قال الدكتور شوقي علام – مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- إن القرآن الكريم منهج حياة جاء لسعادة البشر، وهو يُعتبر منهجًا شاملًا للحياة يهدف إلى توجيه البشر نحو السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.

مفتي الجمهورية: هناك علاقة وثيقة بين شهر رمضان والعمل والحث على إتقانه

وأضاف أن العلاقة بين القرآن الكريم وشهر رمضان علاقة وثيقة ووطيدة فالقرآن الكريم نزل في شهر رمضان في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، مشيرًا إلى أن المسلم الحصيف هو الذي يستعدُّ لليلة القدر ليس في العشر الأواخر فحسب بل منذ بداية رمضان وأن يهتمَّ بقراءة القرآن فهمًا وتدبرًا وعملًا بأحكامه.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في الندوة التثقيفية التي عقدتها جامعة المنصورة الجديدة تحت عنوان: "القرآن في رمضان فهم وتدبر وعمل".

وأشار المفتي إلى أن القرآن الكريم نزل في الليل وكأن قضية الليل هي محور المسلم في الطاعة، فقد كان الصالحون عندما يقبل الليل يفرحون يحث يقفون بين يد ربهم عز وجل، فالليل سمير الصالحين.

وأوضح أن الصوم والقرآن يشفعان للمسلم يوم القيامة، فيقول الصوم يا رب منعته الطعام والشراب في النهار فشفِّعني فيه فيشفعه فيه، ويقول الصوم: منعته النوم بالليل فشفِّعني فيه فيشفعه فيه.

وبين مفتي الجمهورية أنَّ أول ما نزل من القرآن هو قول الله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، والقراءة شاملة لصنفين من العلم علم الأكوان والعلم المسطور، وعندما نزلت هذه الآيات على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ارتجف، وذهب مسرعًا إلى زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها.

وقال: "إن في هذا الموقف إشارةً مهمة وهي أن الزوج والزوجة هما محل الطمأنينة والراحة وحل المشكلات أحدهما للآخر، ولذلك أول ما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذهب مباشرة إلى زوجه السيدة خديجة رضي الله عنها لأنها محل السكن والمودة، وهي بدورها طمأنته طمأنة شديدة وعددت له الخصال الطيبة التي فيه ليطمئن قلبه، فقالت له: والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر.

وأضاف فضيلته أن في هذا إشارة إلى أهمية صلة الأرحام وخاصة في رمضان بأي وسيلة من الوسائل حتى من قاطعنا من الأرحام فلنكن نحن البادئين بالسلام والصلة.

وتابع: "نحتاج إلى هذه اللمسة النبوية بأن تكون الزوجة بالفعل هي الملاذ الحقيقي للزوج، وأن يكون الزوج هو الملاذ الحقيقي للزوجة فلا غنى لهما عن بعضهما البعض".

وأكد مفتي الجمهورية أن آية {اقرأ باسم ربك الذي خلق} هي دعوة حقيقية للعلم عامة بكافة فروعة وليس العلم الشرعي فقط، ولكن كل العلوم، فلا يمكن لأمة أن تسود أو تتحضر إلا إذا كان معها سلاح العلم، فهو الأساس، ولذلك يستوي العلم الشرعي مع الدنيوي والتطبيقي في الأجر والثواب، فكل علم يؤدي إلى التحضر والتطور ونفع الإنسانية هو علم نافع.

ووجه المفتي حديثه إلى طلبة الجامعة قائلًا: "اعلموا بأن العلم الذي تتعلمونه هو داخل في دائرة الشرع الشريف والأمر الإلهي في كل تصاريف العلوم، فالله سبحانه وتعالى يقول: {قل سيروا في الأرض فانظروا}، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالتعلم والتدبر للعلوم المختلفة.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن العلماء الأوائل القدامى كانوا أساتذة في كل فن، فجمعوا علوم الدين والدنيا، وضرب فضيلته مثلًا بأحد علماء المغرب والأندلس هو ابن رشد الذي كانت عائلته كلها عائلة علمية، فكان الجدَّ والابن والحفيد من العلماء، وكان ابن رشد الحفيد يجمع بين العلوم المختلفة الشرعية والدنيوية، فله مؤلفات في الفقه والطب والقضاء.

وقال فضيلة المفتي: "نحن في إطار فهمنا للشرع الشريف ندرك أن كل العلوم التي تؤدي إلى السمو بالنفس وتعمير العلاقة بين الإنسان وربه وتحقيق مصالح البلاد والعباد هي داخلة في إطار الشرع الشريف".

وأوضح أن كل المبتكرات والمخترعات الحديثة هي سلاح ذو حدين، وينبغي أن تكون الأخلاق هي السقف الذي يضبط علاقتنا بها، لأننا إذا فقدنا البوصلة الأخلاقية فقدنا كل شيء، فلا بد مع التقدم الطبي والعلمي أن ينضبط بإطار الأخلاق فهي سلاح ذو حدين إذا لم تستخدم استخدامًا صحيحًا فلا تؤدي إلى منفعة، وضرب فضيلته مثلًا بمواقع التواصل الاجتماعي التي قد تستخدم في قضاء حوائج الناس ولكن قد تؤدي إلى تزييف الوعي كذلك، فغالبية ما يأتينا من مشكلات زوجية في دار الإفتاء وحالات الطلاق كانت نتيجة عن سوء استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وقد رصدنا ذلك من خلال الفتاوى التي تأتينا.

وأشار المفتي إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي حجمت القراءة، قائلًا: "نحتاج إلى إفاقة مرة أخرى خاصة في وسط الشباب، ولدينا كأبناء مصر قدرة كبيرة لا حد لها بأن نتفوق وأن نعلوا ونحقق الطريق الذي نمشي فيه، فالعقل المصري بارع ولكنه يحتاج إلى همة واستنهاض، فالإنسان العربي للأسف لا يقرأ بالقدر الكافي مقارنة بالدول الأخرى، رغم أن أول آية نزلت هي اقرأ".

قيمة مصر في القرآن الكريم

وحول قيمة مصر في القرآن الكريم أكد المفتي أن القرآن احتفل بمصر وكأن القدر تحدث من قديم الزمان عن مصر، وأن هذا البلد هو الركيزة حتى وإن أصابه المرض بعض الشيء ولكن هذا المرض لا يؤدي إلى الموت.

وأشار إلى أن  الإمام السيوطي قال إن هناك أكثر من ٣٥ موضعًا ذكرت فيها مصر بالتصريح والتلميح، فالنص القرآني الكريم احتفى احتفاءً كبيرًا بها، مضيفًا أن النبي حين كان يجلس مع صحابته الكرام كان يقول: إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندًا كثيفًا فإنهم خير أجناد الأرض. وعندما سأله أبو بكر الصديق: لماذا يا رسول الله؟ قال له لأنهم وأهليهم في رباط إلى يوم القيامة. كما بشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجندي المصري بأنه ليس محل الفتنة وأنه خير أجناد الأرض.

وأكد مفتي الجمهورية أن الإنسان المصري لا بد أن يكون في وعي تام في ظل التحديات الشديدة التي تحيط بنا، وأنه ينبغي التدقيق فيما نقرأ من أخبار ومعلومات ولا بد من سؤال المتخصصين، موجهًا تساؤلات إلى الشباب الحضور من طلبة الجامعة: "كم مرة دققت في المعلومات التي تقرؤها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكم مرة تلقيت معلومة ربما تهدم اقتصاد الدولة لو أنها أشيعت وهي غير صحيحة؟ كم مرة توجهت إلى علماء الاقتصاد للتحري والتدقيق؟ وكذلك في مجال الطب؟!".

وقال فضيلة المفتي: "التحدي الكبير الذي يواجهك كشاب أمام هذا الطوفان الشديد من المعلومات التي تأتي إليك، هو أن تكون يقظًا وواعيًا، حتى التحديات الخارجية تحتاج منك أن تكون مطلعًا عليها حتى لا يوسوس إليك أحد بشيء على غير الحقيقة".

واختتم المفتي محاضرته بدعاء الله عز وجل لمصر بالأمن والأمان والسلم والسلام والتقدم والرخاء، وهو ما يتطلب كذلك الأخذ بالأسباب والاجتهاد من أجل ذلك.

كما توجه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى لأهل فلسطين وغزة بأن يمنَّ الله عليهم بالصبر والسكينة والنصر والعزيمة وأن يثبِّتهم ضد الصهاينة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام هيئات الإفتاء القران الكريم رمضان المسلم التواصل الاجتماعی مفتی الجمهوریة القرآن الکریم أن تکون إلى أن

إقرأ أيضاً:

رقية رفعت تحصد المركز الأول عالميًا في حفظ وتلاوة القرآن برواية حفص بالمسابقة العالمية للقرآن الكريم

أعربت رقية رفعت عبد الباري زغلول، ابنة قرية الكوم بمركز رشيد بمحافظة البحيرة والفائزة بالمركز الأول في المسابقة العالمية للقرآن الكريم، عن سعادتها الغامرة بهذا الفوز المشرف الذي يعد تتويجا لسنوات طويلة من المثابرة الجهد والاجتهاد في حفظ كتاب الله وتعلم علومه.

وحصلت رقية على جائزة مالية قدرها مليون جنيه نظير فوزها في فرع حفظ القرآن الكريم كاملا برواية حفص وتجويده، ضمن فعاليات النسخة الثانية والثلاثين من المسابقة التي تنظمها وزارة الأوقاف سنويا، والتي تعد إحدى أكبر المسابقات الدولية من حيث عدد المشاركين وقيمة الجوائز.

وتحدثت رقية في تصريحات خاصة لـ«الوفد»، مؤكدة أنها بدأت رحلتها مع القرآن الكريم في سن مبكرة، حيث شرعت في الحفظ وهي في الخامسة من عمرها، وأتمت حفظه كاملًا قبل بلوغها العاشرة.

وأشارت رقية بأنها التحقت بالكتاب فى قرية ديبي وهي في الخامسة من عمرها، وتمكنت من ختم القرآن الكريم كاملة في سن العاشرة، بدعم كبير من أسرتها، وبخاصة خالها الشيخ عبد الحليم المسلماني، الذي كان ملازما لها في الحفظ والتعليم.

كما وجهت رقية شكرها العميق لخالها الذي كان صاحب الفضل الأكبر في رحلتها مع القرآن، ولأسرتها التي أحاطتها بالدعم والتشجيع، فضلًا عن مشايخها في قرية ديبي ورشيد والمحمودية وإدفينا، الذين كان لهم دور بارز في تعليمها وصقل مستواها حتى وصلت لهذا التفوق المشرف.


حصلت رقية على شهادة الثانوية الأزهرية بمجموع 94.5%، واختارت هي وأسرتها طريق الالتزام بخدمة كتاب الله، فالتحقت بكلية الدراسات الإسلامية قسم الشريعة، حيث حققت تفوقا لافتًا بحصولها على المركز الثاني على دفعتها بتقدير امتياز.

وشاركت رقية في العديد من المسابقات المحلية والدولية، وكانت غالبا تحصد المركز الأول بجدارة، كما مثلت مصر في المملكة الأردنية الهاشمية عام 2019، وتمكنت من تحقيق المركز الرابع عالميا، لتواصل بذلك مسيرتها الحافلة بالإنجازات.

 

وتخرجت في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فرع الإسكندرية، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 2018، وهو ما يعكس مستوى تفوقها العلمي بجانب تميزها في مجال الحفظ والتجويد.


ووجهت رقية مناشدة إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بأن يصدر قرارًا بتعيينها معيدة في الجامعة، حتى تواصل كما تقول خدمة القرآن الكريم وعلومه، وأن تسهم في تخريج جيل جديد من الحافظات والباحثات في هذا المجال الشريف.
 

وأكدت رقية أن ها الحلم لطالما راودها، وأن تتويجها العالمي يمنحها دافعًا أكبر للاستمرار في طريق الدعوة وحمل رسالة القرآن.

وعن حياتها الأسرية، أوضحت رقية أنها متزوجة وتبلغ من العمر 29 عاما، ولديها طفلان: محمد 7 سنوات ويزن 3 سنوات، مشيرة إلى أنها تحرص على تحفيظهما القرآن الكريم منذ الصغر.

وتابعت رقية أنها تحافظ على ورد يومي ثابت، وتتم مراجعة القرآن كاملًا مرتين شهريا، بينما تكثف المراجعة قبل المسابقات لتكون كل يومين أو أربعة أيام، مؤكدة أن فضل الله عليها كبير، وأن ما وصلت إليه يُعد اصطفاءً إلهيًا وتوفيقا من رب العالمين.

كما كشفت عن حصولها على العديد من الجوائز المحلية والدولية خلال السنوات الماضية، وأن شقيقتها الصغرى تحفظ القرآن الكريم كاملا أيضًا، ما يعكس البيئة القرآنية التي نشأت فيها أسرتها.


وأضافت رقية رفعت موضحة أن منزلة أهل القرآن عظيمة عند الله تعالى، فهم كما ورد في السنة النبوية من خاصته وأحبائه. واستشهدت بما رواه النسائي وابن ماجه عن أنس  رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله أهلين من الناس"، فقيل ومن هم يا رسول الله، قال: “أهل القرآن هم أهل الله وخاصته”.


وعبرت رقية رفعت في تصريح لها عن بالغ سعادتها بهذا التتويج، مؤكدة أن شعورها لا يوصف، وقالت: "الحمد لله على نعمة القرآن الكريم، ففوزي بالمركز الأول في المسابقة العالمية للقرآن الكريم هو شرف كبير لي، لأنه في ميدان القرآن، وهذا فضل واصطفاء من الله تعالى".

كماوجهت رقية الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على رعايته الكريمة لأهل القرآن ودعمه المتواصل لهذه المسابقة العالمية.

 


وشهدت المسابقة العالمية هذا العام مشاركة واسعة من مختلف الدول، وتصدرت مصر المراكز الأولى، حيث أعلنت وزارة الأوقاف منح الفائز بالمركز الأول جائزة قدرها مليون ومئة وخمسون ألف جنيه، ضمن إجمالي جوائز بلغت 13 مليون جنيه، وهي الأكبر في تاريخ المسابقة.

ومن المقرر أن يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكريم الفائزين خلال احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر في شهر رمضان المبارك، في تقليد سنوي يعكس اهتمام الدولة بحملة كتاب الله.

1000239146 1000239147 1000239153

مقالات مشابهة

  • ما هي أدعية سيدنا موسى كما وردت في القرآن الكريم؟
  • مساعد المفتي العام يُكرِّم الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بنخل
  • محافظ الغربية يهنئ الفائزين في الدورة 32 للمسابقة العالمية للقرآن الكريم
  • يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن الكريم
  • محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة 32 للمسابقة العالمية للقرآن الكريم
  • محافظ الغربية يهنئ الفائزين في الدورة الــ32 للمسابقة العالمية للقرآن الكريم
  • رقية رفعت تحصد المركز الأول عالميًا في حفظ وتلاوة القرآن برواية حفص بالمسابقة العالمية للقرآن الكريم
  • حكم ترك صلاة الجمعة بسبب البرد الشديد والمطر.. مفتي الجمهورية يوضح
  • حكم إخراج الزكاة في تسقيف البيوت.. مفتي الجمهورية يوضح
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور ثروت مهنا أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر