المسلة:
2025-08-12@01:32:54 GMT

حروب الشيعة .. سجال و طويلة

تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT

حروب الشيعة .. سجال و طويلة

24 يونيو، 2025

بغداد/المسلة:

د. علي المؤمن

لم يبدأ الشيعة يوماً حرباً على أحد، ولم يعتدوا على أحد، ولم يحتلوا يوماً أراضي الغير بمسوغ الفتوحات والغزوات الدينية، لكنهم إذا تعرّضوا للظلم والعدوان، يردّون بما لديهم من قوة وعزيمة وكرامة، بالشكل الذي يوجع العدو، ويهزمه آجلاً أو عاجلاً. ولا يتركون حقهم، ولو طال الزمن؛ لأن الشيعي لا ينسى ثأره؛ فهو منذ (1400) سنة يصرخ “يالثارات الحسين”، ويريد بصرخته الثأر لظلامات مدرسة أهل البيت، من الظالمين والمعتدين، أيّاً كانت عقائدهم وأديانهم.

وهذا ما يحدث الآن بكل تفاصيله، وخصوصاً خلال الأيام الأخيرة التي شهدت عدواناً إسرائيلياً – أمريكياً على الدولة الشيعية الأكبر. فقد وضع المعتدي سقفاً زمنياً لا يتجاوز أسبوعين، يقوم خلالهما بالقضاء على قيادات الجمهوية الإسلامية، وضرب بنيتها التحتية، وتدمير مشروعها النووي، وإرعاب شعبها، وصولاً إلى ضرب المشروع الشيعي العالمي برمته، لأنه هو الهدف الأصلي. ثم ينتهي كل شيء دون فعل ورد فعل إيراني أو شيعي.

وظنت أمريكا أنها، بقصف منشآت فردو ونطنز وإصفهان، ستُنهي الحرب بضربة خاطفة استعراضية، لتنقذ إسرائيل من المستنقع الذي تكاد تغرق فيه، بعد الضربات المدمّرة التي طالت كل شبر في الكيان. والحال أن أمريكا نفسها باتت تقترب من المستنقع، قبل أن تتمكن من إنقاذ إسرائيل.

على فرض أنهم دمروا بالفعل ثلاث منشآت نووية إيرانية؛ فهناك (11) منشأة أخرى لا تزال قائمة، ثلاثٌ منها لم تدخلها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا تعلم ما الذي يجري فيها. وكل هذه المنشآت تملك القدرة العلمية والتقنية على فرض واقع جديد يتمثل في تغيير العقيدة النووية الإيرانية، إن قرر المرجع الشيعي الحاكم.

وعلى فرض أنهم قتلوا تسعة علماء ذرة؛ فلا يزال هناك ما يقرب من (370) عالماً آخر، وأكثر من (1400) حامل شهادة دكتوراه أو طالب دكتوراه في الفيزياء النووية، جميعهم يتدرّبون في المنشآت النووية ومراكز الأبحاث، ولا تعرف المخابرات الأمريكية والإسرائيلية أسماءهم ولا أشكالهم.

وعلى فرض أنهم قتلوا ثمانية قادة عسكريين؛ فهناك أكثر من (1200) قيادي آخر يحملون رتب لواء وعميد وعقيد، وكلهم في قائمة البدلاء الاحتياطيين للقيادات الحالية.

وإيران، هذه القارة المترامية الأطراف، التي تضم أكثر من (600) مدينة (قضاء)؛ كيف يمكن تدميرها أو حتى تدمير جزء صغير منها؟

وفوق كل ذلك، العقيدة الدينية السياسية التي تحكم إيران، هذه العقيدة الصلبة القائمة على تعاليم القوة، والأمانة، وإباء الضيم، والإرادة الصلبة، والعزيمة، والعزة، والكرامة، والحكمة، والصبر، والنصر، والتضحية؛ كما أسس لها رسول الله، وفسّرها الإمام علي، وطبّقها الإمام الحسين.

هذه العقيدة ليست مجرد عقيدة حاكمة نظرياً، بل هي تسري في شرايين النظام وعروقه، وتطبع عقله وقلبه وسلوكه، وهي عقيدة البلد بأسره، كما هو حال كل المجتمعات الشيعية في كل بلاد العالم. ويضمن كل ذلك وجود المرجع الشيعي، الولي الفقيه العادل الكفء المنتخب شعبياً، الذي يقف على رأس النظام والبلاد.

المستغرَب أن إسرائيل وأمريكا، رغم كل ما تمتلكانه من أجهزة استخباراتية ومراكز دراسات، لا تستطيعان أن تفهما هذه الحقائق بعمق، وفي مقدمتها إسقاطات العقيدة الشيعية على الواقع الشيعي، وجزء منها عقيدة الحرب عند الشيعة، والفرق بينها وبين عقيدة الحرب عند غيرهم!

مثلاً؛ في كل حروب إسرائيل مع الجيوش العربية، لم تكن الحرب تستمر سوى بضعة أيام، وتنتهي باستسلامٍ مذل لهذه الجيوش، بعد تعرّضها لهزيمة نكراء، واحتلال إسرائيل أراضي جديدة، تفوق أحياناً مساحة الكيان نفسه.

لكن في حروب إسرائيل مع الشيعة في لبنان واليمن وإيران، منذ العام 1982 وحتى الآن، تستمر الحروب لفترات طويلة، وبكل ضراوة، وتنتهي بفشل الكيان الإسرائيلي وهزيمته على الأرض، رغم أنه مدعوم دعماً مطلقاً من أمريكاً والغرب، ورغم أن الشيعة في لبنان واليمن لا يمتلكون جيوشاً نظامية، وإنما مجرد حركات مقاومة شعبية. فكيف بإسرائيل وأمريكا اليوم وهما يحاربان الدولة الشيعية الكبرى، بكل ما تمتلكه من استحكام عقيدي، وقيادة دينية حكيمة، ودهاء سياسي، وقدرات عسكرية فائقة، وتكنولوجيا متطورة، وأراضي شاسعة، ونفوذ ديني وسياسي عالمي، ووفرة في الكفاءات البشرية، وعدد سكان يتجاوز (90) مليون نسمة؟!.

لعل مقولة السيد نصر ا لله، التي خاطب فيها الصهاينة خلال حرب تموز 2006: «أنتم لا تعرفون من تقاتلون؛ أنتم تقاتلون أبناء علي والحسين»، تمثل المفتاح الذي يسمح لإسرائيل وأمريكا بفك الشيفرة، ومعرفة الفرق بين أبناء علي والحسين وغيرهم. لكن يبدو أنهما لم يستوعبا الدرس حتى الآن.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: على فرض

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء العراقي يفاجئ المليشيات الشيعية في العراق بخصوص سلاحها

شدد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم السبت، على أنه في ظل الوضع المستقر، لا مبرر لوجود أي سلاح خارج مؤسسات الدولة، مضيفاً أن هذه القرارات “لا تعني استهداف أي جهة أو فرد”.

 

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال حضوره مؤتمراً بالعاصمة بغداد، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”.

 

وأشار السوداني، إلى أن الحكومة تبنت “مسار وشعار الخدمات، الذي تحول إلى سلوك عملي في كل ملف أو محافظة”. وتابع: “نجري زيارات إلى كل المحافظات للوقوف على سير تنفيذ المشاريع، والاطلاع على احتياجات المواطن الخدمية والاجتماعية”.

 

ولفت السوداني إلى “دور المجتمع وفي مقدمته العشائر العراقية في صياغة الحياة السياسية وإنهاء المعاناة”.

 

وأكد على أن “حصر السلاح بيد الدولة، وسلطة القانون، ومكافحة الفساد، مفردات تنادي بها المرجعية، والفعاليات الاجتماعية والشعبية، ولا يمكن التهاون في تطبيقها، ولا تعني استهداف أي جهة أو فرد”.

 

وبيّن أنه “في ظل الوضع المستقر لا مبرر لوجود أي سلاح خارج المؤسسات، وعلى العشائر دعم سلطة القانون والقضاء”.

 

ورغم أن السوداني، لم يحدد جهة بعينها في تصريحاته، إلا أن مضمون الحديث يأتي بالتزامن مع خطوة مماثلة يقوم بها لبنان تهدف إلى حصر السلاح بيد الدولة.

 

ويرى مراقبون أن تصريحات السوداني رسالة تُفهم جيداً في الأوساط السياسية العراقية على أنها موجهة بالدرجة الأولى إلى الفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة.

 

والخميس، وافق مجلس الوزراء اللبناني على “أهداف” ورقة المبعوث الأميركي توم برّاك بشأن “تعزيز” اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.

 

والثلاثاء، أقر مجلس الوزراء تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة (بما فيه سلاح حزب الله) قبل نهاية 2025، وعرضها على المجلس خلال أغسطس (آب) الجاري.

  

مقالات مشابهة

  • بعد لبنان وغزة.. هل يدخل العراق في سجال سحب السلاح من الحشد الشعبي وحصره في مؤسسات الدولة؟
  • لازاريني: إسرائيل تواصل إسكات الأصوات التي تُبلغ عن فظائعها في غزة
  • مفوض الأونروا: إسرائيل تواصل إسكات الأصوات التي تُبلغ عن فظائعها بغزة
  • لازاريني: "إسرائيل" تواصل إسكات الأصوات التي تُبلغ عن فظائعها بغزة
  • الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل
  • الثنائي الشيعي ينتظر خطة الجيش ويطرح حلّاً
  • رئيس الوزراء العراقي يفاجئ المليشيات الشيعية في العراق بخصوص سلاحها
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء ا
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ
  • لا جلسات حكومية من دون الحضور الشيعي