بقلم : قاسم محمد الكفائي ..
قد يتوهمُ الكثيرُ من أصحاب الرأي أن إعلان “يوم القدس العالمي” الذي خطّهُ الإمامُ الخميني العظيم – تقدست نفسُه الزكية- جاء بدوافعٍ سياسيةٍ مَحضةٍ، أو ضَيّقة، خلقتها ظروفٌ أحاطت بالثورة الإسلامية التي قادها عام 1979 والتي نجح فيها والشعبُ الإيراني المسلم بخلع الشاه محمد رضا بهلوي من عرشِه، ليقيمَ على أنقاضِه نظامَ الجَمهورية الإسلامية.
كذلك هم يظنون أن الإرتماء في أحضان الصهيونية سيطيل من أعمار عروشهم، بينما القانون الطبيعي الذي تربّى عليه الإمامُ العرفاني، هو أن الأرضَ ترثها الأخيارُ وليست الشياطين. بهذا المعنى نستطيع أن نحدِّدَ شخصية الحاكم الُمطبِّع مع الكيان الصهيوني المحتل، أنها شخصية مهزوزة وحقيرة، خاوية، ليس لها من حولٍ ولا قوة غير رحمة وعطف المتسلطينَ عليها. في هذه الأيام المباركة التي نشهدُها، أيامَ شهرِ رمضان يعيشُ المسلمون المخلصون في العالم حالةَ انتظارٍ لإحياء يوم القدس العالمي، ونصرةَ غزة التي يعيش أبنائُها التجويع والإبادة الجماعية تحت طائلة العنجهية الصهيونية المتمثلة بمنظومة الجيش والإستخبارات الإسرائيلة بدعمِ دول الإستكبار الغربي. فالأحداث المُدَمِّرَة أظهرت من بينِ ركامِها ولادةَ الصحوة والوعي في أمتنا، وفي الأمم الأخرى من هذا العالم، كان بعضها يعتقد بشرعية وجود إسرائيل في المنطقة أو يعتقد بإنسانيته وديمقراطيته، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك تماما. في غزة، تلك البقعة الضيقة في هذا العالم الواسع تتجلى علاماتُ فشل الماكنةِ السياسية والحربية القوية التي تمتع بها الكيانُ الصهيوني المحتل لأرضنا فلسطين، الذي جعلَ من قتلِ الأطفال والنساءِ، وتهديمِ البيوت، والمستشفياتِ، ودورِ العبادة، والشوارع، والمؤسسات الإجتماعية حالة انتصار أبدي، بينما الإنسانُ الفلسطيني يصرخ من تحت ركام داره المقصوفة بأحقيته في الأرض حتى آخرَ نفَسٍ لآخرِ طفل وإمرأة ، ولن يغادرَ مساجدَه التي مازال يمارسُ عباداتِه على أطلالِها. هذا المشهد الغزِّي ينذرُ بالفشل الأبدي والقريب لهذا الزَعم، ويُبدِّدُ أحلامَ الحركة الصهيونية بالإنتصار في حرب الإبادة هذه، إنها محنةُ اليوم. بهذا التفسير الوجيه للبُعدِ العظيم ليوم القدس العالمي، وإن اختلط بمعناه السياسي فيما بعد، سيكون الوسيلة الضامنة لزوال الإحتلال كنتيجة حتمية لا مَفرَّ منها، وقد خطَّها الإمامُ الخميني -تقدست نفسُه الزكية- حين قال بالفارسية (إسرائيل رَفْتَنِي است)، أي ما معناه (إسرائيل زائلة حتما)، أو(إسرائيل الى زوال). وقد يسألُ أحدُ المهتمين بأخبار ومستقبل (المُطبعين) الذين وضعوا أمرَهم بين يدي الكيان المحتل يقينا منهم بدوام تسلطهم وبقائهم على عروشهم، هؤلاء سيتساقطون عرشا بعد عرش بمجرد إنتصار غزة ولو سياسيا على الرغم من التحالفاتِ والتنازلاتِ مابينهم ودول الإستكبار العالمي دفاعا عنهم، من أجلِ تحقيقِ أعلى المنافع والمصالح لتك الدول. إن حالة الإبادة التي تمارسها آلةُ الحرب الصهيونية في غزة لم يشهد التأريخ الإنساني مثيلا لها، ولن تتكرر الى هذا الحد، ما يستوجب على الدولِ العربية والإسلامية المُخلصة، وأحرارِ العالم أن توظّف إمكاناتِها من أجل دفع عجلة محور المقاومة ودول المواجهة الى خوض معركة الوجود ضد هذا العدو المتوحش حتى زواله، ما يتعين على بلادي العراق أَخذَ الحصةِ الكبرى لهذا الدَور مهما كلّف من ثمن. فسلامٌ عليكَ سيدي الإمام أبا مصطفى، وسلامٌ على القُدسِ الشَريف. قاسم محمد الكفائي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات یوم القدس العالمی
إقرأ أيضاً:
حكم قول سبوح قدوس رب الملائكة والروح في الركوع.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم قول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" في الركوع؟ وما معناها؟.
