ماذا يُريد أهل السودان ؟ نهضة أم وثبة خبِروها؟ .. ومع من نثب ؟ أي ملاح نرتجي ؟
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
بقلم: إسماعيل آدم محمد زين
نشر في سودانيل يوم 03 - 02 - 2014
لا بُد من الإعتراف بأن السودان لما يتشكل بعد و يكفي إختفاء ثلثه بعد حرب عبثية لم يتنحي من كان سبباً في إشعالها أو من تسبب في الهزيمة ؟ والآن تجري ثلاث حروب و ربما ستزيد في المستقبل. و رغم كل ما يحدث يعجب كثير من الناس إن لم نقل كل الناس عن فهم سر ما يحدث ! هل لعنة أصابتنا ؟ أم مؤامرة إجترحتها عفاريت ؟ و سيطول التعجب و التسآل! و ببساطة يمكننا القول بأنه لا توجد أُمة سودانية! بل كيان هُلامي وربما أحسن هيكل توصيفه ، حين قال لا يوجد بلد إسمه السودان بل جغرافيا ممتده – أضحت الآن بين الصحراء و السافنا الفقيرة! رقعةٌ ما تزال واسعة علي صغار الأحلام من المتسلطين عليها! و لما تحظ بعد بقيادة ملهمة تجمع أطرافها و تحرك سكانها لتستغل مواردها.
شاهدتُ قبل أيام أهلنا في صعيد مصر من النوبة و هم يعانون في إهمال من ظلم حكومات مصر المتتالية و ربما كان عرب إسرائيل أفضل حالاً منهم – فهنالك يبقي الأمل في التحرر و فرص في التعليم و ورثة كيان غني. من يدري؟ تم إغراق أراضي النوبة و ما زالت الأيادي المصرية تُلاحق ما تبقي من حضارة و آثار و ثروة لتغرقها في مشاريع لسدود لا فائدة منها لبلادنا و ربما كان في أكبرها هلاك مصر بكاملها! من يدري؟ كيف تتحرك الأرض و كيف ترفض الأجسام الغريبة ؟ لا أحد يعلم ديناميات المشاريع الكبيرة! لقد تم إبعاد النوبة عن ضفاف بحيرتهم في الشمال الجغرافي و في الجنوب الجغرافي كما يحلو لهيكل تسميته! عنصرية للجغرافيا في شمال الوادي تستأصل النوبة بما فعل الأوروبيين في الهنود الحمر!
قد لا يعلم كثير من الناس بأن صعيد مصر كان يتبع للسودان و سطت عليه سلطات مصر الأجنبية ، تماماً مثلما سطت علي حلايب! و رغم ذلك يتكلم صبية الإنقاذ و شيوخهم عن تكامل و تعاون ! خوفٌ أم طمع؟
ما الذي أضعف تشكيل الأُمة الواحدة في هذه الرقعة من الأرض؟ و ما الذي جعل تشكيل أقوي أُمة علي الأرض ممكناً في أميركا الشمالية رغم تشرزمها و تنوعها؟ القوة.. القوة و القيادة الملهمة- قبل أكثر من قرنين و من بين دمار الحرب وُلدت أعظم أُمة علي الأرض و أقواها، بل أصبحت موئلاً و أملاً و حلماً لكل الناس علي الأرض! حيث إستطاعت القيادة الملهمة الذكية أن تُحرك السكان بالعدل و الحرية و بكل القيم الإنسانية الرفيعة و بدستور صاغته عقولٌ جبارة متفتحة. ويجئ تماسك المجتمع الأميركي بقوة الإقتصاد و بالقيادة و بالتعليم و التكنولوجيا و بالحلم الأميركي –كحلك مارتن لوثر كنج! و بالرغم مما يبدو من تماسك ،إلا أن التشرزم سرعان ما يبين عند أي إمتحان و قد تشعل نيرانه حوادث صغيرة كما رأينا مراراً،لا نحتاج لسردها – فهي معروفة و مصادر المعرفة ميسورة لم يريد! و لنُذكِر فقط ببعض ظواهرها، حيث نجد مدن داخل المدن مثل الصين الصغيرة في نيويورك و هارلم لسود إفريقيا.وهكذا نجد تنوع أميركا في كافة ولاياتها!و لنا أن ننظر فيما يجمع شتات جغرافيا السودان و لنجعل ما تبقي منه مصدر قوة؟
لعل الجميع قد لاحظ حرص أميركا بالرغم من قوتها علي إصطناع عدو ما ! و ربما رعايته حتي يصبح نداً لها فليس في قتل مسكين مدعاة للفخر- لذلك كانت تبحث عن هدف بعد 11سبتمبر و كانت تتحرك لأقوي هدف و هي تحوم حول دول عديدة – منها السودان ، باكستان، إيران ، افغانستان و العراق و يبدو بأنها قد وضعتها في لائحة ستجهز عليها بالترتيب،بدءاً بأفغانستان و العراق و ال... إلي نهاية القائمة. و هكذا في كل مرة يضعف الحس القومي!
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إصطنعت أميركا من روسيا عدواً حتي أجهزت عليها و من بعد أخزت تنظيم القاعدة والذي أشرفت علي ميلاده و تسليحه و توجيههه لتصل إلي مراميها و لتجمع شتاتها! و الآن إصطنعت الإرهاب و ألصقته بالإسلام كعدورئيسي تجمع قواها لمواجهته و لتقوي مناعة مجتمعها المتفرق!
تنوعنا في السودان يعتمد علي القبيلة و تسعي جهات كثيرة لإظهارها كدليل علي التخلف و قد صدقت بعض الحكومات هذه الفرية ، مثلما حدث في عهد مايو، فسعت لتفكيك القبائل عبر الإدارة الأهلية و اليوم نجني حصاد غرس مايو الخبيثة في دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق و ربما في شمال كردفان مثلما تحدث الميرغني الصغير ! نعم القبيلة مرحلة من مراحل التخلف البشري و لكن ليس من السهل القفز فوقها لطي حقب لا تقل عن الخمسة قرون، مرت بها شعوبٌ في أوروبا و آسيا في حراك متواصل و تحت ظلال حكومات قوية و جيوش ضارية! لذلك إذا أردنا النهضة لا بُد من الركون إلي واقعنا و معرفة أنفسنا و الإستفادة من العناصر التي تساهم في تشكيل مجتمعنا و علي رأسها القبيلة و الأسرة الممتدة و هي في تقديري من الوسائل المعينة علي الحياة في هذه الرقعة الجغرافية الجافة و الصعبة- مجرد وسيلة للتعاون و التكافل و التراحم و التماسك و من هنا يأتي الأحساس الأول بالوطن و من بعد يأتي التعليم و معه الدين ليحد من غلواء العنصرية وقساوة الجغرافيا . الدين أيضاً يسم مرحلة أُخري من مراحل التطور الإنساني ، حيث يرتقي الناس بوازع من ضمير و عقل و بالقدوة الإنسانية! و بالإخوة الحقيقية للبشر غض النظر عن لون أو دين أو عنصر أو أية سمات جمالية و جسمانية،مرحلة أقرب للتصوف عند المسلمين مع القبول التام للآخر و هذا ما نجده اليوم في أوروبا و أميركا و كافة المجتمعات المتطورةو هم يرعون الحيوان رعايتهم للبشر و قد يعجب البعض و قد يعتبرونه تناقض أو نفاق و لكنها حقيقة مرحلة في الإرتقاء البشري نحو كمال الإنسانية المطلقة – أمرٌ قريب من الفكر الجمهوري .
هل نريد وثبة مثلما قد جربنا من قفزات الإنقاذ و وثباتها في العتمات و الظلام! و حتي لا تكون كذلك، قد نفضل إساخدام تعبير آخر كالنهضة- نهضة فيها عنصر القفز و لكن بحساب مع سياسات تُوضع و خطط تُحكم وفق رؤيةٌ شاملة تأخذ محمولاتنا الثقافية وكل المثقلات أو التي يحسبها البعض كذلك كالقبيلة و ثقافتها البدائية و التي في تقديري إن خدمت السياحة لكفاها – بألوانها،و رقصها و عنائها و بمساراتها و زيها و زهائها.ولنا أن نجادل ! هل يمكن لأي فرد أن يعيش في تلك الفيافي؟ يصعب ذلك دون تكلفة عالية و عسر شديد.لذلك تبقي القبيلة و العشيرة و الأُسرة الممتدة محمولات لا غناً عنها للتغلب علي قساوة البيئة و قلة المياه و مشاق الترحال و هي ما أسماها هيكل بالجغرافيا!لقد ثبتت جدوي رعاية و تربية الإبل و الأغنام في شمال دارفور و كردفان وشرقي السودان تحت الظروف الحالية! و لا شئ أفضل منها ، إلا التعدين بمخاطره و تكلفته العالية- من إستنفاد للموارد و ذهاب ريحه كحفل إنفض سُماره دون أن يُعمر الأرض بالسكان و الحيوان كما هو حال الإستخدام الحالي للأراضي في تلك المناطق و مثلما حدث مع النفط و هو عين ما ينادي به حُماة البيئة من تنمية مُستدامة !لذلك يلزمنا عملٌ في تعزيز الإيجابيات و الحد من السلبيات و فقاً لأساليب التخطيط الحديثة مثل سوات، و قد يلزمنا إلمامٌ بالمعارف الحديثة في آثار نقل التكنولوجيا و المعرفة كذلك. و لن يكون العمل مجدياً لتكويت الثروة أو تحقيق الرفاه إذا ما تمتع بها بعضنا و تركنا الآخرين في الخلف يتحسرون و يسخطون و ربما يثورون ! لن نحس بطعم لأكلة لذيذة أو متعة إذا كان غالب الناس في فقر و إدقاع!
