24 يونيو، 2025
بغداد/المسلة:
د. علي المؤمن
لم يبدأ الشيعة يوماً حرباً على أحد، ولم يعتدوا على أحد، ولم يحتلوا يوماً أراضي الغير بمسوغ الفتوحات والغزوات الدينية، لكنهم إذا تعرّضوا للظلم والعدوان، يردّون بما لديهم من قوة وعزيمة وكرامة، بالشكل الذي يوجع العدو، ويهزمه آجلاً أو عاجلاً. ولا يتركون حقهم، ولو طال الزمن؛ لأن الشيعي لا ينسى ثأره؛ فهو منذ (1400) سنة يصرخ “يالثارات الحسين”، ويريد بصرخته الثأر لظلامات مدرسة أهل البيت، من الظالمين والمعتدين، أيّاً كانت عقائدهم وأديانهم.
وهذا ما يحدث الآن بكل تفاصيله، وخصوصاً خلال الأيام الأخيرة التي شهدت عدواناً إسرائيلياً – أمريكياً على الدولة الشيعية الأكبر. فقد وضع المعتدي سقفاً زمنياً لا يتجاوز أسبوعين، يقوم خلالهما بالقضاء على قيادات الجمهوية الإسلامية، وضرب بنيتها التحتية، وتدمير مشروعها النووي، وإرعاب شعبها، وصولاً إلى ضرب المشروع الشيعي العالمي برمته، لأنه هو الهدف الأصلي. ثم ينتهي كل شيء دون فعل ورد فعل إيراني أو شيعي.
وظنت أمريكا أنها، بقصف منشآت فردو ونطنز وإصفهان، ستُنهي الحرب بضربة خاطفة استعراضية، لتنقذ إسرائيل من المستنقع الذي تكاد تغرق فيه، بعد الضربات المدمّرة التي طالت كل شبر في الكيان. والحال أن أمريكا نفسها باتت تقترب من المستنقع، قبل أن تتمكن من إنقاذ إسرائيل.
على فرض أنهم دمروا بالفعل ثلاث منشآت نووية إيرانية؛ فهناك (11) منشأة أخرى لا تزال قائمة، ثلاثٌ منها لم تدخلها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا تعلم ما الذي يجري فيها. وكل هذه المنشآت تملك القدرة العلمية والتقنية على فرض واقع جديد يتمثل في تغيير العقيدة النووية الإيرانية، إن قرر المرجع الشيعي الحاكم.
وعلى فرض أنهم قتلوا تسعة علماء ذرة؛ فلا يزال هناك ما يقرب من (370) عالماً آخر، وأكثر من (1400) حامل شهادة دكتوراه أو طالب دكتوراه في الفيزياء النووية، جميعهم يتدرّبون في المنشآت النووية ومراكز الأبحاث، ولا تعرف المخابرات الأمريكية والإسرائيلية أسماءهم ولا أشكالهم.
وعلى فرض أنهم قتلوا ثمانية قادة عسكريين؛ فهناك أكثر من (1200) قيادي آخر يحملون رتب لواء وعميد وعقيد، وكلهم في قائمة البدلاء الاحتياطيين للقيادات الحالية.
وإيران، هذه القارة المترامية الأطراف، التي تضم أكثر من (600) مدينة (قضاء)؛ كيف يمكن تدميرها أو حتى تدمير جزء صغير منها؟
وفوق كل ذلك، العقيدة الدينية السياسية التي تحكم إيران، هذه العقيدة الصلبة القائمة على تعاليم القوة، والأمانة، وإباء الضيم، والإرادة الصلبة، والعزيمة، والعزة، والكرامة، والحكمة، والصبر، والنصر، والتضحية؛ كما أسس لها رسول الله، وفسّرها الإمام علي، وطبّقها الإمام الحسين.
هذه العقيدة ليست مجرد عقيدة حاكمة نظرياً، بل هي تسري في شرايين النظام وعروقه، وتطبع عقله وقلبه وسلوكه، وهي عقيدة البلد بأسره، كما هو حال كل المجتمعات الشيعية في كل بلاد العالم. ويضمن كل ذلك وجود المرجع الشيعي، الولي الفقيه العادل الكفء المنتخب شعبياً، الذي يقف على رأس النظام والبلاد.
المستغرَب أن إسرائيل وأمريكا، رغم كل ما تمتلكانه من أجهزة استخباراتية ومراكز دراسات، لا تستطيعان أن تفهما هذه الحقائق بعمق، وفي مقدمتها إسقاطات العقيدة الشيعية على الواقع الشيعي، وجزء منها عقيدة الحرب عند الشيعة، والفرق بينها وبين عقيدة الحرب عند غيرهم!
مثلاً؛ في كل حروب إسرائيل مع الجيوش العربية، لم تكن الحرب تستمر سوى بضعة أيام، وتنتهي باستسلامٍ مذل لهذه الجيوش، بعد تعرّضها لهزيمة نكراء، واحتلال إسرائيل أراضي جديدة، تفوق أحياناً مساحة الكيان نفسه.