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن السؤال قائلة: إنه يجوز للمصلي أن يقول في ركوعه: "سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ"، بل هو سُنَّة مُستحبة؛ لكونه نوعًا من أنواع الذِّكر الوارد في الركوع عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما معناه: فهو أن الله سبحانه وتعالى مُنزَّهٌ عن النقائص أبلغ تنزيه، ومُطهَّرٌ عن كل ما لا يليق أبلغ تطهير، وأنه تعالى هو الخالق المالك لهذا الكون بما فيه من أملاك وأفلاك؛ فهو وحده المستحق للتعظيم على الحقيقة.
فضل الصلاة في الإسلام
وأوضحت أنه من المقرر شرعًا أن الصلاة أحب الأعمال إلى الله، ومن أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى خالقه؛ إذ هي عماد الدين وركنه الركين؛ لما روي عن عكرمة بن خالد بن سعيد عن عمرَ مُرسَلًا، قال: «جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ عِنْدَ اللهِ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَلَا دِينَ لَهُ، وَالصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
قال الإمام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (3/ 360، ط. دار المعرفة): [وفي الصلاة أسرارٌ لأجلها كانت عمادًا، ومن جملتها: ما فيها من التواضع بالمثول قائمًا وبالركوع والسجود] اهـ.
حكم قول: "سبوح قدوس رَبُّ الملائكة والروح" في الركوع
وبينت أن الركوع في الصلاة -الذي هو ركنٌ من أركانها- محل تعظيم الله سبحانه وتعالى بالتسبيح والتقديس والذكر والدعاء؛ فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (4/ 197، ط. دار إحياء التراث العربي): [أي: سبِّحوه ونزِّهوه ومجِّدُوه] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (16/ 118، ط. أوقاف المغرب): [وأجمعوا أن الركوع موضع تعظيم لله بالتسبيح والتقديس ونحو ذلك من الذكر] اهـ.
وإن هذا التعظيم يكون بنحو قولنا: سبحان ربي العظيم، أو غيره كقولنا: "سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ ربُّ الملائكة والروح"، والذي هو محل السؤال، وهذا تسبيح مستحبٌّ وثابت بلفظه في السُّنَّة المطهرة، فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 122، ط. دار ابن حزم): [اعلم أن هذا الحديث الأخير هو مقصود الفصل، وهو تعظيم الرب سبحانه وتعالى في الركوع بأيِّ لفظٍ كان، ولكن الأفضل أن يجمع بين هذه الأذكار كلها إن تمكن من ذلك] اهـ.
فيظهر من ذلك أن هذا الذكر من ألفاظ التسبيح المطلوبة في الركوع والسجود على جهة الندب كغيرها من الألفاظ الواردة في السنة المطهرة، والتي كان يقولها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (16/ 120-121): [وقد رُوي عن النبي عليه السلام أنه كان يقول في ركوعه وسجوده أنواعًا من الذكر.. وهذا كله يدل على أن لا تحديد فيما يقال في الركوع والسجود من الذكر والدعاء، ولكن أكثر الفقهاء في صلاة الفريضة على التسبيح بـ "سبح اسم ربك العظيم" ثلاثًا في الركوع، و"سبح اسم ربك الأعلى" ثلاثًا في السجود، وحملوا سائر الأحاديث على النافلة] اهـ.
وقد تتابعت نصوص الفقهاء على جواز هذا الذكر المسؤول عنه وغيره في الركوع، وأنه لا حرج على قائله؛ يُنظر: "المحيط البرهاني"، للإمام ابن مازَه الحنفي (1/ 360، ط. دار الكتب العلمية)، و"كفاية الطالب الرباني" للشيخ أبي الحسن علي المالكي (1/ 266، ط. دار الفكر)، و"المجموع" (3/ 413، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبُهُوتي الحنبلي (1/ 354، ط. دار الكتب العلمية).
بيان معنى قول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح"
أما معنى قولنا: "سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ"، فالسُّبُوح: هو المُنَزَّه عن النقائص أبلغ تنزيه، والمُبَرَّأ من الشريك ومن كلِّ ما لا يليق بصفة الألوهية، وأمَّا القُدُّوس: فهو المُطَهَّر عن كل ما لا يليق، أبلغ تطهير، وأمَّا رَبُّ الملائكة: فهو المالك والخالق والرازق؛ أي: المصلح لجميع أحوالهم، وأمَّا الرُّوح: فهو سيدنا جبريل عليه السلام؛ وخُصَّ بالذِّكِر تشريفًا له، وإن كان من جملة الملائكة؛ يُنظر: "المفهم" للإمام أبي العباس القُرْطُبي (2/ 91، ط. دار ابن كثير)، و"إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم" للقاضي عِيَاض (2/ 402، ط. دار الوفاء)، و"المجموع" للإمام النووي (3/ 433)، و"حاشية العَدَوي على كفاية الطالب الرباني" (1/ 266، ط. دار الفكر).