السياحة العلاجية (٢).. مبادرة "نرعاك في مصر"
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
ذكرنا في المقال السابق أن مصر تمتلك كل المقومات المادية والبشرية لكي تكون منافسًا قويًا في مجال السياحة العلاجية. ما تمتلكه مصر من مستشفيات معتمدة، وأطقم طبية مؤهلة، وخدمات لوجستية وفندقية، من الممكن أن تجعل مصر مقصدًا مفضلًا لراغبي السياحة العلاجية. وفي هذا المقال نعرض لخطة وزارة الصحة المصرية والعلامة التجارية التي أطلقتها تحت عنوان "نرعاك في مصر" لجذب السياحة العلاجية.
أولا: توفير المستشفيات المعتمدة دوليًا وإقليميًا:
حسب تصريحات الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروعي التأمين الصحي الشامل وحياة كريمة بوزارة الصحة والسكان، أن مصر تمتلك البنية التحتية من مستشفيات معتمدة. وأن خطة الوزارة هي الترويج للمنشآت الصحية الحاصلة على الاعتماد الدولي (JCI) مثل مستشفى شرم الشيخ الدولي، والسلام الدولي، وسرطان الأطفال 57357، ودار الفؤاد، ومستشفى العربي، والمركز الطبي العالمي، مستشفى العيون الدولي، ومستشفى وادي النيل، مستشفى المغربي للعيون. وتلك الحاصلة على الاعتماد من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية المصرية (GAHAR) وعددها ١٩٩ منشأة صحية، بالإضافة إلى ١٤١ منشأة معتمدة بصورة مبدئية. هيئة GAHAR معتمدة لدى منظمة ايسكوا ESCAW وهي منظمة إقليمية تابعة للأمم المتحدة، ولذا تستوفي متطلبات السياحة العلاجية في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن الوزارة سوف تسعى إلى اعتماد مجمع الاسماعيلية الطبي، كأول مجمع طبي مصري تعتمده هيئة الـJCI حيث أن الاعتمادات الدولية هي السبيل الأمثل لجذب التعاقدات المباشرة مع شركات التأمين الصحي، وشركات التسفير الطبي التي تتواصل مع المستشفيات وتنسق كل خطوات السفر والإقامة والعلاج خلال ٢٤ ساعة.
ثانيًا: الأطقم الطبية المؤهلة
مصر زاخرة بالأطباء المشهود لهم بالكفاءة والمهارة، سواءً داخل مصر أو في أكبر المؤسسات الطبية في أوروبا وأمريكا. عملت في إنجلترا لمدة طويلة، وقابلت مئات الأطباء المصريين في أكبر مستشفيات إنجلترا. وكان الإنجليز يفضلون الطبيب المصري لمهارته وأمانته وحسن معاملته. وفي مصر عشرات المراكز المرموقة مثل مركز أمراض الكلى والمسالك البولية في المنصورة ومركز جراحة الجهاز الهضمي وغيرها. أتذكر أن عميد كلية الطب في جامعة مانشستر، أثناء زيارته لمركز أمراض الكلى والمسالك البولية في المنصورة سنة ٢٠٠٥، أنه قال "هذا المركز أفضل من أمثاله في إنحلترا وأمريكا، ولو عرض على التأمين الصحي البريطاني NHS فرصة العلاج في أي مركز خارج بريطانيا، فلن أتردد أن اختار المنصورة". ومنذ سنوات قليلة، أجرى د كريم أبو المجد، جراح زرع الأعضاء في أمريكا (خريج طب المنصورة) عملية زرع أمعاء لطفلة من بنجلادش، داخل مستشفى قصر العيني في القاهرة. هذه الجراحة لا تتم إلا في مراكز معدودة حول العالم. ولدينا مراكز جامعية ذات سمعة عالمية في جامعات عين شمس والإسكندرية وأسيوط ومركز أسوان لجراحات القلب وغيرها من المستشفيات المعتمدة في القطاعين العام والخاص والأهلي. وهناك فرصة كبيرة لاستقطاب أطباء مصر في المهجر للعودة إلى مصر وقيادة نهضة طبية تجتذب السياحة العلاجية.
ثالثا: الخدمات اللوجستية وسرعة استقبال المرضى
خلال فعاليات المؤتمر الدولي للسياحة الصحية في مصر، والذي عُقد في العاصمة الإدارية يومي ٢-٣ مارس الماضي، تحت شعار "صدى الماضي يتجدد اليوم" تعهدت هيئة الرعاية الصحية أن تحقق أعلى مستويات الجودة، لاستقطاب الوافدين الأجانب، وتقديم الخدمة المتميزة لهم، في أسرع وقت وأقل تكلفة. فضلًا عن إنشاء مكاتب تابعة للهيئة للتعامل مع الأجانب بالمطارات وتسهيل اجراءات استقبال المرضى وذويهم، وتوفير الغرف الفندقية التي تستوعبهم.
كما تعهدت الهيئة بإبرام بروتوكولات التعاون والتعاقدات مع شركات التأمين الطبي الدولية، ووكالات السفر العلاجي، والتنسيق الكامل بين القطاع الخاص والعام والأهلي، وتعزيز التعاون بين هذه القطاعات لخدمة السياحة العلاجية.
