شبكة انباء العراق:
2024-06-12@01:36:18 GMT

القُدسُ في فقهِ الإمام

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

بقلم : قاسم محمد الكفائي ..

قد يتوهمُ الكثيرُ من أصحاب الرأي أن إعلان “يوم القدس العالمي” الذي خطّهُ الإمامُ الخميني العظيم – تقدست نفسُه الزكية- جاء بدوافعٍ سياسيةٍ مَحضةٍ، أو ضَيّقة، خلقتها ظروفٌ أحاطت بالثورة الإسلامية التي قادها عام 1979 والتي نجح فيها والشعبُ الإيراني المسلم بخلع الشاه محمد رضا بهلوي من عرشِه، ليقيمَ على أنقاضِه نظامَ الجَمهورية الإسلامية.

إن تبيانَ حقيقة العلاقة ما بين الإمام والقدس الشريف تشترط معرفة مَن هو الإمامُ الخميني، وهل تأثرَ بالظروفِ الموضوعية التي واجهَتهُ في إصدار إعلان يوم القدس، أم أنه جاء كمسؤولية شرعية كبرى تستوجب تحملها والقيام بها، فتحتمَ عليه توضيحها للناس كافة دون وجلٍ، ودون تراجعٍ عن حكمٍ اجتهَدَ فيه كمرجعٍ دينيٍّ كبير له مقلدوهُ داخلَ إيران وخارجِها!! فمدرسةُ أهلِ البيت -ع- بفيضها القرآني، المعرفي، والتاريخي تُنبئْنا بحقيقةِ العلاقة الروحية القائمة على الحكم الشرعي بين الإمامِ والقدس، وهي علاقة “عرفانية” بعيدة عن إختراع الإنسان، قريبة الى الإلتزام الديني كصورةٍ من صور الشريعة، ما يدفعُنا الى القول أن هذه المدرسة التي تربّى وتعلّم فيها الإمامُ الخميني قد أنجبت من قبله مراجعا عظاما وعلى مدى قرون خلت، وأنجبت في عصرنا هذا سماحة المرجع السيد علي الخامنئي الذي نال شرف المسؤولية في مواصلة إحياء يوم القدس والدفاعِ عنه كإرثٍ كبير خصَّهُ الإمامُ به. القدس إذن حقيقة دينية (مركزية) وليست مَعلما سياحيّا، ولا تلكَ الصورة المشوَّهة التي رسمتها السياساتُ الدولية بريشةِ المنافقين وضغائن أحلامِهم. لقد ترفّع الإمامُ الخمينيُّ العظيم عن الشبهة في تلك العلاقة بموجبات المسؤولية الشرعية حول قبلةِ المسلمين الأولى، فوضع أساسا رائعا وفريدا بجعل آخر جمعة من كل رمضان يوما لنصرةِ القدس الشريف حتى بلوغ يوم التحرير الأكبر وخلاصَه من الدنس الصهيوني المحتل، ولا يختلف إثنان من العرب والمسلمين، وغيرِهم، عدوٍّ أم صديق على المعنى العميق لكلمة تحرير القدس التي تهدف إلى تحرير كل فلسطين. لقد أثبتت الوقائع دون شك منها أن المحتلَّ الصهيوني يمارس عملية طمس الهوية الحقيقية للقدس الشريف، وتشويهها بإمكانياتٍ ماليةٍ ضخمةٍ، وباعتباراتٍ دينية شاذّة ومنحرفة كانت قد اخترعتها الماكنة السياسية والإعلامية المتمثلة بالحركة الصهيونية العالمية. إن يومَ القدس العالمي الذي أسَّسَ له الإمامُ يمكن وصفَه بالجبل الأشَم الذي ارتطمَت به الأحلامُ الصهيونية العالمية، وأحلام المتصهينين من الحكام المطبعين بدافع الرعب الذي صنعته وأدخلته في قلوبهم الماكنة الإعلامية الصهيونية بحجة أن يوم القدس العالمي ومؤسسه سوف يقتلعكم من جذوركم،
كذلك هم يظنون أن الإرتماء في أحضان الصهيونية سيطيل من أعمار عروشهم، بينما القانون الطبيعي الذي تربّى عليه الإمامُ العرفاني، هو أن الأرضَ ترثها الأخيارُ وليست الشياطين. بهذا المعنى نستطيع أن نحدِّدَ شخصية الحاكم الُمطبِّع مع الكيان الصهيوني المحتل، أنها شخصية مهزوزة وحقيرة، خاوية، ليس لها من حولٍ ولا قوة غير رحمة وعطف المتسلطينَ عليها. في هذه الأيام المباركة التي نشهدُها، أيامَ شهرِ رمضان يعيشُ المسلمون المخلصون في العالم حالةَ انتظارٍ لإحياء يوم القدس العالمي، ونصرةَ غزة التي يعيش أبنائُها التجويع والإبادة الجماعية تحت طائلة العنجهية الصهيونية المتمثلة بمنظومة الجيش والإستخبارات الإسرائيلة بدعمِ دول الإستكبار الغربي. فالأحداث المُدَمِّرَة أظهرت من بينِ ركامِها ولادةَ الصحوة والوعي في أمتنا، وفي الأمم الأخرى من هذا العالم، كان بعضها يعتقد بشرعية وجود إسرائيل في المنطقة أو يعتقد بإنسانيته وديمقراطيته، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك تماما. في غزة، تلك البقعة الضيقة في هذا العالم الواسع تتجلى علاماتُ فشل الماكنةِ السياسية والحربية القوية التي تمتع بها الكيانُ الصهيوني المحتل لأرضنا فلسطين، الذي جعلَ من قتلِ الأطفال والنساءِ، وتهديمِ البيوت، والمستشفياتِ، ودورِ العبادة، والشوارع، والمؤسسات الإجتماعية حالة انتصار أبدي، بينما الإنسانُ الفلسطيني يصرخ من تحت ركام داره المقصوفة بأحقيته في الأرض حتى آخرَ نفَسٍ لآخرِ طفل وإمرأة ، ولن يغادرَ مساجدَه التي مازال يمارسُ عباداتِه على أطلالِها. هذا المشهد الغزِّي ينذرُ بالفشل الأبدي والقريب لهذا الزَعم، ويُبدِّدُ أحلامَ الحركة الصهيونية بالإنتصار في حرب الإبادة هذه، إنها محنةُ اليوم. بهذا التفسير الوجيه للبُعدِ العظيم ليوم القدس العالمي، وإن اختلط بمعناه السياسي فيما بعد، سيكون الوسيلة الضامنة لزوال الإحتلال كنتيجة حتمية لا مَفرَّ منها، وقد خطَّها الإمامُ الخميني -تقدست نفسُه الزكية- حين قال بالفارسية (إسرائيل رَفْتَنِي است)، أي ما معناه (إسرائيل زائلة حتما)، أو(إسرائيل الى زوال). وقد يسألُ أحدُ المهتمين بأخبار ومستقبل (المُطبعين) الذين وضعوا أمرَهم بين يدي الكيان المحتل يقينا منهم بدوام تسلطهم وبقائهم على عروشهم، هؤلاء سيتساقطون عرشا بعد عرش بمجرد إنتصار غزة ولو سياسيا على الرغم من التحالفاتِ والتنازلاتِ مابينهم ودول الإستكبار العالمي دفاعا عنهم، من أجلِ تحقيقِ أعلى المنافع والمصالح لتك الدول. إن حالة الإبادة التي تمارسها آلةُ الحرب الصهيونية في غزة لم يشهد التأريخ الإنساني مثيلا لها، ولن تتكرر الى هذا الحد، ما يستوجب على الدولِ العربية والإسلامية المُخلصة، وأحرارِ العالم أن توظّف إمكاناتِها من أجل دفع عجلة محور المقاومة ودول المواجهة الى خوض معركة الوجود ضد هذا العدو المتوحش حتى زواله، ما يتعين على بلادي العراق أَخذَ الحصةِ الكبرى لهذا الدَور مهما كلّف من ثمن. فسلامٌ عليكَ سيدي الإمام أبا مصطفى، وسلامٌ على القُدسِ الشَريف.

