في مشهد يعكس تقدير الدولة المصرية لقاماتها العلمية والإنسانية، أعلنت وزارة الثقافة مؤخرًا عن بدء تنفيذ تمثال جديد يُجسد شخصية الجراح العالمي السير مجدي يعقوب، المعروف بلقب "طبيب القلوب"، الإعلان جاء خلال مؤتمر صحفي عقدته الوزارة يوم الأحد الماضي، بحضور وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وعدد من الشخصيات العامة، حيث تم الكشف عن "الماكيت" أو النموذج المصغر للتمثال، والذي أثار إعجاب الحضور لما حمله من دقة فنية ووقار يليق بالشخصية المحتفى بها.

ويقوم على تنفيذ التمثال النحات المصري عصام درويش، صاحب الخبرة الطويلة في النحت الواقعي والشخصيات العامة، وفي حواره لـ صدى البلد، يحدثنا درويش عن كواليس التكليف، والتحديات الفنية، وتفاصيل الخامات، إلى جانب ردة فعل الدكتور مجدي يعقوب نفسه عندما علم بالمشروع.

كيف بدأت فكرة تصميم تمثال للسير مجدي يعقوب؟ وهل كانت بمبادرة شخصية منك أم بتكليف رسمي؟

التمثال جاء بتكليف رسمي من الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، الذي تواصل معي منذ ما يقرب من أربعة أشهر، حدثني وقتها بحماسة بالغة عن رغبته في تكريم الدكتور مجدي يعقوب بعمل نحتي يليق بتاريخه. 

بدأنا فورًا في دراسة الفكرة، وتم الاتفاق على تقديم ماكيت صغير أولًا، وهو ما عرضناه مؤخرًا خلال المؤتمر الصحفي. 

الماكيت هو مرحلة شديدة الأهمية في أي عمل نحتي كبير، لأنه يحدد الحركة والتكوين، وعلاقة التمثال بالمكان الذي سيوضع فيه لاحقًا، بالإضافة إلى ضبط الأبعاد والنسب قبل الدخول في التنفيذ الفعلي بالحجم الكامل.

ما شعورك الشخصي عندما أُسنِد إليك هذا المشروع تحديدًا؟

بلا مبالغة، شعرت بالفخر والرهبة في آن واحد، السير مجدي يعقوب هو نموذج نادر للإنسان والطبيب والعالم، لا يعيش لنفسه، بل للآخرين، هو شخصية ترتقي بأخلاقها وإنسانيتها إلى مصافّ العظماء، لما قدمه من عطاء إنساني، قبل أن يكون طبيبا، لذلك اعتبرت هذا المشروع ليس فقط مهمة فنية، بل مسؤولية إنسانية وتاريخية، أن أكون جزءًا من تخليد هذا الرجل في ذاكرة الوطن.

حدثنا عن الخامات التي اخترتها لتنفيذ التمثال، ولماذا وقع اختيارك عليها تحديدًا؟

الخامة الأساسية التي سأستخدمها هي البرونز، وهي خامة فنية نبيلة وتتحمل تقلبات الطقس وتدوم لفترات طويلة، البرونز أيضًا يمنح التمثال ثقلًا بصريًا يليق بالشخصية المُجسدة. 

أما القاعدة فستُصنع من الجرانيت، لما له من قوة وصلابة وشموخ، وسيوضع عليها لوحة جدارية من المعدن المنقوش، تُعبر عن إسهامات الدكتور مجدي في مجال الطب، خاصة في مستشفى أسوان لعلاج أمراض القلب للأطفال، كما سنبرز أيضًا علاقته بتلامذته وإرثه العلمي الممتد.

كم من الوقت سيستغرق تنفيذ التمثال بالحجم الكامل؟

الماكيت المصغر استغرق حوالي 20 يومًا من العمل المكثف، أما التمثال الكامل فيُتوقع أن يستغرق تنفيذه نحو 8 شهور، هذه المدة تشمل جميع المراحل، بدءًا من التشكيل بالحجم الطبيعي، مرورًا بصب البرونز، وحتى تركيب التمثال على قاعدته النهائية. 

