فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د.كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
- في قوله تعالى: « وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ» من هما المقصودان في كلام الكفار هنا؟
هذه الآية الكريمة تبكت الكفار في العذاب يوم القيامة وتحكي ما يصدر منهم على سبيل التحقق ولذلك ابتدأت الآية الكريمة بقوله تعالى «وقال الذين كفروا» بصيغة الماضي التي تفيد تحقق ذلك وكأنه واقع لا محال وفيه من التبكيت والوعيد بالمشركين ما لا مزيد عليه، ثم حكى قولهم «رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ» والذي يدل عليه السياق، وقاله عدد كبير من أهل التفسير، إن المقصود بالتثنية هنا صنفان، صنف المضلين من الإنس وصنف المضلين من الجن بهذا الإطلاق والعموم، ومنهم من عبر بفريق المضلين من الإنس وفريق المضلين من الجن، فإن غواية هذا الإنسان من جملة أسبابها الاستجابة لأهل الضلال،
ولوساوس الشيطان، فالاستجابة لهذه الوساوس من الفريقين هي التي أفضت بالعبد إلى العذاب والعياذ بالله، ويحكي ربنا تبارك وتعالى عن هؤلاء أنهم في الآخرة لا يرون كبار المجرمين وكبار المضلين الذين تسببوا لهم في الغواية في جملة ما تسببوا فيه فكأنهم يبحثون عنهم ثم يطلبون من ربهم تبارك وتعالى، أن يريهم إياهم لمزيد من الإهانة والإذلال لهم بأن يجعلهما الله تعالى أي أن يجعل الصنفين تحت أقدامهم ليكونا من الأسفلين.
ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود بهذه التثنية إبليس؛ لأنه أصل العصيان وأصل الكفر، وابن آدم الذي قتل أخاه وهو كما يقولون قابيل لكن هذا القول مع انتشاره عند عدد من مفسري السلف، إلا أنه لا يصلح لهذا السياق على الصحيح؛ لأن الحديث إنما هو عن كل المكلفين الذين أصابتهم الغواية وانحرفوا عن طريق الهداية، فيحكي الله تبارك وتعالى هذا عن مجموعهم ولذلك تنبه كثير من المفسرين إلى أن المقصود إنما هو كل من أضل غيره من الجن والإنس وأنزلهم منزلة الفريقين، ففريق الإنس لأنهم متحدون في أسباب الغواية والإضلال وفريق الجن كذلك متحدون في إحداث الغواية والإضلال للمكلفين. والله تعالى أعلم.
- رجل لديه مبلغ من المال أعده لبناء البيت حان الآن وقت زكاته، ويريد بعد رمضان أن يشتري المكيفات واللوازم الأخرى، فهل يخرج الزكاة؟
إذا كان أعده فقط، ولم يدخل في عقود، ولم يتعلق بذمته حق لغيره في هذا المال فإنه في هذه الحالة يزكي هذا المالك؛ لأنه في ملكه يتصرف فيه كيف يشاء وملكه له ملك تام، فإن كان بلغ النصاب وحال عليه الحول فإن عليه أن يزكي هذا المال والله تعالى أعلم.
- ما معنى قوله تعالى «وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ» ؟
هذا الجزء من الآية جاء بعد بيان المحرمات من النساء فالله تبارك وتعالى يقول: « وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» فالمقصود هو إثبات حكم الصداق فالله تبارك وتعالى يقول: « وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً» فيلزم الله تبارك وتعالى الأزواج بأداء هذه المهور إلى النساء، وفريضة قيل بأنها فرض واجب لازم لهن عليكم وقيل بأن فريضة بمعنى مقدرة، إذن أثبت حكم لزوم الصداق للنساء من الرجال في مقابل الاستمتاع بهن.
ثم قال « وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» وهذا يمكن أن يكون بصورتين يمكن أن يكون بأن تعفو المرأة عن بعض الفريضة الثابتة لها، أو أن يزيد الرجل تفضلا منه فوق الفريضة فهذا هو المقصود، فلا نكاح إلا بصداق، فلا جناح عليهم فيه لا حرج ولا إثم عليهم في ذلك.
قيل إن الآية تشمل أيضا ما كان من أمر المتعة حينما كانت مباحة ذكر هذا طائفة من المفسرين أن الآية تشمل أيضا ما يتعلق بزواج المتعة قبل نسخه إذ الصحيح أن نكاح المتعة قد ثبت نسخه ورفع حكمه ولكنهم حملوا الآية أنها تشمل أيضا حكم نكاح المتعة وأنه يتعلق بزواج المتعة أن للمستمتع بها الفريضة الصداق، فإذا تراضوا فيما بعد على الزيادة فإنه يزيد لها في الفريضة، لكن حكم المتعة كما تقدم قد نسخه ورفع حكمه وثبت النهي عنه بأدلة من كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما في كتاب الله تعالى فمن مثل قوله: « وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ» جاء الاستثناء للأزواج النساء وملك اليمين والمرأة المستمتع بها ليست من هذين.
وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عنها عليه الصلاة والسلام في عام خيبر، والله تعالى أعلم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الله تبارک وتعالى الله تعالى
إقرأ أيضاً:
ثواب حسن معاملة الخادم في الإسلام.. علي جمعة يكشف عنها
تحدث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن معاملة الخادم في الإسلام، منوها أن السنة النبوية أرست حسن معاملة الخادم وأقرت مساواته بغيره إنسانيا.
وقال علي جمعة، في منشور له، إنه ورد عن المعرور قال لقيت أبا ذر بالربذة ، وعليه حلة ، وعلى غلامه حلة ، فسألته عن ذلك ، فقال إنى ساببت رجلا ، فعيرته بأمه ، فقال لى النبى - صلى الله عليه وسلم - : « يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية ، إخوانكم خولكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم » (البخاري).
وفيه نبذ لكل قول أو فعل فيه إشارة إلى عدم احترام كرامة الإنسان، مهما دنت منزلته، ويبدو أن الذي دفع التابعي لسؤال الصحابي أن ملابس أبي ذر وملابس غلامه قد تطابقت في المنظر والهيئة، مما يعكس مدى تشرب الصحابة للقيم الأخلاقية العالية التي دربهم عليها رسول الله.
وعن أبي سعيد قال: كانت سوداء تقم المسجد، فتوفيت ليلا، فلما أصبح رسول الله أخبر بموتها، فقال: «ألا آذنتموني بها». فخرج بأصحابه فوقف علي قبرها فكبر عليها والناس من خلفه، ودعا لها، ثم انصرف. (سنن ابن ماجة).
وفيه بيان النبي أهمية أن يعرف المسلم من يقومون على خدمته ويحترمهم ويقدر فعلهم، فقد كان النبي يسأل عن أصحابه جميعا سواء منهم من كان شريفا أو ضعيفا، سأل عن منظفة المسجد، وشعر بفقدها، وحزن لموتها، وأنب أصحابه ولامهم على تصغيرهم شأنها وكتمان موتها عنه، ثم أخذ أصحابه وخرج إلى المقابر فاستدل على مكانها فأوقفهم وراءه وصلوا عليها.
كما أن فيه تدريب عملي للصحابة على احترام الآخر مهما صغرت مكانته الاجتماعية، وهذه المرأة التي كانت تنظف المسجد، لم يثبت لها التاريخ صفة غير تنظيف المسجد، ولكنهم بعد فعل النبي رسخ في نفوسهم معنى المساواة بين الآدميين، وأنه ليس في منهج الإسلام فرق بين أفراد أمته، فكلهم لآدم، وكلهم من تراب.