قاسم محمد الكفائي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات یوم القدس العالمی

إقرأ أيضاً:

جماعات الهيكل تحضر لاقتحام واسع للمسجد الأقصى غدا الاربعاء

#سواليف

شرت جماعة “جبل الهيكل في أيدينا” إعلاناً لأتباعها للاقتحام المركزي للمسجد الأقصى المبارك بمناسبة “عيد الأسابيع” التوراتي الذي يحل يوم غد الأربعاء 12-6-2024 وهو عيد يحتفي فيه اليهود بنزول التوراة؛ إلى جانب كونه عيداً زراعياً يحتفل ببداية موسم الحصاد.

وقال الباحث في شؤون القدس، زياد ابحيص، إنه ورغم أن مكانة “عيد الأسابيع” الديني قد تراجعت لصالح مناسبة قومية صهيونية هي الذكرى العبرية لاحتلال كامل القدس والتي تسبقها بأسبوع؛ إلا أن جماعات الهيكل المتطرفة ما تزال تصر على تنظيم اقتحام مركزي للأقصى خلالها مستغلة كون هذا العيد أحد “أعياد الحج” التوراتية الثلاثة التي يعتقد اليهود فيها بوجوب الحج إلى ما يسمونه “جبل المعبد” الذي يزعم الصهاينة أنه المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب عيدَي “الفصح” و”العرش”؛ ويتم الاحتفال بهذا العيد بقراءة سفر “راعوث” في التوراة وهو الطقس الذي سيحرصون على أدائه داخل المسجد الأقصى المبارك.

وأعلنت منظمة “بيدينو” أنها ستنظّم “حجاً جماعياً” للمسجد الأقصى خلال هذا اليوم برفقة اثنين من قادة جماعات الهيكل هما روي ساجا وأرنون سيجال، مقتبسة نصوصاً توراتية تقول بأنه “في عيد الأسابيع كل إسرائيل حجت إلى الهيكل” لتستنفر بذلك أنصارها للاقتحام الذي بات اليمين الصهيوني الديني يرى فيه مؤشراً على تعافيه ونفوذه السياسي.

مقالات ذات صلة وزير الداخلية يوعز بالافراج عن مئات الموقوفين 2024/06/11

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تعبر عن صدمتها إزاء عدد الشهداء في مجزرة النصيرات
  • جماعات الهيكل تحضر لاقتحام واسع للمسجد الأقصى غدا الاربعاء
  • قرية دير ياسين.. هجّرتها المنظمات الصهيونية بأشهر مجزرة عام 1948
  • عشرات الشهداء مع تواصل المحارق الصهيونية في غزة
  • رئيس بلدية أبو ديس: الجدار سلخنا عن القدس والحرب عمّقت أزمتنا
  • اختتام الدورة الصيفية بمركز القدس لأبناء منتسبي وزارة الخدمة المدنية
  • السفير الايراني من الهرمل: نتنياهو اليوم في مأزق
  • الاتحاد الماروني العالمي: على حزب الله تنفيذ القرار 1559
  • منصور: يجب وضع حد لجرائم الحرب والإبادة الجماعية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني
  • الأونروا بمرمى استهداف الاحتلال في القدس.. ما مصير خدماتها؟