وهنا قد يكون محو الأمية ضرورة ليشاركنا كل الناس متعة الحياة و الرفاه- لذلك لا بد من مشروع قومي لمو الأمية خلال شهور أوى عام و هو أمر يسير ، إذا ما وُضعت سياسة جيدة. و إذا توفرت قيادة رشيدة مع إيثار و كرم و غير ذلك من سجايا و إبتعاد عن كل النقائص-بخل، جشع ،طمع و جبن.
إذا ما أراد فتية الإنقاذ و شيوخها إحداث نهضة حقيقية و ليس وثبة في الظلام مثلما وثبوا من قبل و نقزوا طيلة الخمس و عشرين عاماً المريرة ، فعليهم بالمصالحة و الحقيقة وصولاً للعدالة و التراضي- مما يتطلب إعترافاً بالذنب و الجرم في كلمات و لااضحاتدون دغمسةٍ- سبق أن وعدوا بتجنبها ! و قرارات سريعة بإطلاق الحريات و إرجاع المفصولين و سعي جاد لتشغيل العطالي و تسهيل إجراءات السفر للراغبين في وثبة حقيقية في نور بلاد الله العادل حكامها! و ليس في ظلمات حكم لا يعرف رحمةً أو شفقةً! ثم حل الدفاع الشعبي و الشرطة الشعبية و اللجؤ لما هو معلروف في العالم- جيش واحد و شرطة واحدة و مؤسسات واحدة .
ثمة أمرٌ أخير و هو حقنا في إختيار من يثب معنا ! شخص نثق فيه و نتكئ عليه! نعرفه و يعرفنا و يصدقنا القول ! شخص يؤمن بأنه جاء بالإنتخاب ! ثم ذهاي كل مطلوب للعدالة الدولية حتي تبرئ ذمته و تشهد الدنيا كلها ببراءته مثلما فعل أبو قردة! و لا يغرنكم توالي الأيام و مرور الأعوام – ستذهبوا مُرغمين.ولكم في القذافي عظة ! عدالة القوقاء و حكمها! و يا لها من عدالة!
azaim1717@gmail.com
//////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
هل تقترب أميركا من أزمة في سوق السندات؟
في تصريحات غير مسبوقة تعكس حالة من القلق المتصاعد في الأوساط المالية، أطلق جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لأكبر بنك أميركي "جيه بي مورغان تشيس"، تحذيرا شديد اللهجة خلال مشاركته في منتدى ريغان الوطني الاقتصادي، قائلا: "أنتم على وشك رؤية تصدّع في سوق السندات. لا أعلم إن كانت الأزمة ستقع بعد 6 أشهر أو 6 سنوات، لكننا نحتاج إلى تغيير جذري في مسار الدين وقدرة الأسواق على استيعابه".
وقد جاء هذا التصريح بينما تتجه الأنظار إلى تطورات غير مطمئنة في المؤشرات الاقتصادية والمالية في الولايات المتحدة، حيث تواصل الديون الفدرالية الارتفاع بمعدلات تاريخية، وتتزايد المخاوف من أن سوق السندات الأميركية بات على حافة أزمة هيكلية.
عوائد السندات ترتفع.. وأرضية الركود تتراجعوتشير بيانات "غلينفيو ترست" إلى أن عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات ارتفعت بالتزامن مع تراجع احتمالات الركود الاقتصادي. نظريا، هذه العلاقة منطقية: كلما تراجعت المخاوف من تباطؤ اقتصادي، ارتفعت عوائد السندات نتيجة تحسن التوقعات. لكن الارتفاع الأخير تجاوز نطاق التوقعات، ما دفع بعض المحللين إلى اعتبار أن الأسواق قد بالغت في رد الفعل، وأنها قد تواجه تصحيحا عنيفا.
