تسليط الضوء على 4 مخطوطات عمانية مهاجرة توثق الإرث الحضاري العريق
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
مسقط- الرؤية
تسلط وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة في دائرة المخطوطات، الضوء على المخطوطات العمانية المهاجرة، وذلك احتفاء بيوم المخطوط العربي والذي يصادف الرابع من أبريل من كل عام.
وتعرف المخطوطات المهاجرة بأنها المخطوطات التي انتقلت خارج حدود موطنها الأصلي، كما تعتبر المخطوطات إرثا عمانيا عريقا وهي كنز بالغ الأهمية والتي من شأنها أن تكون حاضنة لذاكرة الشعوب وهو ما جعل العرب في العصور الإسلامية الأولى وخاصة في العصر العباسي يركزون على شراء الكتب ونسخها والعناية بها.
وتزخر دول العالم في الأرشيفات والمتاحف ومراكز الوثائق المختلفة بالعديد من المخطوطات العربية والإسلامية، في ظل وجود جهود عربية حثيثة لإنقاذها واستعادتها، لأنها تحتوي على فكر خلاق في العلوم الطبيعية والرياضية والفلكية والأدبية واللغوية والإنسانية، ولعبت دورا بالغا في قيام النهضة الأوروبية، حيث اطلع الأوروبيون عليها ونقلوا جزء كبيرا منها بهدف الرقي والازدهار العلمي الفكري في مختلف العلوم والمعارف، إذ تمثل الوثائق والمخطوطات صورة حية لنتاج الفكر الإنساني في مجالات العلم والمعرفة بشتى فنونها وفروعها.
وتملك سلطنة عمان- كغيرها من الدول- مخزونا حضاريا وفكريا كبيرا ومميزا، وتفاخر بوجود وثائق ومخطوطات مهمة ونادرة ضمت مصنفات الفقهاء ودواوين الشعراء وتجارب العلماء واستنتاجاتهم، وفيها تكمن روح الحياة الفكرية والمعرفية التي عاشها أولئك الصفوة من المؤلفين طوال القرون الماضية، فسطروا عصارتهم الفكرية في تلك النفائس الورقية التي ترفد الكثير في التراث الثقافي للإنسان.
وحرصت دائرة المخطوطات بوزارة الثقافة والرياضة والشباب بأن تسلط الضوء على المخطوطات العمانية المهاجرة إلى دول العالم، إذ إن هناك العديد من الظروف التي أدت لخروجها مثل الإهداء والبيع والسرقة وهجرة العلماء بأنفسهم لطلب العلم واستقرارهم في تلك البلدان، وبالرغم من خروج المخطوط العماني من بيئته والذي يعد جانبا سلبيا على الإرث العماني، إلا أن وجود تلك المخطوطات في مكتبات وجامعات مختلف الدول يعد مشاركة فعالة لنتاج الفكر الإنساني والإرث الثقافي العماني، ويعتبر انعكاسا لعظمة عمان التاريخية وعلمائها الذين عاشوا في القرون الماضية واهتموا بجميع العلوم الإنسانية والتطبيقية المختلفة.
وأول تلك المخطوطات المهاجرة مخطوط "الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أسماء عمان"، وهو عبارة عن قصيدة يسرد فيها ملامح التاريخ نظمها ابن رزيق ونهج فيها نهجا مغايرا في كتاباته التاريخية، إذ عمد إلى نظم الأحداث والوقائع في القصيدة الغراء التي تتكون من 148 بيتا مبرزا مكانته التاريخية عند المؤرخين ومهارته الشعرية التي تضمنت سيرة 25 إماما أولهم الجلندى بن مسعود إلى الإمام سلطان بن مرشد اليعربي.
أما ثاني المخطوطات فهو مخطوط "علم الأنساب الذي حير الألباب" وهو للعلامة العباس أبو المبرد وهو مخطوط عماني يتناول نسب عدنان وقحطان ويتناول سيرة أصل العرب من عدنان وقحطان، وقد كتب بشكل مميز بخط يحمل اللونين الأسود والأحمر، وهو مضاف ضمن مجموع.
وكان المخطوط الثالث هو مخطوط "النونية الكبرى" وهي للبحار العماني أحمد بن ماجد السعدي الملقب بأسد البحار، وتعود للقرنين التاسع والعاشر الهجريين، وهو عبارة عن منظومة شعرية في علم البحار يصف فيها المؤلف أصول علم البحار بخبرته الفذة في الملاحة البحرية وعلم الفلك والجغرافيا.
