معاناة صنعاء اليمنية متواصلة مع المآسي والدمار
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
دخلت الحرب في اليمن عامها العاشر، مخلفة الكثير من المآسي والدمار، وأصبح معظم سكانه البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة يعتمدون بشكل رئيسي على المساعدات الخارجية في إحدى "أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم"، وفق الأمم المتحدة.
وفي مارس/آذار 2015، بدأت الحرب بين القوات الموالية للحكومة الشرعية مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي المدعومة من إيران، عقب سيطرة الحوثيين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014.
ورغم بدء مسار سياسي للوصول إلى تسوية في الشهور الأخيرة، لم تستطع المحافظات الخاضعة للحوثيين، لاسيما صنعاء، التقاط أنفاسها.
إذ بدأ تحالف غربي تقوده الولايات المتحدة قصف مواقع عديدة في صنعاء بصورة شبه يومية منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك ردا على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ضد السفن المرتبطة بإسرائيل.
و"تضامنا مع غزة" التي تواجه حربا إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن الشحن المرتبطة بإسرائيل، مؤكدين العزم على مواصلة عملياتهم حتى إنهاء الحرب على القطاع.
ومع قتامة المشهد العام للأوضاع في اليمن نتيجة حالة التشظي والتباين في مواقف أطراف النزاع، إلا أن الشعب اليمني، وبالأخص سكان العاصمة صنعاء، يتوقون إلى توقف الحرب التي حولت حياتهم إلى جحيم.
** حزن كبير
يخيم الحزن على وجه الطفلة منار حمود عبد الواسع (14عاما) التي وجدت نفسها وحيدة في الحياة بعد فقدانها جميع أفراد أسرتها (أب وأم و3 إخوة)، إثر غارة جوية على منزلها، لتصبح في لمح البصر بلا منزل ولا أهل ولا إخوة.
وقالت منار، للأناضول، وهي تستذكر مأساتها التي وقعت قرب مطار صنعاء الدولي في أبريل/ نيسان 2017: "كنت صغيرة حينها ولم استوعب ما حصل، لكنني أتذكر لحظات إنقاذي من تحت الركام وصياحي بحثًا عن أمي وأبي وإخوتي".
وأضافت: "7 سنوات مرت منذ ذلك اليوم المشؤوم الذي فقدت فيه كامل أفراد أسرتي، شعرت حينها أن الدنيا اسودت في عيني وأغلقت الحياة أبوابها عني".
وتابعت: "كلما اشتد الشوق واستبد بي الحنين لأسرتي، افتح الجوال وأنظر بعينين دامعتين إلى صور أبي وأمي واخوتي عبدالواسع وعصام وندى، وأحكي لهم سنوات العذاب بفقدهم".
** حياة بلا قيمة
وترى المعلمة في ثانوية "العدوية للبنات" بصنعاء، منال المؤيدي، أن حياتها بسبب الحرب "صارت بلا قيمة أو فائدة، وليس فيها ما يحفز على المضي إلى الأمام".
وتابعت للأناضول: "أعيش مع زوجي الذي يعمل معلما أيضا وأطفالي الأربعة، في ضنكٍ وبؤس شديدين بعد انقطاع رواتبنا التي كنا نعتمد عليها في تسيير شؤون حياتنا اليومية".
وذكرت أن المعالجات الوقتية التي قدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، بتخصيصها مبالغ رمزية للمعلمين (مواصلات)، من أجل الحفاظ على استمرار العملية التعليمية في المدارس الحكومية "لم تجدِ نفعا".
وأفادت بأن "العملية التعليمية وصلت إلى أدنى مستوى لها، باستثناء المدارس الخاصة ومدارس البنات الحكومية التي لا زالت مستمرة لاعتمادها بشكل كبير على المساهمات المجتمعية لأولياء أمور الطالبات، أما مدارس الأولاد فمعظمها متوقفة".
وفي مايو/ أيار 2019، أعلنت السعودية والإمارات تقديم 70 مليون دولار لمنظمة اليونيسف لدفع مساعدات نقدية شهرية لنحو 137 ألف معلم في مناطق سيطرة الحوثيين.
** الحرب لا تأتي بخير
سالم ناجي أحمد، من سكان حي "بيت بوس" جنوبي العاصمة صنعاء، قال إنه عاش المعني الحقيقي للمقولة المعروفة بأن "الحرب لا تأتي بخير".
وأوضح سالم الذي كان يعمل في أحد القطاعات الخاصة، أنه عاش تلك المقولة "واقعا على الأرض، بعد أن حولت الحرب حياتنا إلى جحيم لا يطاق".
وأضاف للأناضول: "خلال الحرب مات مئات الآلاف، ودُمرت منازلنا ومدارسنا وطرقاتنا وأسواقنا، وانقطعت رواتبنا، وأصبح غالبية السكان يبحثون عمّا يسدون به جوعهم بين مقالب القمامة، أو التسول في الشوارع وعلى أبواب المساجد".
وتابع: "فقدت 5 من عائلتي، 3 منهم ماتوا بسبب القصف عندما كانوا يقضون احتياجاتهم في أسواق المدينة، فيما قضا اثنان نحبهما في الجبهات".
وأردف: "ازدادت أحوالنا المعيشية صعوبة، في ظل توقف العمل والاستغناء عن خدماتنا، وبتنا على باب الله في انتظار ما يتفضل به الناس علينا".
