أثارت مُسودة قانون بادر بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتخليص شبان اليهود المُتدينين (الحريديم) من التجنيد الإجباري، ردود فعل غاضبة في إسرائيل، وتوجهت أصابع الاتهام إليه بعدم اكتراثه بأن تحترق الدولة، من الدولة، من أجل إرضاء الأحزاب الحريدية المشاركة في ائتلافه الحاكم.


وطرح نتنياهو المسودة، لتشكل بديلا لـ"قانون التجنيد" الذي تطرحه وزارة الدفاع، للمساواة في تحمل أعباء التجنيد، مع تجاوز الحرب على قطاع غزة يومها الـ 170، واستمرار سقوط القتلى والجرحى في صفوف الجيش، وسط تصاعد المواجهة كذلك على الجبهة الشمالية مع حزب الله وتصاعد التوتر وعمليات المقاومة في الضفة الغربية.

وحسب القناة السابعة الإسرائيلية، يتعين على الحكومة تقديم موقفها من "قانون التجنيد" حتى نهاية الأسبوع الحالي، وإلا فسيكون لزاما عليها فرض التجنيد الإلزامي على الشبان الحريديم بدءا من يوم الإثنين مطلع أبريل المقبل.

ووفق مسودة القانون التي طرحها نتنياهو، يتم رفع سن الإعفاء من التجنيد من 26 عاما إلى 35 عاما.
ولم تحدد المسودة عدد المجندين من الحريديم، وأن يبدأ إنفاذ القانون بشأن تجنيدهم بعد ثلاث سنوات، لكن وزير الدفاع يوآف جالانت قال، قبيل مغادرته إلى واشنطن، فجرا، أنه يعارض مسودة نتنياهو ولن يؤيدها.

وعبر عدد كبير من أعضاء الكنيست عن معارضتهم لمسودة القانون ووصفوها بأنها "لا تحقق المساواة في تحمل العبء".

وكان جالانت قد أعلن قبل أسبوعين أنه سيقدم "قانون التجنيد" للمصادقة عليه في الكنيست فقط حال وافقت عليه جميع الأحزاب في الحكومة، وذلك على خلفية معارضة كتلة "المعسكر الوطني"، برئاسة وزير الدفاع السابق بيني جانتس، استمرار إعفاء الحريديم من الخدمة.

وقرر نتنياهو طرح المسودة للتصويت، دون توافق بين جميع الأحزاب المشاركة في الحكومة، خلافا لموقف جالانت، الذي أكد أنه لن يكون شريكا في أي اقتراح لا توافق عليه جميع أحزاب الائتلاف.

وقال جانتس إنه لا يزال هناك وقتا لبلورة اقتراح مشترك، وكرر الدعوة لرئيس الحكومة والوزير بيني جانتس لاستغلال الوقت المتبقي وبلورة توافق واسع حول قانون التجنيد، لمصلحة الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل.

من جانبه، وصف زعيم المعارضة، يائير لابيد، مسودة القانون التي طرحها نتنياهو بأنها "قانون التهرب من التجنيد"، وهو وجه أكثر حكومة مروعة في تاريخ دولة إسرائيل.

وقال لابيد: "هذا كذب، وتهرب من المسؤولية وتمييز بين دم وآخر.. بعد نصف سنة لحرب مؤلمة ينقص الجيش الإسرائيلي جنود، وقوات الاحتياط تنهار، ويوجد قتلى وجرحى يوميا، والحكومة تتآمر بإعفاء عشرات آلاف الشبان من التجنيد.

وهذا مخز، وأي أحد يستمر بالجلوس في الحكومة شريك بهذا الخزي" في إشارة إلى جانتس وحزبه (المعسكر الوطني).

وعبر أعضاء كنيست من (المعسكر الوطني) عن معارضتهم لمسودة نتنياهو، فيما كتب رئيس حزب (يسرائيل بيتنا)، أفيجدور ليبرمان، على حسابه في منصة (إكس)، أن "قانون التهرب من التجنيد الذي تعتزم الحكومة المصادقة عليه في جلستها القريبة بمثابة بصقة في وجه الجنود في القوات النظامية وقوات الاحتياط، ويلحق ضررا جسيما بمناعة إسرائيل القومية والاقتصادية".

ولم تكن الأحزاب السياسية فقط، هي من تعبر عن معارضتها لمسودة نتنياهو، إذ عبرت جميع حركات الاحتجاج ضد خطة إضعاف جهاز القضاء عن معارضتها لهذه المسودة.

وأصدت إحدى أكبر هذه الحركات بيانا قالت فيه إن ما وصفتها بحكومة الإخفاق تواصل دفع إسرائيل إلى الهاوية وتعتزم المصادقة على قانون لا يشمل عدد المجندين ولا عقوبات ويشمل تخليد لإعفاء للحريديم.
واتهمت الحركة حكومة نتنياهو بعدم الاكتراث بأن تحترق الدولة مقابل أن يواصل نتنياهو ووزراء حكومته الجلوس على كراسيهم المرفهة، حسب تعبيرهم.

وكان الحاخام الشرقي الأكبر لإسرائيل، يتسحاق يوسف، قد لوح في وقت سابق من الشهر الجاري، بهجرة جماعية لليهود الحريديم من إسرائيل إذا ما تم إجبارهم على التجنيد في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وأثارت تصريحاته ضجة في إسرائيل، في ظل الجدل الحاصل حول مسألة الخدمة العسكرية للحريديم.
وقال يوسف: "كل هؤلاء العلمانيين الذين لا يفهمون، عليهم أن يفهموا أنه بدون التوراة والمدارس الدينية، لم يكن الجيش الإسرائيلي لينجح، إن نجاح الجيش هو فقط بفضل التوراة".

يشار إلى أن محكمة إسرائيلية ألغت في عام 2017، قانون التجنيد الذي كان قد سن في 2015 ويعفي الحريديم من الخدمة العسكرية، معتبرة أنه يمس بالمساواة في تحمل عبء التجنيد.

ومنذ ذلك الحين حصل الكنيست على أكثر من تمديد لإعفاء الحريديم لكن دون التوصل إلى صيغة قانون متفق عليه، وينتهي سريان أمر أصدرته الحكومة بتعليق التجنيد الإلزامي للحريديين، هذا الشهر الجارى.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحريديم إسرائيل نتنياهو

إقرأ أيضاً:

إعفاءالحريديم من التجنيد يعمق الانقسام بإسرائيل

صوّت الكنيست الإسرائيلي مساء أمس الاثنين لصالح استمرار العمل بقانون التجنيد الذي تم طرحه في البرلمان السابق ويعفي شباب الحريديم (اليهود المتشددون) من الخدمة العسكرية.

ووفقا لموقع "والا" الإسرائيلي، يمكن للكنيست الاستمرار من النقطة نفسها، حيث توقف التشريع في عام 2022 على أن يتم عرضه لاحقا على لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست لمناقشته، تمهيدا للتصديق عليه في القراءتين الثانية والثالثة، ويتطلب أي تشريع في الكنيست التصويت عليه بـ3 قراءات كي يصبح قانونا نافدا.

وصوّت لصالح مشروع القانون 63 عضوا من أصل 120 في الكنيست مقابل معارضة 57 صوتا، وكان وزير الدفاع يوآف غالانت الوحيد من الائتلاف الحكومي (64 مقعدا بالكنيست) الذي صوّت ضد القانون.

وعقب التصويت انتقد تساحي برافرمان مدير مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الوزير غالانت قائلا "إنه وقح، يجب إقالته".

وفي وقت سابق أمس الاثنين، قالت صحيفة يديعوت إن غالانت ينوي التصويت ضد قانون التجنيد، وإن هذه الخطوة قد تكلفه منصبه.

أما زعيم المعارضة يائير لبيد فهاجم الائتلاف الحكومي قائلا "هذه واحدة من أسوأ لحظات إذلال الكنيست الإسرائيلي على الإطلاق".

وأضاف" في خضم يوم آخر من القتال العنيف في قطاع غزة تمرر الحكومة الفاسدة قانون التهرب من الخدمة العسكرية ورفضها، الأمر كله سياسة، والقيم صفر".

تهرّب من الخدمة

من جانبه، علق رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان قائلا "في جوف الليل بينما يقاتل خيرة أبنائنا وبناتنا في ساحة المعركة اتخذت الحكومة الإسرائيلية خطوة أخرى نحو قانون التهرب من الخدمة العسكرية الذي يشكل ضررا خطيرا لجنود الجيش الإسرائيلي وجنود الاحتياط، ويتعارض مع احتياجات الجهاز الأمني، وكل ذلك من أجل البقاء السياسي".

بدوره، كتب وزير الدفاع يوآف غالانت على منصة إكس "شعب إسرائيل يتوق إلى تفاهمات، والتغييرات الوطنية يتم إجراؤها بإجماع واسع النطاق، وعلينا ألا نمارس سياسة ضيقة على حساب جنود الجيش الإسرائيلي".

وقال "حزب معسكر الدولة" بقيادة بيني غانتس" أثبتوا الليلة أنهم عادوا إلى 6 أكتوبر، في زمن الحرب عندما يقاتل جنود الجيش الإسرائيلي من أجل الوطن يكافح الائتلاف من أجل إدامة الإعفاء من التجنيد، لم يفت الأوان بعد لتمرير مخطط واسع وشامل يلبي احتياجات الأمن والمجتمع".

بدورها، كتبت ميراف ميخائيلي عضوة الكنيست عن "حزب العمل" على منصة إكس تقول "في الائتلاف بإسرائيل يهاجمون في الصباح عائلات المختطفين، وفي الليل يبصقون في وجوه المقاتلين والمقاتلات بتمرير قانون التهرب من الخدمة العسكرية، إنهم يتحدثون كثيرا عن النصر الكامل، دعوهم يفتحون أعينهم، لقد فشل كل شيء".

وفي 15 مايو/أيار الماضي قال نتنياهو إنه سيعيد إحياء تشريع عام 2022، وذلك بعدما فشل في التوصل إلى اتفاق مع شركائه الحريديم في الائتلاف الحكومي بشأن تشريع جديد لتجنيد أعضاء مجتمع الحريديم في الجيش الإسرائيلي.

ويضم الائتلاف الحكومي الحالي حزبي "شاش" (11 مقعدا من أصل 120 بالكنيست) و"يهدوت هتوراة" (7 مقاعد) الحريديين.

وحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن مشروع القانون المذكور يزيد ببطء معدل تجنيد الحريديم في الجيش الذي يمثل مشكلة من الناحية القانونية ولا يلبي الاحتياجات العسكرية الحالية لإسرائيل.

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، "فإنه ووفق المخطط سيتمكن الشاب المتدين البالغ من العمر 21 عاما من الانضمام إلى نظام الطوارئ والإنقاذ الوطني والحصول على تدريب مهني، ويرتفع سن الإعفاء بعد عامين إلى 22، وبعد 3 أعوام إلى 23 عاما".

وجرى اقتراح مشروع القانون عام 2021 للمرة الأولى من قبل الحكومة بقيادة نفتالي بينيت، وتم تمريره في الكنيست بالقراءة الأولى عام 2022، لكن حل الكنيست لإجراء الانتخابات في العام ذاته حال دون إحالته إلى القراءات النهائية.

صوّت لصالح لمشروع القانون 63 عضوا من أصل 120 بالكنيست مقابل معارضة 57 صوتا (الأوروبية) الحاجة إلى جنود

وفي أكثر من مناسبة أكد زعيم حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس رفضه إعادة إحياء المشروع الذي اقترحه بنفسه قبل عامين عندما كان وزيرا للدفاع.

ويقول غانتس إن المشروع لم يعد صالحا، ولا سيما بعد "اندلاع" الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويؤكد غانتس أن إسرائيل بحاجة إلى جنود وليس إلى مناورات سياسية تمزق الشعب أثناء الحرب، وشدد في بيان له الشهر الماضي على أن مخطط الخدمة العسكرية والمدنية -الذي وافقت عليه الحكومة السابقة- أعده جهاز الأمن بوصفه قانونا انتقاليا وأساسا لتطوير مخطط يشمل جميع شرائح الشعب.

وعلى مدى عقود تمكن الشبان الحريديم من تجنب أداء الخدمة العسكرية من خلال الالتحاق بالمدارس الدينية لدراسة التوراة والحصول على تأجيلات متكررة للخدمة لمدة عام واحد حتى وصولهم إلى سن الإعفاء من الخدمة العسكرية.

ومنذ 2017 فشلت الحكومات المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد الحريديم بعد أن ألغت المحكمة العليا قانونا شُرّع عام 2015 وقضى بإعفائهم من الخدمة العسكرية، معتبرة أن الإعفاء يمس بـ"مبدأ المساواة".

ومنذ ذلك الحين دأب الكنيست على تمديد إعفائهم من الخدمة العسكرية، ومع نهاية مارس/آذار الماضي انتهى سريان أمر أصدرته حكومة نتنياهو بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي للحريديم، وأصدرت المحكمة العليا في فبراير/شباط الماضي أمرا يطالب الحكومة بتوضيح سبب عدم تجنيد الحريديم.

ونهاية مارس/آذار الماضي أصدرت المحكمة أمرا مؤقتا بوقف الدعم المالي لطلاب مؤسسات التوراة المطلوب منهم التجنيد.

وبينما تعارض الأحزاب الدينية تجنيد الحريديم فإن الأحزاب العلمانية والقومية تؤيده، مما تسبب لنتنياهو بإشكالية تهدد ائتلافه الحاكم.

ويشكل المتدينون اليهود نحو 13% من عدد سكان إسرائيل البالغ قرابة 9.7 ملايين نسمة، وهم لا يخدمون في الجيش، ويقولون إنهم يكرسون حياتهم لدراسة التوراة.

ويُلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عاما بالخدمة العسكرية، ولطالما أثار استثناء الحريديم من الخدمة جدلا طوال العقود الماضية.

لكن تخلّفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر الجيش الإسرائيلي زاد حدة الجدل، إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في تحمّل أعباء الحرب.

وأبطلت محاكم إسرائيلية المحاولات المتكررة لتكريس هذا الإجراء في القانون، وأمرت الحكومة مؤخرا بسحب تمويل المدارس التي تؤوي المتهربين من التجنيد.

وتستمد الأحزاب الدينية قوتها من حاجة الساسة الإسرائيليين لها عند تشكيل الحكومات لنيل ثقة الكنيست.

ومع تشكيل الحكومة برئاسة نتنياهو نهاية 2022 عادت الأحزاب الحريدية بكل قوتها إلى الساحة السياسية بعد أن تخلت الحكومة السابقة برئاسة نفتالي بينيت ويائير لبيد عنها.

ويحاول الحريديم وعلى رأسهم حزب شاس -الذي يمثل المتدينين الشرقيين (السفارديم)- وحزب "يهودوت هتوراه" -الذي يمثل المتدينين الغربيين (الأشكناز)- الاستفادة من تأثيرهم للحصول على المزيد من الميزانيات المالية لمجتمعاتها ومدارسها.

لكن تلك الأحزاب تولي أهمية بشكل خاص لتصديق الكنيست على قانون يستثني المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية.

مقالات مشابهة

  • جنود احتياط: حكومة نتنياهو طعنتنا في الظهر بقانون إعفاء الحريديم
  • أسامة كمال: اليهود «الحريديم» يرفضون التعامل مع الحكومة الإسرائيلية
  • بعد إعفاء الحريديم من التجنيد.. عائلات جنود الاحتلال تهدد بالتوقف عن المشاركة في الحرب
  • إعفاء الحريديم من التجنيد.. شبكة أمان لحكومة اليمين الإسرائيلية
  • إعفاءالحريديم من التجنيد يعمق الانقسام بإسرائيل
  • «وقعوا في بعض».. أزمة داخل إسرائيل بعد الموافقة على قانون لصالح «الحريديم»
  • «الكنيست» يوافق على مشروع قانون لإعفاء اليهود المتشددين من التجنيد
  • الكنيست الإسرائيلي يُمدد إعفاء «الحريديم» من التجنيد
  • الكنيست يمرر قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية.. رغم رفض غالانت
  • الكنيست يوافق على تمرير قانون التجنيد اليهود الحريديم