ورابع المخطوطات مخطوطة "تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان" للشيخ نور الدين عبدالله بن حميد السالمي المفكر والمصلح الموسوعي العماني الذي صنفته اليونيسكو من ضمن الشخصيات المؤثرة في العالم عام 2015م، حيث يتناول هذا الكتاب الثمين الكثير من الأحداث في تاريخ عمان، وقد اعتمد فيه على المصادر التاريخية والروايات الشفوية المتناقلة من جيل إلى آخر، وقد تطرق إلى روايات عاصرها بنفسه ليصبح هذا الكتاب من أمهات كتب التاريخ العماني، حيث يتناول الجزء الأول التعريف بعمان وفضائل أهلها وكيف دخلها العرب وأخذوها من الفرس، وكيف توافدوا عليها بعد فتحها وذلك قبيل قدوم مالك بن فهم إلى عمان، وسرد تفاصيل حكمه وحكم أبنائه، أما الجزء الثاني فقد تناول فيه تاريخ الدولة اليعربية، وتاريخ الدولة البوسعيدية، ورتب الإمام موضوعات الكتاب بتسلسل زمني دقيق.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خطة عربات جدعون.. الجذور التاريخية والأهداف العسكرية
أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت) مطلع أيار/ مايو 2025 خطة عملية "عربات جدعون" بهدف تحقيق حسم عسكري وسياسي في قطاع غزة، عبر عملية منظمة من 3 مراحل، مع استخدام 5 عوامل ضغط ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في محاولة لإرغامها على القبول باتفاق لتبادل الأسرى، وتفكيك بنيتها العسكرية. وبدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذها عبر استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.
البعد التلمودي التاريخي لاختيار هذا المصطلح حاضر بقوة من قبل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إذ يعتبر جدعون واحد من الشخصيات العسكرية اليهودية العامّية، التي أضيفت إليها العديد من الأحداث والأساطير الافتراضية مع مرور الزمان، فهو في الأساس عامل معصرة، ثم أصبحت قصص بطولته تشبه الحقيقة مع تكرار الحكايات المفخّمة عنه. ويعود جدعون إلى سبط منشى بن يوسف، وهو من أبطال الإيمان لدى أصحاب الديانة اليهودية، وتعني كلمة جدعون بالعبرانية "الحاطب" أو الذي يقطع بشدّة، وهي كناية عنيفة مقصودة.
تهدف الخطّة إلى تحقيقٍ حسمٍ عسكريٍ وسياسيٍ في غزة، عبر عمليةٍ منظَّمة مِن 3 مراحل، مع استخدام 5 روافع ضغطٍ مركَّبةٍ ضد حركة حماس، في محاولةٍ لإرغامها على القبول باتّفاقٍ لتبادل الأسرى، وتفكيك بُنيتها العسكرية
تعود أصل قصص جدون وعشيرته كلها مع المديانيين المنسوبين إلى "مَدْيَن"، أحد أبناء إبراهيم من زوجته قطورة، وهم من سكان جنوب الأردن وجوارها وسيناء وشمال الحجاز. كان جدعون صارما لا يبالي بأحدٍ في شأن معتقداته، حتى إنه عندما دعاه ملاك الرب ليخلّص قبيلته من المديانيين الذين أذلّوها في جنوب الأردن وسيناء، هاجم جدون المديانيين برجاله الثلاثمائة من صفوة المنتخبين وانقضّ على ديارهم ليلا، وأعملَ فيهم السيف والقتلَ بلا رحمة. ولضمان تحقيق هذا النصر استدعى جدعون كل قبائل أفرايم ومنسى ونفتالى وأشير للإغارة على مدن المديانيين، فاضطربت أحوال المديانيين حتى حارب بعضهم بعضا، وفرّوا إلى الأردنّ نجاة بحياتهم.
وكان يتبنّى جدون منهج الإبادة كأسلافه، فكان جيش عشائره يقتل كل ذكر حتى لو كان صغيرا، ويقتلون الفتيات المتزوجات، كيلا يتكاثر المديانيون، ونهبوا جميع مواشي الميدانيين، وأحرقوا كل خيامهم ومساكنهم بالنار حيث وجدوهم.
على المستوى العسكري، منذ انهيار المفاوضات -بعد وصولها لطريقٍ مسدودٍ- تلوّح إسرائيل بورقة توسيع العملية العسكرية، لممارسة مزيدٍ مِن الضّغوط على حركة حماس. ومِن أجل الاستعداد لهذه المرحلة استدعى الجيش الإسرائيلي قواتٍ كبيرة مِن الاحتياط، وصادق المستويان السياسي والعسكري على خرائط العمليات العسكرية، التي أطلق عليها "عربات جدون") التي تهدف مِن خلالها إسرائيل للسيطرة على مزيدٍ مِن الأراضي في قطاع غزة، وإعادة حشر الكُتلة السكانيّة في منطقةٍ جغرافيةٍ صغيرةٍ، مع استمرار سياسة التجويع والحصار.
وتهدف الخطّة إلى تحقيقٍ حسمٍ عسكريٍ وسياسيٍ في غزة، عبر عمليةٍ منظَّمة مِن 3 مراحل، مع استخدام 5 روافع ضغطٍ مركَّبةٍ ضد حركة حماس، في محاولةٍ لإرغامها على القبول باتّفاقٍ لتبادل الأسرى، وتفكيك بُنيتها العسكرية.
وتصف افتتاحية هآرتس هذه الخطة بأنّها أداةٌ للبقاء السياسي لحكومةٍ منفصلةٍ، حوّلت الحرب إلى وصفةٍ للحفاظ على تحالف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نحو أوهام التهجير والاستيطان والحُكم العسكري. ويرى محلّلون أنها امتدادٌ لنزعةٍ تَوراتيةٍ دمويةٍ تحكُم العقلية الاستراتيجية للحكومة والجيش الإسرائيلي.
على الورق، تبدو الخطّة شاملة، إذ تدمج حزمة مِن الضغوط العسكرية والدبلوماسية والإعلامية لضمان تحقيق أهداف إسرائيل، وعلى الرغم مِن أنّ إسرائيل لم تُحدد بالتّفصيل ترتيباتها المفضَّلة لِما بعد الحرب في غزة، فإن الخطّة تُبرز شروطا مسبقة محدَّدة لمرحلة "اليوم التالي"، وهي: القضاء على الفصائل الفلسطينية، وفرض السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة، ونقل السكّان إلى جنوب غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية هناك؛ وأخيرا: إطلاق سراح الرهائن. وتنقسم الحملة إلى ثلاث مراحل، تتشكّل جزئيا وفقا لقيودٍ سياسيةٍ وعمليةٍ، وهي:
تمثل خطة عربات جدون خطة عسكرية بمعان ورموز تلمودية توراتية، تحاول من خلال إسرائيل على المستوى السياسي والعسكري رفع معنويات جشيها الذي يواجه تحديات كبيرة في غزة، وتحقيق النصر العسكري المطلق كما يريد نتنياهو لضمان البقاء في السلطة بعد إخفاق السابع من أكتوبر
1- التّحضير والضّغط الأوليّ (قيد التّنفيذ)، وتتضمّن هذه المرحلة تدمير البُنية التّحتيّة العسكرية والإدارية لـ"حماس"، بالإضافة إلى تجهيز جنوب غزة لاستيعاب المدنيين النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية بالتعاون مع شركاتٍ أمريكيةٍ، تحت حمايةٍ أمنيةٍ إسرائيليةٍ. وتُتيح هذه المرحلة لـ"حماس" فرصة الإفراج التدريجي عن الرهائن بموجب إطار عملٍ اقترحه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كشرطٍ مبدئيٍّ لوقف التّصعيد.
2- نقل السكّان: في هذه المرحلة تهدف إسرائيل إلى إعادة تموضعٍ المدنيين في غزة داخل مناطق محدَّدةٍ في الجنوب الغربي، تم "تطهيرها"، مع فرز وعزل عناصر "حماس".
3- المناورة البرّية: في المرحلة النهائية، تدخل القوّات الإسرائيلية المناطق التي تمّ "تطهيرها"، لتقضي على العناصر المتبقيّة مِن "حماس"، وتؤسّس وجودا عسكريا طويل الأمد.
تمثل خطة عربات جدون خطة عسكرية بمعان ورموز تلمودية توراتية، تحاول من خلال إسرائيل على المستوى السياسي والعسكري رفع معنويات جشيها الذي يواجه تحديات كبيرة في غزة، وتحقيق النصر العسكري المطلق كما يريد نتنياهو لضمان البقاء في السلطة بعد إخفاق السابع من أكتوبر.