها حاسمة لحماية ملكية بريسلي، ولكن وخلال العقود التي تلت ذلك تم الإشادة بها أيضا باعتبارها إجراء حاسما لحماية أسماء وصور جميع الشخصيات العامة في ولاية تينيسي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی ولایة تینیسی
إقرأ أيضاً:
الكادحون الجدد في مزارع الذكاء الاصطناعي
هل يساعدك الذكاء الاصطناعي على إنجاز مهامك في العمل؟ إذا كانت إجابتك نعم، فهذا يعني أن مديرك سيتوقعُ منك ما هو أكثر من اليوم فصاعدًا، أكثر مما كنت تقوم به في الأيام الخوالي يا عزيزي الكادح. مع الأسف، إنجازك السريع للتكليفات بمساعدة تشات جي بي تي لن يمنحك الرخصة للعودة إلى البيت قبل نهاية الدوام الرسمي، بل سيغري الشركة بزيادة كم التكليفات الملقاة على عاتقك، لم لا وقد أصبحت تنجزها في وقت أقل، بل وتتباهى بذلك؟! وربما سترسلك إدارة الشركة إلى دورات وورش تدريبية كي تتعلم أشغالًا جديدة لم تكن في يوم من الأيام ضمن المهام التقليدية لتعريفك الوظيفي. سيتسعُ نطاق تعريفك الوظيفي ليشمل وظائف أخرى مع تغير المعنى التقليدي للوظائف في كل القطاعات. كل ذلك لأنك أصبحت إنسانًا مُطوَرًا بنظر أرباب العمل، إنسانًا «أذكى» مما كنت عليه، ولذلك صار عليك أن تنتج أكثر مما كنت تنتجه خلال ساعات العمل المنصوص عليها في العقد.
تذكَّر، هناك من يربح أكثر لأنك تستخدم الذكاء الاصطناعي، عزيزي الكادح. أنت منذ الآن إنسان مُلحق بأدوات مساعدة، إنسان معدَّل بالآلة لصالح هذه الخدمة. سيرتفع من معدل إنتاجيتك الفردية خلال ساعات العمل بما يؤدي لرفع معدل إنتاجية الشركة في المحصلة، لكنك لن تعود إلى البيت قبل الخامسة مساءً في الغالب، يؤسفني تعكير المسرات.
باعتمادك واعتمادهم على مساعدة الذكاء الاصطناعي، والذي بات مسألة منتهيةً لا مفرَّ منها، يُقدم الكادحون الجدد حول العالم أدلة يومية من واقع العمل على أنهم أرقام زائدة يمكن الاستغناء عنها ما دام الذكاء الاصطناعي يعمل بهذا القدر من السرعة والكفاءة. ما الذي يمنع ذلك ما دام المنطقُ الرأسمالي الذي تعمل به الشركات يرى الذكاء الاصطناعي أكثر طاعة ومطواعية بخلاف البشر، فإنهم مماطلون وعنيدون، ومجبولون على حب السجال دائمًا حول كل صغيرة وكبيرة، كما أنهم يبدون استعدادًا فطريًا للمقاومة، وهذا أكثر ما يرهق العقلية السلطوية التي تُدار بها المؤسسات.
الأدلة تتزايد كل يوم على الطريقة التي يعمق بها الذكاء الاصطناعي غياب العدالة والمساواة في بيئات العمل. ننسى أحيانًا ونحن نمدح دوره في مساعدتنا على إنجاز مهام لا نتقنها، أن هناك شخصًا سهر وكابد لسنوات من أجل تعلم تلك المهارات اللازمة التي لا نملكها. بهذا المعنى فإن الذكاء الاصطناعي يضع المؤهل وغير المؤهل متساويين على خط السباق، ويعزز من إمكانية نجاح المواهب المزيفة على حساب المواهب الحقيقية المصقولة بتعب الزمن. نرى ذلك عيانًا ونعايشه في معسكرات الإنتاج الرأسمالي، المريضة من قبل بحمى التنافسية غير العادلة، وقد أصبحت اليوم بيئات أكثر عدوانية لا فرصَ فيها إلا للانتهازيين الشطَّار الذين يُفضلون الطرق المختصرة على مشقة التعليم المضني والممل.
في سياق هذا التحول المخيف تدخل الرأسمالية عصرها الجديد مع ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث تغدو الشركات الكبرى نموذجًا للدكتاتوريات العصرية في صورة تتجاوز وتقهر حتى دكتاتورية الدولة التقليدية. لا تتوانى هذه الدكتاتوريات الرأسمالية عن تطبيق المقولة الاستعمارية المجرَّبة «فرّق تسد»، وذلك عبر إحلال الذكاء الاصطناعي محل العامل البشري، أو من خلال تسليطه رقيبًا عتيدًا على سلوك الموظفين، فيتتبع بياناتهم الخاصة ويراقب ويحلل طبيعة التواصل فيما بينهم كي يمنع أي حالة من التكتل أو الفعل الجماعي المقاوم. ففي بيئات الإنتاج المراقبة بالحسَّاسات والكاميرات الذكية يُطور الذكاء الاصطناعي آليات الرقابة على السلوك والأجساد، والتي بلغت تطبيقاتها في كبريات الشركات العالمية إلى حد تثبيت أنظمة لمراقبة الوقت خارج المهمة (Time off task) فأي شرود أو سهو عن المهمة قد يُعرض الموظف لعقوبة الخصم.
بات واضحًا أن التاريخ ينساق لصدامٍ حتمي بين الإنسان ووحش الآلة. فهل يُنذر هذا التحول بثورة عمَّالية على استبداد الذكاء الاصطناعي يمكن أن نشهدها في المستقبل؟ إعجاب الأفراد اللاواعي بمساهمة الذكاء الاصطناعي في تسهيل وتسريع أنشطتهم الوظيفية يشي بإذعانٍ متمادٍ، ويجعل من التنبؤ بثورة عمَّالية على هذا الاستبداد فرضية مكبرة. ولكن هل يمكن التفكير بأساليب مقاومة بطيئة إلى ذلك الحين؟ في بيئة سلطوية مطلقة تقوم على تفكيك العلاقات وبتر الصلات الحميمة، وعلى تفتيت الجماعة البشرية إلى أفراد معزولين ومراقبين كل على حدة، لا أرى سوى «المماطلة» خيارًا أخيرًا للمقاومة الفردية بالنسبة للكادحين الجدد.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني