بتأييد غالبية الأعضاء وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، اعتمد مجلس الأمن الدولي، الإثنين، قرارا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال ما تبقى من شهر رمضان، أي لمدة أسبوعين فقط، تحترمه جميع الأطراف، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن. 

ووافق أعضاء مجلس الأمن بغالبية 14 صوتاً، مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، على القرار الذي أُعطي الرقم 2728 والذي أعدّته الدول العشر غير الدائمة العضوية: الجزائر، والإكوادور، وسلوفينيا، وسويسرا، وسيراليون، وغويانا، وكوريا الجنوبية، ومالطا، وموزمبيق واليابان.

وفور إعلان النتيجة، علا التصفيق في قاعة مجلس الأمن، وهو أمر نادر الحدوث عند التصويت على القرارات.

ويأتي هذا التوافق بمثابة اختراق هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب قبل زهاء ستة أشهر، وبعد إخفاقات متكررة بسبب رفض الولايات المتحدة هذه اللغة الصريحة لوقف القتال ما لم تقترن بشروط عدة، أبرزها التنديد الواضح بهجوم «حماس» ضد إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

في إطار مطالبته بالإفراج عن جميع الرهائن، طالب القرار بكفالة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية، وبامتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم.

ويشدد القرار على الحاجة الملحة لتوسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم. ويكرر تأكيد مطالبته برفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع.

وفي مستهل الجلسة تحدث المندوب الموزمبيقي الدائم لدى الأمم المتحدة بيدرو كوميساريو أفونسو نيابة عن الدول العشر، داعياً كل الدول إلى تأييد المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار.

وتبعه المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا الذي اعترض على محاولات الولايات المتحدة إدخال تعديلات على نص القرار. وإذ عبر عن «الحزن والخيبة» بسبب «الطريقة التي تم بها العمل على مشروع القرار خلال الساعات الـ24 الماضية»، مشيراً إلى التعديل الذي طلبه المفاوضون الأميركيون واستبدال كلمة «دائم» المتعلقة بوقف النار «بصياغة أكثر ضعفاً».

وقال إن «هذا أمر غير مقبول»، منتقداً «ترك مساحة واسعة للغاية للتفسير؛ الأمر الذي قد يسمح لإسرائيل باستئناف عمليتها العسكرية في قطاع غزة في أي لحظة، بعد انتهاء وقف إطلاق النار». وطلب من أعضاء المجلس العودة إلى الصياغة كما جاءت في المنطوق الأول.

وحيال هذا المطلب الروسي، طلب رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب يامازاكي كازويوكي التصويت على اقتراح نيبينزيا الذي لم يحصل على تأييد إلا من ثلاث دول، في حين عارضته الولايات المتحدة، وامتنعت الدول الـ11 الأخرى عن التصويت.

ويتألف القرار 2728 من ثلاث فقرات عاملة. وتنص الأولى على أن مجلس الأمن «يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه كل الأطراف بما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار». كما «يطالب بالإطلاق الفوري وغير المشروط لجميع الرهائن، فضلاً عن ضمان وصول المساعدات الإنسانية لتلبية حاجاتهم الطبية وغيرها من الحاجات الإنسانية». وكذلك «يطالب بأن تمتثل الأطراف بالتزاماتهما بموجب القانون الدولي في ما يتعلق بجميع الأشخاص المحتجزين لديها».

أما الفقرة الثانية فتنص على أن المجلس «يشدد على الحاجة الملحة إلى توسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين وتعزيز حمايتهم في قطاع غزة بأكمله»، مكرراً «مطالبته برفع كل الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع، بما يتماشى والقانون الإنساني الدولي، وكذلك القراران 2712 و2720»، اللذان أُقرّا في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 و22 ديسمبر (كانون الأول) 2023 على التوالي.

وإذ تكتفي الفقرة الأخيرة بأن المجلس يبقي المسألة قيد نظره، فإن ديباجة القرار تشير إلى كل القرارات السابقة لمجلس الأمن ذات الصلة بالحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين. وعوض استخدام عبارة «التنديد»، يعبّر المجلس عن «استهجان كل الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، وكذلك كل أعمال العنف والأعمال العدوانية ضد المدنيين، وكل الأعمال الإرهابية»، مذكراً بأن «أخذ الرهائن محظور بموجب القانون الدولي».

وبعد التصويت، طالب المندوب الجزائري عمار بن جامع أعضاء المجلس بالعمل فوراً على تطبيق القرار 2728. وقال بن جامع، أحد مقدمي مشروع القرار، "أخيرا يرتقي مجلس الأمن لحجم المسؤوليات التي تقع عليه باعتباره المسؤول الأول عن حفظ السلم والأمن الدوليين ويستجيب لمطالب الشعوب والمجموعة الدولية". موجها الشكر لجميع أعضاء المجلس على المرونة والعمل البناء الذي مكنهم من اعتماد قرار طال انتظاره يطلب وقف إطلاق النار في غزة فورا "من أجل وضع حد للمجازر التي لا تزال للأسف مستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر، ذاق خلالها الشعب الفلسطيني كل أشكال العذاب والمعاناة".

وأضاف "لقد استمر حمام الدم طويلا وبأشكال بشعة وأصبح من الواجب وضع حد له قبل فوات الأوان". وأكد أن اعتماد قرار اليوم ما هو إلا بداية نحو تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، مضيفا "نتطلع إلى التزام المحتل الإسرائيلي بهذا القرار وأن يتوقف القتل فورا ومن دون شروط وتُرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني".

وأكد أن بلاده ستعود قريبا لتخاطب مجلس الأمن مرة أخرى حتى تكون دولة فلسطين في مكانها الطبيعي عضوا كاملا وسيدا بالأمم المتحدة.

وطالبت نظيرته الأميركية أعضاء المجلس بالضغط على «حماس» من أجل «القبول بالاتفاق المطروح على الطاولة»، مضيفة إن وقف النار يمكن أن يبدأ «فوراً» بعد إطلاق أول رهينة. وانتقد المندوب الروسي ترك مساحة قابلة للتفسير المختلف لوقف النار بعد رمضان.

ولاحظ المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن القرار هو «نقطة تحوّل» في موقف مجلس الأمن. وبدا عليه التأثر الشديد؛ إذ أمل في وقف «المقتلة المتواصلة منذ عقود ضد الأمة الفلسطينية»، معلناً تأييده نص القرار «الأول الذي يعتمد منذ بداية هذا العدوان على أهلنا في غزة، يدعو إلى وقف إطلاق نار فوري». ورفض التحذيرات من أن القرار يؤثر على سير المفاوضات الجارية، قائلاً إنه «إذا كان يؤثر، فسيؤثر إيجاباً وليس سلباً؛ لأن وقف إطلاق النار هو لإنقاذ حياة الأبرياء والمدنيين الفلسطينيين في غزة، وخاصة في شهر رمضان، والمفاوضات مستمرة في الدوحة ومستمرة في القاهرة وأماكن أخرى لتنجز ما يتناقش بشأنه المتفاوضون». وأضاف إن «هذه ليست حجة جدية، وقف إطلاق النار ينقذ الأبرياء، يوصل المساعدات الإنسانية لهم، والمفاوضات مستمرة».

في المقابل، وصف المندوب الإسرائيلي جلعاد أردان القرار بأنه «عار» على مجلس الأمن.

وعلى الأثر، أعلن نتنياهو إلغاء زيارة وفد إسرائيلي رفيع إلى واشنطن احتجاجاً على عدم استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لمنع مجلس الأمن من المطالبة بـ«الوقف الفوري لإطلاق النار»، متهماً إدارة بايدن بـ«التراجع» عما عدّه «موقفاً مبدئياً» من خلال السماح بإصدار القرار من دون اشتراط إطلاق الرهائن المحتجزين لدى «حماس».

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة الولایات المتحدة وقف إطلاق النار لإطلاق النار أعضاء المجلس مجلس الأمن فی غزة

إقرأ أيضاً:

كيف رد نتنياهو على مقترح بايدن بوقف إطلاق النار في غزة؟

علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الاقتراح الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وأصر على أن الجيش الإسرائيلي سيواصل القتال حتى يقضي على قدرة الجماعة الفلسطينية التي تحكم غزة.

الحرب لن تنتهي حتى تتحقق جميع أهدافها

ونقلت صحيفة «الجارديان» البريطانية عن مكتب نتنياهو إنه فوض فريقه المفاوض بتقديم الاتفاق، مع إصراره على أن الحرب لن تنتهي حتى تتحقق جميع أهدافها، بما في ذلك عودة جميع الرهائن، والقضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية.

وتبدأ الخطة التي أعلنها بايدن بوقف كامل لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع وانسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وإعادة إعمار المنطقة، وقال الرئيس الأمريكي: «لقد حان الوقت لكي تنتهي هذه الحرب وأن يبدأ اليوم التالي».

حماس لديها وجهة نظر إيجابية تجاه وقف إطلاق النار

يأتي ذلك بعد أن أعلنت حركة حماس أن لديها وجهة نظر إيجابية تجاه اقتراح وقف إطلاق النار المكون من ثلاث مراحل، والذي أعلنه الرئيس الأمريكي من أجل هدنة دائمة في غزة.

مقالات مشابهة

  • عمار الدويك: الولايات المتحدة تعطل أي قرار لفرض عقوبات على إسرائيل
  • الشرطة الفرنسية: تظاهر نحو 22 ألف شخص في باريس للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة
  • وزير الدفاع الأمريكي: سننعم بالأمان حال انتشار الأمن في آسيا
  • مجلس الأمن يجدد إجراءات حظر السلاح المفروضة على ليبيا
  • كيف رد نتنياهو على مقترح بايدن بوقف إطلاق النار في غزة؟
  • الصين والدول العربية تطالب بوقف فوري ودائم للنار بغزة
  • حماس: ننظر بإيجابية إلى دعوة بايدن بوقف إطلاق النار في غزة
  • لازاريني يطالب الاحتلال بوقف حملته ضد الأونروا
  • لازاريني يطالب إسرائيل بوقف حملتها ضد أونروا
  • واشنطن ترفض مشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن لوقف الهجوم على رفح لهذا السبب