لكن في حروب إسرائيل مع الشيعة في لبنان واليمن وإيران، منذ العام 1982 وحتى الآن، تستمر الحروب لفترات طويلة، وبكل ضراوة، وتنتهي بفشل الكيان الإسرائيلي وهزيمته على الأرض، رغم أنه مدعوم دعماً مطلقاً من أمريكاً والغرب، ورغم أن الشيعة في لبنان واليمن لا يمتلكون جيوشاً نظامية، وإنما مجرد حركات مقاومة شعبية. فكيف بإسرائيل وأمريكا اليوم وهما يحاربان الدولة الشيعية الكبرى، بكل ما تمتلكه من استحكام عقيدي، وقيادة دينية حكيمة، ودهاء سياسي، وقدرات عسكرية فائقة، وتكنولوجيا متطورة، وأراضي شاسعة، ونفوذ ديني وسياسي عالمي، ووفرة في الكفاءات البشرية، وعدد سكان يتجاوز (90) مليون نسمة؟!.
لعل مقولة السيد نصر ا لله، التي خاطب فيها الصهاينة خلال حرب تموز 2006: «أنتم لا تعرفون من تقاتلون؛ أنتم تقاتلون أبناء علي والحسين»، تمثل المفتاح الذي يسمح لإسرائيل وأمريكا بفك الشيفرة، ومعرفة الفرق بين أبناء علي والحسين وغيرهم. لكن يبدو أنهما لم يستوعبا الدرس حتى الآن.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: على فرض
إقرأ أيضاً:
الشيف عمرو جهاد يوضح خطوات حفظ التوابل في المطبخ لفترة طويلة مع الحفاظ على جودتها
قال الشيف عمرو جهاد ، إن التوابل بمختلف أنواعها تعد من العناصر الأساسية داخل كل مطبخ، إذ لا يمكن الاستغناء عنها أثناء تحضير الوصفات اليومية سواء كانت حادقة أو حلوة، مشيرًا إلى أن لكل نوع من التوابل نكهة مميزة تضيف طابعًا خاصًا على الأطباق، لذلك تحرص ربات البيوت دائمًا على معرفة الطرق الصحيحة لحفظها لفترات طويلة دون أن تفقد مذاقها أو رائحتها.
وأضاف الشيف عمرو جهاد ، المصري أن أنواع التوابل المستخدمة في المطابخ متعددة، ويأتي من أبرزها الملح والفلفل الأسود والكركم والكاري والزعتر وورق اللورا والحبهان والبرغل وجوزة الطيب والبابريكا والكمون والجنزبيل وحبة البركة وغيرها من الأصناف التي لا يخلو منها أي منزل، مؤكدًا أن هذه المكونات تدخل في إعداد معظم الأكلات اليومية وتُعتبر من أسرار نجاح الطهي.
وأشار الشيف عمرو جهاد إلى أن حفظ التوابل بطريقة صحيحة يُسهم في إطالة عمرها الافتراضي ويُحافظ على نكهتها الطبيعية، موضحًا أن أولى الخطوات تبدأ بشراء التوابل على شكل حبوب أو حصى بدلاً من المطحونة، ثم طحنها في المنزل لضمان جودتها ونظافتها.
وتابع الشيف عمرو جهاد أنه قبل عملية الطحن يجب تسخين التوابل على نار هادئة لفترة قصيرة حتى يتم التخلص من الرطوبة العالقة بها، وهو ما يساعد على إبراز النكهات بشكل أقوى ويمنع تعرضها للتلف أو العفن.
وأوضح الشيف عمرو جهاد أنه بعد الانتهاء من عملية الطحن يتم وضع التوابل في برطمانات أو أوعية محكمة الغلق للحفاظ على طزاجتها ومنع تسرب الهواء أو الرطوبة إليها، مشددًا على ضرورة حفظ تلك البرطمانات في مكان جاف وبارد بعيد عن ضوء الشمس المباشر.
وأضاف الشيف أنه عند استخدام أي نوع من التوابل يجب مراعاة النظافة التامة، مشيرًا إلى أهمية استخدام ملعقة نظيفة وجافة عند أخذ كميات صغيرة من البرطمان لتجنب تلف باقي الكمية أو فقدان رائحتها المميزة.
وأكد الشيف عمرو جهاد في ختام حديثه أن الالتزام بهذه الخطوات البسيطة يضمن بقاء التوابل صالحة للاستخدام لفترات طويلة، مع الاحتفاظ بنكهتها الطبيعية ولونها الزاهي، لافتًا إلى أن العناية بالتفاصيل الصغيرة في المطبخ هي ما تصنع الفرق في الطعم والجودة، وأن المطبخ المنظم هو سر النجاح في كل وصفة.