مجهود مشكور، ندعو الله ان يتحقق ما تعهدت به هيئة الرعاية الصحية، وأن تتضاعف معدلات السياحة العلاجية الوافدة الى مصر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السياحة العلاجية مصر السیاحة العلاجیة فی مصر
إقرأ أيضاً:
“هيئة الأدب” تختتم النسخة الـ5 من مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025
اختتمت هيئة الأدب والنشر والترجمة النسخة الخامسة من مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025، التي نظّمتها على مدى ثلاثة أيام في مكتبة الملك فهد الوطنية، تحت عنوان “الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة”، وسط حضور لافت من المفكرين والباحثين والمهتمين بالفلسفة من داخل المملكة وخارجها.
وتميّزت النسخة الخامسة بحضور معرفي واسع، وببرنامج علمي تناول أبرز قضايا الفلسفة ومقارباتها المعاصرة, وشهد المؤتمر في يومه الأول نقاشات معمّقة حول طبيعة التفلسف وطرقه في الشرق والغرب، واستعرض مفاهيم المحاكاة والوجود والمسافة الفلسفية ودورها في تشكيل المعنى وتطور المدارس الفكرية, كما تطرقت الجلسات إلى جذور التفلسف الأولى في الحضارات القديمة والفكر اليوناني والتراث الشرقي، مؤكدةً أن سؤال الأصل يشكّل مدخلًا رئيسًا لفهم تطور المفاهيم الفلسفية حتى العصر الحديث.
وتناولت الجلسات العلاقة بين الفلسفة والمطلق والأخلاق، والتحولات التي شهدها الفكر الفلسفي المعاصر، والحاجة إلى إعادة جمع الفلسفة في إطار معرفي موحّد يعيد لها قدرتها على قراءة الواقع وتفسير تعقيداته, وناقشت الجلسات ماهية التفلسف ووجهيه النظري والعملي، وأهمية الأدوات المنهجية في إنتاج المفاهيم وتحليل الإشكالات، إضافة إلى مستقبل تعليم الفلسفة في العالم العربي ودورها في تنمية مهارات التفكير النقدي.
وبحث المؤتمر في يومه الثاني مسارات التداخل بين الفلسفات الشرقية واليونانية، وعودة الاهتمام بالفكر الشرقي منذ سبعينيات القرن الماضي، إلى جانب استعراض أثر ابن سينا والحوار القرآني بوصفه نموذجًا فلسفيًا في بناء المعنى ومنطق الحجة, كما ناقش المشاركون نظرية الفعل التواصلي وأطر العدالة والاحترام في الحوار، وأثر اللغة العربية في تشكيل المفهوم الفلسفي وقدرتها على صياغة المصطلحات وتنظيم الخطاب الحجاجي.
أما اليوم الختامي, فشهد طرحًا موسعًا حول التفاعلات الفلسفية بين الشرق والغرب في العصور الحديثة، وتحولات المشهد الفلسفي المعاصر، وذلك عبر جلسات تناولت قضايا الجيوفلسفة، وبناء الجسور المعرفية، وأدب الطفل والفلسفة، كما استضاف المؤتمر المفكر العالمي الدكتور جون أرمسترونغ في جلسة تناولت “مستقبل الجمال”، إلى جانب جلسات بحثت في التعايش الفكري واللغة المشتركة بين المدارس الفلسفية، وكذلك تجاوب الفلسفات الشرقية والغربية مع القضايا المعاصرة.
وشهد المؤتمر سلسلةً من المناظرات الفلسفية التي شارك فيها طلاب وطالبات الجامعات السعودية، امتدّت على مدى ثلاثة أيام من الحوار الرصين والمقاربات الفكرية الثرية, قدّم المشاركون خلالها نموذجًا مُلهِمًا لمستقبل الفلسفة في المملكة، برؤية ناقدة واستعداد حقيقي للبحث عن المعنى. واختُتمت المناظرات بمنافسة نهائية في آخر أيام المؤتمر، تُوِّج فيها الفريق الفائز الذي نال تكريمًا من الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز الواصل، ليعكس اهتمام الهيئة وسعيها في دعم الطاقات الشابة وتمكينها.
وتضمن المؤتمر طول أيامه الثلاثة، ورش عمل ناقشت موضوعات الحِجاج الفلسفي، والتحديات المعرفية الحديثة، وطرائق استلهام التراث الفلسفي في بناء رؤى فكرية معاصرة، ما أتاح للمختصين والمهتمين مساحة تدريبية لنقل الفلسفة من حيز التنظير إلى الممارسة.
وتميزت النسخة الخامسة للمؤتمر بمشاركة 60 متحدثًا من فلاسفة ومفكرين وباحثين من مختلف دول العالم، وتضمين أكثر من 40 جلسة حوارية تناولت جذور الفلسفة ومسارات تطورها، واستقبل المؤتمر ما يتجاوز الـ 7000 زائر، في مؤشر يعكس تنامي الاهتمام بالفلسفة والعلوم الإنسانية في المملكة.
واختُتمت أعمال المؤتمر وسط إشادة واسعة بالمحتوى العلمي والنقاشات التي شهدتها منصاته المختلفة، مؤكدةً استمرار المؤتمر بوصفه منصة فلسفية عالمية تعزز صناعة الوعي، وترسّخ دور المملكة في قيادة المشهد الفكري والثقافي إقليميًا ودوليًا، بما يتسق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في دعم المعرفة وبناء الإنسان.