وفي الوقت نفسه، تتزايد تكلفة خدمة الدين العام. فقد تجاوزت، وفقا لتقرير لمجلة فوربس، نسبة 18% من إجمالي الإيرادات الضريبية في الولايات المتحدة منذ يوليو/تموز 2023، وهو ما يفوق "الخط الأحمر" الذي حدّدته مؤسسة "ستراتيغاس" عند 14%، حيث تبدأ عنده الأنظمة المالية عادة في تبني إجراءات تقشفية أو تعاني من ضغوط خانقة على الموازنات العامة.
إعلان المؤشرات العالمية تلوّح بانتقال العدوىورغم أن تحذير ديمون ركّز على الدين الأميركي، فإن تدهور الوضع المالي لم يَعُد مشكلة أميركية فقط، بل مسألة عالمية. فمع تصاعد الديون في معظم دول مجموعة السبع، ارتفعت علاوات الأجل للسندات الحكومية طويلة الأجل، ما يعكس تزايد قلق المستثمرين من قدرة الدول على سداد التزاماتها مستقبلا من دون اللجوء إلى التضخم أو خفض الإنفاق العام.
في اليابان، على سبيل المثال، بلغت علاوة الأجل بين السندات لأجل 30 سنة وسنتين نحو 223 نقطة أساس، وهي من أعلى المستويات المسجلة عالميا، وارتبطت بعودة التضخم بعد سنوات من الانكماش، إذ ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 3.6% على أساس سنوي.
أما في الولايات المتحدة، فقد وصلت علاوة الأجل إلى 103 نقاط أساس، مقابل متوسط تاريخي يبلغ 78 نقطة منذ 1999. وتشير هذه القفزة إلى أن المستثمرين باتوا يطالبون بعوائد إضافية لتعويضهم عن مخاطر مستقبلية مرتبطة بالعجز المزمن وارتفاع أسعار الفائدة.
الدولار القوي والاقتصاد الكبير.. هل يحميان أميركا؟ويرى تقرير فوربس أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بعدة امتيازات تقلل من احتمالات انهيار مفاجئ في سوق السندات، منها:
قوة الاقتصاد الأميركي وناتجه المحلي الإجمالي المرتفع للفرد. مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية. قدرتها على إصدار الدين بعملتها الوطنية فقط، من دون الحاجة إلى الاقتراض الخارجي بعملات أجنبية.لكن التقرير يُنبّه إلى أن إساءة استخدام هذه الامتيازات، من خلال تراكم الديون من دون إصلاح مالي فعلي، قد يؤدي إلى فقدان تدريجي للثقة الدولية. فليس هناك "مستوى سحري" لنسبة الدين إلى الناتج المحلي يُطلق شرارة الأزمة، لكن التدهور الهيكلي المستمر يراكم التوترات في الأسواق.
التاريخ يُذكّر.. التضخم كسلاح لسداد الديونويُذكّر التقرير بأن العديد من الدول على مرّ التاريخ، في أوقات الأزمات، اختارت اللجوء إلى التضخم لتقليص قيمة ديونها الفعلية، بدلا من اتخاذ قرارات إصلاحية صعبة أو تقليص النفقات. وعليه، ليس مستغربا أن ترتفع علاوات الأجل عالميا، في إشارة إلى أن المستثمرين بدؤوا يطالبون بعوائد أعلى لحماية أنفسهم من هذا السيناريو.
ورغم ذلك، يرى بعض المحللين أن الولايات المتحدة قد تستفيد بشكل غير مباشر من هذا التراجع العالمي، نظرا لقوة مؤسساتها وقدرتها على امتصاص الأزمات مقارنة بدول أخرى. ومع ذلك، تبقى الرسالة الأساسية واضحة: "سوق السندات ليس محصنا إلى الأبد، وإذا استمر تدهور الوضع المالي، فإن الثقة قد تُسحب فجأة".
إعلان فرصة للإصلاح أم بداية لانهيار؟ويختم التقرير بتساؤل مفتوح: هل تختار الولايات المتحدة التوسع في النمو الاقتصادي والإصلاح الضريبي لتخفيف عبء الدين؟ أم تستمر في الاقتراض حتى ينهار الثقل على سوق السندات؟ وفي إشارة ساخرة للتاريخ، يستشهد الكاتب بمقولة منسوبة إلى ونستون تشرشل: "يمكن الوثوق بالأميركيين في أنهم سيفعلون الشيء الصحيح… بعد أن يستنفدوا جميع الخيارات الأخرى".
وفي ضوء التحديات الراهنة، يبدو أن هذا الخيار "الصحيح" يجب أن يُتخذ بسرعة، قبل أن يُجبر السوق الإدارة الأميركية على اتخاذه.