نحن الآن في المرحلة الأولى من التنفيذ الفعلي، وأعمل مع فريق متكامل لضمان خروج التمثال بأعلى مستوى من الدقة والاحترام للشخصية.

كيف تصف تفاعل الجمهور والحضور في المؤتمر الصحفي عند الكشف عن النموذج الأولي؟

ردود الفعل كانت مشجعة جدًا، الحضور شعروا بأن الماكيت يحمل ملامح الدكتور مجدي بدقة، ليس فقط في الشكل، بل في الروح أيضًا.

حاولت أن ألتقط في التمثال تلك الحالة التأملية والوقار الإنساني الذي يميز وجهه، لأن نحت الشخصية لا يعني فقط نقل ملامح الوجه، بل التقاط الجوهر الروحي أيضًا.

ماذا كان رد فعل السير مجدي يعقوب عندما علم بالتمثال؟

رد فعله كان بسيطًا ومؤثرًا في الوقت نفسه، حين عرف أن التمثال سيبلغ ارتفاعه 14 مترًا بالقاعدة، قال لي: "كل ده عشاني؟"، قالها بتواضع شديد، كعادته، فهو إنسان نبيل ومتواضع حتى في أعلى مراتب المجد. 

وأضاف أن التمثال ليس مجدًا شخصيًا له، بل هو تكريم لقيمة العلم نفسه، ولكل من يخدم الإنسان من خلال الطب والرحمة، كلماته أكدت لي أنني لا أنحت فقط جسد شخص، بل أكرّم مبدأً وموقفًا ورسالة حياة.

هل التمثال سيبقى عملًا فنيًا فقط، أم أن هناك بعدًا تعليميًا وتوعويًا أيضًا؟

أنا أؤمن أن الفن الحقيقي يحمل أكثر من وظيفة، هذا التمثال بالتحديد سيحمل رسالة تعليمية وإنسانية في كل تفاصيله، من خلال اللوحة الجدارية المرافقة له، سنوثّق جانبًا من مسيرة الدكتور مجدي يعقوب، وكيف استخدم علمه لخدمة الفقراء والبسطاء، وكيف أسس مؤسسة طبية ضخمة في أسوان أصبحت قبلة للأطفال المرضى. 

سيعرف كل من يمر بجوار التمثال أن هذه الأرض أنجبت رجالاً عظامًا غيّروا حياة الآخرين دون ضجيج.

أين من المتوقع أن يُوضع التمثال بعد الانتهاء منه؟

الاقتراح الأقرب حتى الآن هو وضع التمثال في مدينة أسوان، أمام أو بالقرب من مستشفى الدكتور مجدي يعقوب للقلب، وهو موقع يحمل رمزية شديدة، لأنه يُجسد العلاقة بين الشخصية والواقع الذي أنجز فيه أهم أعماله، سيكون التمثال رسالة حية في المكان الذي شهد عطاءه المباشر.

تمثال السير مجدي يعقوب ليس مجرد نصب تذكاري، بل رسالة بصرية محفورة في الذاكرة الوطنية، تُجسد الامتنان لطبيب وهب حياته للقلوب.. فاستحق أن يُحفر في قلب الوطن.

طباعة شارك الدولة المصرية وزارة الثقافة السير مجدي يعقوب طبيب القلوب النحات المصري عصام درويش

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدولة المصرية وزارة الثقافة السير مجدي يعقوب طبيب القلوب الدکتور مجدی یعقوب السیر مجدی یعقوب

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة يشهد حفل الإعلان عن تدشين تمثال السير مجدي يعقوب

شهد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة والسكان، حفل تدشين تمثال السير الدكتور مجدي يعقوب، بحضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والمهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، والدكتور علاء عبد السلام، رئيس دار الأوبرا المصرية، والمهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، والنحات الدكتور عصام درويش مصمم ومنفذ التمثال، وعدد من الشخصيات العامة.

استهل الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، كلمته بالترحيب بالحضور، مؤكدًا فخره وامتنانه، بتكريم أحد القامات المصرية والعالمية البارزة، وهو السير الدكتور مجدي يعقوب، الذي كرّس حياته للعلم والعمل الإنساني، قائلا إن الدكتور مجدي يعقوب، يمثل نموذجًا يُحتذى في الإخلاص والإبداع العلمي في خدمة البشرية، مشيرًا إلى أن التواضع يظل السمة الأبرز للعلماء الحقيقيين.

وأشاد الدكتور خالد عبد الغفار، بفكرة إنشاء تمثال لتكريم القامات العلمية الوطنية، واصفًا إياها بأنها خطوة عظيمة ومستنيرة، تعكس تقدير الدولة لرموزها الملهمة، موضحا أن التمثال لا يُعد تكريمًا فقط، بل يمثل رمزًا دائمًا يُحتذى به، يخلّد مسيرة العطاء، ويُلهم الأجيال القادمة من شباب الأطباء والعلماء المصريين، مضيفًا أن الدكتور مجدي يعقوب يُجسد هذا النموذج العالمي من خلال مسيرته المُلهمة، وإسهاماته الرائدة في تأسيس مركز القلب بأسوان، الذي لا يكتفي بتقديم العلاج المجاني، بل يُعد منبرًا علميًا مفتوحًا أمام شباب الباحثين المصريين والدوليين.

ونوه نائب رئيس مجلس الوزراء إلى أن الطب هو أحد أرفع العلوم التي تخدم الإنسانية، والذي يذكّرنا دومًا بأن القيمة الحقيقية للإنسان تتجسد في تسخير المعرفة لخدمة بني جنسه، ومن هذا المنطلق، فإن النصب التذكاري الذي يُشيّد اليوم للسير مجدي يعقوب، هو رسالة واضحة من الدولة المصرية تؤكد إيمانها بدور العلم وأهمية العلماء في بناء الحضارة وصناعة المستقبل.

وأكد الوزير أن الدكتور مجدي يعقوب يُجسد نموذجًا حيًا للطاقة الإيجابية والحيوية، وهو قدوة حقيقية في مجال العلم والطب، لا يزال يحمل في قلبه أحلامًا وطنية يسعى لتحقيقها، سواء من خلال مركز القلب بأسوان، أو عبر مشروعه الجديد بمدينة السادس من أكتوبر، الذي يُنتظر أن يُصبح صرحًا عالميًا في علاج وأبحاث أمراض القلب، مشيرًا إلى تميز السير مجدي يعقوب بقدرته الفريدة على التواصل مع جميع الفئات العمرية، ونقل المعرفة بأسلوب بسيط وفعّال، مما يجعله مساهمًا رئيسيًا في إعداد جيل جديد من شباب الأطباء، يحملون راية العلم والمعرفة لمستقبل أفضل.

واختتم كلمته بتوجيه الشكر لجميع الحضور والمشاركين والداعمين لهذا المشروع، إيمانا بأن العلم هو السبيل لتحقيق المستحيل، وأن مصر قادرة دائمًا، بأجيالها المتعاقبة، على صناعة التميز في مختلف المجالات مشددًا على أن الإنسانية لا تعرف حدودًا، فهي رسالة عالمية سامية.

وفي كلمته خلال الاحتفالية، قال الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة:"من أعظم النِّعَم التي أنعم الله بها على مصر أنها أنجبت رجالًا أفنوا حياتهم في خدمة الإنسان، لا بعلمهم فقط، بل بقلوبهم، وبما زرعوه من أمل في حياة الآخرين. وفي مقدمة هؤلاء يأتي السير مجدي يعقوب، ابن مصر المخلص، الذي لم يكن مجرد طبيب موهوب وجراح عالمي، بل إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. آمن أن الطب ليس مهنة فحسب، بل رسالة رحمة ومحبة، وأن الشفاء لا يأتي من العلم وحده، بل من القلب أيضًا”.

وأضاف:"يسعدنا أن نعلن عن مشروع إقامة تمثال يُجسد هذه المسيرة الملهمة، ليكون رمزًا للقيم التي يمثلها ’ملك القلوب‘، ورسالة إلهام متجددة للأجيال. ينفذه النحات المصري المتميز الدكتور عصام درويش، ويُعد جزءًا من مشروع أوسع تتبناه وزارة الثقافة لتكريم رموز مصر الذين تركوا أثرًا عميقًا في قلوب الناس وساهموا في بناء الوطن. فالثقافة لا تقتصر على الإبداع الفني، بل تشمل أيضًا الاحتفاء بمن أضاءوا طريق الآخرين بإنسانيتهم وعطائهم”.

وأكد وزير الثقافة أن “الشباب بحاجة إلى قدوات حقيقية تُلهمهم وتوجّههم نحو القيم التي تُبنى بها الأوطان، ومن هنا نحرص على تجسيد هذه الشخصيات في مياديننا ومؤسساتنا الثقافية، لتظل حاضرة في ذاكرة المجتمع وشاهدًا حيًّا على ما يمكن أن يصنعه الإخلاص والعمل”.

وفي ختام كلمته، وجّه وزير الثقافة الشكر والتقدير للدكتور خالد عبد الغفار، والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، والمهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، على دعمهم وتعاونهم الصادق حتى يرى هذا المشروع النور، كما خص بالشكر الدكتور مجدي يعقوب على ما قدمه - ولا يزال- من علم وخير للناس.

ورحب الدكتور مجدي يعقوب بالحضور، مؤكدًا أن تطور الشعوب وازدهار الحضارات يرتكز على ركيزتين أساسيتين «الصحة والثقافة» فالثقافة لا تقتصر على الفنون فحسب، بل تشمل خدمة المجتمع، ودعم العلم والبحث العلمي، والمضي قدمًا نحو التقدم، موضحًا أن الفن هو أحد أرقى تجليات الثقافة، وأن تكريم رموز العلم وخدمة المجتمع والفن الرفيع هو تجسيد لقيم الانتماء والإبداع، فحب مصر يعني حب العمل، وحب الفن، والإيمان برسالة العطاء.

تضمنت الاحتفالية عرضًا تقديميًا من المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، استعرض خلاله تفاصيل المشروع من حيث التصور المعماري والإنشائي، والهدف والرؤية العامة للمشروع، كما تناول العرض خريطة تحديد موقع التمثال في ميدان الكيت كات، المقترح تسميته بـ"ميدان ملك القلوب"، بالإضافة إلى تقديم رؤية تصورية نهائية لشكل التمثال، وآليات تطوير وتحسين المحيط العمراني المحيط به.

مقالات مشابهة

  • ملك القلوب..مصر تكرم الدكتور مجدي يعقوب بوضع تمثال من البرونز في ميدان الكيت كات
  • محافظ الجيزة يشارك في فعاليات الاعلان عن مشروع إقامة تمثال يخلّد مسيرة الدكتور مجدي يعقوب
  • عقب وضع تمثال مجدي يعقوب.. «الكيت كات» يتحول إلى ميدان «ملك القلوب»
  • وزير الصحة يشهد حفل الإعلان عن تدشين تمثال السير مجدي يعقوب
  • تفاصيل مشروع إقامة تمثال يخلّد مسيرة الدكتور مجدي يعقوب بالجيزة
  • النحات عصام درويش: تمثال مجدي يعقوب يُجسّد القيمة الإنسانية والعلمية
  • تمثال طبيب القلوب.. وزير الثقافة يستقبل مجدي يعقوب قبيل تكريمه
  • وزير الثقافة يستقبل السير مجدي يعقوب للإعلان عن تفاصيل تمثال «طبيب القلوب»
  • وزير الثقافة يستقبل السير مجدي يعقوب قبيل احتفالية تكريمه والإعلان عن تفاصيل تمثال “طبيب القلوب”