هُنّ.. بنت الشاطئ.. عائشة عبد الرحمن فقيهة التجديد
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
"من طفلة صغيرة على شاطئ النيل في دمياط إلى دكتور للتفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، لتصبح كاتبة ومفكرة وباحثة ونموذجًا للمرأة المسلمة التي حررت نفسها بنفسها بالإسلام، إنها عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، صاحبة الآراء الفكرية المختلفة، واتخذت مواقف حاسمة دفاعًا عن الإسلام، فخلّفت وراءها سجلاً مشرفًا من السجالات الفكرية التي خاضتها بقوة.
بنت الشاطئ التي ولدت في مدينة دمياط في أوائل شهر نوفمبر عام 1913، ابنة لعالم أزهري، كان والدها مُدرسا بالمعهد الديني بدمياط، وهي أيضاً حفيدة لأجداد من علماء الأزهر فقد كان جدها لأمها شيخا بالأزهر الشريف، تلقت تعليمها الأولي في كُتّاب القرية، حيث حفظت القرأن الكريم كاملا، ثم أرادت بعدها الالتحاق بالمدرسة عندما كانت في السابعة من العمر، لكن والدها رفض ذلك، حيث كان من عادة الأسرة رفض خروج البنات من المنزل والذهاب إلى المدرسة.
تلقت عائشة عبد الرحمن بدلا عن ذلك تعليمها بالمنزل، وقد بدأ يظهر تفوقها ونبوغها في تلك المرحلة عندما كانت تتقدم للامتحان فتتفوق على قريناتها بالرغم من أنها كانت تدرس بالمنزل، حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929 وكان ترتيبها الأولى على القطر المصري، ثم حصلت على الشهادة الثانوية بعدها التحقت بجامعة القاهرة لتتخرج من كلية الآداب قسم اللغة العربية 1939، وكان ذلك بمساعدة أمها فوالدها كان يرفض ذهابها للجامعة.
بدأت عائشة عبد الرحمن الكتابة منذ عمر 18 عاما في مجلة النهضة النسائية ثم جريدة الأهرام فكانت ثاني امرأة تكتب بها بعد الأديبة مي زيادة، ألّفت بنت الشاطئ كتابا بعنوان الريف المصري في عامها الثاني بالجامعة، ثم نالت الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام 1941، تزوجت أستاذها بالجامعة أمين الخولي صاحب الصالون الأدبي والفكري الشهير بمدرسة الأمناء، وأنجبت منه ثلاثة أبناء وواصلت مسيرتها العلمية حتى نالت رسالة الدكتوراه عام 1950، وناقشها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، عملت مدرسًا للغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس بمصر، ومدرس زائر لجامعات أم درمان 1967م والخرطوم، والجزائر 1968م، وبيروت 1972م، وجامعة الإمارات 1981م وكلية التربية للبنات في الرياض 1975- 1983م.
تدرجت في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت دكتور للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب، حيث قامت بالتدريس هناك ما يقارب العشرين عامًا، ساهمت في تخريج أجيال من العلماء والمفكرين من تسع دول عربية قامت بالتدريس بها، قد خرجت كذلك مبكرًا بفكرها وقلمها إلى المجال العام؛ وبدأت النشر منذ كان سنها 18 سنة في مجلة النهضة النسائية، وبعدها بعامين بدأت الكتابة في جريدة الأهرام فكانت ثاني امرأة تكتب بها بعد الأديبة مي زيادة، فكان لها مقال طويل أسبوعي، وكان آخر مقالاتها ما نشر بالأهرام يوم 26 نوفمبر 1998.
وكان لها آراء فكرية شهيرة، واتخذت مواقف حاسمة دفاعًا عن الإسلام، فخلّفت وراءها سجلاً مشرفًا من السجالات الفكرية التي خاضتها بقوة، وكان أبرزها موقفها ضد التفسير العصري للقرآن الكريم ذودًا عن التراث، ودعمها لتعليم المرأة واحترامها بمنطق إسلامي وحجة فقهية أصولية، وموقفها الشهير من البهائية وكتابتها عن علاقة البهائية بالصهيونية العالمية، اختارت لقب بنت الشاطئ لأنه كان ينتمي إلى حياتها الأولى على شواطئ دمياط والتي ولدت بها، حتى توثق العلاقة بينها وبين القراء وبين مقالاتها والتي كانت تكتبها في جريدة الأهرام وخوفاً من إثارة حفيظة والدها كانت توقع باسم بنت الشاطئ أي شاطئ دمياط الذي عشقته في طفولتها.