ولعدة مرات، حذرت الأمم المتحدة عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من حدوث مجاعة في اليمن في حال توقف المساعدات المنقذة لملايين الأرواح باليمن والذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
** نصف السكان بحاجة للغذاء
وأوضحت منظمة اليونيسف في بيان لها بتاريخ 26 مارس/ آذار الجاري، تزامنا مع دخول الحرب اليمنية عامها العاشر، أن أكثر من نصف السكان – 18.2 مليون شخص، بينهم 9.8 مليون طفل – بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.
وقالت إن "أكثر من 2.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بينما يعاني 49 في المائة من الأطفال دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن".
وذكرت المنظمة الدولية أنه ومنذ اندلاع المعارك عام 2015 "قُتل وأصيب أكثر من 11 ألف و500 طفل لأسباب مرتبطة بالنزاع".
ومنذ مدة تتكثّف مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء (شمال)، وجولات خليجية للمبعوثين إلى اليمن الأمريكي تيم ليندركينغ، والأممي هانس غروندبرغ.
وأواخر ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلن غروندبرغ التزام الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بمجموعة تدابير لـ"وقف شامل" لإطلاق النار في عموم البلاد، وتحسين ظروف معيشة المواطنين.
لكن غروندبرغ قدّم خلال إحاطة لمجلس الأمن في 15 مارس الجاري، صورة قاتمة لجهود حل الأزمة في اليمن، معتبرا أن "عملية الوساطة باتت أكثر تعقيدا".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن صنعاء معاناة اقتصاد الازمة اليمنية فی الیمن
إقرأ أيضاً:
إعلام مصري: عام على الضربات الإسرائيلية في اليمن.. تصعيد غير مسبوق وتحولات استراتيجية
مرّ عامٌ كامل منذ أول ضربة جوية مباشرة نفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد مواقع داخل اليمن، لتفتح البلاد المنهكة بالحروب والأزمات على جبهة صراع جديدة، بفعل ممارسات ميليشيا الحوثي وارتباطها بالأجندة التوسعية لإيران، بحسب مصادر عسكرية يمنية.
12 عملية إسرائيلية في 366 يومًا
منذ 20 يوليو 2024 وحتى 21 يوليو 2025، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية 12 عملية عسكرية استهدفت نحو 50 موقعًا حيويًا في اليمن، تركزت بشكل خاص في محافظة الحديدة، حيث كانت البداية والنهاية، وسط تنديد شعبي باستهداف البنية التحتية وتجنب ضرب القيادات الحوثية من الصف الأول.
ورغم ما تسببت به تلك الضربات من خسائر اقتصادية وبشرية فادحة، يتهم يمنيون إسرائيل بأنها تجنبت عن عمد استهداف مواقع حوثية ذات طبيعة استراتيجية، مما أثار جدلًا واسعًا حول أهدافها الحقيقية.
أبرز العمليات وأسماؤها
"الذراع الطويلة 1 و2": ضربات استهدفت الحديدة في يوليو وسبتمبر 2024.
"المدينة البيضاء": استهدفت صنعاء والحديدة في ديسمبر 2024 بموجتين متتاليتين.
العملية المشتركة: أول مشاركة لإسرائيل ضمن تحالف دولي بقيادة واشنطن ولندن في يناير 2025، طالت 30 موقعًا في صنعاء والحديدة وعمران.
"مدينة الموانئ" و"الجوهرة الذهبية": ضربات في مايو استهدفت الموانئ ومطار صنعاء وأدت لتدمير طائرات مدنية.
الهجوم البحري في يونيو: نفذته بارجة إسرائيلية في البحر الأحمر واستهدف موانئ الحديدة.
"الضربة النوعية": استهدفت اجتماعًا أمنيًا حوثيًا وأعلنت إسرائيل مقتل رئيس أركان الحوثيين اللواء محمد الغماري، قبل أن تتراجع لاحقًا.
"الجديلة الطويلة" (الضفيرة الطويلة): آخر العمليات في 21 يوليو/تموز 2025، وشهدت استخدام طائرات مسيّرة بدلًا من المقاتلات النفاثة.
ويحمل الاسم العام لهذه الحملة العسكرية تسمية "الحملة مستمرة"، وبدأ استخدامه منذ مايو.
الخسائر: بشرية واقتصادية جسيمة
وفق تقارير حقوقية، أسفرت الغارات عن مقتل 34 مدنيًا (بينهم 4 أطفال)، وإصابة 107 آخرين، إضافة إلى تدمير كامل لمطار صنعاء وثلاثة موانئ رئيسية، وتدمير 4 طائرات مدنية، وعدة منشآت حيوية في الحديدة وصنعاء وذمار وصعدة.
وقدّرت ميليشيا الحوثي الخسائر بـ2 مليار دولار، في حين يقول مراقبون اقتصاديون إن التكلفة الحقيقية تفوق هذا الرقم بكثير، نظرًا لحجم الأضرار.
رسائل متعددة.. وغياب الاستراتيجية
ورغم استمرار العمليات، يرى مراقبون أن تل أبيب لم تعتمد استراتيجية واضحة في استهداف قادة الحوثيين، ما يطرح تساؤلات حول غايات هذه الحملة، وما إذا كانت تهدف فعلًا لإضعاف الميليشيا أم مجرد توجيه رسائل سياسية لطهران عبر الساحة اليمنية.