تركت بنت الشاطئ وراءها أكثر من أربعين كتاباً في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، وأبرز مؤلفاتها التفسير البياني للقرآن الكريم، القرآن وقضايا الإنسان، تراجم سيدات بيت النبوة، الشخصية الإسلامية: دراسة قرآنية، ولها دراسات لغوية وأدبية وتاريخية أبرزها نص رسالة الغفران للمعري، الحياة الإنسانية عند أبي العلاء: لم خلقنا؟ وكيف نحيا؟ وإلى أين المصير؟، الخنساء الشاعرة العربية الأولى، مقدمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي، تحقيق رسالة الصاهل والشاحج، ولها أعمال أدبية وروائية أشهرها على الجسر.. سيرة ذاتية، سجلت فيه طرفا من سيرتها الذاتية، وكتبته بعد وفاة زوجها أمين الخولي بأسلوبها الأدبي، كتاب «بطلة كربلاء»، وهو عن السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وما عانته في واقعة عاشوراء في سنة 61 بعد الهجرة، ومقتل أخيها الحسين بن علي بن أبي طالب، والأسر الذي تعرضت له بعد ذلك، ومن مؤلفاتها بنات النبي، سكينة بنت الحسين، مع المصطفى، مقال في الإنسان، نساء النبي، أم الرسول محمد..آمنة بنت وهب، أعداء البشر، أرض المعجزات..رحلة في جزيرة العرب.
حصلت الدكتورة عائشة على الكثير من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية في الآداب في مصر عام 1978 م، وجائزة الحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية، والريف المصري عام 1956م، ووسام الكفاءة الفكرية من المملكة المغربية، وجائزة الأدب من الكويت عام 1988 م، وفازت أيضا بجائزة الملك فيصل للأدب العربي مناصفة مع الدكتورة وداد القاضي عام 1994، كما منحتها العديد من المؤسسات الإسلامية عضوية لم تمنحها لغيرها من النساء مثل مجمع البحوث الإسلاميةبالقاهرة، والمجالس القومية المتخصصة، وأيضاً أَطلق اسمها علي الكثير من المدارس وقاعات المحاضرات في العديد من الدول العربية، توفيت عائشة عبد الرحمن عن عمر يناهز 86 بسكتة قلبية في يوم الثلاثاء 11 شعبان 1419 هـ الموافق أول ديسمبر 1998م.
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: بنت الشاطئ
إقرأ أيضاً:
دعاء السيدة عائشة للرزق أوصاها النبي به .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل
دعاء الرزق من أعظم أبواب التضرع إلى الله سبحانه وتعالى، فهو تعبير صادق عن حاجة العبد لفضل ربه وسعة عطائه.
الرزق لا يقتصر فقط على المال، بل يشمل الصحة، والبركة، والذرية، وراحة البال، وكل ما يُصلح حال الإنسان في الدنيا والآخرة، ومن رحمة الله بنا أن فتح لنا باب الدعاء، ووعدنا بالإجابة، وخاصة في الأوقات المباركة مثل الثلث الأخير من الليل، حيث يُستحب الإلحاح في الطلب والتوسل بالأساليب النبوية المأثورة، وقد جاءت أدعية كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في طلب الرزق، منها ما علمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومنها ما ورد عن الصحابة والتابعين.
دعاء السيدة عائشة للرزقيُعد دعاء السيدة عائشة رضي الله عنها من الأدعية المهمة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في طلب الرزق والخير، وخصوصًا في الأوقات المباركة مثل الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: «أنا الملك أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟» ويستمر هذا النداء حتى يطلع الفجر، كما أخبر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
وقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء:
«اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء تقضيه لي خيرًا».
أدعية مستجابة في طلب الرزق
اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.اللهم صب لي الخير صبًا صبًا، اللهم وارزقني رزقًا طيبًا.اللهم لا تجعل بيني وبينك في رزقي أحدًا سواك، واجعلني أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك، وهب لي غنىً لا يطغى وصحةً لا تلهي.اللهم سخر لي رزقي، واعصمني من الحرص والتعب في طلبه، ومن شغل الهم، ومن الذل للخلق، اللهم يسر لي رزقًا حلالًا، وعجل لي به يا نعم المجيب.اللهم ارزقني رزقًا واسعًا حلالًا طيبًا من غير كدّ، واستجب دعائي من غير رد، اللهم إني أعوذ بك من الفقر والدين وقهر الأعداء.يا كريم، اللهم يا ذا الرحمة الواسعة، يا مطلعًا على السرائر والضمائر والهواجس والخواطر، لا يعزب عنك شيء، أسألك فيضة من فيضان فضلك، وقبضة من نور سلطانك، وفرجًا من بحر كرمك، فهب لنا ما تقر به أعيننا وتغنينا عن سؤال غيرك.اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.يا مقيل العثرات، يا قاضي الحاجات، اقض حاجتي، وفرج كربتي، وارزقني من حيث لا أحتسب.يا الله، يا رب، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، أسألك باسمك الأعظم أن ترزقني رزقًا واسعًا حلالًا طيبًا، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.اللهم يا باسط اليدين بالعطايا، سبحان من قسم الأرزاق ولم ينس أحدًا، اجعل يدي عليا بالعطاء ولا تجعلها سفلى بالاستعطاء، إنك على كل شيء قدير.